السياسية – رصد:

بعد انتظار أكثر من عام، تم الإعلان الجمعة، عن حكومة يمنية جديدة، مناصفة بين الشمال والجنوب، بناء على اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي، 5 نوفمبر 2019.

وحاز إعلان الحكومة المشكلة من 24 وزيرا، برئاسة معين عبدالملك سعيد، اهتمام اليمنيين شمالا وجنوبا، الذين يأملون بأن ينعكس هذا التطور السياسي على الوضع العام بشكل إيجابي، في ظل تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد.

وتعد الحكومة الجديدة من أقل الحكومات اليمنية في عدد الوزراء، حيث كانت الحكومة السابقة مكونة من 36 وزيرا.

وتواجه تحديات كبيرة، أبرزها أزمة انهيار العملة، إضافة إلى الصراع السياسي القائم، وسيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وغالبية محافظات الشمال.

ونص الإعلان الرئاسي، على منح المحافظات الشمالية 12 حقيبة وزارية، بينها الدفاع، كما حصل الجنوب على 12 حقيبة، بينها 5 للمجلس الانتقالي الجنوبي.

وبينما حظي إعلان الحكومة باحتفاء رسمي وترحيب عدد من الدول العربية والإقليمية، برزت مخاوف من أن تلحق الحكومة الجديدة بسابقاتها التي لم يكتب لها الاستمرار، بعد تشكلها عقب اتفاقات هشة، وانتهت بتفجر الأوضاع مرة أخرى.

ونهاية 2014 تم تشكيل حكومة برئاسة خالد بحاح، قبل أن تتم إقالته وتعيين أحمد عبيد بن دغر رئيسا للوزراء في أبريل /نيسان 2016، والذي تمت إقالته منتصف أكتوبر /تشرين الأول 2018، وتعيين معين عبدالملك رئيسا للوزراء.

وفشلت جميع هذه التشكيلات في تحسين الوضع المعيشي وإيقاف تدهور العملة، كما لحق بها إخفاقات عسكرية مستمرة، آخرها منذ أشهر عندما سيطر الحوثيون على مديرية نهم (البوابة الشرقية لصنعاء)، ومدينة الحزم عاصمة محافظة الجوف (شمال).‎

** مهام حقيقية

وفي أول تعليق، قال رئيس الحكومة معين عبدالملك، إن هذا الإعلان، “سيعيد وضع الدولة والحكومة والتحالف العربي (بقيادة السعودية) إلى المهام الحقيقية، على رأسها إنهاء الانقلاب (الحوثي) واستعادة الدولة”.

وأضاف في تغريدة على حسابه على تويتر: “تشكيل الحكومة جاء تتويجًا لجهود كبيرة قادها الرئيس عبدربه منصور هادي والقيادة السعودية ودول التحالف والقوى السياسية والشخصيات الوطنية”.

وسبق أن صرح عبدالملك خلال الأيام الماضية، أن الحكومة ستكون لديها أولويات، أبرزها معالجة الانهيار الحاصل في العملة المحلية التي تراجعت بشكل غير مسبوق، حيث وصل الدولار الواحد مؤخرا إلى 900 ريال، بعد أن كان قبل الحرب يساوي 215 ريالا فقط.

كما شدد، وفق تصريحات نشرتها وسائل إعلام رسمية، على أن الحكومة ستعمل على توحيد الجهود العسكرية والشعبية لمواجهة انقلاب الحوثيين.

** مرحلة جديدة

بدوره، قال نائب الرئيس اليمني علي محسن صالح، إن إعلان تشكيل الحكومة، يعد “خطوة مهمة ونقطة فاصلة في مسار المشهد السياسي” في البلاد.

واعتبر في تصريحات رسمية، تشكيل الحكومة “بداية مرحلة جديدة من شأنها الإسراع في عملية إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة وبناء اليمن الاتحادي”.

وشدد صالح على أن “توفر الإرادة الصادقة والعزيمة وحسن النوايا (..) سيجعل من استعادة العاصمة المختطفة صنعاء هدفاً قادماً، أكثر من أي وقت مضى”.

