بقلم: سارة غريرا*

( صحيفة “أوريون 21- “”Orient XXI الفرنسية – ترجمة: أسماء بجاش-سبأ)

هزت هذه الأخبار كافة أرجاء العالم العربي, بيد أنها في نفس الوقت لم تفاجئه, حيث وقد تجاوزت ابو ظبي الخط الاحمر للتطبيع مع تل ابيب الذي تحترمه الدول العربية بصورة رسميه باسم التضامن مع قضية الشعب الفلسطيني.

في حين يتجرد من الإجماع العربي الذي تم استخلاصه من خلال مبادرة السلام العربية التي تبناها الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز في العام 2002، عندما كان لا يزال ولي للعهد, حيث نصت تلك المبادرة على التطبيع الكامل مع إسرائيل مقابل إقامة دولة فلسطينية داخل حدود العام 1967، وانسحاب إسرائيل من مرتفعات الجولان السورية وعودة اللاجئين الفلسطينيين.

سلسلة متصلة من السياسة الداخلية:

إن الدور المتنامي الأهمية الذي تلعبه دولة الإمارات في المنطقة هو نتيجة مباشرة لصعود ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد الذي تم تعيينه من قبل والده رئيس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (1971-2004)، ولي عهد إمارة أبو ظبي في العام 2003, ومع تدهور الحالة الصحية لشقيقه خليفة بن زايد، الرئيس الحالي للدولة منذ العام 2004, أصبح محمد بن زايد شخصية سياسية فاعلة وبارزة.

ومن خلال الجمع بين منصب ولي العهد وبين مسؤوليته كرئيس للمجلس التنفيذي في أبو ظبي، فضلاً عن كونه يشغل منصب نائب وزير الدفاع، يتولى ايضاً مسؤولية الشؤون الداخلية والخارجية للبلد, وهذا ما يترجم بسرعة إلى سياسة داخلية قمعية سيتم تعزيزها مع ظهور “الربيع العربي”.

وخوفاً من أن تخيم موجة الاحتجاجات التي أطبقت خناقها على كلاً من مملكة البحرين ومصر واليمن على بلده، عمل محمد بن زايد على سحق أي رغبة في المعارضة, وبالتالي, سوف يقع دفع الثمن على عاتق  أعضاء جماعة الإصلاح، وهي الفرع المحلي لجماعة الإخوان المسلمين, حيث تعرضت لحملات اعتقالات وسجن وإدانات جميعها كانت نتيجة “محاولة الانقلاب وتهديد الأمن الداخلي للبلد, وسوف ينتهي بحزب الإصلاح في نهاية المطاف على قائمة الإرهاب التي وضعتها الإمارات في نوفمبر من العام 2014، إلى جانب جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم الدولة الإسلامية.

فهذا المصير لا يقتصر على جماعة الاصلاح فحسب، حيث وقع القمع كذلك على المعارضة الليبرالية المتعثرة.

اكتسبت أصوات الاحتجاج التي بدأت تضج من على شبكة الإنترنت في وقت مبكر من العام 2009، قوة كبيرة بلغت ذروتها في مارس 2011، من خلال التماس يدعو في جملة أمور إلى إصلاح المؤسسات السياسية في البلد وتنظيم انتخابات حرة, كما وقد كانت هذه الدعوات موضع ترحيب من قبل بعض الجمعيات المدنية التي اختارت الانضمام إليها.

وعلى الرغم من أن هذه المعارضة لم تؤد أبداً إلى التعبئة على الأرض، إلا أن ولي عهد أبو ظبي سوف يشن حملة قمعية مماثلة ضد تلك التي يأمر بها بالتوازي ضد الإسلاميين، وإساءة معاملة سجناء الرأي الذين تحدثت عنهم منظمة العفو الدولية مراراً وتكراراً والقابعين في سجن الرزين والذي أطلق عليه أسم “غوانتانامو الأمارات” الواقع في صحراء إمارة أبو ظبي.

التقاء المصالح الأمنية:

هذه هي إحدى النقاط التي يبدأ التعاون بشأنها مع تل ابيب وهي مسألة الاستخبارات والقمع، لأنها جزء من التقاء المصالح الأمنية والاقتصادية لكلا البلدين.

والواقع أن العباءة الرصاصية – مصطلح يستخدم عند الحديث عن منع أي شخص من الشعور بالحرية – التي ضربت الإمارات وصاحبتها إقامة دولة بوليسية مفرطة الحداثة وزيادة في معدل مراقبة المواطنين، وهو ما لا يعد غريب على النهج الذي تنتهجه إسرائيل.

قدمت مجموعة “إن إس أو- NSO Group ” الإسرائيلية- هي شركة تكنولوجيا إسرائيلية تركز في عملها على الاستخبارات الإلكترونية, حيث تم تأسيسها في العام 2010- إلى أبو ظبي برنامج تجسس “بيغاسوس – ” Pegasus الذي يجعل من الهواتف الذكية تحت أدوات المراقبة الجماعية.

في عددها الصادر في 26 من اغسطس 2019, كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية, أن شركة الأمن السيبراني الإماراتية – المتخصصة في أمن الحاسوب-  “دارك ماتر- Dark matter” حاولت شراء أعضاء سابقين في الجيش الإسرائيلي نيابة عن وكالات الاستخبارات المحلية من أجل استهداف الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وعرضت على المتعاونين الإسرائيليين المحتملين راتبا يصل إلى مليون دولار سنويا.

وفي العام 2019 أيضاً، كشفت ذات الصحيفة أيضاً عن توقيع عقود رئيسية بين أبو ظبي ورجل أعمال إسرائيلي للحصول على تقنيات التجسس والمراقبة, وبحسب نفس المصدر, من المتوقع إبرام المزيد من اتفاقات بيع طائرات بدون طيار أو معدات المراقبة الإلكترونية أو أجهزة التعرف على الوجه، مما يسلط الضوء على تعزيز التعاون بين البلدين خاصة على المستوى العسكري، بعد أن تم بناؤه على أساس أمني.

وعلى الصعيد الاقتصادي، فإن الاتفاقية التي تم توقيعها في يوليو 2020 بين الشركات الإسرائيلية ونظيراتها الإماراتية في مجال البحث والتطوير التكنولوجي في مكافحة وباء الفيروس التاجي، تشكل اللبنة الأولى في سلسلة من المعاهدات الأخرى في قادم الأيام.

ففي حين كانت تعتبر أبو ظبي تاريخياً الذراع السياسي لدولة الإمارات، إلا أنها سيطرت أيضاً على إمارة دبي، نظيرتها الاقتصادية منذ الأزمة المالية التي خيمت على الإمارة في العام 2008.

وبالتالي, لم يكن أمام محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي ورئيس الوزراء ووزير الدفاع في الاتحاد، الذي تراكمت عليه الديون، أي خيار سوى اللجوء إلى أبو ظبي لإنقاذ خزائنه وتجنب الإعسار، مما أدى بالتأكيد إلى ميل كفة الميزان إلى جانب محمد بن زايد الذي سيركز الآن على كل السلطات.

التدخل الإقليمي المتسارع:

وفي حين أن المسألة الأمنية هي نقطة تعاون مع إسرائيل، فإن هناك أيضاً تقارباً في المصالح بين البلدين لأكثر من عشر سنوات، اتسم بالعداء تجاه إيران ومحاربة “الإسلام السياسي”, حيث وقد تم تأكيد ذلك من خلال ثلاث جبهات على الأقل: مصر واليمن وليبيا.

بالإضافة إلى ذلك، فإن القلق الذي تخطى صفوف دول المنطقة بعد سلبية الولايات المتحدة الأمريكية في التعامل واندفاعها, بعد الهجمات التي تعرضت لها الناقلات قبالة سواحل إمارة الفجيرة وعملاق النفط السعودي شركة أرامكو في سبتمبر 2019، أو عملية اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني في العراق مطلع يناير من العام الجاري، دفع بالجهات الفاعلة المحلية بشكل متزايد إلى تطوير دبلوماسيتها وتحالفاتها الخاصة.

وحتى ذلك الحين، دعمت الإمارات الانقلاب في مصر الذي وقع  في يونيو 2013 ضد الرئيس محمد مرسي، وبدرجة أقل، حزب نداء تونس التونسي في العام 2014 ضد حزب النهضة الإسلامي.

فهم يسعون على قدم وساق إلى مواجهة الإخوان المسلمين، بل أيضاً إلى تصدير أنموذجهم القائم على الدولة الاستبدادية – أو حتى الديكتاتورية العسكرية – والليبرالية الاقتصادية.

وفي العام 2015، انضم الجيش الإماراتي إلى جانب المملكة العربية السعودية في حرب اليمن, وإذا كان الدافع الرئيسي للمملكة الوهابية في هذه الحرب هو ردم فجوة التمرد الحوثي الذي يُنظر إليه على أنه ذراع إيران في المنطقة، فإن اهتمام أبو ظبي يتركز باهتمام بالغ على الإصلاح وهو فرع محلي ولكن غير مغاير لنهج جماعة الإخوان المسلمين، ومع ذلك متحالف مع النظام السعودي.

وفي المستنقع اليمني، يتمتع الاتحاد بميزة امتلاك قاعدة خلفية، وهي قاعدته العسكرية في مدينة عصب في اريتريا التي تواجه مدينة عدن عاصمة جنوب اليمن.

فالإستراتيجية الإماراتية لا تقتصر على منطقة الشرق الأوسط, وبالنظر إلى القرن الأفريقي، تستثمر أبو ظبي في موانئ إريتريا والصومال وجيبوتي، في ما يعرف باسم “دبلوماسية الموانئ” من خليج عدن إلى البحر الأحمر، حيث تضعها في منافسة مباشرة مع أفضل عدو لها والمتمثل في دولة قطر وبالأخص في الصومال.

وفي شمال القارة الأفريقية، دعم محمد بن زايد منذ الوهلة الأولى حزب المشير خليفة حفتر في ليبيا، بهدف دعم الأنظمة الاستبدادية المناهضة لجماعة الإخوان المسلمين.

ومع وجود أحد أكثر الجيوش فعالية وكفاءة في المنطقة، والذي يضفي الطابع الرسمي على العلاقات، لاسيما في مجال صناعة الأسلحة مع إسرائيل، فإن أبو ظبي سوف تستفيد من حليفتها، من خلال القاعدة الجوية في شرق البلد التي تم إنشاءها في العام 2016.

وبالتالي، فهذا يعزز محور الإمارات ومصر وليبيا ضد قطر وتركيا العدو اللدود الآخر لأبو ظبي وكلاهما يدعم حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دولياً في طرابلس, ولكن هذه السياسة تفشل مع التدخل المباشر والواسع الافق من الجانب التركي.

ومرة أخرى، فإن المصالح المتقاربة مع تل أبيب واضحة للعيان، حيث تتنافس إسرائيل وتركيا على استغلال مخزون الغاز في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط, كما سمح تنصيب عبد الفتاح السيسي رئيساً لمصر بالتعاون العسكري بين القاهرة وتل أبيب في شبة جزيرة سيناء، وهو ما كشف عنه الرئيس المصري في مقابلة مع محطة “سي بي إس” الأمريكية في يناير 2019.

الصمت السوري:

هذا الثقل المتنامي لدولة الإمارات محسوس على المستوى العربي, ومن الجدير بالذكر, يجب تسليط الضوء على عدم وجود أي رد فعل سوري رسمي على إعلان هذا الاتفاق، سواء من جانب الرئاسة السورية أو من جانب وزارة الخارجية، في حين أن البلد ليس فقط في حالة حرب مع إسرائيل التي ضمت مرتفعات الجولان منذ العام 1967، ولكنه يعاني أيضا بصورة منتظمة من القصف الإسرائيلي.

ولكن مع تبني الإمارات سياسة التقارب مع نظام بشار الأسد منذ العام 2017، مما أدى إلى إعادة فتح سفارتها في العاصمة السورية دمشق في العام 2018، فلا شك بأن النظام السوري بحاجة إلى دعم أبو ظبي لإعادة دمجه في منظومة الجامعة العربية.

أما بالنسبة للرأي العام السوري، فقد اكتفاء بإدانة المدير العام للمؤسسة القدس الدولية الذي وصف من خلال تصريحاته التي نشرتها صحيفة الوطن المقربة من حزب البعث, بأن تطبيع الإمارات علاقتها مع إسرائيل بأنه “خيانة موصوفه”، وهو قرار أميركي نفذته أبو ظبي، مؤكداً أن ما حصل لن ينسينا بأن الجولان أرض محتلة.

وفي الأخير، لن يؤدي مثل هذا الاتفاق إلا إلى توسيع الفجوة بين الإمارات وإيران العدو اللدود لإسرائيل.

ومن جانبه, وصف رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية محمد بكري خطوة أبو ظبي بأنها “غير مقبولة” وقال إنه سوف يحاسب الإمارات على أي تهديد للأمن القومي الإيراني في الخليج.

وبالتالي, أدى مثل هذا التصريح إلى استدعاء السفير الإيراني في أبو ظبي, ومع ذلك، بدا أن العلاقات بين البلدين في حالة هدوء مؤقت منذ صيف العام 2019.

لم يكن ردّ أبو ظبي على الهجمات التي تعرضت لها ناقلات النفط قبالة إمارة الفجيرة في يونيو- والتي سلطت الضوء على العيوب الأمنية للاتحاد – مستغرباً: فقد رفض وزير الخارجية الإماراتي والشقيق الأصغر لمحمد بن زايد توجيه أصابع الاتهام إلى إيران.

كما تم تفسير الإيماءات الرمزية الأخرى، مثل الاجتماع بين قادة خفر السواحل في البلدين في يونيو 2019 أو الانسحاب الإماراتي من حرب اليمن في الشهر التالي، على أنها علامات تقارب بين أبو ظبي وطهران، حيث لم تتأثر تجارتها أبداً بالاضطرابات الجيوسياسية.

وعلى عكس رؤية الرياض وتل ابيب، لا تؤيد أبو ظبي التدخل العسكري ضد طهران، حيث تفضل مسار المفاوضات والضغط، حيث تتفق في هذه الرؤية مع المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأمريكية جو بايدن.

وإذا كانت أبو ظبي قد عملت على تهدئة اللعبة على مدى العام الماضي مع طهران، فربما كان ذلك بسبب ضعفها وخوفها من فتح باب لجبهة حرب جديدة مع جارتها المقابلة لها.

ومن المؤكد أن التعاون العسكري مع إسرائيل ليس خياراً يخص المسألة الإيرانية, لكن الإمارات إدراكاً منها لكونها لن تتمكن من الصمود أمام العملاق الفارسي، لذا يمكنها أن تجد حليفاً سياسياً في إسرائيل.

شريك مفضل للدول الغربية:

لم يتم الإعلان عن الاتفاق بين إسرائيل والإمارات فقط بعد مكالمة هاتفية كان دونالد ترامب طرفا فيها, حيث جاء هذا الاعلان قبل أقل من ثلاثة أشهر من الانتخابات الرئاسية الأمريكية, وبعد التوترات التي خيمت على العلاقات بين أبو ظبي وواشنطن في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، والتي رأى فيها محمد بن زايد مواتية جداً لجماعة الإخوان المسلمين, وبالتالي, يبدو أن الاتفاق مع الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في المنطقة هو ضمانة لدولة الإمارات.

وفي حين أن التفاهم القديم مع العم سام – وهو مصطلح يشار من خلاله للولايات المتحدة الأمريكية –  قد أعاد ترسيخ نفسه مع فترة ولاية الرئيس ترامب، التي كان محمد بن زايد مؤيداً قوياً لها حتى قبل انتخابه، فإن ولي العهد بذلك سيكون قد اختار أن يكون شريكاً للولايات المتحدة الأمريكية، بغض النظر عن  نتيجة الانتخابات الرئاسية المزمع أجرائها في نوفمبر 2020.

وفي هذا السياق، فإن الشريك الغربي الآخر والمفضل لدولة الإمارات هو فرنسا, ففي العام 2008، افتتح قصر الاليزية الفرنسي قاعدة جوية في أبو ظبي، داخل قاعدة الظفرة العسكرية، وهي القاعدة العسكرية الوحيدة التي تمتلكها فرنسا في الخليج والتي ستستضيف قريباً مركز القيادة الأوروبي للمراقبة البحرية في الخليج.

وفي حين أن أكبر مشتر للأسلحة الفرنسية لا يزال حتى الآن يتمثل في الرياض, فإن محمد بن زايد، الذي يقال أن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان “مشجع غير مشروط له”، هو بدوره أحد العملاء الرئيسيين لفرنسا التي أصبحت هذا العام ثالث أكبر مصدر للأسلحة في العالم.

ووفقاً للتقارير الصادرة عن منظمة أوكسفام، فقد بلغت مبيعات فرنسا من الاسلحة والمعدات العسكرية إلى السعودية والإمارات ما يقرب من 6 مليارات يورو منذ العام 2015.

يمتلك الجيش الإماراتي أقوى سلاح جوي عسكري في المنطقة بعد إسرائيل، واحتياطي كبير من المرتزقة، بالرغم من كون عدد سكانه لا يتجاوز المليون نسمة.

وعلاوة على ذلك، تنتهج أبو ظبي وباريس نفس السياسة في ليبيا، ونفس العداء تجاه تركيا.

ماذا بالنسبة للغد؟

قد يكون لهذه الخطوة الإماراتية تبعات, على الأقل هذا ما تقوله الحكومتان الإسرائيلية والأمريكية وتأملانه، وقد بدأنا بالفعل نتساءل من سيكون النظام الملكي الخليجي القادم الذي سوف ينضم إلى ركب التطبيع, ويبدو أن مملكة البحرين المرشح القوي والمقبل بحسب تصريحات وزير الاستخبارات الاسرائيلية ورئيس الموساد.

ولا بد من القول أن السفير البحريني كان أيضاً حاضراً وقت الاعلان عن “صفقة القرن” وأن النظام البحريني، الذي يُدان باستمرار بتدخل الجيشين السعودي والإماراتي في احتجاجات العام 2011، كان دائماً منحازاً إلى السياسة الإقليمية للأخير، كما رأينا مع ملف مقاطعة دولة قطر في العام 2017.

ولكون المنامة وأبو ظبي لا تملكان الثقل الديني الرمزي كذالك التي تملكه المملكة الوهابية، نظراً لكون ملكها يحمل رسمياً لقب “خادم الأماكن المقدسة أو خادم الحرمين الشريفين” (مكة والمدينة)، فإن تبني خطوة التطبيع قد يكون أسهل عليهما.

وليس من باب المصادفة أن الرياض لم ترد رسمياً على الإعلان عن هذا الاتفاق، فصمتها البليغ يسد الفجوة بين خطاب الصحافة السعودية الذي رحب بالتطبيع، وخطاب الرأي العام الذي تم التعبير عنه منذ منتصف أغسطس تحت وسم “التطبيع خيانة”.

ولا يمكن إنكار أن تل ابيب هي الرابح الأكبر من هذا الاتفاق, حيث كان بنيامين نتنياهو قد أرجأ بالفعل خطة ضم غور الأردن قبل وقت طويل من أي اتفاق مع أبو ظبي، ولكن يمكنه الآن أن يدعي أنه نجح في الحصول على اعتراف دولة عربية بإسرائيل، والتي قد لا تكون الوحيدة.

وفي المقابل, فأن الفائز الآخر في هذا الإعلان هو على الأرجح النظام الإيراني, ففي الوقت الذي يبدو فيه أن معظم الحكومات العربية قد تخلت عن القضية الفلسطينية، أصبحت طهران أكثر من أي وقت مضى الخصم والند الرئيسي للسياسة الأمريكية الإسرائيلية في منطقة الشرق الأوسط.

* سارة غريرا :صحفية حاصلة على درجة الدكتوراه في الأدب الفرنسي, والمسؤولة عن الصفحات العربية في مجلة “أوريون 21- “Orient XXI الألكترونية.

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.