دعمت الولايات المتحدة عملية تبادل الاسرى، بما في ذلك رفات أمريكي ثالث، بمقاتلين حوثيين في صفقة يأمل السعوديون أن تحفز بدء محادثات السلام في الحرب الأهلية اليمنية.

بقلم: ديون نيسينباوم(صحيفة “وول ستريت جورنال”- ترجمة نجاة نور، الإدارة العامة للترجمة “سبأ”)

أفرج يوم الأربعاء عن أميركيين احتجزهما جماعة الحوثي المدعومة من إيران في اليمن كرهائن في إطار تجارة وقفت وراء نجاحها الولايات المتحدة.

وفي المقابل, تم تسليم 200 شخص من الموالين للجماعة في الدولة الممزقة في الشرق الأوسط, وذلك وفقا لمسؤولين أمريكيين وسعوديين.

حلقت طائرة تابعة لسلاح الجو لسلطنة عمان تحمل الأمريكيين ورفات ثالث من العاصمة اليمنية صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، بعد ساعات من عودة المقاتلين وطائرة مرافقة لهم إلى البلد بعد أن كانوا عالقين في سلطنة عمان لسنوات.

قال كاش باتيل، نائب مساعد الرئيس ترامب الذي عمل على إتمام الصفقة، أن الصفقة ضمنت الإفراج عن ساندرا لولي، العاملة في المجال الإنساني أمريكية الجنسية والتي احتجزها الحوثيون كرهينة لمدة 16 شهراً، وميكائيل جيدادا، رجل الأعمال الأمريكي المحتجز منذ أكثر من عام.

كما تضمنت الاتفاقية إعادة رفات بلال فطين، وهو أمريكي ثالث كان الحوثيون يحتجزونه.

قدم المسؤولون الأمريكيون معلومات محدودة فقط عن الأمريكيين الثلاثة، لكنهم قالوا إنهم عملوا بشكل عاجل لتأمين الصفقة لأن صحة السيدة لولي كانت متدهورة, كما تضمنت الصفقة إيصال مساعدات طبية لليمن.

قال ريتشارد بوني زوج “الرهينة”, إن زوجته المعروفة باسم سام، كانت تعمل على توفير مياه الشرب النظيفة للناس في اليمن عندما تم اختطافها العام الماضي.

وقال في بيان “اليوم هو يوم كنا نتمناه منذ فترة طويلة, عائلتنا تعيش لحظات مليئة بالارتياح والامتنان الكثيرين لإطلاق سراح سام – وهي زوجة وأم وابنة وأخت وصديقة – ولم شملها مع عائلتها.

وقال مسؤولون سعوديون إنهم أيدوا الاتفاق على مضض، وقالوا إنه سيسمح لعشرات المقاتلين الحوثيين المدربين على إطلاق طائرات مسيرة وصواريخ متقدمة بالعودة إلى منطقة القتال.

قال باتيل أن الولايات المتحدة عملت على ضمان ألا تشكل عودة الحوثيين إلى اليمن خطراً كبيراً.

ووصف مسؤولون حوثيون التبادل بأنه “خدمة مقابل خدمة” وقالوا أن من سُمح لهم بالعودة من عمان بينهم طلاب يمنيون ومدنيون أصيبوا خلال الحرب.

وقال مسؤولون حوثيون, أن 240 شخصاً عادوا على متن الرحلات الجوية من عمان يوم الأربعاء.

قال محمد علي الحوثي، عضو المجلس السياسي للحوثيين، إنه تم اعتقال الأمريكيين لمشاركتهم في نشاط مشبوه في اليمن, :”هناك الكثير من الأمريكيين الذين يزورون الجمهورية اليمنية وهم يعملون بأمان في اليمن، لكن لو كان هؤلاء مجرد مواطنين دون تورطهم في أعمال مشبوهة أو انتهاكات للقانون، فلن يتعرضوا لأي شيء”.

فيما نفى المسؤولون الأمريكيون مزاعم الأنشطة المشبوهة ووصفوها بأنها لا أساس لها من الصحة.

وبدعم من الولايات المتحدة، خاضت السعودية وحلفاؤها في الشرق الأوسط معركة استمرت خمس سنوات ضد المقاتلين المدعومين من إيران في اليمن والذين أطاحوا بالحكومة واستولوا على العاصمة اليمنية في عام 2014.

حاولت الأمم المتحدة مراراً وتكراراً التوسط لإنهاء الحرب في اليمن، التي وصفتها المنظمة الدولية إنها موطن أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

أصبح دعم الولايات المتحدة للحرب في اليمن قضية استقطاب في واشنطن، حيث استخدم ترامب حق النقض ضد قرار من الحزبين العام الماضي سعى إلى إنهاء الدعم الأمريكي للتحالف العسكري الذي تقوده السعودية والذي يقاتل جماعة الحوثي.

كما انتقد نواب من كلا الحزبين الولايات المتحدة لتزويدها السعودية وحلفائها بالأسلحة والمعلومات الاستخبارية وغيرها من أشكال الدعم العسكري للقتال في اليمن، حيث قتلت الغارات الجوية للتحالف آلاف المدنيين, وتحت الضغط، قلص البنتاغون دعمه لقتال السعودية في اليمن.

قال مسؤولون سعوديون وأمريكيون إنه بموجب الاتفاق، وافق قادة الحوثيين على الإفراج عن الأمريكيين, وفي المقابل, سمحت السعودية وحلفاؤها لأكثر من 200 من الموالين للحوثيين بمغادرة عُمان والعودة إلى اليمن، حيث يسيطر التحالف الذي تقوده السعودية على الرحلات الجوية من وإلى العاصمة اليمنية.

وفي وقت سابق من هذا الخريف، دعا الاتفاق إلى إطلاق سراح حوالي 100 من الموالين للحوثين، لكن المسؤولين السعوديين قالوا إن الحوثيين زادوا من مطالبهم في الأسابيع الأخيرة.

نُقل معظم المقاتلين الحوثيين إلى عمان قبل عدة سنوات لتلقي الرعاية الطبية كجزء من بادرة حسن نية برعاية الأمم المتحدة من قبل التحالف الذي تقوده السعودية بهدف دفع محادثات السلام, وبمجرد وصولهم إلى عمان، منعتهم السعودية من العودة.

حاول مارتن غريفيث، المبعوث الخاص للأمم المتحدة و لمدة عامين إيجاد طريقة لإنهاء الحرب, حيث ساعدت جهوده في احتواء القتال لكن المحادثات تعرضت لانتكاسات متكررة.

 

تم التفاوض على صفقة الإفراج عن الأمريكيين بالتوازي مع تبادل الأسرى الأوسع نطاقاً المعلن عنه سابقاً والذي رتبته الأمم المتحدة، كما وافق التحالف بقيادة السعودية الشهر الماضي على إطلاق سراح 681 مقاتلاً حوثياً مقابل 400 شخص احتجزهم الحوثيون، بينهم أربعة جنود سعوديين.

 

الصفقة الأخيرة التي تم إبعادها عن أعين أسر الأمريكيين والحكومة الأمريكية بينما حاول المسؤولون تأمين حريتهم بعيدة عن ذلك.

 

يأمل مسؤولو الأمم المتحدة والخليج أن تساعد عمليات تبادل الأسرى المتعثرة  في إحياء محادثات السلام، لكن تصاعداً جديداً في القتال ألقى بظلاله على تلك الآفاق مرة أخرى.

 

شكر روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي الرئيس ترامب والسعودية وسلطنة عمان على العمل لتأمين الإفراج عن الأمريكيين.

 

وقال مسؤولون سعوديون إنهم وافقوا على مساعدة الولايات المتحدة رغم أن مقاتلي الحوثي أعاقوا جهود الأمم المتحدة لإنهاء الحرب.

 

وقال مسؤول سعودي “أن الأمر صعب للغاية على السعودية لأن الحوثيين يواصلون استهداف أراضي المملكة بصواريخ وطائرات مسيرة إيرانية الصنع، وهم يرفضون مقترحات مبعوث الأمم المتحدة, نحن بحاجة إلى إيجاد توازن بين الجهود السعودية في اليمن لتحقيق السلام ودعم حلفائنا في أمريكا لإطلاق سراح الأمريكيين, نحن بحاجة لدعم السلام من زوايا مختلفة”.

 

وقال مسؤولون سعوديون إنهم قلقون بشكل خاص من إعادة عشرات المقاتلين الحوثيين إلى اليمن، ممن تلقوا تدريبات متخصصة في إيران على استخدام الطائرات بدون طيار والصواريخ.

 

وقال مسؤول سعودي ثان “إنه قرار صعب اتخاذه بسبب التدريب الذي تلقاه الحوثيون, سيعودون ويلتحقون بجهود الحرب الحالية”.

 

قال باتيل أن الولايات المتحدة تأكدت من أن الحوثيين الذين عادوا إلى اليمن ليسوا على أي قوائم إرهابية أمريكية.

 

وأشار إلى أن الولايات المتحدة منعت عودة بعض الحوثيين الذين أرادتهم الجماعة لاعتبار اطلاق سراحهم خطرا كبيرا, والذي يشغل أيضاً منصب مدير أول في مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض “كان لدينا فرق على الأرض في كلا الموقعين [اليمن وسلطنة عمان] للتأكد من إجراء فحص مناسب للأشخاص العائدين وأن بيان الشحن قد تم فحصه حتى نتمكن من ضمان للسعوديين بعدم تقديم أي مساعدات قاتلة “لم تتم إعادة أي إرهابي معروف”.

 

عمل البيت الأبيض ومكتب التحقيقات الفدرالي ووكالة المخابرات المركزية ووزارة الخارجية بقيادة روجر كارستينز، المبعوث الخاص لشؤون الرهائن، على الاتفاقية.

 

تأتي الصفقة وسط جدل متجدد في إدارة ترامب حول ما إذا كان سيتم إدراج مقاتلي الحوثي رسمياً على أنهم منظمة إرهابية.

 

سعى بعض مسؤولي ترامب مراراً إلى وضع الحوثيين على القائمة إلى جانب تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية وحزب الله اللبناني.

 

وقد أوقفت الإدارة اتخاذ هذه الخطوة بسبب مخاوف من أنها قد تعرض وصول المساعدات إلى اليمنيين المستضعفين الذين يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون للخطر.

 

اتهم مسؤولون أمريكيون إيران بتزويد مقاتلي الحوثي بالتدريب وطائرات متطورة بدون طيار وصواريخ باليستية استخدموها لمهاجمة السعودية، فيما نفت إيران، التي سمحت للحوثيين العام الماضي بالسيطرة رسمياً على سفارة اليمن في طهران، أنها تزود الحوثيين بالسلاح أو التدريب العسكري.

 

جعل ترامب تأمين الحرية للأمريكيين الذين يحتجزهم خصوم في الخارج أولوية.

 

وفي فيديو تم بثه في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري الأخير، قال ترامب إنه أطلق سراح أكثر من 50 أمريكياً محتجزين في 22 دولة.

 

أثبت اليمن أنه مكان صعب بشكل خاص للعمليات العسكرية الأمريكية في السنوات الأخيرة.

 

في عام 2014, حاولت قوات الكوماندوز الأمريكية إطلاق سراح صحفي مستقل أمريكي محتجز حيث قُتل مع مدرس من جنوب أفريقيا أثناء العملية، وفشلوا في ذلك.

 

بعد أيام من توليه الرئاسة، أذن ترامب بشن غارة استهدفت مقاتلي القاعدة في اليمن أسفرت عن مقتل 14 مقاتلاً، ولكنها أدت أيضاً إلى مقتل أحد أفراد البحرية الخاصة.

 

قال مسؤولو إدارة ترامب إن الولايات المتحدة لن تقدم أي تنازلات للجماعات التي تحتجز الأمريكيين كرهائن خوفاً من أنها ستشجع الآخرين على تبني التكتيك ذاته لمحاولة ابتزاز الولايات المتحدة.

 

وقال أوبراين العام الماضي: “لقد حقق الرئيس نجاحاً لا مثيل له في إعادة الأمريكيين إلى الوطن دون دفع تنازلات، وبدون تبادل للأسرى، ولكن من خلال قوة الإرادة والنية الحسنة التي ولّدها في جميع أنحاء العالم”.

 

لكن الحكومة الأمريكية عملت مع حلفاء في الماضي لإبرام صفقات مماثلة، كما فعلت إدارة ترامب في أفغانستان العام الماضي عندما أفرجت حكومة كابول عن ثلاثة من كبار قادة المتشددين مقابل إطلاق سراح أستاذين اجنبيان احتجزتهما طالبان لمدة ثلاث سنوات.

 

تتضمن الصفقة المدعومة من الولايات المتحدة بين الحوثيين والسعودية أكبر اتفاقية معروفة للسماح للخصوم المسلحين للولايات المتحدة وحلفائها بالعودة إلى منطقة نزاع نشطة.

 

قبل أن يصبح رئيساً، انتقد ترامب سلفه الرئيس أوباما لموافقته على إطلاق سراح خمسة من سجناء طالبان من خليج غوانتانامو مقابل عودة بوي بيرغدال، الجندي الذي احتجزته طالبان لمدة خمس سنوات بعد انسحابه من منصبه في أفغانستان.

 

منذ دخوله البيت الأبيض، استخدم ترامب صفقات مختلفة لتأمين الحرية للأمريكيين.

 

في العام الماضي، أطلقت إدارته سراح عالم إيراني مسجون في الولايات المتحدة بسبب انتهاكات للعقوبات مقابل إطلاق طهران سراح طالب دراسات عليا من جامعة برنستون أدين بالتجسس لصالح واشنطن.

 

عملت إدارة أوباما أيضاً مع عُمان والسعودية لتأمين إطلاق سراح العديد من الأمريكيين المحتجزين لدى الحوثيين.

 

في عام 2015، التقى مسؤول كبير في وزارة الخارجية سرا بقادة حوثيين وطلب منهم إطلاق سراح الأمريكيين المحتجزين لدى الجماعة.

وفي عام 2016، أطلق أنصار الله سراح اثنين من الأمريكيين في صفقة سمحت لليمنيين المصابين في غارة جوية سعودية بالسفر من اليمن إلى عمان لتلقي العلاج الطبي.

 

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.