بقلم: زاكلين ناستيك*

برلين، 16يوليو2018(مجلة “فرايهايت ليبه” الألمانية، ترجمة: نشوى الرازحي-سبأ)-

تدور أحداث أكبر أزمة إنسانية في العصر الحديث منذ أكثر من ثلاث سنوات في اليمن. فالتحالف العسكري الذي  تقوده الأسرة الحاكمة السعودية ينتهك حقوق الإنسان والقانون الدولي يوميا في اليمن. وكل عشر دقائق يموت طفل من الجوع أو الأمراض التي يمكن تجنبها، فقد سقط الآلاف ضحية أكبر وباء للكوليرا على الإطلاق.

كما دُمرت البنية التحتية بالكامل أو تم توقف العمل فيها.

وقد أدى الحصار الإجرامي إلى أن بات ما يُقدر بـ 8 ملايين شخصا في اليمن مهددون بالمجاعة.

وملايين من الناس نزحوا داخل البلد خوفا على حياتهم. وحكومة ألمانيا الاتحادية  تتودد للسعودية بصفتها حليفة لها في هذه الحرب التي تخنق حق الشعب اليمني في تقرير مصيره وهو في مهده.

إنها حرب تقودها الأسرة الحاكمة السعودية لكي تُبقي اليمن التي طالما اعتبرتها الفناء الخلفي لها، تحت سيطرتها. وألمانيا من جانبها تقوم بتزويدها بالأسلحة.

وفي العشر السنوات الماضية، قامت الحكومات الفيدرالية الألمانية بتصدير أسلحة ومعدات حرب تبلغ قيمتها حوالي 3,5 مليار يورو إلى الديكتاتورية السعودية. وفي العام 2015 بلغت قيمة الأسلحة 270 مليون يورو وفي العام 2016 بلغت قيمتها 570 مليون يورو. وتضمنت تلك الأسلحة الطائرات المقاتلة وطائرات الهليكوبتر والذخيرة وقوارب الدوريات. وتشارك الحكومة الاتحادية أيضاً في هذه الحرب بقاعدة تقع في رامشتاين (وسط ألمانيا) تنطلق منها طائراته من دون طيار إلى اليمن.

وتحالف الحرب هذا مدعوم على نحو نشط من قبل الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة. وهي مهتمة بشكل خاص بالتحكم في المضيق الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن. جزء كبير من شحنات المواد الخام في جميع أنحاء العالم، وخاصة النفط ، يمر عبر هذا المضيق.

“معركة” الحديدة العقوبة الجماعية بإسلوب ونظام:

تحالف الحرب هذا أخطأ الحساب. إذ لم يضع في حسبانه روح المقاومة لدى غالبية اليمنيين، الذين أصروا بعد عقود من الديكتاتورية المدعومة من قبل المملكة العربية السعودية على حقهم في تقرير المصير. وهاهم يقاومون بشراسة منذ أكثر من ثلاثة أعوام. وانظم معظمهم إلى أنصار الله، الذين يُطلق عليهم الحوثيين.

ومن أجل كسر روح المقاومة لدى غالبية اليمنيين يجري الآن إخضاع جميع سكان البلاد لعقوبة جماعية. ويشمل ذلك عمليات القصف الجوي على المناطق السكنية المكتظة بالسكان ، والقصف المتعمد لحفلات الزفاف وجلسات العزاء والمستشفيات والمرافق العامة الأخرى. وفيها يتم استخدام القنابل العنقودية من الإنتاج البريطاني بشكل متكرر. إنها جرائم ضد الإنسانية.

في أوائل يونيو، دعا تحالف الحرب إلى “معركة” الحديدة. وهي أكبر ميناء في اليمن والميناء الوحيد الذي تصل من خلاله الأغذية والأدوية إلى السكان المدنيين في البلاد. أكثر من نصف مليون شخص تم قصفهم لأسابيع. وقد حذرت الأمم المتحدة من سقوط 250 ألف شخص و نزوح 350 ألف آخرون.

إن هدف تحالف الحرب واضح: فلأنه لم يحقق أي نجاح عسكري، عمل على تضييق الخناق وتشديد الأزمة الإنسانية. ووجدوا أنهم سيتمكنون من كسر روح المقاومة من البؤس الكبيرعن طريق قطع إمدادات الإغاثة الأخيرة والمتواضعة وزيادة الضغط على السكان المدنيين.

الحرب مستمرة والمقاومة لها ما يبررها:

حتى لو كانت الأمم المتحدة قد نجحت مراراً وتكراراً في خلق قنوات للحوار بين أطراف النزاع ، إلا أنها لم تحقق أي نجاحات حتى الآن بدبلوماسيتها تلك. هذا أيضاً له علاقة بحقيقة أن أي حل دبلوماسي من وجهة نظر تحالف الحرب، خصوصاً السعوديين، سيكون مرادفاً لهزيمة عسكرية. كما أن حقيقة أن الحرب ضد اليمن هي أول تدخل حربي كبير تقوم به كل من السعودية والإمارات العربية المتحدة هي وعلى وجه الخصوص السبب الذي يجعل من الحل الدبلوماسي يغيب في الأفق البعيد. إذ يمكن أن تتسبب الهزيمة العسكرية أيضا في التحرك ضد هيكل السلطة والنفوذ داخل الأسرة الحاكمة السعودية.

ولهذا السبب أيضاً، يمكن الافتراض أن الحرب ضد اليمن، التي تتناقض مع القانون الدولي، سوف تستمر. وهذا يعني المزيد من البؤس، والمزيد من اللاجئين والمزيد من الوفيات. إن نضال اليمنيين من أجل تقرير المصير ومقاومتهم نضال شرعي ومعروف. وحكومة ألمانيا الاتحادية مدعوّة إلى الضغط أخيرًا على تحالف الحرب. ويشمل ذلك وقف جميع شحنات الأسلحة إلى الدول المشاركة، كما نص اتفاق التحالف بين الاتحادين الديمقراطي المسيحي والاجتماعي المسيحي والحزب والديمقراطي الاجتماعي.

*زاكلين ناستيك هي المتحدثة باسم حزب اليسار الألماني في مدينة هامبورج وعضو البندستاج الألماني