بقلم: لويس ساندرز

(موقع “دوتشية فيله” الألماني, الناطقة باللغة الإنجليزية- ترجمة:جواهر الوادعي, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبـأ”)

تشير البيانات إلى أن المملكة العربية السعودية وحلفاءها استهدفوا البنية التحتية المدنية في اليمن، وذلك وفقاً لمبادرة توثق انتهاكات حقوق الإنسان, وبموجب القانون الدولي، ترقى هذه الهجمات إلى حد جرائم الحرب.

استهدف التحالف بقيادة الرياض الذي يشن حرباً في اليمن بشكل منهجي الجسور، التي تُعتبر أساسية لبقاء السكان المدنيين، وذلك وفقاً لتقرير تم نشره مؤخرا من قبل الأرشيف اليمني.*

في عام 2015, شنت السعودية وحلفاؤها حملة جوية ضد القوات التابعة للحوثيين في محاولة لإعادة تثبيت حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي المعترف بها دولياً.

وعلى الرغم من أن التحالف الذي تقوده السعودية يدعي أنه يلتزم بالقانون الدولي فيما يتعلق بعملياته العسكرية في اليمن، فإن البيانات تشير خلاف ذلك.

فقد تم استهداف أكثر من 130 جسرا بغارات جوية بين عامي 2015 و 2019, وذلك وفقاً للبيانات التي قدمها الأرشيف اليمني.

في العديد من هذه الحالات، تم “القصف المزدوج” للجسور، وهو مصطلح يستخدم لوصف هدف تم ضربه مرة, ثم تم استهدافه مرة أخرى بعد ساعات و يشير بشكل عام إلى التدمير المتعمد.

تربط العديد من هذه الجسور شبكات الطرق الرئيسية التي كانت بمثابة شريان حياة للمجتمعات المدنية التي تكافح تحت وطأة الحرب.

قال عبد الرحمن الجلود، مدير مشروع الأرشيف اليمني “هذه ليست هجمات عشوائية” ما نراه هو أن هذه الهجمات منهجية.

مسألة حياة أو موت:

على الرغم من أن اتفاقيات جنيف التي تهدف إلى حماية المدنيين أثناء النزاع المسلح، لا تذكر الجسور على وجه التحديد كأهداف مدنية، إلا أن هذه البنية التحتية يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها مدنية في القانون الدولي.

وبموجب الاتفاقيات، يعتبر استهداف المدنيين والبنية التحتية الخاصة بهم جريمة حرب.

الاستثناء الوحيد هو عندما يتم استخدام البنية التحتية المدنية بشكل مباشر للأغراض العسكرية، مثل نقل الأسلحة أو الجنود.

ومع ذلك، حتى في مثل هذه الحالات، يدعو القانون الدولي إلى استخدام مبدأ التناسب عند تحديد ما إذا كان سيتم مهاجمة مثل هذه الأهداف.

وهذا يعني أنه يتعين على الأطراف المتحاربة تحديد كيفية تأثير الهجوم على السكان المدنيين المعتمدين على الهدف.

في حالة اليمن، يتم استخدام العديد من هذه الجسور لتقديم المساعدات الإنسانية الحيوية لسكان، بما في ذلك الإمدادات الغذائية المنقذة للحياة للمجتمعات الضعيفة.

يعاني اليوم ما يقرب من ستة عشر مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الشديد ويعاني 3 ملايين آخرين من سوء التغذية الحاد، وذلك وفقاً للأمم المتحدة.

لكن الأرشيف اليمني ليس المبادرة الوحيدة التي تلفت الانتباه إلى الدور الحاسم الذي تلعبه الجسور في إبقاء المدنيين على قيد الحياة.

ففي عام 2016, شجبت منظمة أوكسفام تدمير الجسور على الطريق الرئيسي الرابط بين العاصمة اليمنية صنعاء ومدينة الحديدة الساحلية، قائلة إن “تدميرها يهدد بترك المزيد من الناس غير قادرين على إطعام أنفسهم، مما يؤدي إلى تفاقم الوضع الكارثي بالفعل في البلد”.

ففي اليمن, يعتمد السكان على الواردات بنسبة 90٪ من إمداداته الغذائية، وبالتالي, تصبح القدرة على توصيل هذه السلع بسرعة مسألة حياة أو موت, فتدمير الجسور يعيق بشكل كبير عمليات التسليم هذه.

حددت الأمم المتحدة الصراع على أنه “السبب الجذري” لأزمات اليمن, حيث قتل عشرات الآلاف من السكان منذ اندلاع الحرب في 2014 عندما شن الحوثيون حملة للسيطرة على العاصمة صنعاء.

وفي مارس 2015, شن تحالف تقوده السعودية حملة مميتة ضد المتمردين، وهي حملة تم انتقادها على نطاق واسع من قبل جماعات حقوق الإنسان بسبب ارتفاع عدد القتلى المدنيين.

الناس ما زالوا يعانون:

قتلت الهجمات على الجسور أيضا عشرات المدنيين, حيث قُتل ما يقرب من 150 شخصاً في الضربات الجوية المزدوجة منذ عام 2015.

وكان السبب في سقوط العديد من هؤلاء الضحايا يكمن في تطوع أشخاص للبحث عن ناجين وانتشال الجثث فقط بعد أن ضربتهم غارة جوية جديدة في غضون ساعات من الهجوم الأولي.

قال شاهد عيان من الأرشيف اليمني أثناء مناقشة تأثير هجوم 2015 على جسر يربط مدينة عدن الساحلية بالعاصمة صنعاء “سارع شقيقي بسام وأحد أصدقائه لمساعدة الجرحى الذين أصيبوا جراء قصف صاروخي استهدف الجسر، لكن طائرات التحالف بقيادة السعودية أطلقت صاروخا ثانيا ادى لمقتل أخي وصديقه”.

“في البداية، لم أتمكن حتى من التعرف على أخي, كانت أشلاء جسده في كل مكان، بحيث كان من المستحيل على أي شخص التعرف على الاخر, وتم الاتصال بنا لاحقاً لاستلام جثته”.

ووفقاً لمشروع بيانات الأحداث والنزاع المسلح (ACLED), فقد قُتل أكثر من مائة الف شخص منذ اندلاع الحرب في مارس 2015, بما في ذلك اثني عشر الف مدني، وما يقدر بنحو 85 ألف آخرين ماتوا نتيجة المجاعة التي سببتها الحرب.

وقال الجلود “نأمل في أن يسلط هذا التقرير الضوء على قضية استهداف الجسور ومعاناة المدنيين جراء هذه الهجمات, حيث لا يزال الناس يعانون اليوم بسبب تدمير هذه الجسور”.

* منظمة غير ربحية تجعل من الممكن الحفاظ على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم الأخرى وتعزيزها لاستخدامها في الإبلاغ والدعوة والمساءلة.

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.