بقلم: سارة لازار

(صحيفة “إن ذيس تايمز” الامريكية- ترجمة: نجاة نور، الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

إن بايدن، الذي من المرجح أن يؤمن أصوات الهيئة الانتخابية التي يحتاجها للفوز في الانتخابات الرئاسية، سوف يتحمل المسؤولية المباشرة عن مجموعة من الأضرار الجسيمة للسياسة الخارجية التي انتهجتها الولايات المتحدة, من الغزو الأمريكي للعراق عام 2003, إلى الاحتلال واضطهاد للفلسطينيين وإلى الحرب المستمرة في أفغانستان.

قائمة الإجراءات التي يجب أن يتخذها حتى يبدأ في إصلاح الحطام الذي خلفه هذا الإرث طويلة، وكثير منها لا يمكن إصلاحه، فالناس الذين لقوا حتفهم جراء تلك السياسية في نهاية الأمر لا يمكن إعادتهم إلى الحياة.

وهذا يرجع جزئياً إلى دور إدارة اوباما وبايدن في توسيع صلاحيات صنع الحرب الرئاسية (لسوء الحظ، في نهاية التدخلات العسكرية من جانب واحد)، حيث أن هناك الكثير من الأشياء الذي يمكن لبايدن القيام بها بمفرده، بغض النظر عن من يضم مجلس الشيوخ، لوضع حد “للحروب الأبدية” التي ادعى هو نفسه خلال حملته الانتخابية انه ضدها ويرفضها, التي تاجر أيضاً بها في الخطاب العسكري، وأيضا تجاه الصين.

شيء واحد يمكن أن يفعله بايدن، بدءاً من اليوم الأول، هو إنهاء تورط الولايات المتحدة في حرب اليمن وهو التدخل الذي ساعد في إطلاقه.

بأمر تنفيذي، يمكن لبايدن أن يجعل البنتاغون ينهي تبادل المعلومات الاستخبارية لغارات التحالف السعودي، وإنهاء الدعم اللوجستي، وإنهاء عمليات نقل قطع الغيار التي تبقي الطائرات الحربية السعودية محلقة في الجو”، وذلك بحسب حسن الطيب، مسؤول الضغط السياسي في الشرق الأوسط في لجنة الأصدقاء للتشريعات الوطنية، الذي دعا بايدن إلى إعادة المساعدات الإنسانية إلى شمال اليمن، كما وقال “يمكن لبايدن استخدام سلطته كرئيس للضغط على الدول الأخرى التي تدعم التحالف السعودي مثل فرنسا والمملكة المتحدة وكندا ودعوتها أيضا إلى أن تحذو حذوها.

بإمكانه أن يجعل وزارة الخارجية توقف جميع مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية ما لم تفي بمعايير معينة.

وافقت إدارة ترامب مؤخراً على صفقات مبيعات للطائرات بدون طيار بقيمه ما يقرب من 3 مليارات دولار إلى الإمارات، الدولة التي لعبت دوراً مدمراً في التحالف العسكري ضد اليمن.

كما وتخطط أيضا لبيع 50 طائرة مقاتلة من طراز F-35 , مضيفاً أن جميع القرارات تلك يجب على بايدن رفضها وإنهاءها الفور.

وفقاً للطيب فقد نوه إلى انه لو أقدم بايدن على سحب الدعم الأمريكي للحرب على اليمن، فمن شبه المؤكد أن هذا سيكون له تأثير على إنهاءها.

إن دورنا في هذه العملية العسكرية هو إبقاء الطائرات الحربية محلقة في الجو, وتعتبر عمليات نقل قطع الغيار لدينا بالغة الأهمية لتشغيل هذه الطائرات, وإذا لم يكن لديهم تدفق مستمر للمعدات الطائرات التي تهيمن على الشعب اليمني، فلن يكون لديهم الكثير من الخيارات للحصول على الإمدادات.

وإذا قام بايدن بإنهاء الدعم الأمريكي، فسيكون لذلك أيضاً تداعيات سياسية هائلة, حيث أضاف الطيب: “بدون الغطاء الأخلاقي من الولايات المتحدة، لن يكون لديهم حافز لمواصلة الحرب”.

من جهة أخرى قال إريك سبيرلينج، المدير التنفيذي لمنظمة “Just Foreign “Policy التي تعارض حرب اليمن، “أن هناك الكثير من الخطوات التي يمكن لبايدن اتخاذها قبل أن يتولى منصبه”.

لقد التزم بايدن بإنهاء مشاركة الولايات المتحدة في الحرب على اليمن, لكن يجب أن يوضح أنها لن تتضمن أي نوع من المساعدة, كما حث مسؤولو أوباما, رايس وباور ورودس وغيرهم, تبادل المعلومات الاستخباراتية والدعم اللوجستي وقطع غيار الطائرات الحربية”.

في إشارة إلى النداء العام الذي وجهه العديد من خريجي إدارة أوباما العام الماضي للولايات المتحدة لاتخاذ خطوات مماثلة (على الرغم من أن هؤلاء المسؤولين كانوا صامتين بشكل ملحوظ عندما كانوا في مناصب السلطة في إدارة أوباما)”.

وأضاف سبيرلينج أن عليه أن يقول للسعوديين علنا وسرا أنه سيفعل ذلك في اليوم الأول.

فهذا سيضغط عليهم للدخول في مفاوضات وقد ينهي الحرب حتى قبل أن يدخل البيت الأبيض.

شدد سبيرلنج على أنه سيكون من المهم أن يكون بايدن صريحاً بشأن إنهاء جميع أشكال المساعدة الأمريكية، ولن يكفي أن يدعي بايدن أنه يعمل للتوصل إلى حل سياسي, وهو خط خطابي مضلل تبناه وزير الخارجية مايك بومبيو والحكومة السعودية التي لا تسعى في الواقع إلى إنهاء الحرب في الوقت الحالي.

خلال حملته الانتخابية، ادعى بايدن أنه يؤيد إنهاء المشاركة الأمريكية في حرب اليمن، على الرغم من أنه لم يجعل إنهاء الحرب مركزاً في رسالته السياسية.

قال المتحدث باسم حملة بايدن، أندرو بيتس لصحيفة واشنطن بوست العام الماضي: “يعتقد بايدن الذي كان يشغل منصب نائب الرئيس, أن الوقت قد حان لإنهاء الدعم الأمريكي للحرب في اليمن وإلغاء صلاحية الشيك على بياض الذي أعطته إدارة ترامب للسعودية بسبب إدارتها لتلك الحرب”.

يتحمل بايدن مسؤولية ملحوظة لإخضاع إدارته لهذا المعيار، لاسيما في ضوء دوره في دعم الحرب والتحدث علانية فقط ضدها وهو بعيد عن موقع السلطة السياسية.

بدأت الحرب التي تقودها السعودية على اليمن في مارس 2015، وبدأت إدارة أوباما ونائبة بايدن المشاركة الأمريكية.

في عهد اوباما قدمت الولايات المتحدة دعماً استخباراتياً مباشراً، وزودت الطائرات الحربية السعودية بالوقود وساعدت التحالف على تحديد أهداف القنابل، وتسريع إرسال شحنات الأسلحة للسعودية.

لكن بخلاف هذه المشاركة العسكرية المباشرة، أعطت إدارة أوباما وبايدن الغطاء السياسي للحرب وحمت التحالف من أكثر من تقرير تدقيق متواضع للأمم المتحدة.

في ظل إدارة أوباما وبايدن لم يكن لغزاً أن هذه الحرب كانت تطلق العنان لأهوال على الشعب اليمني.

فقد قصف التحالف مركزاً للمكفوفين وجنازة وعرساً ومصنعاً وعدداً لا يحصى من المنازل والمناطق السكنية المأهولة بالمدنيين، وحاصر موانئ اليمن وقطع شحنات الغذاء والدواء الحيوية, كل ذلك أثناء وجود إدارة أوباما وبايدن في السلطة.

في الواقع، كان البيت الأبيض إبان فترة ولاية اوباما متواطئاً جداً في جرائم الحرب في اليمن، حيث أن وزارة الخارجية الأمريكية حذرت داخلياً أفراد الجيش الأمريكي الرئيسيين من احتمال تعرضهم لمحاكمة جراء مشاركتهم في جرائم حرب، وذلك وفقاً لتحقيق أجرته رويترز نشر في أكتوبر 2016.

كان مسؤول في الأمم المتحدة قد حذر بالفعل من أن اليمن على وشك الدخول في هاوية المجاعة، وهو هاجس تحقق بشكل مرعب.

من جانبه، أشرف الرئيس دونالد ترامب على تصعيد الحرب, بينما كانت الوفيات في ارتفاع منذ بدء الحرب، حيث ارتفعت بشكل ملحوظ في عام 2018.

وبينما ساعدت إدارة أوباما وبايدن في صد الهجوم على مدينة الحديدة الساحلية، إلا انه حدث هجوم وحشي أثناء حكم ترامب.

وفي عام 2019، استخدم ترامب حق النقض ضد جهود الكونغرس لإنهاء الحرب باستخدام قرار سلطات الحرب.

وجد العديد من الديمقراطيين الذين كانوا صامتين إلى حد كبير في عهد اوباما أخيراً أصواتهم ضد حرب اليمن بمجرد أن كان ترامب في السلطة ويمكن تأطيرها باعتبارها قضية حزبية.

ولكن بحلول ذلك الوقت، كان الوضع بالنسبة لليمنيين قد أصبح كارثة إنسانية، حيث شهدوا نظامهم الطبي يتعرض للقصف والتدمير المُمنهج من قبل الطائرات الحربية المدعومة من الولايات المتحدة، فيما يحاولون الآن التعامل مع أزمة فيروس كورونا التي كان تأثيرها شديداً ولكن يصعب قياسها إلى جانب تفشي الأمراض القاتلة الأخرى، مثل الكوليرا و حمى الضنك.

سيرث بايدن حرباً كارثية ساعد في بدءها، ويمكن أن يتخذ خطوة ذات مغزى نحو إنهاءها.

كانت حركة شعبية مكرسة تضغط بشدة من أجل الولايات المتحدة لإنهاء الهجوم.

قالت جيهان حكيم من لجنة التحالف اليمني، التي تعارض الحرب، لصحيفة :”يجب على بايدن تصحيح الخطأ الذي ارتكبه بدعم السعوديين تحت إدارة أوباما”.

ليس لدى بايدن الآن أي عذر لعدم الاستجابة لهذه الدعوة.

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.