السيادة اليمنية..حــين تُــداس بحقارةٍ مَــن كل هؤلاءِ.. أنظروا
بعد زيارة السفيرين الامريكي والسعودي للمهرة
السياسية – رصد :
صلاح السقلدي*
شبكتُ عشري على رأسي مذهولا مِن التعاطي المعيب الذي أظهرته السلطة اليمنية الموجودة بالرياض حيال الزيارة التي قام بها سفيــرَيّ الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية باليمن الى محافظة المهرة يوم الأثنين الماضي بدون أن يشعِـرا أحدا من المسؤولين اليمنيين القابعين منذ أكثر خمسة أعوام في الرياض بهذه الزيارة ولم يرافقهما أي مسئول بطائرتهما القادمة من الرياض راسا الى مطار عاصمة المحافظة المهرة مدينة( الغيضة)، ليس فقط لتحوطات أمنية،( فكليهما أي السفيرين وحكومتيهما لا يثقان بأحدٍ من مسئولي هذه السلطة وأحزابها المُـتهمة أصلاً بدعم كثير من الجماعات الجهادية منذ سنوات برغم انصياعها( السلطة) لتوجيهات دولتي السفيرين: السعودية وأمريكا، بل لأنهما لا يكترثان بموقفها ولا برأيها ولابمشاعرها وهما يدوسان البروتكولات الدبلوماسية الدولية في رمال محافظة المهرة دوسا ويدوسان معها السيادة اليمنية بحقارة ولؤم، كما ويعرفان جيداً أنها ليست أكثر من مجرد عنوانا تشرعن لبدليهما أمام المجتمع الدولي التدخل بالشأن اليمني والسيطرة على ثرواته وأرضه، والتحكم بقراره وسيادته.
-هذه الزيارة – ومن المفارقات المؤلمة- أتت في نفسِ يوم ذكرى استقلال دولة الجنوب من الاحتلال البريطاني 30نوفمبر تشرين ثاني، يوم استعادة السيادة والكرامة من المحتل البريطاني والتخلص من الهيمنة والتعبية للأجنبي وامتلاك الشعب قراره وسيادته، وإقامة فيما بعد علاقة دبلوماسية مبنية على الندية وعلى المصالح المشتركة المتكافئة واحترام الشؤون الداخلية وعدم التدخل فيها، لا تابعا فيها ولا متبوع. وهو النهج الذي سارت عليه دولة جنوب اليمن منذ ذلك عام الاستقلال 1967م حتى قيام الوحدة اليمنية المغدور بها عام1991م.
– لم يصعقنا فقط التصرف المتغطرس للسفرين المذكورين ،ولا تجاهلهما لأصحاب الشأن ولا فقط تحركهما الاستعلائي على أرض محافظة المهرة( الواقعة على اقصى شرق الجنوب وكأنهما أصحاب الشأن ولا أيضا فقط تصريحاتهما الاستفزازية وهما يوزعان توجيهاتهما وأوامرهما للسلطة المحلية بالمحافظة والحكومة الموالية لهما، بل صقعنا تيار الدهشة أكثر من ذلك الصمت المخزي الذي تملّـك الحكومة والمؤسسة الرئاسية اليمنيتين في الرياض وهما اللائي يقيمان الدنيا ولا يقعدانها بالحديث عن السيادة اليمنية حين يتعلق الأمر بالتقارير الدولية التي تكشف حجم الانتهاكات المريعة التي ترتكبها قواتها والمجازر الفاضحة التي تطال العشرات من الأبرياء تحت قسوة الطيران وقنابل الموت الجماعي التي تتساقط كل يوم بغزارة، خصوصاً هناك في الشمال، أما حين يجول سفراء الدول الدسمة طولا بعرض، يسرحان ويمرحان وكأنهما من البيت وداخل فهنا تبلع هذه السلطة لسانها وتتوارى خلف الحَــجب كالجرذ الى جُـحر الصمت، وقبو العار.!
