السياسية:

يقوم الجيش الأمريكي بتسليح ما يصل إلى أربع مركبات قتالية نموذجية كبيرة وصغيرة، بأسلحة ليزر مصممة لإحراق أهداف العدو بسرعة الضوء، ما يوفر أبعاداً تكتيكية جديدة لضربات الطائرات بدون طيار، والدفاعات الجوية والهجمات البرية الهجومية الموجّهة بدقة والقابلة للتطوير.

وبحسب الجيش الأمريكي، تعد هذه الخطوة جزءاً من برنامج أكبر لاستكشاف التقنيات الجديدة التي تساعد في حماية القوات البرية والمعدات من “عدد متزايد من التهديدات التي تشمل أنظمة الطائرات بدون طيار، والصواريخ والمدفعية وقذائف الهاون، وأنظمة المراقبة والاستطلاع”. وتتوقع الولايات المتحدة طرح أولى مركبات مسلحة بالليزر للتشغيل الميداني بحلول السنة المالية 2022.

ويقول الجنرال جون موراي، القائد العام للقيادة المستقبلية للجيش الأمريكي المخولة بتجهيز الجيش للحرب في المستقبل، لمجلة national interest الأمريكية، إن الجيش يقوم بإجراء تجارب على أسلحة الليزر، مع ذكاء محدد لمعالجة وحل بعض التحديات الملحة في منصات الأسلحة، صغيرة أو متنقلة أو استكشافية.

وحقّق الجيش الأمريكي منذ سنوات عديدة تقدماً في مجال تطوير أسلحة الليزر الثابتة، مثل تلك التي يتم نشرها للحماية أو إطلاق النار من قاعدة عمليات أمامية أو موقع ثابت آخر، حيث يمكن تشغيلها واستدامتها دون مشاكل.

تحديات ومتطلبات كبيرة في بناء أسلحة الليزر المتنقلة

ومع ذلك، حدد موراي ثلاثة تحديات رئيسية عندما يتعلق الأمر ببناء أسلحة ليزر متنقلة عالية القوة في مركبات قتالية، وأكثرها إلحاحاً يتعلق بكلمة واحدة: القوة. يحتوي الليزر على متطلبات طاقة عالية جداً، والتي يمكن أن تخلق تحديات عندما يتعلق الأمر ببناء عامل شكل صغير، بما يكفي لنقل الكمية المطلوبة من الطاقة اللازمة لإطلاق السلاح بفاعلية.

يقول موراي: “لن تحصل أبداً على فاعلية بنسبة 100%، إنه دائماً شيء أقل من ذلك”. موضحاً: “لدينا بعض الجهود العلمية والتكنولوجية التي تعمل الآن في هذا الإطار”.

وهناك عقبة رئيسية أخرى مع أسلحة الليزر وهي الإدارة الحرارية، وهو أمر له أهمية خاصة إذا تم إطلاق أسلحة الليزر على مقربة من الجنود الذين يقودون المركبات القتالية، ومعظمها مليء بالإلكترونيات عالية القيمة المعرضة لخطر ارتفاع درجة الحرارة. يقول موراي: “الليزر يخلق كمية هائلة من الحرارة.. كيف تبردها؟”. 

ونظراً لأن المطورين في الجيش الأمريكي يعتمدون بشدة على مصادر “القوة الاستكشافية”، يجب أن يكون هناك ما يكفي من تخزين الطاقة للحفاظ على نظام الأسلحة. يقول الجنرال موراي: “هذه المشكلات الثلاث تقلب الليزر إلى أنظمة كبيرة جداً، لذا إذا كنت تضعه على متن سفينة لديك الغرفة ولديك القوة. إذا كنت تضعه في منشأة ثابتة يمكنك بناء الغرفة والقوة”. ويضيف: “المشكلة هي كيف تجعل هذه الأشياء متحركة؟”.

في حين أن القيمة المضافة باستخدام الليزر لا جدال فيها، إلا أن هناك قيوداً معينة قد تنشأ في ظروف معينة، على سبيل المثال، قد يتسبب الثلج أو السحب أو الضباب أو الرمل أو المطر الغزير في إضعاف الأشعة التي يتم إطلاقها.

