هل روسيا مستعدة لحرب اخرى؟ قادة اليمن وليبيا يطلبون مساعدة فلاديمير بوتن

بقلم: توم اوكونور (صحيفة “نيوزويك الامريكية”, ترجمة: انيسة معيض_ سبأ)

دعا كلا من قادة الحركات المسلحة ذات النفوذ في كلا من  ليبيا واليمن إلى التدخل الروسي لحل الأزمات التي عصفت ببلدانهم في أعقاب الانتفاضة الإقليمية  التي حدثت منذ سنوات.

وقال المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي الذي نصب نفسه والذي يتولى قيادته  الجنرال خليفة حفتر ويمثل أحد الفصيلين المتناحرين الذين يحاولون بسط السيطرة على البلاد ، قال الأربعاء أن الدعم الروسي يمثل ضرورة لتجهيز قواته بشكل أفضل والمساعدة في تأسيس وحدة حكومة وطنية. لقد تمتعت  ليبيا بقيادة الزعيم الراحل معمر القذافي مع روسيا بعلاقات عسكرية قوية ، لكن هذه العلاقات تلاشت بعد التمرد الذي حدث وقامت الغرب بدعمه عام 2011 وما حدث لاحقا من حظر دولي فيما يتعلق ببيع الأسلحة للقوات المسلحة الليبية .

وفي بيان أرسل إلى سبوتنيك نيوز وكالة الاخبار الروسية الرسمية ، قال المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي اللواء جنرال أحمد المسمري إن “العلاقات العسكرية الروسية الليبية تعود إلى فترة طويلة” ، مضيفًا أن “الجيش الوطني الليبي مسلح بالكامل حاليًا بالأسلحة الروسية وعقيدته  العسكرية هي شرقية ، وبالتالي فإن حاجة ليبيا إلى روسيا تزداد أكثر فأكثر مع استمرار الحرب على الإرهاب “.

لقد اثارت انتفاضة الربيع العربي عام 2011 الاحتجاجات الدولية التي بدورها ساعدت في إزاحة العديد من القادة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، لكنها جلبت معها موجة من الاضطرابات والتدخل العسكري الأجنبي الذي ترك بعض الدول لا تزال تعاني من آثاره. كما كان بمثابة لحظة حاسمة بالنسبة لروسيا ، التي قادت موسكو إلى اتباع نهج أكثر طموحا تجاه الشرق الأوسط في تحد للهيمنة الأمريكية والغربية هناك.

في ليبيا ، كانت تنحيت القذافي وموته بمساعدة التحالف العسكري الغربي للناتو بقيادة الولايات المتحدة ، وكان قد نعته الرئيس السابق باراك أوباما  بـ”أسوأ خطأ” في رئاسته. وقد أدى التدافع الذي تلا ذلك  من اجل نيل السلطة إلى تقسيم البلاد بين فصيلين رئيسيين وادى الى اثارت تمردًا جديدًا شنه الإسلاميون مثل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وفصائل قبلية. يمثل الجيش الوطني الليبي تحت لواء حفتر المؤتمر الوطني الليبي في طبرق المؤسس في شرق البلاد ، وقد اكتسب القائد العسكري السابق للقذافي شعبية بسبب انتصاراته على الجهاديين.

غير أن الأمم المتحدة أيدت حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ من طرابلس مقراً لها في غرب البلاد. وقد حاولت القوى الدولية التوفيق بين الحكومتين وتعهدت روسيا بلعب دور رائد في القرار. وبالنظر إلى كيف ساعدت روسيا الرئيس السوري بشار الأسد وقواته المسلحة على التغلب على الاخرين الذين قاموا بانتفاضة 2011  المدعومين من قبل الغرب ، حتى هزيمة  الجماعات المتمردة والجهادية  على تنوعها، وقال المسمري إن دعم موسكو سيكون مفيدًا للجيش الوطني الليبي.