-من الطريف بالأمر أن وزارة الخارجية اليمنية الموالية للرياض وبعد أن حاصرتها الانتقادات والاستهجان العارم جرّاء موقفها المخجل هذا سرّبتْ بيان أدانة لهذه الزيارة عبر مواقع إخبارية غير رسمية كأسقاط واجب ولدفع السخط الشعبي عنها ، ولكنها برغم ذلك سرعان ما تنصلت منه بمجرد أن سمعتْ همهمة سعودية على تويتر، على الرغم أن البيان( الفلتة) قد تحاشى أي ذِكر أو تلميح للسفير السعودي، وأكتفى على خجل الاشارة للسفير الأمريكي، ومن ثم أسهب في فقراته بالحديث عن السيادة اليمنية/ المذبوحة على عتبات المصالح الإقليمية والغربية\ وعن العلاقات المتميزة بين اليمن وأمريكا لمواجهة ما تصفه هذه الحكومة بالتدخلات الإيرانية .
– لم تعد هذه السُلطة والحكومة اليمينة الموالية للرياض مؤهلة للحديث عن السيادة والكرامة اليمنية وهي الحكومة التي تذبحها يوم إثر يوم من الوريد للوريد نظير مصالح حزبية وسياسية ضيقة من الرياض وواشنطن ولندن، وللظفر بمكاسب شخصية وأسرية وقبلية من فُتات الطاولات , وبعد أن استجدتْ مجلس الأمن ذات يوم ليضع اليمن تحت سوط الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة مطلع عام 2011م لإسقاط نظام الرئيس السابق والسيطرة على مقاليد الحكم، واستدعت بعد ذلك كل جيوش العرب والعجم للتدخل باليمن وتدمير قدراته وانتهاك سيادته لتستعيد بهم كرسي الحكم في صنعاء في 2015م.
وباتت السيادة اليمنية بالنسبة لها مجرد ورقة مساومة وابتزاز سياسي رخيض تشهرها بوجه هذه الجهة المحلية أو ذلك الطرف الإقليمي. فالسيادة الوطنية اليمنية خطاً أحمرا حين يكون الحديث عن قضية الجنوب، وحين يكون في مواجهة التقارير الدولية التي تتحدث عن فساد هذه الحكومة وفوضويتها، والمحسوبية الإدارية التي تسطير على عمل مؤسساتها بالداخل وبالسفارات والهيئات الدولية ، وعن التقارير التي تفضح صفقات النفط والمضاربة بالعملات والمتاجرة بالأثار وبالأسلحة ،وتقارير صفات النفط والغاز الفاسدة مع شركات النهب الغربية. كما وتكون السيادة اليمنية في نظر هذه الحكومة من الثوابت الممنوع تجاوزها حين يتعلق الأمر بطردها عسكريا أو شعبيا من موقع جغرافي في الجنوب أو في الساحل الغربي أو في محافظة تعز بذريعة التصدي للتدخل الإماراتي أو الانقلابيين الجنوبيين – بحسب توصيفها- مع أنها هي نفسها السلطة اليمينة التي استدعت الإمارات الى اليمن وهي ذات الحكومة التي سهلّـتْ للإمارات الوصول الى كل بقعة بالجنوب وبالساحل الغربي بما فيها أرخبيل سقطرة وباب المندب بل وحتى في مأرب وجعلت القوات الإماراتية تتحرك بالطول والعرض من محافظة المهرة شرقا حتى الحُــديدة في الغرب ،دون أن تنبس هذه الحكومة ببنت شفة عن السيادة المهدورة ، حين كانت علاقتها بالإمارات سمن على عسل، قبل أن يختلفان على نصيب كل منهما من الكعكة بالجنوب وبالجُــزر وبالساحل الغربي، وقبل أن تصير الإمارات في نظر هذه الحكومة دولة احتلال تنتهك السيادة اليمنية.
*صحافي من اليمن-عدن
* المصدر : رأي اليوم
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع