من على منبر صحيفة لا كروا, يسلط دومينيك كوينوس الضوء على حصيلة الضحايا المدنيين الناجمة عن العديد من الصراعات المنتشرة حول العالم والمحرومين من مستقبلهم.

بقلم: دومينيك كوينوس

(صحيفة “لاكروا- la-croix” الفرنسية- ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبا”)

هذه صورة لأحدى المدارس في اليمن، البلد الذي لا يزال يروي فصول الحرب الدائرة فيه منذ ست سنوات.

ففي اواخر مارس من العام 2015, أعلنت المملكة العربية السعودية التي تنضوي تحت رايتها دول عربية سنية وممالك خليجية, بدء عمليات التدخل العسكري لدعم الحكومة اليمنية ضد الحركة الحوثية التي تمكنت في أواخر سبتمبر 2014 من الاستيلاء على السلطة المركزية في العاصمة صنعاء وأجزاء شاسعة من المناطق الشمالية للبلد.

هل يمكننا حقا التحدث عن هذه المدرسة, التي تضم بين جدرانها المهدمة حوالي خمسون طفلاً يجلسون جنباً إلى جنب, حيث لا يكترثون لمبدأ التباعد الأجتماعي, مجتمعين تحت أنقاض هذا المبنى, الذي لم يبقى منه سوى أسقف مدمّرة وأعمدة معدنية متهالكة.

وفي ظل غياب لوحة للكتابة، يكتب المعلم عناصر الدرس على جدار أحد الأعمدة التي تمكنت من الصمود بأعجوبة بالرغم من الوضع الكارثي والمزري التي تعرض له المبنى.

ففي هذه المدرسة, يبدو الفصل الدراسي فيها, أشبه بجزيرة مكنونة في هذا المكان الرهيب.

وفي العدد السابق من الصحيفة والصادر في 13 أكتوبر الجاري، تصدرت صورة فاطمة، الفتاة الأفغانية الشابة التي تحلم بإدارة مدرسة للبنات وهي جالسة تحت ما تبقى من أعمدة خيمة عائلتها في مخيم موريا في جزيرة ليسبوس اليونانية والتي التهمتها ألسِنَةُ اللَّهب في 9 و 10 سبتمبر المنصرم.

مخيم موريا في جزيرة ليسبوس اليونانية للاجئين بعد تعرضه للحريق في 9 -10 سبتمبر 2020

 

 

 

 

 

والصورة المنشورة في عدد سابق, لكاتدرائية غزانتشوتس الأرمينية في ناغورنو كاراباخ بعد تعرضها لقصف أذربيجانية.

 

 

 

 

هذا ما تفعله الحروب في لقطات ثلاث, فهذه مقتطفات من حرب عالمية.

ومن جانبها ندد البابا فرانسيس, بهذه الحروب والصراعات المشتعلة حول العالم, حيث حث في ختام صلاة التبشير الملائكي المؤمنين على الصلاة من أجل هذه البلدان.

ليس من الضروري أو حتى من المهم أن نظهر الجنود أو الأسلحة لفهم ما يجري، بل ما نعمل من أجله, هو تسليط الضوء بشكلٍ مباشر على الضحايا في صفوف المدنيين في الصراعات المتعددة التي جابت مختلف مناطق العالم.

ولا ننسى أنه في خضم الوباء الذي يحتل مساحة واسعة في أذهاننا وحكوماتنا بحق، تحدث مآسي آخرى, مما يحرم جيل الشباب من تحقيق أحلامهم المستقبلية.

ولكي نفهم أيضاً مدى حيويتهم ورغبتهم في الحياة، والتعليم، والدعاء إلى الله، على الرغم من الدمار والخطر… فهذه أطروحة صغيرة عن التناسب، في ثلاث صور.

درس صغير بالنسبة لنا في هذه الأوقات العصيبة، حين يتم الإعلان عن التدابير التي تقيد حرياتنا وتعمل على تشويه النفس البشرية.

وحين يستنكرها حظر التجول, لا يعني الضرورة  إلى حماية الذات من القنابل القاتلة, بل يعني هذا الضرورة إلى تجنب انتشار الفيروس الذي لا يختار هؤلاء الضحايا.

أو بالأحرى من يختارهم, بضرب المرض بقسوة أكبر, بحسب أعمارهم وحالتهم الصحية العامة وعدم استقرارهم.

وفي هذه الأسابيع، وعبر المحيط الأطلسي، هناك شكل أخر من أشكال القتال، أقرب إلى كونه حلبة مصارعة لا تحتكم لأي قوانين.

إن الولايات المتحدة الأمريكية، التي نجحت في ظل حكم دونالد ترامب على نحو مستمر في نسف أماكن الوساطة أو التعاون الدولي والمنددة بالاتفاقيات الموقعة بشأن المناخ أو الأسلحة، سوف تنتخب رئيساً لها.

ولكن ما الذي نتحدث عنه في هذه الحملة من دون آلم في النفس؟

الطريقة التي تتم بها إدارة جائحة وباء الفيروس التاجي (باعتباره قضية خطيرة بطبيعة الحال تؤثر على الناخبين)، ولكن ماذا عن مسؤولية الولايات المتحدة الأمريكية عن توازن العالم، أو مشاركتها في السلام أو البيئة؟ وإذا كان الأمر كذلك, فإن الصدى لا يأتي إلينا.

ولكن أميركا العظيمة، كما يحلم بها مرشحيها لرئاسة البيت الابيض, لا تستطيع أن تستغني عن الواجبات التي أناطتها بها قوتها العسكرية والاقتصادية.

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.