هل سينقل نِتنياهو حقائب غسيله الوَسِخ إلى حُلفائه العرب الجُدد؟
لماذا سرّب الأمريكان هذه المعلومات المُقزّزة عن خَرقِه لأُصول الضّيافة؟ وكيف يسخَر الإسرائيليّون من تهافت العرب على التّطبيع معه في الوقتِ الذي يتظاهرون لإسقاطه؟
يتداول نُشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي، وبكثرةٍ هذه الأيّام، فيديو قصير لفتاةٍ إسرائيليّةٍ تُدعى نوعم شوستر توجّه فيه رسالةً إلى حُكومات الإمارات والبحرين والسودان تقول فيها بالعربيّة العاميّة “كيف تُطبّعون مع نِتنياهو، ونحن هُنا نتظاهر يوميًّا ضدّه، ولا نُريد أن نرى وجهه، لأنّه إنسان وَسِخ، يأخُذ ملابسه الوسخة إلى واشنطن حتّى يُنظّفها مجّانًا”.
هذا “الفيديو” يأتي في إطار حملة انتقادات ساخرة ضدّ رئيس الوزراء الإسرائيلي، شملت رسومًا كرتونيّة، ومقالات و”اسكتشات” فكاهيّة، ووضع “غسّالات” من قبل مُتظاهرين أمام منزله، بعد نشر صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكيّة “الرّصينة” تقريرًا صحافيًّا تقول إنّه، أيّ نِتنياهو، يستغلّ الزّيارات الرسميّة إلى الولايات المتحدة لتنظيف حقائب من الغسيل الوَسِخ يَجلِبها معه على حساب الضّيافة الرسميّة الخاصّة بكِبار الزوّار، ونسبت ما ورد في هذا التّقرير من معلوماتٍ إلى مُوظّفين في إدارة ترامب وباراك أوباما السّابقة.
الجوانب الشخصيّة في هذا التّقرير لا تعنينا في هذه الصّحيفة، ولا نتوقّف عندها كثيرًا، لأنّ مُشكلتنا مع نتنياهو كعرب، ليست محصورةً في استِغلال وظيفته في تنظيف حقائب الملابس المُتّسخة “مجّانًا”، وإنّما في كونها تَعكِس سُلوك رئيس وزراء دولة ترتكب جرائم حرب، وتقتل آلاف العرب الأبرياء في فِلسطين المُحتلّة وسورية ولبنان وقبلها في كُل من مِصر والأردن، مثلما تَكمُن مُشكلتنا أيضًا في بعض الحُكومات العربيّة التي تُقدِم على عمليّة التّطبيع معه، وحُكومته، من أجل إخراجه من أزماته السياسيّة وإطالة أمد بقائه في الحُكم في تَحدٍّ للمُظاهرات الشعبيّة اليوميّة التي تُطالب بإسقاطه.
بقاء نتنياهو “العُنصري” في الحُكم يعني تهويد وضم كُل الأراضي الفِلسطينيّة، وبناء آلاف الوحَدات الاستيطانيّة، وقتل أكبر عدد مُمكن من النّشطاء الفِلسطينيين المُطالبين بإنهاء الاحتِلال، وقيام الدولة الفِلسطينيّة المُستقلّة وعاصِمتها القُدس، كل القُدس المحتلّة.
هذا الرجل الذي لا يحترم أدب الضّيافة، ويبتزّ مُضيفيه بطريقةٍ بشعةٍ ورخيصةٍ، سيكون “شريك السّلام” لأصدقائه العرب الجُدد، الأمر الذي يعني، وهو الذي يحتقر كُل عربي يُؤمن بالحُقوق العربيّة المشروعة في فِلسطين المُحتلّة، ابتزازهم حتّى آخِر درهم أو جنيه أو دينار في خزائنهم، وتحويلهم إلى تابِعين لحُكومته العنصريّة.
لا نعتقد أن تسريب هذه المعلومات حول بُخل واستِغلال نِتنياهو لأُصول الضّيافة بمِثل هذه الطّريقة البَشِعَة والمُقزّزة، ولدولةٍ هي الأعظم في العالم، جاء من قبيل الصّدفة، وإنّما هو تسريبٌ مقصودٌ من قِبَل أمريكيين طفَح كيلهم من هذه المُمارسات، وهذا الاستِغلال، وإلا لماذا لم نقرأ الشّيء نفسه عن مِئات الزّعماء والوزراء وكِبار الزوّار الذين يزورون واشنطن سنويًّا؟
لا نستغرب مثل هذه المعلومات عن نِتنياهو المُتّهم بالفساد والتّزوير والرّشاوى من رجال أعمال استغلالًا لمنصبه كرئيس للوزراء، ويقف في قفص الاتّهام انتظارًا للعِقاب خلف القُضبان في غُضون أشهرٍ معدودةٍ، ولكنّنا نستغرب هذه الحقائق المكتوبة على الحائط من قبل بعض الحُكّام العرب الذين يُهرولون على التّطبيع معه استجابةً لضُغوط رئيس أمريكي قد لا يبقى في البيت الأبيض أكثر من أربعين يومًا.
الأمر المُؤكّد أنّ نِتنياهو لن يأخذ معه إلى أصدقائه العرب القُدامى والجُدد، حقائب مليئةً بالغسيل الوَسِخ فقط، وإنّما أيضًا قوائم طويلةً من المطالب الابتزازيّة بالمِليارات من الدولارات تحت عُنوان ثمن الحِماية، إلى جانب الكثير من الاختِراقات والمُؤامرات الأمنيّة التي تُزعزِع الأمن والاستِقرار، وبِما يُشعِل فتيل الحُروب مع الجيران، عربًا كانوا أو إيرانيين، واللُه أعلم.
* إفتتاحية “رأي اليوم”
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع