أشار بايدن إلى الرغبة في إنهاء حرب اليمن فلماذا لا يصدقه اليمنيين
إذا كان بايدن جاداً في الوصول إلى نهاية دبلوماسية للحرب الدائرة في اليمن، فهذا بمعنى أنه لديه فرصة حقيقية لإضافة إنهاء واحد من أكثر الصراعات عنفاً في القرن الحادي والعشرين إلى إرثه الرئاسي، لكن فرصة حدوث ذلك قد تكون ضئيلة.
بقلم: أحمد عبد الكريم
(موقع “منتبرس نيوز”- ترجمة: نجاة نور، الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
مع ورود أنباء عن فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية بشكل شبه مؤكد، أصبح بعض الأمريكيين يأملون في أن تدعوا الإدارة الجديدة الى عصر من الهدوء في الشرق الأوسط, لكن في اليمن لم يقاسم اليمنيون الشعب الأمريكي الشعور ذاته.
لدى معظم اليمنيين أمل ضئيل في أن تنهي الإدارة الجديدة للبيت الأبيض الحصار والحرب المدمرة على بلدهم، والتي تقترب الآن من نهاية عامها السادس.
كما أنهم لا يعلقون أي آمال على أن الإعلان عن انتهاء دعم الولايات المتحدة للتدخل العسكري السعودي في اليمن سوف يتم مع بداية الفترة الرئاسية لبايدن وبعد أدائه اليمين الدستورية في 20 يناير 2021.
إبراهيم عبد الكريم وهو مواطن يمني فقد ابنته زينب البالغة من العمر 11 شهراً جراء قنبلة أمريكية الصنع اسقطتها طائرة حربية سعودية على منزله في صنعاء عام 2015.
وصرح لموقع منتبرس, أن تصريح بايدن لا تمثل بشرى سارة له, حيث قال “لست متفائل بأن بايدن سيتوقف عن إمداد بن سلمان بقنابل مثل تلك التي قتلت ابنتي”.
ففي اليمن, فقد الكثير من المدنيون أحباءهم ومنازلهم وبنيتهم التحتية بسبب الأسلحة الأمريكية التي تم تزويد قوات التحالف السعودي بسخاء منها.
وهناك أمل ضئيل في أن ينهي الرئيس المنتخب بايدن ذلك الدعم، بما في ذلك توريد الأسلحة والمعدات العسكرية الى السعودية والإمارات.
الفزاعة الإيرانية:
في الواقع، لا يرى المسؤولون في كل من صنعاء وعدن – مقرا السلطة طرفي الصراع- أي فرصة ضئيلة في أن يتخذ بايدن إجراءات لإنهاء الصراع نظراً للواقع الجيوسياسي الحالي في الشرق الأوسط.
يتضمن هذا الواقع حمى التطبيع مع إسرائيل التي تجتاح الحكومات العربية، والرياض وأبو ظبي ليست استثناء، حيث ترتبطا ارتباطا وثيقا بالهوس المستمر من الإدارات الأمريكية المتزامنة بمحاولة احتواء ما يسمى بـ “النفوذ الإيراني” في الشرق الأوسط وربط الحرب في اليمن بهذا الجهد.
دعا سياسيون يمنيون, بايدن إلى تغيير نظرة البيت الأبيض إلى الصراع والتوقف عن التعامل معه على أنه حرب بالوكالة مع إيران على النفوذ.
لسوء الحظ، تم تقليصها إلى تلك الحجة الثنائية، حيث ألقى باللوم المسؤولون الأمريكيون على جانبي الممر القضية برمتها على إيران.
وادعوا بشكل مختزل إلى أن الحوثيون هم وكلاء إيران، ويخزلون الصراع بأكمله في سياق جيوسياسي متمركز حول إيران, وليس السبب والدافع الحقيقي للعدوان الأجنبي ومعركة السيطرة على المناطق الإستراتيجية وبعض احتياطيات النفط والغاز غير المستغلة الأكثر ربحاً في المنطقة.
