بقلم: كاثرين دوبرون

(صحيفة” ليزيكو-les echos ” الفرنسية- ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

صالت وجالت سحابة التطبيع منذ عدة أسابيع منطقة الشرق الأوسط, حيث كانت الأخبار تتبنى بأن السودان هو البلد العربي الثالث الذي سوف يلحق بركب تطبيع العلاقات مع اسرائيل كما فعلت الامارات والبحرين مؤخرا.

وقد ابتهج الرئيس الأميركي بهذا النجاح الدبلوماسي الجديد الذي تم الإعلان عنه قبل بضعة أيام من بدء الانتخابات الرئاسية.

وقبل بضع ساعات من الإعلان, كانت الولايات المتحدة قد أزالت أسم السودان من قائمة الدول التي تدعم الإرهاب، وذلك بعد أن دفع السودان 335 مليون دولار أمريكي لضحايا هجمات تنظيم القاعدة عندما كان زعيمه أسامة بن لادن يعيش على الاراضي السودانية.

وعلى المستوى الرسمي، لم يكن التطبيع مع إسرائيل شرطاً لتبرئة الخرطوم، ولكن لقد حدث كل منهما في نفس الوقت.

الحالة الاقتصادية الصعبة:

بالنسبة للسودان، الذي يعتبر واحد من أكبر بلدان القارة الأفريقية والذي يمر بحالة اقتصادية كارثية ومزرية، فإن الفوائد المالية المترتبة على هذا الاتفاق واضحة.

ولكن طبقاً لإريت باك، مدير قسم أفريقيا في جامعة تل أبيب، فإن “الوضع في البلد هش إلى حد ما، وقضية اتفاقية السلام مع إسرائيل مثيرة للجدل بين التيارات السياسية المختلفة وبين عامة الشعب”.

فقد وقع على الاتفاق الحكومة الانتقالية التي تجمع بين صفوفها عسكريين ومدنيين، ومن حيث المبدأ, لن تكون هذه الاتفاقية نافذة إلا بعد أن يصادق عليه البرلمان والذي من المتوقع أنه لن يتمكن من عقد جلساته لمدة عامين.

بيد أن, الطائرات الإسرائيلية كان بإمكانها التحليق فوق الأجواء السودانية منذ عدة أشهر، كما ظل الإسرائيليون يقدمون مساعدات تكنولوجية- زراعية لعدة سنوات.

الفائدة السياسية لإسرائيل:

على الجانب الإسرائيلي، فإن العكس هو الصحيح، حيث أن الفائدة التي تعود على تل ابيب ليست اقتصادية بل سياسية.

أولاً، يتوجب على الدولة العبرية أن تسارع إلى التفاوض على عودة ما يقرب من ستة آلاف عامل سوداني لا تريدهم.

ثانياً, يعتبر هذا القرار “تطبيع العلاقات” بالنسبة لإسرائيل انتصار رمزي, فمنذ عام 1967، كانت الخرطوم، العاصمة السودانية، تجسد مدينة « اللاءات* » الثلاثة: “لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض” واليوم فقد قالت الخرطوم: “نعم”.

وفي هذا الصدد، فإن هذا الاتفاق يعتبر الأكثر تدميرا بالنسبة للفلسطينيين, مقارنة بالاتفاق الموقع مع الامارات ثم مع البحرين، ولذلك فقد نددت به السلطة الفلسطينية بوضوح.

وفي المقابل، أشاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بهذه الخطوة معتبراً إيها “مبادرات لتعزيز السلام والاستقرار الإقليميين”.

الهدف الجيوسياسي للقاهرة:

وبالنسبة لمصر، كما هو الحال بالنسبة للعديد من الجهات الفاعلة الأخرى في المنطقة، فإن هدف اتفاقيات التطبيع الثلاثة هذه جيوسياسي في المقام الأول؛ بل أن الأمر يتعلق بإنشاء جبهة مناهضة لإيران، وخاصة منذ انتهاء حظر الأسلحة المفروض على إيران.

فقد فشلت الولايات المتحدة في إقناع الأعضاء الآخرين في مجلس الأمن الدولي بتمديد الحظر المفروض على مبيعات الأسلحة لإيران.

إذ نصت اتفاقية “خطة العمل الشاملة المشتركة- JCPOA” الموقعة في يوليو 2015 على أن الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على مبيعات الأسلحة لإيران سوف يسقط بشكلٍ تلقائي في 18 أكتوبر 2020.

ظل السودان لسنوات يعمل كمركز للأسلحة الإيرانية, ولكن هذا الوضع غير جملة من الأمور منذ بدأ الحرب في اليمن.

ففي العام 2015، نأت الخرطوم بنفسها عن طهران واختارت الانضمام إلى معسكر دول التحالف العربي بقيادة الرياض, وسيكون هذا هو الحال حتى إشعار آخر.

* قمة اللاءات الثلاثة أو قمة الخرطوم وهي القمة الرابعة الخاصة بجامعة الدولة العربية والتي عقدت في العاصمة السودانية الخرطوم في 29 أغسطس 1967 على خلفية الهزيمة التي لحقت بالجيوش العربية في العام 1967 أو ما عرف بالنكسة 67, وقد سميت القمة باسم قمة اللاءات الثلاث, حيث نص البيان الختامي على التمسك بالثوابت من خلال لاءات ثلاثة لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض.

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.