برن(صحيفة “لوطون” السويسرية, ترجمة: أسماء بجاش-سبأ):

تغوص المملكة العربية السعودية في مستنقع دماء جديدة في اليمن, في الوقت الذي تخوض فيه حرب دبلوماسية أخرى مع اوتاوا….

يثبت التوتر المتزايد الذي طفا على السطح بين المملكة العربية السعودية وكندا, أن الرياض وولي عهدها “محمد بن سلمان” يستطيعان تحمل أي تجاوزات إضافية بأمان, دون أن يرف لهم جفن.

العاشر من أغسطس الجاري، بدأ وأن واشنطن تريد تعزيز سلطة الأمير السعودي حليفها الرئيسي في منطقة الخليج, خصوصاً بعد ما أثارت المجزرة الجديدة التي ارتكبها التحالف العربي بقيادة الرياض ردود فعل مدوية في اليمن والتي استهدفت حافلة كانت تقل أطفال.

مناخ قلق:

أتخذ الخلاف المحتدم بين الرياض وأوتاوا هذه الأيام بعدًا مثيرًا جداً, بعد التصريحات التي أدلت بها وزيرة الخارجية الكندية, حيث صرحت في  3 من أغسطس الجاري أن الخارجية الكندية يراودها قلق بالغ جراء عمليات الاعتقال التي طالت العديد من الناشطات السعوديات, إذ سلطت الضوء بشكل خاص على عملية اعتقال الناشطة الحقوقية سمر بدوي، شقيقة الكاتب والمدون رائف بدوي الذي لقيت عملية اعتقاله صداً وبعداً على مستوى العالم بعد أن حكمت عليه المملكة العربية السعودية في العام 2012 بالسجن لمدة 10 سنوات وجلده 1000 جلدة لانتقاده القادة الدينيين, ومنذ ذلك الحين، منحت السلطات الكندية زوجة الناشط رائف بدوي وأطفاله الجنسية الكندية, ويبدو أن القلق الذي يؤرق مضجع الحكومة الكندية شرعياً بشكل نسبي.

وفي المقابل, كان رد الفعل السعودي مبالغاً فيه, إذ عملت الرياض على طرد السفير الكندي على الفور, وتعليق الرحلات الجوية إلى كندا, كما عملت أيضاً على سحب ما يقرب من  10آلاف مبتعث سعودي, كما طلبت من المرضى السعوديون مغادرة المستشفيات الكندية, بالإضافة إلى تجميد التبادل التجاري مع اوتاوا.

يبدو أن رد الفعل هذا غير متناسب بشكل كبير مع شخص الأمير “محمد بن سلمان” الذي يضاعف تودده الساحر تجاه الغرب لإثبات أنه ذلك الرجل الذي سوف يعمل على تغيير المملكة العربية السعودية, فهو صاحب برنامج التحرر الاقتصادي الطموح والذي عرف باسم رؤية   “2030”, كما عمل على افتتاح دور السينما وقاعات الحفلات الموسيقية وكما عمل أيضاً على تحجيم السلطة الدينية.

هدف “آمن”:

يتساءل الناشط الحقوقي في مجال حقوق الإنسان والحائز على شهرة دولية خلال فترة الربيع العربي “إياد البغدادي” رئيس مركز “كاواكبي” للأبحاث في أوسلو: لماذا كندا؟ والجواب “فهي هدف آمن”, فهي بمثابة فرصة بتكلفة أقل للدفاع عن “السيادة الوطنية” في مواجهة دولة ليبرالية غربية.

وفي الواقع، هناك عدد قليل من الدول اختارت الوقوف إلى جانب الإدارة الكندية، بينما وجدت العديد من الدول العربية نفسها مضطرة إلى الوقوف إلى جانب الرياض.

يخيم على العلاقات الأمريكية الكندية سحابة صيف بعد التصريحات المفاجئة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب, وفي نفس الوقت, لم تعر الإدارة الأمريكية القطيعة السعودية الكندية اهتماماً, حيث اختارت عدم التدخل في هذه القضية, دون إعطاء أي أهمية لكلاً منهما, بالرغم من كون المملكة العربية السعودية واحدة من الدعائم التي تقوم عليها إدارة ترامب في المنطقة.

استغرق الأمر من “وزارة الخارجية الأميركية” أسبوعا لأخذ ملاقط متعددة, دعت خلالها المملكة السعودية “إتباع إجراءات” فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان.

وفي هذه الأثناء، حدث الأسوأ, ففي 9 من هذا الشهر, جعلت مقاتلات التحالف العربي المنضوي تحت قيادة الرياض من حافلة كانت تقل عدداً من الأطفال هدفاً نصب أعينها, إذ نتج عن تلك الغارة حصد أرواح ما لا يقل عن 40 طفلا وإصابة العشرات منهم, تظهر الصور التحاف الأطفال للرمال, والآن ينامون جانباً إلى جنب في حفر صغيرة.

ومن جانبه, أشار “يوهانس برووير” رئيس وفد اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن إلى المجزرة المروعة التي تعرضت له اليمن, مشيراً إلى أن الأرقام تتحدث عن نفسها.

دعا الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريس” إلى فتح تحقيق دولي بشأن تلك الغارة، في الوقت الذي يقلل  فيه مسؤولون سعوديون من شأن هذه المأساة , فهم يتحدثون عن تجنيد العديد من الأطفال في اليمن, إذ يروا في ذلك العمل هدف شرعي.

كارثة كبيرة:

أدى التدخل العسكري الذي تقوده المملكة العربية السعودية في اليمن إلى خلق كارثة كبيرة، ومن جانبها, ترى المنظمات الدولية فيها واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية التي اجتاحت العالم.

فعلى الصعيد الدولي, لم يكن الوضع الحاصل في اليمن الشاهد الوحيد على المغامرات الدولية التي يخوضها ولي العهد السعودي، فالتراب اللبناني والبحريني كان له نصيب من تلك المغامرات, كما يعمل أيضاً على دعم النظام السلطوي الاستبدادي في مصر, بالإضافة إلى فرض حصار على دولة قطر, فهو لا يعطي إي احترام للمعايير الدولية.

وعلى الصعيد الداخلي, ينتهج ولي العهد سياسة قمع لا هوادة فيها ضد كل أولئك الذين يحاولون قطع الطريق أمامه.

سواء كانوا من الزعماء الدينيين الإصلاحيين أو الناشطات في مجال حقوق المرأة أو المسؤولين عن تنفيذ الخطط الاقتصادية مثل عصام الزامل :المؤسس والمدير التنفيذي لشركة رمال لتقنية المعلومات، والكاتب الاقتصادي، حيث كان احد المهتمين بالاقتصاد والسياسة والأعمال, وبالتالي كان السجن مأوى لكل المدافعين عن حقوق الإنسان.

ومن جانبه يرى “جمال خاشقجي” المسؤول السعودي السابق الذي لجأ إلى الولايات المتحدة الأمريكية والكاتب في صحفها, أن الملك السعودي لم يحدث من قبل أن كان الملك السعودي مستبدا.