السياسية – رصد :

حاول ممثلو الدول الاوروبية الموقعة على الاتفاق النووي، مرارا إستغلال سياسة “الضغوط القصوى” التي مارسها الرئيس الامريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب ضد ايران، من اجل الوصول الى الهدف الذي ينشده ترامب، وهو التفاوض على اتفاق نووي جديد يشمل البرنامج الصاروخي الايراني ودور ايران في المنطقة، حتى وصل الامر ببعضهم ان رفع سقف مطالبه، مع ارتفاع نبرة التهديدات العسكرية الامريكية ضد ايران.

محاولات ممثلي الدول الاوروبية الثلاث ، فرنسا والمانيا وبريطانيا، لاستغلال الضغط الامريكي ضد ايران للحصول على تنازلات منها، كانت تكتسي طابعا دبلوماسيا منمقا في البداية، لاظهار مواقفهم وكأنها تختلف عن موقف امريكا، ولكن بعد التسريبات الصحفية التي تحدثت عن احتمال ان يقوم ترامب بتوجيه ضربة الى ايران قبل مغادرته البيت الابيض، وارساله حاملة حاملة طائرات وبوارج حربية الى الخليج الفارسي، بالاضافة الى قاذفات بي 52 العملاقة، ارتفعت نبرة بعض ممثلي الترويكا الاوروبية، واضعين جانبا الخطاب الدبلوماسي القديم، واعلنوا صراحة ان الاتفاق النووي غير كاف ولابد من توسيعه وادخال قضاايا اخرى في نطاقه كالبرنامج الصاروخي الايراني.

هذا الموقف الاوروبي ، الذي كشف نفاقها وتواطئها مع امريكا مبكرا، منذ ان سحبت جميع شركاتها العاملة في ايران بحجة الخوف من العقوبات الامريكية، بدأ يتراجع في ضوء اصرار ايران بعدم المس بالاتفاق النووي، ورفض اي تفاوض جديد حول برنامجها النووي، وبانه ليس امام الدول الاخرى الموقعه على الاتفاق من خيار الا الالتزام ببنوده.

الموقف الايراني الحازم هذا، جاء في ظل تهديدات امريكا وتحركات قطعاتها البحرية، وطيران قاذفاتها الاستراتيجية في منطقة الخليج الفارسي، الامر الذي اعاد بعض التوازن في مواقف الجانب الاوروبي، وهو الذي ظهر جليا في الاجتماع غير الرسمي لوزراء خارجية مجموعة 4+1 وايران الذي عقد قبل يومين، حيث لم يتطرق اي من ممثلي الدول الاوروبية من قريب او بعيد الى موضوع التفاوض على اتفاق نووي جديد، و اضافة قضايا اخرى الى الاتفاق الحالي، بل على العكس تماما اكد الجميع ضرورة التمسك بالاتفاق النووي والالتزام ببنوده، كما طالبوا امريكا بالعودة الى الاتفاق .

هذا الانقلاب في الموقف الاوروبي جاء ايضا حتى بعد انتشار خبر وزارة الدفاع الامريكية عن عبور غواصة نووية امريكية مضيق هرمز، الامر الذي يؤكد ان الاوروبيين باتوا على قناعة ان سياسة استعراض العضلات التي تمارسها امريكا لم تنفع مع ايران كما لم تنفع ضغوطها القصوى. لذلك إرتأت ان تعود الى خطابها القديم المبني على التمسك بالاتفاق النووي واقناع امريكا بالعودة اليه.

لا يحتاج الاوروبيون الى من يخبرهم، ان ترامب لن يتجرأ على توجيه ضربة لإيران، ليس بسبب الردع الذي فرضته ايران على اقوى قوة في العالم، بل لان ترامب يعلم علم اليقين ان توجيه اي ضربة لايران، يعني حرق كل فرصة له بالعودة الى البيت الابيض بعد اربع سنوات اخرى، كما اعلن ذلك لانصاره بعد هزيمته امام الرئيس الامريكي المنتخب جو بايدن، لذلك لم يتبق امامه سوى لعبة التهديد العسكري، والتي كانت اخرها الغواصة النووية.

المعروف عن البحرية الامريكية انها لا تعلن عن تحركات غواصاتها، الا ان هذه هي المرة الاولى التي يتم الاعلان فيها من قبل وزارة الدفاع عن تحرك غواصة نووية امريكية وهدفها، وهذا الاعلان بحد ذاته دليل على تخوف امريكا من رد ايراني انتقاما لدماء الشهيد قاسم سليماني الطاهرة. فأمريكا ترى في الاعلان محاولة لـ”ردع” ايران عن الانتقام كما تقول، ولكن فات امريكا ان ايران هي التي تحدد موعد ومكان ونطاق الانتقام، وليس هي.

المصدر : قناة العالم الاخبارية

المادة الصحفية : تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع