التطبيع يزيد حالة آل خليفة سوءاً..هل تعصف موجة الإحتجاجات بمستقبلهم السياسي؟
بعد توقيع الحكومة البحرينية على وثيقة تطبيع العلاقات مع الکيان الصهيوني في 15 سبتمبر، شهدت البحرين احتجاجات واسعة النطاق قام بها الشعب البحريني ومعظم الجماعات السياسية في البلاد، بحيث يُتوقع أن تؤدي الاحتجاجات المناهضة للتطبيع إلى تحدٍّ جديد في کيفية مواجهة نظام آل خليفة للمجتمع.
شعب البحرين نزل إلى الشوارع منذ سبعة أيام احتجاجًا على تطبيع نظام آل خليفة علاقات البحرين مع الکيان الصهيوني. وقد أبدا المتظاهرون البحرينيون ردود فعل غاضبة على قرار الملك، ورفعوا الأعلام الفلسطينية واللافتات التي تدين التطبيع، وذلك على الرغم من القيود الشديدة التي فرضها نظام آل خليفة.
کما ردَّد البحرينيون شعار “الموت لإسرائيل” و”الموت لأمريکا” خلال المظاهرات، وهتف آخرون “الله أكبر” من فوق أسطح منازلهم، خلال الاحتجاجات الليلية علی تطبيع العلاقات مع الکيان الصهيوني.
الاحتجاجات الشعبية ضد تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني تواصلت خلال الأيام السبعة الماضية في معظم أنحاء البحرين، وخلال الـ 24 ساعة الماضية، شهدت مناطق “سترة والدية والسنابس وسماهيج وكرباباد وباربار ونويدرات والمعامير الفجر والمغرب ورأس رمان الفجر وأبو صيبع والشاخورة والمقشع”، نزول الناس إلى الشوارع.
وفي هذا الصدد، أصدرت جمعية العمل الإسلامي في البحرين (أمل) بيانًا وصفت فيه تطبيع العلاقات بين البحرين والکيان الصهيوني، بأنه جريمة آل خليفة وأكبر خطر على المنطقة.
وجاء في البيان أن “جذور خيانة هذه السلطة للأمة تعود إلى عمالتها للمستعمر الانجليزي وخدمة مصالحه الاستعمارية، وهو الثمن الذي تطلَّبه اختيار الإنجليز لهم ليكونوا حكاماً على البحرين”.
وأضافت جمعية العمل الاسلامي البحرينية في بيانها، أن “الإنجليز الذين أعطوا فلسطين لعصابات الصهاينة، هم الذين أعطوا البحرين لمجموعة من اللصوص والقراصنة”.
كما أدانت جمعية الوفاق البحرينية قرار التطبيع، واصفةً ذلك بأنه خيانة كبرى للإسلام والعروبة، وأضافت في بيان لها: “نؤكد أن موقف النظام البحريني من التطبيع مع العدو الصهيوني، هو موقف من طرفين لا شرعية لهما في ذلك”.
بدوره أدان “ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير” تطبيع العلاقات بين البحرين والکيان الصهيوني، محذراً نظام آل خليفة من عواقب خيانته الكبيرة للقضية الفلسطينية. وأكد ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير أن اتفاق تطبيع العلاقات يعدّ خيانةً كبرى لآل خليفة والبيت الأسود الأمريكي، معلناً أن آل خليفة لا يمثِّل شعب البحرين.
بالإضافة إلى ذلك، أصدرت 17 جمعية وجماعة سياسية وإسلامية بحرينية بيانًا مشتركًا أعلنت فيه تمسك شعب البحرين والمجتمع العربي والإسلامي بالقضية الفلسطينية وأحكام الدستور، ورفضت وأدانت أي اتفاق لتطبيع العلاقات مع الکيان الصهيوني المجرم.
وإلى جانب معارضة الجماعات السياسية البحرينية وسکان هذا البلد للتطبيع، رفض 143 عالماً من علماء الدين البحرينيين تطبيع العلاقات مع الکيان الصهيوني.
وفي هذا الصدد، أصدر رجال الدين البحرينيون بياناً أعلنوا فيه أنه في المبادئ والأسس الدينية للأمة الإسلامية والعربية، فإن التطبيع مع الکيان الصهيوني الغاصب مرفوض ومحظور، بأي شكل وفي أي سياق کان.
كما تجلَّت معارضة البحرينيين للتطبيع في الفضاء الإلكتروني واضحةً بشكل خاص؛ وفي هذا الصدد، أصبح هاشتاغ “بحرينيون ضد التطبيع” الوسم الأول على تويتر في البحرين(في 11 سبتمبر). حيث أطلق ناشطو الإنترنت في البحرين هذا الهاشتاغ استنكارًا لاتفاق تطبيع العلاقات بين البحرين والکيان الصهيوني.
تحديات آل خليفة الجديدة وموجة أطول من الاحتجاجات في المستقبل
لقد قرَّر نظام آل خليفة تطبيع علاقاته مع الكيان الصهيوني، في الوقت الذي يعاني فيه من انعدام الشرعية في الداخل. وفي الواقع، إن ابتعاد آل خليفة عن غالبية الشعب البحريني وتجاهل مطالبهم وقمع الاحتجاجات بشدة والذي سبق أن تمَّ بمساعدة السعودية، جعل النظام الحاكم في المنامة يعيش وضعاً حرجاً.
وعليه، فإن تطبيع المنامة علاقاتها مع الکيان الصهيوني، والذي واجه معارضةً داخليةً واسعة النطاق، سيقوض أسس حكومة آل خليفة. وسيتسع نطاق احتجاجات الشعب البحريني عندما تحدث مراحل التطبيع التالية، مثل افتتاح السفارة الإسرائيلية في المنامة.
وهذا الأمر سيخلق تحديات كبيرة لنظام آل خليفة، کما أن تراكم الأزمات في هذا البلد ووجود مطالب شعبية واسعة لم تتم الاستجابة لها إلا بالقمع، سيجعل حكام البحرين يواجهون ظروفًا صعبةً.
علی الرغم من أنه من الواضح أن نظام آل خليفة يعتزم مرةً أخرى قمع أي احتجاجات واسعة النطاق تحدث في المستقبل بقوة، بالاعتماد على دول أخرى، لكن المهم في هذه الأثناء هو أن تطبيع نظام آل خليفة علاقاته مع الكيان الصهيوني، قد زاد من تحدياته في مواجهة المجتمع أکثر فأکثر، وهذا سيشكل خطرًا على حكام البحرين أكبر بكثير من أي وقت مضى.
* المصدر : الوقت التحليلي