المرحلون من غوانتانامو إلى الإمارات يُخشى أن تكون اليمن محطتهم الأخيرة
بقلم: ماجي مايكل
(وكالة “الأسوشييتد برس” الأمريكية، ترجمة: نجاة نور، الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
تم اعطاء وعد لمعتقلي غوانتانامو بإرسالهم إلى دولة إسلامية لإعادة تأهيلهم, مما سيساعد على دمجهم في المجتمع وفتح الطريق أمامهم للانخراط في الحياة الاجتماعية من جديد, وفقاً لما قاله محاميهم وعائلاتهم, ولكنها كانت كذبة.
وبدلاً من ذلك، فإن المعتقلين – 18 يمنياً وآخر روسي، الذين قبض عليهم في أفغانستان وباكستان بعد هجمات 11 سبتمبر – يقبعون الآن في سجون الإمارات منذ ما يقارب من الخمس سنوات، بحسب إفادات أسرهم و محاميهم لوكالة أسوشيتد برس.
باختصار، لقد تلقت عائلات المعتقلين مكالمات هاتفية متفرقة من أماكن غير محددة في الإمارات – بما في ذلك سجن سيئ السمعة مشهور بوسائله المروعة للتعذيب – همس العديد لعائلاتهم أنه على الرغم من سوء الحياة في غوانتانامو، فإنهم يتمنون العودة إلى هناك.
عندما اشتكى أحدهم من “الضغوط” قبل ثلاث سنوات، انقطعت المكالمة, ولم يسمع عنه منذ ذلك الحين.
وعندما بدأ الروسي تنفيذ إضراباً عن الطعام للاحتجاج عن وضعه، وُضع في الحبس الانفرادي وتعرض للضرب.
والآن هناك خطط لإرسالهم إلى اليمن، حيث تخشى أسرهم من أن يتعرضون لمعاملة أسوأ.
أكد مسئول حكومي يمني كبير أن خطة نقلهم في انتظار الترتيبات الأمنية, وأشار مسئول بوزارة الخارجية إلى أن الحكومة الأمريكية كانت على علم بحدوث ذلك.
تحدث المسئولان بشرط عدم الكشف عن هوياتهم لأنهم غير مخولين بالتحدث إلى الصحافة، فيما لم ترد الإمارات على الأسئلة التي طرحتها وكالة الأسوشييتد برس.
ووصف خبراء حقوقيون تابعون للأمم المتحدة عودة المعتقلين المرتقبة بأنها “عودة قسرية”، محذرين من أنها تنتهك القوانين الدولية.
حيث ستكون وجهتم دولة عربية فقيرة دمرتها حرب أهلية طاحنة على مدى السنوات الست الماضية.
ينتشر التعذيب والاحتجاز التعسفي في شبكات السجون السرية والرسمية التي تديرها فصائل مختلفة تسيطر على أجزاء مختلفة من البلد.
قال حسين، شقيق بير أحد المعتقلين “هنا الحكومة الشرعية نفسها ليست في مأمن, من سيكون مسؤولاً عنهم؟”.
وقالت أسرة المعتقل الثاني سالم: “نخشى أن يُقتلوا بالرصاص أو يُقبض عليهم بمجرد أن تطأ أقدامهم اليمن”, وإذا نجوا، فقد يصبحوا مجندين رئيسيين للإرهابيين في اليمن.
إبراهيم القصي وهو معتقل سابق في غوانتانامو، نُقل إلى السودان في العام 2012 قبل أن يظهر كزعيم لتنظيم القاعدة في اليمن بعد ذلك بعامين.
إن استمرار حبس هؤلاء الرجال ينتهك الوعود التي قطعها المسئولون الأمريكيون لهم عندما تم إرسالهم إلى الإمارات في الفترة 2015-2017.
كما إنه يسلط الضوء على عيوب في برنامج النقل وفشل إدارة الرئيس دونالد ترامب في ضمان معاملتهم الإنسانية.
ضغط الرئيس باراك أوباما لإغلاق معتقل غوانتانامو وسط معارضة من الكونجرس.
كانت الخطة تتمثل في مقاضاة بعض المعتقلين والاستمرار في احتجاز الآخرين دون توجيه تُهم إليهم بينما يتم تقييم قضاياهم من قبل مجالس المراجعة، بينما سيتم نقل اولئك الذي لم يعودا يشكلون خطر إلى أوطانهم أو دول ثالثة.
كان لدى ترامب خطط أخرى, قبل توليه منصبه، حيث قال في تغريده له على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” أنه “لن تكون هناك إصدارات أخرى من غوانتانامو”.
قامت إدارته بتفكيك مكتب كامل مكلف بإغلاق معتقل غوانتانامو والإشراف على عمليات النقل ومتابعة المحتجزين الذين أعيد توطينهم.
ولم يتم الإعلان عن بنود الاتفاقيات التي أبرمتها الولايات المتحدة مع الإمارات وعشرات الدول الأخرى التي استقبلت معتقلي غوانتانامو.
لكن إيان موس، رئيس الأركان السابق لمبعوث وزارة الخارجية في غوانتانامو، أصر في تصريح له قائلاً “أردنا لهؤلاء الاشخاص بعد إطلاق سراحهم بداية جديدة في الحياة, لم يكن اعتقالهم جزءاً من الصفقة, لم يكن ذلك أبداً جزءاً من الصفقة”.
ألقى موس باللوم على الإدارة الحالية في عدم المشاركة بقولة “إن الإماراتيين يعرفون أن إدارة ترامب لم تهتم بما فعلوه مع هؤلاء الأشخاص أو كيف تعاملوا معهم، أنه لأمراً مخز”.
قال لي ولوسكي المبعوث الخاص المسؤول عن إغلاق غوانتانامو من 2015 إلى 2017، وهي الفترة التي تم فيها نقل اليمنيين إلى الإمارات، في رسالة له بالبريد الإلكتروني: “يمكنني أن أنكر بشكل قاطع وجود خطة أو اتفاق لإبقاء الرجال رهن الاحتجاز بعد نقلهم من حجز الولايات المتحدة”.
في عهد ترامب، تم نقل سجين واحد فقط، وهو سعودي إلى بلده ليقضي ما تبقى من عقوبته بعد أن وافق على صفقة الإقرار بالذنب.
في عهد أوباما، تم نقل إجمالي 197 معتقل إلى دول أخرى، بينما نقلت إدارة جورج دبليو بوش 500 آخرين.
في الوقت الراهن القاعدة الأمريكية لديها 40 معتقلاً، معظمهم محتجزون بدون تهم وثلثهم يحملون الجنسية اليمنية.
قالت كاتي تايلور هي نائبة مدير مجموعة “Reprieve – ريبريف” ومقرها المملكة المتحدة ومنسقة مشروع ” -Life After Guantanamoلايف أفتر غوانتانامو” للمجموعة لوكالة الأسوشييتد برس أنه بعد توثيق حياة ما يقارب من 60 معتقلاً سابقاً تم نقلهم الى 25 دولة، “يجب أن أقول أن الوضع الذي يواجهُ هؤلاء الرجال الذين أعيد توطينهم في الإمارات هو من بين الأسوأ والأكثر إثارة للقلق”.
ليس من الواضح ما إذا كان هناك الآن 17 أو 18 معتقلاً في أيدي الإمارات، حيث تشير تقارير غير مؤكدة إلى مغادرة معتقلاً يمني الجنسية الى أحد السجون بسبب مضاعفات طبية.
تمثل المحامية باتريشيا برونتي أحد المحتجزين, (تم حجب اسمه والأسماء الكاملة لجميع المعتقلين اليمنيين خوفاً من تعرضهم للعقاب)، حيث أشارت إلى أن مسئولي وزارة الخارجية أخبروها أن المعتقلين يحتجزون من ستة إلى 12 شهراً في منشأة لإعادة التأهيل وبعد ذلك سيتم السماح لهم بالعودة إلى عائلاتهم في الإمارات.
وقالت: “منذ البداية، لم تكن التأكيدات التي تلقيتها على مستوى جيد من الجدية”.
لم تكن على اتصال بموكلها منذ وصوله إلى الإمارات في عام 2016, وتقول عائلات المحتجزين إن تواصلهم مع أقاربهم المحتجزين كان نادراً ومثيراً للقلق.
قال عبده، 41 عاما، لشقيقه أحمد إنه أمضى 70 يوما في الحبس الانفرادي, معصوب العينين ومقيّد اليدين والقدمين بالسلاسل على الأرض, عند وصوله.
قال شقيقه لوكالة أسوشييتد برس، إنه لم تكن هناك جلسات إعادة تأهيل أو “إزالة التطرف”, بل انتقل عبده ومعتقلون آخرون إلى “سجن قذر ومظلم” لمدة 16 شهراً.
ونقل أخ عبده قوله: “كان الوضع مروعاً هناك” تم نقله لاحقاً إلى سجن الرزين، الذي يقع على بعد حوالي 200 كيلومتر (125 ميل) من دبي، حيث وثقت جماعات حقوق الإنسان عمليات الانتهاكات والتعذيب, وفي ربيع عام 2019, أعيد عبده إلى السجن “القذر” حيث لا يزال هناك.
ونقل الأخ عن عبده قوله: “ليس هذا ما كنت أعتقده, أتمنى أن أعود إلى غوانتانامو, الوضع أسوأ 1000 مرة هنا “, ثم انقطعت المكالمة الهاتفية.
تم تحديد بير، وهو ممرض يبلغ من العمر 41 عاماً, من قبل مجلس المراجعة الدورية في غوانتانامو في العام 2015 على أنه “متشدد يمني ليس شديد الخطورة” تم اعتقاله في هجمات باكستانية في سبتمبر 2002 ونقل إلى غوانتانامو.
أخبر شقيقه حسين وكالة الأسوشييتد برس, أنه على الرغم من الوعود السابقة بإعطائه فرصة لحياة جديدة، انتهى الأمر بشقيقه في “ظروف غامضة” قائلاً “نحن لا نعرف عنه شيئا”.
وقال “لا يزال يعيش خلف القضبان مع معتقلين يمنيين آخرين، فهم يواجهون أبشع أشكال الظلم في التاريخ”.
مضيفاً انه مسموح لهم اجراء مكالمة هاتفية كل 10 أيام وكل ما يستطيع قولة هو” كيف حالك؟ “لا يستطيع الكلام، إنهم ممنوعون”.
كان رافيل مينجازوف، راقص باليه سابق وعضو سابق في الجيش، هو الروسي الوحيد المتبقي في غوانتانامو عندما تم إرساله إلى الإمارات.
اتهم بالقتال مع طالبان, كما زعم ملفه الشخصي في البنتاغون أن له صلات بجماعة إسلامية في أوزبكستان لها صلات بالقاعدة، وقال إنه تم القبض عليه في اوزبكستان في منزل آمن مرتبط بأبو زبيدة الذي يعمل كـ “وسيط” للمنظمة الإرهابية.
لم يلتق قط بابنه يوسف البالغ من العمر 19 عاماً والذي يعيش في لندن, لكن يوسف قال أن والده اشتكى من تعرضه للإذلال من قبل آسريه وحُرم من الطعام والدواء.
قالت والدة مينجازوف، زوريا فاليولينا، إن ابنها يريد العودة إلى غوانتانامو, “إنه بحال أفضل هناك.”
قالت عائلة عبد الرب، 44 سنة، إنه اختفى قبل ثلاث سنوات بعد مكالمتين هاتفيتين اشتكى خلالها من الظروف التي يعيشونها، وقال بعصبية: “أنا تحت الضغط … لقد كان غوانتانامو أفضل بكثير, مليار مرة”, وانقطعت المكالمة ولم يعاود الاتصال بهم مرة أخرى.
قال أفراد عائلته إنهم لا يعرفون ما إذا كان على قيد الحياة طبقاً للسجلات، فقد أخبر عبد الرب المحققين أنه كان يعمل في طلاء المنازل في اليمن قبل أن يغادر إلى أفغانستان عام 2000 لدراسة القرآن وتعليمه.
تم القاء القبض عليه فى حملة على المشتبه بهم لصلتهم بزعيم القاعدة اسامة بن لادن ودخل معتقل غوانتانامو عام 2002.
قال شقيقه انة في يونيو، ادعى شخص بأنه عبد الرب بالاتصال بالعائلة, “لم يكن صوته، لم يكن هو نفسه”.
حميد الله وهو معتقل آخر، عاش ليخبرنا عن ظروف احتجازه في الإمارات، وانه أمضى ثلاث سنوات ونصف بكل صعوبة في سجون الإمارات قبل إعادته إلى أفغانستان في ديسمبر.
كتب مستشار حميد الله الخاص أن موكله كان “معتقلاً نموذجياً” و “رجلاً مسالماً” لم يكن أبداً عضواً في طالبان وفي الواقع، تم سجنه من قبل طالبان في أواخر التسعينات.
أظهرت صور في الوثائق الرسمية، بعد أن بقي على قيد الحياة لمدة عشر سنوات في غوانتانامو، رجلاً مرحاً بشعره المجعد الرمادي.
أُرسل هو والمعتقلون الأفغان الآخرون إلى الإمارات في عام 2015 وتذكر ابنه أحمد بلغة إنجليزية غير متقنه عندما زار والده هناك لأول مرة، وكيف تم إحضاره وهو مكبل اليدين والقدمين بالسلاسل، ومعصوب العينين بقطعة قماش سوداء، كما تم تثبيته بالسلاسل في المقعد.
بعد عودته إلى أفغانستان، شارك حميد الله مزيداً من التفاصيل حول سجنه, أجبره الحراس على خلع ملابسه في كل مرة يذهب فيها إلى الحمام. كانوا يمسكون بكتفيه بقسوة ويضعون رأسه للأسفل بينما يخرجونه من الزنزانة.
قال: “لقد كان تعذيباً نفسيا”.
توفي حميد الله في مايو، بعد أن تمتع بأربعة أشهر فقط من الحرية بعد قرابة 20 عاماً من السجن.
وتعتقد أسرته أن الظروف التي عانى منها في سجون الإمارات ساهمت في وفاته.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.