ويسيطر الحوثيون بقوة السلاح على محافظات يمنية، بينها صنعاء منذ 21 سبتمبر/ أيلول 2014.

** توزيع مصالح

وفي مقابل التفاؤل الرسمي بإعلان تشكيل الحكومة، ثمة من يرى أن هذا التطور يهدف لتحقيق مصالح سعودية إماراتية في اليمن.

الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية علي الذهب، قال إن :”الحكومة المشكلة تعبر عن توزيع مصالح ومكاسب بين الإمارات والسعودية، تحت غطاء الحكومة الجديدة”.

ولفت في حديث للأناضول أنه من المفترض بناء على مخرجات اتفاق الرياض، أن تكون حقيبتي الدفاع والداخلية مناصفة بين الشمال والجنوب، باختيار رئيس الجمهورية، لكنها لا تعبر عن تقاسم (سياسي) بين المجلس الانتقالي والمكونات الأخرى المناوئة له.

وتابع موضحا: “لهذا منحت وزارة الداخلية للواء إبراهيم حيدان، وهو شخصية جنوبية معروفة بقربها من الرئيس وليست من مؤيدي الانفصال، وهو في تقديري واجهة أمنية بخلفية عسكرية، حيث أنه رجل عسكري تخرج من الكلية البحرية”.

ومضى قائلا: “الرئيس هادي يتحسب لأي أعمال عنف قد يواجهها، لذلك اختار لمنصب وزير الداخلية رجلا عسكريا، ولم يختر رجلا أمنيا”.

وذهب الباحث اليمني إلى أن “الإمارات والسعودية تحاولان صنع حالة اتزان استراتيجي بينهما”، لكنه يرى أن السعودية باتت “المتحكم الأبرز في المشهد السياسي والعسكري باليمن”.

ولا يتوقع الذهب أن تساعد هذه الحكومة في تحقيق “انسجام بعيد المدى” بين طرفي اتفاق الرياض، وأنه من المرجح حدوث توترات بينهما، لحرص كل على رؤاه وعدم الخضوع للآخر.

** خليط غير متجانس

ومتفقا مع ذلك، يرى الصحفي والكاتب السياسي حسن الفقيه، أن هذه الحكومة هي “خليط غير متجانس”، وأنها ولدت “بعد مخاض عسير، رغم عدم التأكد الكلي من الترتيبات السابق إعلانها”.

ويرى في حديثه للأناضول أن هذه الحكومة “ستعترضها جملة من العقبات والصعوبات، ابتداء بعودتها واستقرارها والقيام بواجبها”، ولم يستبعد أن يكون مصيرها الفشل كسابقاتها من الحكومات.

ومن ثم فهو يعتبر أن إعلان تنفيذ الشق العسكري وتشكيل الحكومة، هو أشبه بـ “محاولة إثبات إنجاز للرعاة (السعودية والإمارات) على ما يبدو”.

ولفت الفقيه في هذا السياق، إلى أن التشكيل الجديد للحكومة منح “طابع الشرعنة” للنفوذ الإماراتي من خلال منح وكلائها وزارات، أبرزها النقل، وهو ما يعني استمرار إغلاق الموانئ وتعطيل الموارد.

وتابع: “أتوقع استمرار النفوذ الإماراتي حتى تأتي تغيرات تعيد ترتيب المشهد من جديد”.

وحول مدى تأثير هذا التطور السياسي على مستقبل اليمن، أوضح الفقيه أن ذلك: “مرتبط برغبة الرعاة والحلفاء بعد أن أصبحت مؤسسات البلاد مقيدة أو ارتضت لنفسها أن تكون كذلك”.

ومنذ أسبوع، بدأت القوات الحكومية وقوات “الانتقالي” انسحابا متبادلا من خطوط التماس في أبين، تنفيذا للشق العسكري من اتفاق الرياض الموقّع بين الجانبين في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019.

وإضافة للصراع بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي، يشهد اليمن منذ ست سنوات حربا بين القوات الحكومية المدعومة سعوديا، وجماعة الحوثي المدعومة إيرانيا.

وأودت الحرب بحياة 233 ألف شخص، وبات 80 بالمئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات للبقاء أحياء، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.

* المصدر: الأناضول

* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع