السياسية – رصد:

صنعاء –

تصاعدت حدة المعارك بين أطراف النزاع في اليمن، في الذكرى الثانية لاتفاق ستوكهولم الموّقع بين الحكومة المعترف بها دوليا وجماعة الحوثيين، وسط مساع ومطالب أممية متكررة بضرورة وقف إطلاق النار، وتطبيق الاتفاق بشكل كامل.

ويدخل الاتفاق عامه الثالث، غير أن التعثر يسود تطبيق بنوده في ظل تبادل الطرفين الموقعين عليه الاتهامات بالمسؤولية عن ذلك.

ودعا أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الإثنين، الحكومة اليمنية والحوثيين إلى “الوفاء بالالتزامات التي تعهدوا بها قبل عامين في ستوكهولم، وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار”.

وحث أبهيجيت غوها، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحُديدة “أونمها”، الأحد، على ضرورة التنفيذ الكامل للاتفاق لإنهاء معاناة اليمنيين وسكان مدينة الحديدة الساحلية (غربي اليمن).

وفي 13 ديسمبر/ كانون الأول 2018، أفضت مشاورات رعتها الأمم المتحدة في العاصمة السويدية ستوكهولم إلى اتفاق بين الحكومة اليمنية والحوثيين، قضى بحل الوضع بمحافظة الحديدة، وتبادل نحو 15 ألف أسيرا ومعتقلا لدى الجانبين، بالإضافة إلى تفاهمات حول الوضع الإنساني في محافظة تعز (جنوب غرب).

ملف الحديدة

واصطدمت الأمم المتحدة بالوضع على الأرض في محاولتها لتطبيق الاتفاق في أبرز ملفاته، إذ تواجه البعثة الأممية المكلّفة بتطبيق الاتفاق وإعادة الانتشار في مدينة الحديدة مصاعب كبيرة، وعجزت حتى اللحظة عن وقف إطلاق النار وإعادة انتشار قوات الطرفين إلى المواقع التي جرى الاتفاق عليها.

وتتكون لجنة إعادة الانتشار الثلاثية في الحديدة من مراقبين من الحكومة اليمنية والحوثيين تحت إشراف رئيس البعثة الأممية التي يرأسها الجنرال الهندي أبيهيجت غوها.‎

وأعلن الحوثيون، في 14 مايو/ أيار 2019، اختتام المرحلة الأولى من إعادة الانتشار في محافظة الحديدة وموانئها، وهي: الحُديدة، الصليف، ورأس عيسى، لكن الحكومة أصرت حينها أن الحوثيين تحايلوا على الاتفاق، وسلموا الموانئ لعناصر أخرى تابعة لهم.

وفتح ذلك الإعلان خلافا مستمرا حتى اليوم في تفسير مسألة “القوات المحلية” التي نص عليها اتفاق السويد، والتي يفترض أن تتسلم الموانئ ومدينة الحديدة بعد إعادة انتشار قوات الطرفين.

ففي حين يصر الحوثيون على أن قواتهم التي انتشرت في المدينة والموانئ الثلاثة هي القوات المحلية التي سمّاها الاتفاق، تشدد الحكومة اليمنية على أن القوات المعنيّة هي التي كانت تتواجد في المحافظة قبل سيطرة الحوثيين عليها مطلع العام 2015.

وأدى هذا التباين في تفسير بنود الاتفاق إلى استمرار تعثر تنفيذ عملية انسحاب القوات من الحديدة، ما سبب نكسة دائمة في حل الملف الأبرز.

ورغم أن اتفاق ستوكهولم نص على هدنة دائمة في محافظة الحديدة، إلا أن المعارك ما تلبث أن تندلع، وخلال الأيام الأخيرة الماضية شهدت خطوط التماس تصعيدًا بين قوات الطرفين، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى بينهم مدنيون.

وأعلنت الأمم المتحدة مطلع الشهر الجاري، مقتل وجرح 123 مدنيا بمحافظة الحديدة، خلال شهري أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني.

ملف تبادل الأسرى

وفشل طرفا النزاع في الإفراج عن 15 ألف أسير ومعتقل وفق اتفاق ستوكهولم، إلا أن ثمة تقدم جزئي طرأ مؤخرا في هذا الملف الإنساني الذي يصر الطرفان في تصريحات متكررة على ضرورة تنفيذه كونه قضية إنسانية بحتة.

وفي 15 و16 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أطلقت الحكومة وجماعة “الحوثي” سراح 1056 أسيرا، في أكبر صفقة تبادل بين الطرفين منذ اندلاع الحرب مطلع العام 2015.

وشملت العملية التي رعتها الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، إطلاق سراح 15 سعوديا و4 سودانيين، فيما تتواصل الجهود الدولية من أجل تنفيذ صفقات تبادل مقبلة.

وفي 23 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، كشف مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، أنه يجري ترتيبات لإجراء مفاوضات جديدة لتبادل أسرى بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي، دون الإعلان عن موعدها.

وقبل أسابيع، تبادلت الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي الاتهامات بخصوص عدم الجدية في الذهاب إلى جولة جديدة من المفاوضات لتبادل دفعة جديدة من الأسرى والمعتقلين لدى الجانبين.

ملف تعز الإنساني

ويعد ملف تعز الإنساني، القضية الثالثة التي اتفق عليها الطرفان اليمنيان في مشاورات ستوكهولم.

ويهدف الاتفاق إلى حل الوضع المتفاقم في مدينة تعز، مركز المحافظة التي تحمل الاسم ذاته، إذ يغلق المسلحون الحوثيون منافذها الرئيسية منذ أواخر العام 2015، ليتسبب ذلك في حصار على سكانها لتتضاعف المأساة الإنسانية والصحية، وتمتد إلى المحافظة الأكثر سكانا باليمن.

وتُتهم جماعة الحوثيين، بخنق المدينة الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، وإطلاق المقذوفات بشكل دائم على أحياء المدينة، ما أدى إلى مقتل وجرح عشرات المدنيين، وفق تقارير حقوقية وحكومية.

ونص الاتفاق على إنشاء لجنة مكوّنة من ممثلين عن الحكومة اليمنية والحوثيين بإشراف الأمم المتحدة، إلا أن ذلك لم يتم، ما دفع مارتن غريفيث للإعراب عن أسفه من عدم إحراز تقدم.

وقال عبر بيان صدر عقب اجتماع عقده افتراضيا مع ممثلين عن المجتمع المدني في تعز، الأسبوع الماضي، إنه يأسف لعدم إحراز أي تقدم بشأن إعلان التفاهمات حول تعز، كما استنكر الوضع الإنساني المتردي بسبب استمرار إغلاق الطرق في تعز، واستمرار النشاط العسكري وانعدام الأمن.

وبشكل متكرر شهدت مدينة تعز وقفات احتجاجية طالبت بضرورة فك الحصار، وإصلاح الوضع الإنساني والصحي المتدهور.

مطالب بالانسحاب من الاتفاق

وأمام التعثر الكبير الذي مني به اتفاق ستوكهولم، تزايدت خلال الأشهر الماضية، المطالبات الشعبية والرسمية للحكومة اليمنية بضرورة الانسحاب من الاتفاق.

ويواجه الحوثيون اتهامات بأنهم استغلوا الاتفاق في سبيل تحقيق تقدم ميداني على الأرض في عدة جبهات، بعد أن تم تجميد تقدم القوات الحكومية في محافظة الحديدة بسبب هذا الاتفاق.

ولأكثر من مرة، قال رئيس مجلس النواب اليمني (الغرفة الأولى للبرلمان) سلطان البركاني، ووزير الخارجية محمد الحضرمي، إن السلطات الشرعية تواجه ضغوطا شعبية كبيرة، تطالب بضرورة الانسحاب من اتفاق ستوكهولم.

وسبق أن صرح مسؤولون حكوميون بأن اتفاق ستوكهولم لم يعد مجديا بسبب عدم التزام الحوثيين بتطبيقه على الأرض، فيما يواصل الحوثيون كيل الاتهامات للحكومة بأنها غير جادة في تطبيق الاتفاق.

وتشهد اليمن حربا منذ أكثر من ست سنوات، أودت بحياة 233 ألف شخص، وبات 80 بالمئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات للبقاء أحياء، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.

ويزيد من تعقيدات النزاع أن له امتدادات إقليمية، فمنذ مارس/ آذار 2015 ينفذ تحالف عربي بقيادة الجارة السعودية، عمليات عسكرية دعما للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، والمسيطرين على عدة محافظات، بينها العاصمة صنعاء.

* المصدر : ميدل إيست اونلاين

* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع