السياسية – نصر القريطي:
تركز الحملات الانتخابية للمرشحين الرئيسيين لانتخابات الرئاسة الأمريكية على الجاليات العربية والمسلمة المتواجدة في الولايات المتحدة لا سيما تلك التي تملك قاعدة تأثير في الحياة السياسية والحياة العامة.
بالنسبة للجالية اليمنية في الولايات المتحدة فإن “الأمريكان اليمنيين” كانوا تاريخياً مجموعة هادئةً فيما يتعلق بالتجاذبات السياسية ولا سيما الانتخابية وفق ما وصفتهم به صحيفة “ريسبونسبل ستيت كرافت” الأمريكية.
لكن الأعوام القليلة المنصرمة شهدت تحول هذه الجالية المنشغلة بالعمل نحو التعبئة السياسية لا سيما في انتخابات الرئاسة الأمريكية وهو أمرٌ غير مسبوق.
ووفقاً للصحيفة ذاتها فإن هذا التحول قد جاء استجابةً للشراكة الأمريكية الواضحة في الحرب التي تشن على بلادنا منذ العام 2015 بالإضافة الى حظر سفر اليمنيين إلى الولايات المتحدة الذي فعلته الإدارة الجمهورية للبيت الأبيض.
صوت الناخبين الأمريكان من أصول يمنية
محاولة ضمان أصوات الناخبين الأمريكان من أصولٍ يمنية هي “ظاهرةٌ انتخابيةٌ” غير مسبوقة في الولايات المتحدة فعلى الرغم من أهمية أصوات هؤلاء الناخبين في كل الانتخابات الرئاسية السابقة ألا أن الجديد هو وضع شريحة الناخبين الأمريكيين من أصلٍ يمنية ضمن الفئات المستهدفة للحملة الانتخابية الرئيسية لأحد المرشحين وإفراد جزءٍ من الحملة الدعائية الإعلامية لمحاولة الترويج لاهتمام ذاك المرشح بقضايا بلادهم وبالتحديد الحرب التي تشن على اليمن منذ ما يقارب الأعوام الستة.
خلال الحملات الدعائية التمهيدية لانتخابات الرئاسة الأمريكية بدا واضحاً تركيز المرشح الديمقراطي “جو بايدن” على مهاجمة الشراكة الأمريكية مع السعودية والذي يقول أنها تضر مصالح الولايات المتحدة أكثر مما تفيدها وكانت الحرب السعودية الإماراتية على بلادنا نقطةً رئيسيةً من النقاط التي يأخذها “بايدن” على خصمه اللدود “دونالد ترامب” على الرغمن من أنها بدأت في عهد رئيسٍ ديمقراطي هو “باراك أوباما”.
لاحقاً اتضحت ملامح هذا الانقلاب الديمقراطي الرافض للحرب التي تقودها السعودية على بلادنا فالأمر ليس عداءً للسعودية أو رفضٌ ديمقراطيٌ للشراكة معها في تحالف الحرب علينا بقدر ما كان إدراكاً لأهمية وفاعلية أصوات الناخبين (اليمنيين الأمريكان) وهو ما ترجمته لاحقاً الحملة الدعائية الرئيسية للمرشح الديمقراطي “جو بايدن” الذي أظهرت حماسةً غير مسبوقة لمغازلة هذه الشريحة الذي ظهرت فاعليتها في انتخابات الولايات في العام 2018.
غزلٌ مدروس لضمان أصوات الأمريكان اليمنيين
على عكس حملة المرشح الجمهوري “دونالد ترامب” توجهت الحملة الانتخابية للمرشح الديمقراطي “جو بايدن” وبصورةٍ مدروسة لمغازلة الناخبين الأمريكان من أصولٍ يمنية والحديث عن أكبر همومهم بصورةٍ مباشرةٍ وليست سطحية أو عابرةً كما تجري العادة.
تقول صحيفة “ريسبونسبل ستيت كرافت” بأن المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة “جون بايدن” عازمٌ على المضي قدماً في إيقاف الحرب السعودية على اليمن في حال فوزه في الوصول الى البيت الأبيض على حساب خصمه اللدود دونالد ترامب.
تضيف الصحيفة التي تظهر كـ”منصةٍ دعائية” للمرشح الديمقراطي في حملته الانتخابية بأن الشعب اليمني وتحديداً “الجالية اليمنية” في الولايات المتحدة هم الرابح الأول من إنهاء هذه الحرب.
كلامٌ جميلٌ لكنه ليس مجانياً أيضاً فمن يقف وراء هذه الحماسة الديمقراطية لانهاء الحرب السعودية الإماراتية على بلادنا ليس الشعور بالكارثة الإنسانية المحدقة التي صنعتها أكثر من خمسة أعوامٍ من الحرب العدوانية الظالمة علينا بل هو محاولة لضمان صوت هذه الشريحة التي تحتفظ بقوة تأثيرها خلف كواليس الانخراط في العمل داخل المجتمع الأمريكي.
لوبي فاعل لديه الإمكانات للتأثير في الانتخابات
تم تسليط الأضواء على “الجالية اليمنية” كقوة انتخابية فاعلة في “انتخابات الولايات” في العام 2018 فالمقعد النيابي لـ”ولاية جنوب بروكلين” الذي كان حكراً على الحزب الجمهوري لعشرات السنين انتقل الى يد الحزب الديمقراطي دون تخطيطٍ مسبقٍ منه ولكن بفعل تحول أصوات الناخبين اليمنيين في تلك الولاية لصالح المرشحين الديمقراطيين بعد ان كانت تذهب دوماً للجمهوريين.
تقول “ريسبونسبل ستيت كرافت” في تقريرها المطول بأن اليمنيين من أصول أمريكية لعبوا في العام 2018 دورًا أساسيًا في تحويل المقعدين الجمهوريين المتبقيين في جنوب بروكلين من “السيطرة الجمهورية” إلى “الحضن الديموقراطي” مما ساعد في صعود المرشح الديمقراطي لعضوية الكونجرس بعد أن كانت جنوب بروكلين تحت سيطرة الجمهوريين على مدى العقود الثلاثة الماضية.
أظهرت هذه المعركة التي حسمت بـ”يدٍ ليست جمهورية ولا ديمقراطية” فاعلية هذه الشريحة من المجتمع الأمريكي البعيدة عن أضواء السياسة وهو ما تحاول الحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي الديمقراطي استغلاله بصورةٍ كاملة لصالح “جو بايدن” على حساب خصمه اللدود “دونالد ترامب”..
إن اردتم إنهاء الحرب على بلادكم فصوتوا لـ”بايدن”
لم تكتفي المنصات الدعائية لحملة المرشح الديمقراطي بمغازلة أصوات الناخبين الأمريكان من أصولٍ يمنية بل وضعتهم أمام مقايضةٍ تجعل الخيارات الانتخابية أمامهم مقفلةً على مرشحٍ وحيد هو “جو بايدن”.
تقول الصحيفة آنفة الذكر بأن “الفرصة باتت سانحةً لتسخير هذه الطاقة التي يتمتع بها المرشح الديمقراطي لإنهاء الحرب في اليمن”.
وتضيف بأن “الأمريكيين من أصول يمنية لعبوا دورًا رئيسيًا في الضغط على قادة الكونجرس والحكومة في واشنطن” للعمل من أجل التوصل إلى إنهاء هذه الحرب والعمل على حلٍّ سلميٍ لها لكن وبحسب تعبيرها فإن الولايات المتحدة خذلت الجالية الأمريكية اليمنية في ظل إدارتي كلٍ من “أوباما” و”ترامب”..
تضع المنصة الإعلامية لحملة “بايدن الانتخابية” كل أوراقها على طاولة الناخب اليمني الأمريكي في هذه القضية فتقول بأن المرشح الديمقراطي “جو بايدن” الذي وصفته بالقوي عازمٌ على الضغط على السعودية لإنهاء هذه الحرب التي راح ضحيتها الآلاف بدعمٍ امريكيٍ مباشرٍ من قادة البيت الأبيض.
لا يعنينا كل ذاك السجال الانتخابي الأمريكي ديمقراطياً كان أو جمهورياً لكنه يجعل من الواجب علينا توجيه رسالةٍ قويةٍ لأبناء الجالية اليمنية في الولايات المتحدة خلاصتها بأن الأيام اثبتت أنكم رقمٌ لا يستهان به حين تتحد رؤاكم وأهدافكم كما حصل في “ولاية جنوب بروكلين” لذا فلتوظفوا هذه “القوة الانتخابية الناعمة” في ضمان الضغط على أيدي من سَتُفْتَحُ له أبواب “البيت الأبيض” لإيقاف هذه الحرب الملعونة على اليمن..!