يوضح الجنرال الأمريكي: “هناك شيء واحد بخصوص الليزر، هو أنه لن يكون الحل الوحيد أبداً، بسبب الغلاف الجوي أو الطقس، لذلك سيكون لديك دائماً مزيج من الأسلحة والصواريخ والليزر، على ما أعتقد”. 

ومع ذلك، وبغض النظر عن التحديات والقيود، لا تزال تطبيقات أسلحة الليزر تظهر وعوداً هائلة للجيش الأمريكي، لاسيما عندما يتعلق الأمر بعمليات مكافحة الطائرات بدون طيار، بحسب موراي. يسافر الليزر بسرعة الضوء، وهو قابل للتطوير، ما يعني أنه لا يصل فقط إلى الأهداف ويدمرها بسرعات غير مسبوقة، ولكن يمكن أيضاً تصميمه أو تحجيمه لتحقيق التأثير المطلوب مثل تعطيل الهدف أو تدميره بالكامل.

وتستمر الجهود في هذا السياق باكتساب الزخم، حيث يتم الآن تجريب إطلاق المزيد من أشعة الليزر ذات الطاقة العالية من مركبات Stryker التي تنتجها شركة جنرال دينامكس للأنظمة البرية لصالح الجيش الأمريكي، وهو تطور واعد من المحتمل أن يلهم إمكانيات تكتيكية جديدة فيما يتعلق بالدفاعات الجوية قصيرة المدى، ضد الطائرات بدون طيار، أو طائرات الهليكوبتر أو الطائرات ذات الأجنحة الثابتة المنخفضة التحليق، أو حتى الأهداف الأرضية.

وكان الجيش الأمريكي قد نشر، في مايو/أيار 2020، أول مشاهد لاستخدام أسلحة الليزر في عملية تدمير هدف معادٍ افتراضي في المحيط الهادئ. حيث قامت سفينة تابعة للبحرية الأمريكية بتوجيه شعاع ليزر عالي الطاقة إلى طائرة بدون طيار وتدميرها عن بعد بسرعة فائقة. وحينها قال النقيب في البحرية الأمريكية، كاري ساندر، إن “هذه الأسلحة تمثل أنظمة الأسلحة المستقبلية للجيش الأمريكي”.

ليس الجيش الأمريكي وحده يبحث عن أسلحة مضادة للطائرات بدون طيار

ويفرض صعود الطائرات بدون طيار وخصوصيتها وانتشارها المتزايد في العالم، على الولايات المتحدة وغيرها، البحث عن أسلحة مضادة لها وتطوير أخرى، وهو أمر يحتل مساحة كبيرة من التخطيط الاستراتيجي في الصين وروسيا أيضاً.

إذ تقوم موسكو على سبيل المثال، بتطوير أنظمة ليزر مصممة لمواجهة الطائرات بدون طيار في روسيا، حسبما قال نائب وزير الدفاع الروسي، أليكسي كريفوروتشكو، في ديسمبر/كانون الأول الماضي. والذي أكد أنه “يجري العمل حالياً لإنشاء مجمعات ليزر أخرى، إلى جانب نظام (Peresvet) لمواجهة الطائرات بدون طيار، فضلاً عن الوسائل البصرية والإلكترونية الضوئية للعدو”. وقال كريفوروشكو في مقابلة مع صحيفة كراسنايا زفيزدا: “يتم دمج أنظمة الليزر مع أسلحة نارية للمدرعات لمكافحة الهجوم على الأسلحة الدقيقة”.

وفي عام 2018، أعلن معهد Polyus للأبحاث، وهو مركز علمي روسي رائد في مجال تقنيات الليزر، عن مناقصة لجزء من العمل البحثي الذي يهدف إلى إنشاء مجمع ليزر متنقل لمكافحة الطائرات بدون طيار صغيرة الحجم.

ويُفترض أن يتكون المجمع من نظام تتبع، ويجب أن يحدد أهدافاً لنظام توجيه إشعاعي قوي، يكون مصدره الليزر السائل أيضاً. وستكون نسخة العرض قادرة على اكتشاف ما يصل إلى 20 جسماً جوياً على مسافة 200- 1500 متر، والحصول على صور مفصلة لها، لتمييز طائرة بدون طيار عن طائر أو سحابة، لحساب المسار وضرب الأهداف.

*موقع “عربي بوست”