الدعم الأمريكي:
يرى معظم اليمنيين أن الدعم الأمريكي للتحالف الذي تقوده السعودية لا يؤجج القتال فحسب، بل ينظرون أيضاً إلى الحكومة الأمريكية باعتبارها طرفاً في ارتكاب جرائم حرب خطيرة في بلدهم.
كما ويعتبرون امريكا هي المسئول المباشر عن الأزمة الإنسانية المدمرة التي يواجهونها الآن.
وهنا يجدر الذكر بان اليمن على وشك العد التنازلي للانزلاق نحو كارثة آخرى، حيث تواجه مجاعة مدمرة في غضون بضعة أشهر قصيرة وفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن الأمم المتحدة يوم الأربعاء.
هذه المجاعة، السبب الاساسي لها ليس فقط الحرب والحصار التي يقودها السعوديون، ولكن يعتبر التقليص الكبير لبرامج المساعدات الغذائية والدوائية التي اتخذها الرئيس ترامب من بين أهم الأسباب.
منذ مارس 2015، عندما بدأت الحرب، بدلاً من وقف مبيعات الأسلحة أو الضغط على السعودية دبلوماسياً لإيقاف الحرب، اختار البيت الأبيض بدلاً من ذلك تجاهل دعوات المجتمع الدولي لمعالجة معاناة المدنيين.
والأسوأ من ذلك أن السعودية والإمارات مُنحتا تفويضاً مطلقاً لتنفيذ أفظع انتهاكات القانون الدولي والقتل الجماعي في التاريخ الحديث دون توبيخ أو ردع من قبل الولايات المتحدة.
ووفقاً للتقرير الصادر عن ﻗﺎﻋﺪة ﻣﺸﺮوع ﺑﯿﺎﻧﺎت وأﺣﺪاث اﻟﺼﺮاﻋﺎت المسلحة, تسببت الحرب التي تقودها السعودية في مقتل أكثر من 100 ألف شخص منذ يناير 2016.
فقد تزود الولايات المتحدة التحالف السعودي في معظم الاحيان بآلاف الأطنان من الأسلحة التي ألقيت على المستشفيات والمدارس والأسواق والمساجد والمزارع والمصانع والجسور ومحطات معالجة الكهرباء والمياه.
لا يشمل هذا الرقم من لقوا حتفهم جراء الكوارث الإنسانية التي أثارها الصراع، ولاسيما المجاعة.
التعطش للسلام:
إذا كان بايدن جاداً في الوصول إلى نهاية دبلوماسية للحرب في اليمن، فلديه فرصة حقيقية لإضافة إنهاء أحد أكثر الصراعات عنفاً في القرن الحادي والعشرين إلى إرثه الرئاسي, فاليمن متعطش للسلام.
أبدت كل من قوى المقاومة بقيادة أنصار الله والجماعات المسلحة المدعومة من السعودية التي تعارضها, الرغبة في الوصول إلى تسوية سياسية، وهو شعور بالطبع، لم تتقبله بسهولة حكومتا السعودية والإمارات.
ومع ذلك، تواجه تلك الحكومات دعماً متضائلاً بشكل متزايد بين نفس القوى في اليمن التي يُزعم أنها دعتهم إلى التدخل في بلدهم على أمل عودة الرئيس المخلوع عبد المنصور هادي إلى السلطة.
الآن، حتى بين أقوى حلفاء التحالف، أصبح يُنظر بشكل متزايد إلى تصرفات السعودية على أنها ليست إلا مجرد محاولة لتقسيم البلد إلى مناطق وفصائل يمكن إدارتها بسهولة أكبر.
بين الحوثيين (أنصار الله) أقوى القوى المعارضة للوجود الأجنبي في اليمن، يسود موقف المصالحة.
طوال فترة النزاع، أثبتت الجماعة ميلها إلى التقارب الدبلوماسي ورغبتها في العمل ضمن هياكل الوسطاء الدوليين للتفاوض على إنهاء الحرب.
وبحسب مسئولين رفيعي المستوى في صنعاء، تجري الاستعدادات للمفاوضات في حال كانت إدارة بايدن جادة في إنهاء الحرب, ومع ذلك، فإن قيادة الجماعة تتعامل مع بيان بايدن بحذر.
ويستمر نهج الانتظار والترقب بين صناع القرار في صنعاء، وتنتشر أيضاً شائعات بأن بايدن قد يتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن التي تعتبر حليفة للسعودية.
حل المستنقع:
يُعد إرث ترامب في الشرق الأوسط عاملاً آخر يتعين على بايدن المناورة بشأنه إذا كان يرغب في حل مستنقع اليمن المعقد.
فقد أخطرت إدارة ترامب الكونغرس مؤخراً بأنها وافقت على بيع ما قيمته أكثر من 23 مليار دولار لأنظمة أسلحة متطورة، بما في ذلك طائرات مقاتلة طراز F-35 , وطائرات بدون طيار، إلى الإمارات، الشريك الأبرز للسعودية في حربها على اليمن.
سخر الحوثيون من شأن الإعلان، قائلين إن الموافقة شيء، لكن التسليم شيء آخر تماماً، حيث إذا ما اقدمت إدارة بايدن على تنفيذ عملية البيع، فسوف يعتبرونها جريمة ضد اليمن.
قال مسئولون حوثيون رفيعو المستوى لمنتبرس, في حين أنهم لا يتوقعون أن يعترف الرئيس المنتخب بحقهم في السيادة، فإنهم يأملون في إعادة تقييم الوضع في اليمن من قبل الإدارة القادمة وأن الحوثيين لن يعودوا في نظر الجميع كتهديد لواشنطن أو حلفائها في المنطقة، وهناك بعض الأدلة التي تدعم هذه الفكرة, فكل هجوم حوثي على السعودية والإمارات كان انتقامياً وليس استباقياً بطبيعته.
حتى الهجوم على منشأة أرامكو السعودية في 14 سبتمبر 2019 جاء رداً على الغارات العسكرية للتحالف السعودي المستمرة على اليمن.
قبل حرب التحالف بقيادة السعودية عام 2015 على بلدهم، لم يظهر الحوثيون أي عداء تجاه المملكة، ولا رغبة في استهدافها عسكرياً.
علاوة على ذلك، فإن السعودية مُصدِّر رئيسي لنفس النوع من الأيديولوجية الجهادية التي تدفع جماعات مثل القاعدة في شبه الجزيرة العربية وداعش، وهي جماعات استخدمتها المملكة لمحاولة تقويض قوة الحوثيين، مما يجعل الحوثيين حليفاً طبيعياً لأي قوة تعمل على احتواء تلك المنظمات.
شنت المملكة العربية السعودية حربها على اليمن في مارس 2015, بقيادة ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان.
وزعم بن سلمان أن هدفه من شن تلك الحرب هو دحر الحوثيين وإعادة الرئيس اليمني السابق المخلوع هادي، الذي فر من البلد إلى السعودية في أعقاب سيطرة الحوثيون على العاصمة صنعاء.
منذ اللحظة التي بدأت فيها الحرب التي لا تحظى بشعبية كبيرة، عمل المسئولون السعوديون بجد لتصويرها على أنها خطوة ضرورية لتحرير الدولة العربية من إيران، مكررين الادعاء الذي لا أساس له من الصحة بأن الحوثيين هم وكلاء إيران.
سيؤدي الضغط المستمر على اليمن حتماً إلى إجبار الحوثيين على الاعتماد بشكل أكبر على علاقاتهم مع إيران وروسيا والصين، وجميعهم أعداء للولايات المتحدة, كما كانوا يفعلون بالفعل في ظل رئاسة ترامب.
وصل السفير الإيراني المعين حديثاً إلى اليمن إلى صنعاء الشهر الماضي، وقبل ذلك أرسل الحوثيون سفيراً إلى طهران.
ومن المتوقع أن تتابع سوريا وقطر سفارتيهما في صنعاء وتعيدان فتحهما في صنعاء وفقاً لمسؤولين حوثيين.
وإذا لم تكن التكلفة البشرية الهائلة للحرب كافية، فإن ذلك سيعطي بايدن حافزاً لعدم السماح باستمرار الصراع الذي طال أمده…
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع.