السياسية – رصد:

خالد الحمادي

كشفت العديد من المصادر أن التشكيلة الحكومية الجديدة في اليمن، التي أعلنت الجمعة وجاءت وفقاً لاتفاق الرياض، تعد انتصاراً للدور الإماراتي في اليمن، لما تضمنته من إشراك للمجلس الانتقالي الجنوبي الموالي لأبو ظبي في هذه الحكومة بربع الحقائب الوزارية، بالإضافة إلى ترسيخ أقدامه وشرعنة خطواته الانقلابية في الجنوب ضد السلطة الشرعية، تحت غطاء اتفاق الرياض.

مكسب للمجلس الانتقالي

وأوضحوا لـ«القدس العربي» أن «الحكومة الجديدة تعد مكسباً كبيراً للمجلس الانتقالي، ذي التوجه الانفصالي بدعم من الإمارات، على حساب الحكومة الشرعية، التي فقدت الكثير من سلطاتها السيادية واقعاً وتم شرعنتها عبر هذه التشكيلة الحكومية، والتي جاءت مغايرة حتى لمضامين اتفاق الرياض، الذي ينص على خروج ميليشيات المجلس الانتقالي العسكرية والأمنية من عدن».

وذكروا أنه «تم إشراك المجلس الانتقالي الجنوبي في الحكومة الجديدة بما يوازي ربع عدد الحقائب الوزارية، وفقاً لاتفاق الرياض، بينما لم يلتزم المجلس بأي بند من البنود الرئيسية التي تضمنها اتفاق الرياض، وفي مقدمتها سحب قواته وميليشياته من عدن وأبين، وعدم استحداث عمليات سيطرة على مناطق جديدة».

وأشاروا إلى أنه على الرغم من أن اتفاق الرياض يعد تسوية سياسية لاستعادة سلطات الدولة على الجنوب واستيعاب المجلس الانتقالي وميليشياته في المؤسسات الحكومية، إلا أن ميليشيات الانتقالي الجنوبي استحدثت تحركات عسكرية عقب التوقيع على اتفاق الرياض وسيطرت بالكامل على جزيرة سقطرى بدعم إماراتي وتواطؤ سعودي، وهو ما يعد خرقاً واضحاً لاتفاق الرياض، و«الذي لم ينفذ منه إلا ما يتعلق بمصلحة المجلس الانتقالي وتعزيز مكاسبه على الأرض وشرعنة عملياته الانقلابية، فيما الحكومة الشرعية تفقد سلطاتها تدريجياً وبضغط من دول التحالف العربي في اليمن وفي مقدمتها الإمارات والسعودية».

وكان الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، أعلن التشكيلة الحكومية اليمنية الجديدة مساء الجمعة من 24 حقيبة وزارية، يفترض تكون مناصفة في العدد بين الشمال والجنوب وفقاً لاتفاق الرياض، رغم الفارق الكبير في التعداد السكاني بينهما، حيث يقطن الشمال نحو 75 ٪ من إجمالي عدد السكان في اليمن، ورغم ذلك طلع العدد في التشكيلة الحكومية 13 وزيراً للجنوب و11 للشمال، يضاف إلى ذلك أن الرئيس هادي ذاته من الجنوب، وأغلب الحقائب الوزارية السيادية تم تعيين وزرائها من الجنوب مثل وزارة الخارجية، الداخلية، المالية، النفط، النقل، وزارة التخطيط والتعاون الدولي.

وفي الوقت الذي احتفظ فيه الرئيس هادي بحصته في التعيين لخمس حقائب وزارية سيادية هي الدفاع والداخلية والخارجية والمالية الإعلام، تم فيه توزيع الحقائب الوزراية بين الأحزاب والمكونات السياسية حسب ثقلها السياسي والميداني، حيث كان نصيب المجلس الانتقالي 5 حقائب وزارية، هي وزارات النقل، الأشغال العامة والطرق، الزراعة والثروة السمكية، الشؤون الاجتماعية والعمل، والخدمة المدنية، فيما كان نصيب حزب المؤتمر الشعبي العام 4 وزارات وهي وزارات العدل، الاتصالات، النفط، الكهرباء والطاقة ونصيب حزب التجمع اليمني للإصلاح 4 وزارات هي التعليم العالي، الصناعة والتجارة، الصحة والسكان والشؤون القانونية وحقوق الإنسان، بينما حصل الحزب الاشتراكي اليمني على حقيبتين هما وزارة التخطيط والتعاون الدولي والمياه والبيئة، والوحدوي الناصري حصل على وزارة واحدة هي الإدارة المحلية، وتوزعت بقية الحقائب الوزارية الثلاث على كل من حزب الرشاد والمقاومة الجنوبية ومكون حضرموت الجامع بمعدل حقيبة وزارية واحدة لكل منها هي الأوقاف والإرشاد، الشباب والرياضة والتربية والتعليم.

واعتبر المجلس الانتقالي الجنوبي هذا التشكيل الحكومي انتصاراً كبيراً له وشرعنة لوضعه في السلطة، لأنه حصل على نصيب وافر من عدد الحقائب الوزارية، يفوق العدد الذي حصلت عليه الأحزاب الكبيرة والعريقة مثل المؤتمر الشعبي العام الحاكم سابقاً، والتجمع اليمني للإصلاح، ذي الحضور الجماهيري الكبير في عموم أرجاء اليمن، وكذا الاشتراكي اليمني، الذي كان الحزب الحاكم في الجنوب قبل قيام الوحدة اليمنية عام 1990.

ويفاخر الانتقالي الجنوبي بحصوله على ذلك رغم أنه لم يعد جزيرة سقطرى، ولم يسمح بعودة ألوية الحرس الرئاسي إلى العاصمة الحكومية المؤقتة عدن، ولم يسلم أسلحته للدولة، ولم يضم قواته إلى مؤسسات وزارتي الداخلية والدفاع، فيما اعتبر أن مناصفة الحكومة بين الشمال والجنوب يعد اعترافاً ضمنياً بشكل رسمي بأن اليمن دولتين، تمهيداً لحق تقرير المصير للجنوبيين الذي يطالب به المجلس الانتقالي الجنوبي وتدعمه الإمارات بقوة، التي تتخادم معه من أجل حصولها على تسهيلات وسيطرة على الموانئ اليمنية في الجنوب والسيطرة الكاملة على جزيرة سقطرى التي أصبحت عملية تحت إدارة السلطات الإماراتية.

أزمة دستورية

وذكر مصدر برلماني لـ«القدس العربي» أن الحكومة الجديدة ستواجه أزمة دستورية في الحصول على الثقة البرلمانية من مجلس النواب، حيث أعلن ما لا يقل عن 10 برلمانيين من الموالين للحكومة الشرعية رفضهم منح الثقة للحكومة الجديدة لتضمنها العديد من الخروقات في معايير تعيين الوزراء وتجاهلها للمرأة في التشكيلة الحكومية، والأهم من ذلك عدم التمثيل العادل للمحافظات وحرمان بعضها من الحقائب الوزارية وفي مقدمة ذلك إقليم تهامة الذي يضم أربع محافظات شمالية وهي الحديدة والمحويت وحجة وريمة ويقطنه أكثر من 6 ملايين نسمة، من إجمالي 30 مليون نسمة وفقاً للنائب شوقي القاضي الذي أعلن صراحة رفضه منح الثقة للحكومة لهذه الأسباب.

* المصدر: القدس العربي

* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع