عملية أنصار الله واسعة النطاق في وسط اليمن تكشف عن تحالف بين القاعدة وداعش
الوثائق، في إعادة خلق سيناريو يشبه الاحداث التي حصلت في الموصل أو الرقة في وسط اليمن.
بقلم: احمد عبد الكريم
(موقع- mintpressnews” منتبرس نيوز” الانجليزي, ترجمة: نجاة نور- سبأ)
البيضاء، اليمن- قد يكون اليمن على استعداد لتكرار الأحداث المروعة التي وقعت في عام 2014, عندما اجتاح مقاتلو ما يسمى بالدولة الإسلامية (داعش) في العراق وسوريا، واستولوا على منطقة تمتد من غرب العراق إلى شرق سوريا ونفذوا عمليات إعدامات جماعية وخطف وتعذيب.
واليوم، يتبلور السيناريو نفسه في دولة اليمن التي تمزقها الحرب، حيث كان التنظيم على استعدادات لاجتياح محافظات البيضاء وذمار وصنعاء اليمنية في خطوة يعتقد الكثيرون أنها تهدف إلى تغيير المعادلة على الأرض بعد التوغل العسكري الفاشل للتحالف بقيادة السعودية في البلد.
اجتاح تحالف وطني من المقاتلين بقيادة أنصار الله مؤخراً أكبر وكر لتنظيم الدولة الإسلامية ومقاتلي القاعدة في شبه الجزيرة العربية في وسط اليمن, في العملية التي استمرت أسبوعاً والتي يُعتقد أنها الأكبر من نوعها منذ بدء الحرب في اليمن.
تركت الجماعات الإرهابية ورائها عشرات الوثائق، بما في ذلك الخرائط وجوازات السفر ومقاطع الفيديو التي اطلعت Mint Press على بعضها.
وكشف اعتراف لمئات من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة، بينهم كثيرون من دول غربية، أن الجماعات كانت تتلقى دعما من السعودية وتريد تكرار “سيناريو الموصل العراقي” في اليمن بنهاية 2020.
منجح الجيش بقيادة أنصار الله، بدعم من رجال قبائل البيضاء المحليين، في اجتياح مناطق قيفه والجرشية والربيع المسورة في محافظة البيضاء, حيث سيطر مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة على منطقة تقدر مساحتها بألف كيلومتر مربع.
قتل أكثر من 1000 مقاتل أجنبي ومحلي، بمن فيهم قادة رفيعو المستوى، أو أسروا في العملية.
تورط العديد من قادة الجماعات في عمليات قتل وإعدام للمدنيين في سوريا والعراق وسلم 200 على الأقل أنفسهم لأنصار الله بشرط عدم الكشف عن هوياتهم في بلدانهم الأصلية.
سالم حسن، الذي يبدو أنه لم يتجاوز الثلاثين من عمره، هو واحد من عشرات القادة الأجانب الذين تم أسرهم في العملية, فهو سعودي الجنسية، تحديداً من بريدة القصيم، الواقعة في قلب المملكة.
مقاتلون آخرون جاءوا من أفغانستان وباكستان وسوريا, استسلم معظمهم، في حين ارتدى بعضهم أحزمة ناسفة وفجروا أنفسهم قبل أن يتم القبض عليهم، بمن فيهم الرجل الذي يعتقد أنه زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في اليمن، رضوان محمد حسين قنان، المعروف باسم أبو الوليد العداني.
قُتل في العملية شخصيات بارزة أخرى في التنظيم، بمن فيهم سليمان العداني الذي كان مسؤولاً عن تصنيع ورش الأحزمة الناسفة, وضابط أمن الكتاب معين ناصر المفلحي وحامد عبده أنعم المعروف بـ “خطاب الإبي” المسؤول عن العلاقات مع داعش.
والجدير بالذكر أن العديد من المقاتلين الذين تم أسرهم في العملية ينتمون إلى دول بعيدة عن اليمن، بما في ذلك من أوروبا.
بعد هزيمة تنظيم القاعدة في أفغانستان، أصبحت منطقتا قيفة ووالد رابي معاقل للتنظيم وبحلول عام 2018, تحولت إلى مقر لتنظيم الدولة الإسلامية في اليمن، مثل الموصل في العراق والرقة في سوريا.
من هناك، خطط قادة رفيعو المستوى للجماعتين لأكبر عملياتهم داخل اليمن، وحول العالم.
كان اليمني أبو محمد العدني الذي أسره الجيش اليمني أثناء محاولته الفرار إلى محافظة ذمار، وراء تخطيط وتنفيذ هجومين انتحاريين استهدفا مسجدي البدر والحشوش عام 2015, أسفر عن مقتل أكثر من 150 وجرح أكثر من 1000 شخصاً، فضلا عن تفجير بروفات العرض العسكري في الذكرى السنوية للوحدة في صنعاء 2012 ضد جنود الجيش اليمني.
يُعتقد أن الجماعة نفذت 320 هجوماً في اليمن وفي جميع أنحاء العالم بين يناير 2015 ومايو 2020. وشمل ما لا يقل عن 190 هجوماً في اليمن تفجير عبوات ناسفة, كما جرت محاولة تنفيذ 27 عملية اغتيال خلال هذه الفترة، فشل 11 منها. تم التخطيط لهجمات إرهابية في جميع أنحاء العالم، في مدن بعيدة مثل نيويورك ولندن وباريس وسيدني بروكسل، من المقر الجديد وفقاً لمقاطع الفيديو التي تركت وراءها في مخابئها المحصنة جيداً.
تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة في اليمن: تحالف غير مستقر
في البداية، كان لدى تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة في اليمن تحالف غير مستقر وكانا يعملان في انسجام تام، على عكس سوريا والعراق حيث قاتلا من أجل الأرض والنفوذ.
جاء ذلك نتيجة لاتفاق تم التوصل إليه بوساطة سعودية تم تنفيذه عام 2018, حيث أقامت المجموعات خلال تلك الفترة قواعد عسكرية إضافية في مناطق نائية.
ستة معسكرات لداعش ، بما في ذلك معسكرات شيب العشر، والنجدو، وشعر الزيل، وغجمان، ومعسكرات التمساح العسكرية، وثماني قواعد للقاعدة.
كان أكثر من 13 ألف مقاتل يجرون مناورات وتدريبات يومية باستخدام الذخيرة الحية في المعسكرات حيث كانت الأعلام السوداء ترفرف في وقت كانت فيه الطائرات الأمريكية بدون طيار تُرصد باستمرار فوق سماء البيضاء
لقطة من مقطع فيديو صادر عن أنصار الله يظهر مقاتلاً يقف فوق مجموعة من بطاقات الهوية الأجنبية التي تم الاستيلاء عليها خلال المداهمة.
بحلول عام 2020, أعدت المجموعات المدعومة الآن من السعودية خطة من أربعة محاور لانتزاع السيطرة في البيضاء بسبب موقعها الاستراتيجي في وسط اليمن.
تعرف البيضاء بأنها بوابة ثماني محافظات: صنعاء، ذمار، إب، الضالع، لحج، أبين، مأرب وشبوة.
كان المحور الأول هو التقدم عبر المناطق المجاورة لشبوة من منطقة بيحان بهدف السيطرة الكاملة على مديريتي ناتي ونعمان, وكانت أجزاء كثيرة من المنطقتين تحت سيطرة القاعدة منذ عام 2015 عندما بدأت الحرب السعودية على اليمن بشكل جدي.
وسار المحور الثاني باتجاه المديريات المتاخمة لمديريتي ذمار وبني ضبيان في منطقة خولان جنوب صنعاء عبر مناطق قيفه ثم إلى مدينة صنعاء.
أما المحور الثالث فقد تحرك باتجاه المناطق المتاخمة لمحافظتي لحج وأبين للسيطرة على مكراس ومناطق جنوب البيضاء بقيادة صالح الشجري قائد ما يسمى لواء الأماجد.
أما المحور الرابع فكان الاستيلاء على المنطقة المحاذية لمأرب لقطع الخط الفاصل بين رداع والبيضاء، وبالتالي قطع الامدادات عن القوات اليمنية بالكامل.
وتشير الوثائق التي تم العثور عليها من عملية أنصار الله إلى أن التنظيمات كانت تخطط لزيادة الهجمات باستخدام العبوات الناسفة لاستهداف الجيش والأجهزة الأمنية وقادة المجتمع المعارضين للحرب السعودية في البيضاء.
وتشير وثائق أخرى للجماعات بأن الأجهزة الأمنية أحبطت أربع سيارات انتحارية وأن ثمانية منها لم يتم تفجيرها في منطقة الياسبيل بمديرية الوهابية في البيضاء.
تظهر الوثائق أن هذه الخطط تم تنفيذها بالتنسيق الكامل مع السعودية وقادة الجماعات المسلحة المدعومة منها.
عقدت عشرات اللقاءات بين الجانبين في مأرب والبيضاء وزار العديد من الضباط السعوديين وبعض القيادات المحلية مديريتي قيفة ويكلا للإشراف على صرف الأموال وتخزين شحنات الأسلحة المقدمة من القوات السعودية، بما في ذلك بنادق قنص من عيار 50 تم وضعها في عهدة باكستانيين.
لقطة من مقطع فيديو نشرته جماعة أنصار الله تظهر كومة من العبوات الناسفة ومواد صنع القنابل انتشلت خلال مداهمة
منذ عام 2015, زاد التحالف الذي تقوده السعودية من دعمه لتنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة الذين يجوبون الآن ساحات القتال اليمنية المجهزة بأسلحة أمريكية الصنع, وبحسب الوثائق التي تم الحصول عليها من العملية، فإن دعم التحالف للجماعتين كان بقيادة علي محسن وتوفيق القيز.
عمل الثنائي كحلقة اتصال مع الجماعات وأشرفوا على عمليات إنزال الغذاء والأسلحة لهم، وفي عملية حديثة، نفذوا أكثر من 95 غارة جوية سعودية لمنع أنصار الله من التقدم إلى ثكناتهم وقواعدهم في قيفه ويكلا.
تم اتهام العديد من المنظمات الدولية، ولاسيما الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية التي تديرها الحكومة الأمريكية، بدعم مقاتلي القاعدة وداعش في اليمن.
وكشفت الوثائق التي تم العثور عليها خلال الغارة وكذلك أثناء الغارات السابقة عن مخابئ أسلحة رفعها تنظيم القاعدة وداعش والمزينة بعلم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في الجيوب التي كان من الصعب الوصول إليها بشكل خاص, ومن الواضح أن هذا الدعم قد ازداد وتيرته في الأشهر الأولى من عام 2018.
يعتقد عابد محمد الثور، وهو استراتيجي عسكري يمني وخبير لديه معرفة واسعة بالجماعات الإرهابية، أنه من غير المرجح أن الولايات المتحدة لم تكن على علم بانتشار هذه الجماعات في اليمن., وقال: “من الصعب تصديق أن وجود الكثير من المعسكرات والمقاتلين والأسلحة في منطقة جغرافية معينة كان بعيداً عن أعين الطائرات بدون طيار وأقمار التجسس التابعة للولايات المتحدة”.
ومن جانبه, قال خبير عسكري آخر لموقع Mint Press أنه “من المحتمل أن تغض الولايات المتحدة الطرف عن معسكرات داعش للسماح للجماعات بخلق واقع جديد على غرار الأحداث في العراق وسوريا لهزيمة الحوثيين في أحسن الأحوال”.
من جهته، قال المتحدث باسم الحوثيين العميد يحيى سريع، أن تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة نسقا مع وكالات استخبارات عربية وغربية وتلقيا دعما ماليا وعسكريا من السعودية والولايات المتحدة والإمارات وذكر أن التحالف بقيادة السعودية شن عشرات الغارات الجوية في محاولة لعرقلة قوات أنصار الله (الجناح السياسي للحوثيين) من التقدم باتجاه مواقع تنظيم الدولة والقاعدة.
علم القاعدة الأسود على جدار مدرسة مدمرة في تعز، اليمن ، 16 أكتوبر 2017.
من السهل فهم الدعم السعودي لداعش والقاعدة، لأنهما يشتركان في أيديولوجية متشابهة ونفس العدو، لكن ما لا يمكن فهمه هو دعم الولايات المتحدة ودول أخرى لتنظيم الدولة والقاعدة أو غض الطرف عنه في اليمن.
قال العديد من المسؤولين في صنعاء أن الولايات المتحدة تلعب بالنار التي لا تحرق اليمنيين فحسب، بل تحرق أيضاً العديد من الأبرياء في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في الولايات المتحدة.
في الواقع، لم توقف عملية أنصار الله تكرار سيناريو مثل ذلك الذي شوهد في الموصل والعديد من المناطق في سوريا فحسب، بل أعاقت أيضاً قدرة داعش والقاعدة على تنفيذ هجمات انتقامية على الدول الغربية، بما في ذلك في أوروبا والولايات المتحدة وفي بعض الدول العربية, لـ “محاربة بلادهم في العراق وسوريا” بحسب وثائقهم التي أظهرت اتصالات بين عناصر تنظيم الدولة الإسلامية وأفراد في هذه الدول.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.