واضاف المسمري “نعرف أن روسيا هي إحدى الدول الفاعلة جداً في الحرب على الإرهاب ، على سبيل المثال ، ما يحدث في سوريا … لدينا علاقات جيدة ، وقد تلقى جميع الضباط في الجيش الليبي تقريباً تدريبات في روسيا ، و جميع الضباط السابقين “، مشيرا إلى ضرورة وضع حدا للحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على تزويد ليبيا بالسلاح.

وأضاف في وقت لاحق: “ان المشكلة الليبية تحتاج أيضاً إلى المشاركة من روسيا والرئيس بوتين بالذات، وإزالة الأطراف الخارجية ، على سبيل المثال ، تركيا ، قطر ، وتحديداً إيطاليا ، من الساحة الليبية. يجب أن تلعب الدبلوماسية الروسية دوراً هاماً في هذه القضية. ”

وتحقق روسيا قاعدة أمامية قوية في منطقة البحر الأبيض المتوسط بانتصار الجيش السوري ـ التي تعمل بمثابة الجناح الجنوبي لحلف الناتو ـ انها تسعى أي موسكو إلى تعزيز وجودها في المنطقة الاستراتيجية. فلقد حافظت روسيا على تواصلها مع كل من حكومتي طبرق وطرابلس ، ولكنها تظهر اهتماما خاص لهفتار في السنوات الأخيرة في محاولة منها للوقوف ضد خيار الغرب المفضل المتمثل في طرابلس.

وعلى بعد أكثر من 2000 ميل ، قام المتمردون في اليمن الذي زعزعتهم حركة الربيع العربي عام 2011 بالاستغاثة من اجل الحصول على المساعدة الروسية. وقد دفعت المظاهرات الحاشدة في ذلك العام بالرئيس اليمني علي عبد الله صالح إلى التنحي عن السلطة في عام 2012. وجيء  بالرئيس عبد ربه منصور هادي خلفا له، الذي عانت إدارته من التأرجح المتواصل ومن حركات التمرد المناهضة التي شنتها الحركة الزيدية الشيعية الحوثية، والتي تسمى أيضاً أنصار الله ، والمليشيا السنية التي تنضوي تحت لواء جماعة تنظيم القاعدة. وتمكن الحوثيون من بسط السيطرة على  العاصمة بشكل كامل عام 2015 ، وبدأت المملكة العربية السعودية في قصف المتمردين بمساعدة تحالف إقليمي مدعوم من الولايات المتحدة من أجل اعادة الرئيس هادي.

في الشهر الماضي ، كتب مهدي المشاط ، رئيس المجلس السياسي الأعلى المؤيد للحوثيين ، رسالة إلى بوتين بنفسه ، بحسب ما اوردته كلا من الفصائل الموالية لهدي وكذا تلك المؤيدة للحوثيين في وكالة سبأ للأنباء اليمنية  الرسمية، بالإضافة الى صحيفة الشرق الأوسط السعودية. وفي هذا الصدد ، أعرب مشاط عن رغبته في تعزيز العلاقات بين الحكومتين وعبر عن أمله في أن تلعب موسكو دورا قياديا في اعاقة الهجمات  التي تنفذ من قبل التحالف بقيادة السعودية وإنهاء ما وصفته الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم. أرسلت الرسالة على خلفية المعركة المستمرة على مدينة الحديدة الساحلية الواقعة الى الغرب.

في حين أن روسيا لم تتدخل في اليمن بل ودافعت عن سجل المملكة العربية السعودية في مجال حقوق الإنسان داخل المملكة نفسها ، فقد حذرت وزارة الخارجية الروسية في يونيو ” من أن “هجوم الحديدة سيؤدي إلى عواقب كارثية على اليمن بأسرها” ، وفقاً لوكالة الانباء الحكومية الروسية تاس.  كما قامت روسيا بمنع خطوات الأمم المتحدة الرامية إلى معاقبة إيران الحليفة لسوريا بزعم قيامها بتسليح الحوثيين ، وهو الاتهام الذي ينفيه المتمردون وإيران وروسيا.