إحياء النفاق: كيف أعاد الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي “صناعة السلام”
بقلم جوناثان كوك
(موقع ” كخونيك بلاستين – “chroniquepalestine النسخة الفرنسية- ترجمة: أسماء بجاش-سبأ)
تريد الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ودول الخليج أن تجعل من الخطوط الأمامية في الشرق الاوسط أكثر وضوحاً, نظراً لكون القضية الفلسطينية تشكل عقبة أمامهم.
وإذا كان هناك استنتاج يمكن استخلاصه من الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين دولة إسرائيل ودولة الإمارات العربية المتحدة, فقد “علقت” إسرائيل مؤقتاً تهديدها بضم مناطق غير قانونية من الضفة الغربية مقابل “التطبيع الكامل” مع دولة الخليج, وبالتالي عادت صناعة السلام من جديد إلى الواجهة.
ولكن هذه المرة، على عكس اتفاقيات أوسلو اللامتناهية الموقعة قبل زهاء ربع قرن من الآن، لن يكون هناك حتى الادعاء بأن الفلسطينيين مطلوبون من أجل “إحلال السلام في الشرق الأوسط”, فهذه العملية تجري فوق رؤوسهم, كما أن هذه العملية حوار يغيبون عنه تماماً.
عملية السلام هذه ليست بين الفلسطينيين وإسرائيل عميل واشنطن في المنطقة, بل فهي تتم بين دولة إسرائيل والدول العربية الغنية بالنفط الموالية للولايات المتحدة الأمريكية, كما إنها عملية تسمح لهم بإنهاء التظاهر بأنهم أعداء لإسرائيل, وهذا يعني أنهم يستطيعون التوقف عن التظاهر بدعم النضال الفلسطيني من أجل إقامة دولتهم, حتى لو كانت تلك الدولة لن تقوم إلا على بقايا الوطن الفلسطيني.
عملية السلام هذه, تصادق فعلياً على الاحتلال والعشرات من المستوطنات اليهودية غير القانونية التي بنتها إسرائيل على طول خط مسيرتها في سرقة الأراضي الفلسطينية على مدى عقود عديدة, كما أن عملية السلام هذه, تنقل مراكز الأهداف الظاهرة من إنهاء الاحتلال بشكل دائم إلى مجرد تأجيل – لفترة أطول قليلاً – طموح إسرائيل بضم الأراضي الفلسطينية التي سرقتها بالفعل بشكل دائم.
وبشكلٍ مختصر, فهذه عملية السلام تنضم فيها الدول العربية بقيادة دولة الإمارات رسمياً إلى إسرائيل في شن حرب على الفلسطينيين.
استراتيجية “من الخارج إلى الداخل
وبهذا المعنى، يعد هذا استمراراً للعملية التي بدأها جاريد كوشنر، مستشار وصهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشؤون الشرق الأوسط، في تطوير ما يسمى “صفقة القرن”.
فمنذ البداية، لجأ كوشنر إلى منطقة الخليج- التي كان هو وبقية النخبة السياسية والاقتصادية الأمريكية قريبين منها بصورة شخصية منذ فترة طويلة, كما سعى أيضاً إلى صياغة ما أصبح يُعرف باسم إستراتيجية “من الخارج إلى الداخل”.
كان ذلك يعني تجنيد أكبر عدد ممكن من الأنظمة العربية، بدءاً من دول الخليج الغنية بالنفط للتوقيع على “خطة السلام” الخاصة بالرئيس ترامب واستخدام ثقلها – وأموالها – لإجبار الفلسطينيين بقوة للاستسلام للإملاءات الإسرائيلية.
وبالتالي, كان على البيت الأبيض أن يستخدم نفوذاً مالياً يمكن من خلاله استخدام الاقتصاد لدفع الفلسطينيين إلى الامتثال.
ولهذا السبب عقد كوشنر مؤتمرا اقتصاديا في مملكة البحرين في أوائل الصيف الماضي، حتى قبل أن يكون لديه خطة سلام للكشف عنها.
هل ستكون الرياض هي المحطة القادمة التي سوف تنظم إلى الصفقة الإسرائيلية الإماراتية؟
واستشعاراً لكيفية حدوث ذلك، رفضت السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس في وقت مبكر الانخراط في خطة ترامب وسرعان ما قطعت جميع العلاقات مع واشنطن, بيد أن خطة السلام هذه لم تكن بحاجة إلى مشاركة الشعب الفلسطيني في الجدل حول مستقبله, فقد عرضت خطة ترامب التي تم الكشف عنها في وقت سابق من هذا العام، على الفلسطينيين وعداً بإقامة دولة نهائية لهم على تخوم الضفة الغربية، بعد أن سُمح لإسرائيل بضم أجزاء من أراضيهم.
والآن، علقت إسرائيل هذه الخطوة بصورة مؤقتة مقابل التطبيع مع الإمارات, ويقول كوشنر إنه من المتوقع أن تحذو دول أخرى حذوها, ومن المرجح أن تكون البحرين وعمان السباقتان في ذلك.
وينص الاتفاق على أن: “الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات واثقون من إمكانية حدوث اختراقات دبلوماسية إضافية مع دول أخرى، وسيعملون معاً لتحقيق هذا الهدف”.
سيكون الانقلاب الحقيقي هو المملكة العربية السعودية التي من المفترض أنها تنتظر لترى كيف يتم تلقي الصفقة مع الإمارات.
ومع ذلك، من الصعب أن نتخيل أن ولي عهد ابو ظبي، محمد بن زايد آل نهيان، قد اتخذ هذه الخطوة دون الحصول أولاً على الضوء الأخضر من الرياض.
وعلى النقيض من ذلك، دافع الحاكم السعودي السابق، الملك عبد الله بن عبد العزيز عن اتفاق سلام إقليمي في العام 2002, حيث عرض على إسرائيل الاعتراف الكامل من قبل الدول العربية مقابل تنازل إسرائيل عن إقامة دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة.
كشف هذا العرض الوجه الحقيقي لإسرائيل وواشنطن, حيث تجاهل القادة الإسرائيليون الخطة السعودية، ورفضها القادة الأمريكيون، مستوحين من تل أبيب اغتنام الفرصة لدفع العرض السعودي الجريء كأساس لاتفاق سلام.
بايدن يقفز على متن الطائرة
في عهد ترامب، ساءت الأمور بسرعة بالنسبة لشعب الفلسطيني, بعد أن حرم ملايين اللاجئين من المساعدات, وتم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس, والموافقة على ضم إسرائيل غير القانوني لمرتفعات الجولان السورية واستمرار المستوطنات غير الشرعية في التوسع.
ومع ذلك، فإن التعنت الإسرائيلي يؤتي ثماره, فدول الخليج مستعدة لتقديم التطبيع مع إسرائيل، ليس فقط من دون أي تنازلات ذات مغزى، ولكن في نفس الوقت الذي يتدهور فيه الوضع بالنسبة للفلسطينيين بشكل كبير.
وصف ترامب الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي بأنه “اتفاق سلام تاريخي بين الصديقين العظيمين”, في حين وصف مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، تطبيع أبو ظبي مع تل ابيب بأنه “خطوة مهمة إلى الأمام من أجل السلام في الشرق الأوسط”.
لكن أي شخص يتصور أنها مجرد خطوة يائسة وعبثية من قبل رئيس مضطرب, على افتراض أن ترامب لن يفوز في الانتخابات الرئاسية المزمع أجرائها في نوفمبر, قد يشعر بخيبة أمل.
ومن جانبه, انضم جو بايدن، منافسه الديموقراطي بحماس, حيث وصف الصفقة بأنها “عمل مرحب به وشجاع ولا غنى عنه في الحكمة السياسية” مضيفا أن البديل – الضم – “سيكون بمثابة ضربة لقضية السلام”.
انتصار مرير
وهو بمعنى ما، انتصار للقيادة الفلسطينية، حتى وإن كان هذا الانتصار مريراً جداً, بعد أن نددوا باتفاق ترامب, وقد أدى رفضهم المتأخر للالتزام بها, بعد أن تعاونوا طويلاً على مبدأ اتفاقية أوسلو للسلام، والتي أملتها الولايات المتحدة وصممت منذ البداية إلى حرمان الفلسطينيين من حق العيش بكرامة في بلدهم, إلى الدفع بالأجندة الأمريكية الإسرائيلية الحقيقية إلى الأمام.
حتى مع أفضل تفسير لاتفاقيات أوسلو، لن يُسمح للفلسطينيين أبداً بمظهر دولة ذات سيادة، حتى على ما تبقى من وطنهم الأصلي.
ففي الواقع, لم يكن لديهم أي سيطرة على حدودهم أو مجالهم الجوي أو الطيف الكهرومغناطيسي أو علاقاتهم الدبلوماسية مع الدول الأخرى وبالطبع، لن يُسمح لهم بالتأكيد بأن يكون لهم جيش.
كانت عملية السلام دائماً تتمحور حول إبقاء إسرائيل مسيطرة على كامل المساحة، مع السماح لشريحة من الفلسطينيين بالعيش هناك كشعب محبوس وتحت رحمتها, وبالتالي لن يكون أمامهم سوى الموافقة عن طيب خاطر على الخضوع أو مواجهة المزيد من القمع من قبل إسرائيل لسحق إرادتهم.
واليوم، ظهر كل هذا، على الرغم من أن السياسيين والدبلوماسيين في واشنطن والخليج يأملون في الاستمرار في خداع بقية العالم بالقول إنها لا تزال “عملية سلام”.
كانت الدلائل على احتمال إفلاتهم من هذا الخداع الهائل, واضحة في ردود فعل العواصم الأوروبية الكبرى التي رحبت بالاتفاقية, حيث وصفتها ألمانيا بأنها “مساهمة مهمة في صناعة السلام في المنطقة”، بينما قال بوريس جونسون في المملكة المتحدة “إن هذا الاتفاق بمثابة أنباء سارة للغاية”.
رسالة تل ابيب وواشنطن وابو ظبي, هي أن ارتكاب جرائم حرب وانتهاك القانون الإنساني الدولي يمكن أن يؤتي ثماره على المدى الطويل.
أجندة مشتركة
إن المكاسب التي حققتها الإمارات ودول الخليج الأخرى في هذه الصفقة بافتراض أنها تحذو حذوها كما يبدو مرجحاً, إذ لطالما أراد الخليج السني اندماجاً كاملاً في العلاقات الأمنية بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في الشرق الأوسط.
تتشارك الإدارة الأمريكية وإسرائيل وممالك الخليج العداء المتجذر تجاه إيران وفصائلها الشيعية في المنطقة, من لبنان وسوريا إلى العراق واليمن.
تعارض تل ابيب هؤلاء الممثلين الشيعة لأنهم أثبتوا أنهم الأكثر استعداداً لمقاومتها، وكذلك للمخططات الإمبريالية لواشنطن التي تركز على السيطرة على مخزونات النفط في المنطقة.
وفي الوقت نفسه، فإن ممالك الخليج باعتبارها مسقط رأس الإسلام السني والوصي المفترض لشرفه، له مصلحة منفصلة في تأمين هيمنته الطائفية في المنطقة, لذا طورت دول الخليج علاقات وثيقة، وإن كانت شبه سرية مع تل ابيب في السنوات الأخيرة الماضية, بينما كانت تشارك بنشاط أكبر في الحروب في جميع أنحاء المنطقة، إما من خلال وكلائها في سوريا والعراق أو مباشرة كما في حرب اليمن.
لقد كانوا حريصين على طرح مسألة التطبيع على الملأ والحصول على وصول أفضل إلى الاستخبارات الأمريكية الإسرائيلية والتكنولوجيا العسكرية المتقدمة, والتي ستعمل بدورها على تدفق بشكل طبيعي من مستويات الثقة المتزايدة.
الأجندة الإمبراطورية
بصرف النظر عن الصياغة الدبلوماسية اللطيفة والإيجابية، فإن الاتفاقية لا تحجب هذا الهدف, حيث سيتم تطوير أجندة استراتيجية جديدة للشرق الأوسط لتوسيع التعاون الدبلوماسي والتجاري والأمني, كما أن واشنطن وتل ابيب و أبو ظبي تتشارك في نظرة مماثلة فيما يتعلق بالتهديدات والفرص في المنطقة فضلاً عن الالتزام المشترك بتعزيز الاستقرار.
وبإعادة صياغة دورها في هذه الصفقة ذات المصلحة الذاتية بالكامل، يمكن للإمارات أيضاً أن تقدم نفسها على أنها نصيرة للقضية الفلسطينية وحل الدولتين، مما يؤخر عملية الضم إلى يوم آخر.
ومع ذلك، لا تزال المزايا التي تعود على منطقة الخليج أعمق, نظراً لكون أجندة واشنطن الإمبريالية تغذي وتحتاج حتماً إلى أعداء خاصة في منطقة غنية بالنفط مثل الشرق الأوسط، لتبرير الحروب التي لا تنتهي, وفي المقابل الأرباح التي لا تنتهي لصناعاتها “الدفاعية”.
تسعى دول الخليج لأن تكون على الجانب الصحيح من هذا الانقسام العسكري الصناعي مع تحرك الولايات المتحدة في المياه الأكثر تقلباً في المستقبل ومواجهة نقص النفط وتدهور المناخ العالمي وصعود الصين كقوة عظمى.
انقلاب دبلوماسي
أن مصالح واشنطن من هذه الصفقة ومصالح ترامب واضحة وجلية للعيان, حيث ثبت أن المضي قدماً في عملية الضم أصعب بكثير مما كانت تتوقعه إدارة ترامب.
كانت العواصم الأوروبية والعربية تعارض بشكل قاطع, نهجاً كان من شأنه أن يحرمها من تغطية حل الدولتين الذي سمح لها لأكثر من عقدين من الزمن بالتظاهر بأنها تعمل من أجل السلام في منطقة الشرق الأوسط.
وأصبح من الصعب جداً على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حشد الدعم من الجمهور الإسرائيلي لعملية الضم, حيث غيرت بسرعة جائحة فيروس كورونا الأولويات.
ومع قبل بضعة أشهر فقط على الانتخابات الرئاسية التي من المفترض أن يخسرها، احتاج ترامب إلى النجاح الدبلوماسي في الشرق الأوسط بعد الكثير الذي وعد به ولم يتحقق منه سوى القليل من خلال “صفقة القرن” التي تم الترويج لها كثيراً, واليوم، لديه ما يحتاجه.
هذه الخطوة ستهدئ قاعدته الانتخابية الإنجيلية المسيحية الكبيرة المكرسة لإسرائيل ودعم ما تريده, ومن جانبهم, لم يضيع القادة الإنجيليون أي وقت في القول إنهم متحمسون لهذا الإعلان.
كما يمكن نسج هذا الاتفاق، كما بدأ مسؤولوه بنشاط منذ البداية باعتبارها “اتفاقية سلام تاريخية”, تعادل الصفقات التي وقعتها إسرائيل سابقاً مع مصر والأردن, ويمكن استخدام ذلك في الحملة الانتخابية لبيع ترامب للجمهور الأوسع كواحد من أعظم رجال الدولة الأمريكيين.
توضيح الخطوط الأمامية
لكن هناك فوائد أوسع لنخبة السياسة الخارجية من الحزبين في واشنطن, إذ لطالما رغبوا في تعزيز العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج، حيث يتعاون علنا الحليفان الإقليميان الأكثر موثوقية للولايات المتحدة.
ونظراً لأن دول الخليج أصبحت أكثر عمقاً ومن الواضح أنها متورطة في حروب في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط من سوريا إلى اليمن, فإن الاتفاق الذي يجمعها بإسرائيل سوف يساعد في جعل واشنطن – غير المحتمل- بأنهم هم حقا الأخيار, وسوف يزيد من حدة خطوط المعركة في المنطقة ومن المؤمل أن ينقل شرعية أكبر لهذه الديكتاتوريات الثيوقراطية.
تأمل الولايات المتحدة أيضاً، أن الاتفاقية مع الإمارات – ودول الخليج الأخرى لاحقاً – ستوفر مرة أخرى قصة تغطية معقولة, بينما ترسخ إسرائيل احتلالها وتسرق المزيد من الأراضي الفلسطينية وتكثف قمعها للفلسطينيين, كما سيسمح هذا لواشنطن بإحياء مزاعمها الزائفة بأنها “وسيط نزيه” يسعى وراء الأفضل للفلسطينيين، حتى لو كان من المفترض أن قادتهم غير قادرين على فهم ما هو جيد بالنسبة لهم.
إن القادة الفلسطينيين المعارضين في الخليج، فضلاً عن الدول العربية الأخرى، مثل الأردن ومصر، التي لا تجرؤ على مقاومة جيرانها الأثرياء بفضل مخزوناتها من النفط، سيزيدون من عزلة الشعب الفلسطيني, ويمكن الآن تقديمهم بسهولة أكبر بوصفهم، في أحسن الأحوال، معارضين للسلام، أو إذا قاوموا سيتم وصفهم بإرهابيين.
نتنياهو خارج العمل
وأخيراً، يأمل نتنياهو الذي يواجه صعوبات كبيرة أن يسمح له هذا الاتفاق بالخروج من هذا المأزق, وهو يواجه موجة من الاحتجاجات التي ضمت مساحات واسعة من المجتمع الإسرائيلي، بما في ذلك اليمين, كما يواجه محاكمة فساد غير مسبوقة, ويبدو أن إدارته لجائحة وباء الفيروس التاجي كارثية بشكل متزايد, فالاقتصاد الإسرائيلي ينهار من الداخل.
وفي هذا السياق، فإن خطته لضم الضفة الغربية أبعدته عن الكثير من الرأي العام الإسرائيلي، دون أن ينجح حتى في إرضاء المستوطنين، الذين يريدون جميع الأراضي الفلسطينية، وليس فقط مساحات واسعة, كما يسمح الاتفاق مع الإمارات العربية المتحدة، وضمناً مع بقية دول الخليج، بوضع خطة ضم غير شعبية جانباً.
لطالما أعلن نتنياهو نفسه سيد الأمن حامي مصالح إسرائيل والزعيم الإسرائيلي الوحيد القادر على القيام بخطوات دراماتيكية على المسرح العالمي, وهنا، يبدو أنه فعل الأمرين, بل إنه أجبر خصومه السياسيين على الإشادة بإنجازاته, كما يمكن أن يسمح له الاتفاق بالفوز في الانتخابات التي يستعد لها هذا الشتاء، وفقا لمصادر متعددة.
لا يوجد ثمن للدفع
وبالطبع فإن التخلي عن الضم، مؤقتا أو غير ذلك، لن يوقف استيلاء إسرائيل على المزيد من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، ولحملتها الدؤوبة من التطهير العرقي.
لقد أظهر نتنياهو للإسرائيليين أنه على حق, ويمكن لإسرائيل أن تنتهك القانون الدولي وتسرق الأراضي وترتكب جرائم الحرب دون أن تحرك الدول الغربية والعربية ساكناً وأثبت أن إسرائيل لن يكون لها ثمن تدفعه على جميع انتهاكاتها.
وذكّرت صحيفة “هآرتس” بأنه عندما سألته في العام 2018, عما إذا كانت التنازلات للفلسطينيين من خلال اتفاقات أوسلو قد أدت إلى تحسين العلاقات مع العالم العربي، قال نتنياهو إن الأمر “عكس ذلك تماماً”.
وقال إنه من خلال تجنيد الغرب والأنظمة العربية أولاً إلى جانب إسرائيل، ستصبح إسرائيل “قوية جدا” لدرجة أنها ستجبر الفلسطينيين على “إدراك أنه ليس لديهم خيار سوى التنازل معنا” – وهو مصطلح يشير إلى الخضوع المطلق.
بالنسبة لنتنياهو، كان التحالف الاستراتيجي مع دول الخليج – على حساب الفلسطينيين – دائماً أكثر من مجرد الاستيلاء على الأراضي المحتلة.
إنه أمر محوري في رؤيته لدولة إسرائيلية غير القابلة للإصلاح والمتطرفة والمتفوقة عرقياً والآمنة في الشرق الأوسط وتعمل كقوة مهيمنة إقليمية إلى جانب القوة العالمية للولايات المتحدة الأمريكية, والآن، مع هذه الصفقة، يعتقد نتنياهو أنه على مرمى البصر من خط النهاية.
* جوناثان كوك: صحفي بريطاني حصل على جائزة مارثا جيلهورن الخاصة للصحافة وهو المراسل الأجنبي الوحيد المقيم بشكل دائم في إسرائيل (مدينة الناصرة منذ 2001), آخر مؤلفاته هي: “إسرائيل وصراع الحضارات: العراق وإيران وإعادة صنع الشرق الأوسط” و”فلسطين المختفية: تجارب إسرائيل في اليأس البشري”.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.