بقلم: سارة دانيال

(صحيفة “لو نوفيل أوبسرفاتور- nouvelobs ” الفرنسية – ترجمة: اسماء بجاش- سبأ)

إن الاتفاق المعلن بين تل ابيب وابو ظبي والذي من شأنه تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ما كان ينبغي أن يكون مفاجأة لأياً كان, حيث كان هذا التطبيع هو جزء من تصميم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر على تنفيذ خطة السلام في المنطقة والتي تم التوقيع عليها تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية، وسرعان ما أطلق على هذه الاتفاقية اسم “اتفاقية أبراهيم”*.

وهذا يؤكد للأسف، مرة أخرى، حقيقة أن القضية الجيوسياسية الكبرى التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط الآن, لم تعد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بل الصراع بين الشيعة والسنة, حيث حل الفرس محل إسرائيل باعتبارها العدو الموحد للعالم العربي السني.

يعتبر ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، معادٍ لإيران في نهاية المطاف مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو, حيث كان الأول – بن زايد- هو من فتح باب الأعمال العدائية في اليمن كجزء من تحالف عربي عسكري تقوده الرياض ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من طهران منذ أواخر مارس من العام 2015.

وقد رأينا بالفعل كلاً من مصر والسعودية متحدتان ضد إيران أيضاً، وتحت الضغط الأمريكي لدعم خطة السلام الأمريكية التي تكرس نفسها لتفوق الإسرائيلي, وصل الأمر إلى حد أن ذهب سفراء دولة الامارات ومملكة البحرين إلى المشاركة في البيت الابيض في يناير المنصرم لنشر خطة السلام التي تعتبر إملاءات إسرائيلية حقيقية.

الضغط على الفلسطينيين

إن تخلي القادة العرب عن الفلسطينيين وقضيتهم لمصيرهم المحزن أصبح الآن يُضَلَل بالعلن, وفي حين لا تزال الشوارع هادرة، وصل الأمر في دولة الإمارات، إلى حد تكميم مرتادي منصة التواصل الاجتماعي “تويتر” وتهديدهم بطرد بعد أن عبروا علناً عن مدى الخلاف والعار الذي يكنوه لرؤية أمتهم  وهي تستسلم.

وعلى شبكة “سي إن إن” الأمريكية، كافح وزير الخارجية الإماراتي أنور قرقاش لإقناع الصحفية كريستيان أمان بأن الاتفاق تم من أجل إنقاذ الفلسطينيين والقضية الفلسطينية, لتجنب الغضب المطلق المتمثل في “الضم الصريح لأراضيهم”, وللاستماع إلى ذلك، لم يكن هذا الاتفاق استسلاماً آخر للعالم العربي، بل كان يهدف إلى إنقاذ حل الدولتين، الذي كان في ورطة بالغة, وأضاف “لقد ابطلنا مفعول القنبلة… وكسبنا الوقت”، حيث أوضح الوزير بشق الأنفس، دون أن يفهم ما إذا كان يتحدث عن احتمال عقدها حتى الانتخابات الأمريكية المزمع أجرائها في نوفمبر القادم أو ببساطة الإرادة الإسرائيلية “لوضع حد ولكن عدم التخلي عن الضم”، كما قال رئيس الوزراء نتنياهو بعد إبرام الاتفاق الدبلوماسي…

وفي الواقع، كان من الواضح تماما أن الغرض من الاتفاق هو الضغط، ولكن هذه المرة بشكلٍ علني على الشارع الفلسطيني, مضيفاً “اننا نتوسل إلى الفلسطينيين لاستئناف المحادثات, في حين أن عدم التحدث إلى إسرائيل لم يجلب لنا شيئاً…”.

ومن جانبه, تحدث محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، على الضغط المذهل الذي مارسه عليه ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، لدعم خطة كوشنر – وهي خطة صارمة-  حيث أنزلت عاصمة دولة فلسطين المستقبلية إلى أبو ديس، إحدى ضواحي القدس، وأيدت ضم إسرائيل لجميع المستوطنات.

واليوم، قد يكون هذا الاتفاق -بالون اختبار*- يبشر بإعادة العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية.

وحقيقة أننا لم نتحدث مع إسرائيل لم يجلب لنا أي شيء، كما يقول صناع القرار في دولة الإمارات من خلال وزير خارجيتها, ولكن يتساءل المرء عما سيجلبه الحديث مع إسرائيل مع البندقية الأمريكية على رأس الفلسطينيين…

* سميت الاتفاقية على اسم “أب الديانات الثلاث الكبرى”، المسيحية والمسلمة واليهودية.

* بالون الاختبار: مصطلح سياسي صحافي، يقصد به تسريب معلومات، غالباً ما تكون خاطئة, إلى جهة إعلامية معينة (جريدة, مجلة, وكالة أنباء ..) بقصد نشرها على الرأي العام، ومعرفة موقفه وردات فعله عليها، فإذا ما أثارت هذه المعلومات استياءاً عاماً، تعمد الجهة الُمُسربة إلى نفيها أو تكذيبها بشكل أو بآخر, أما إذا جاءت ردود الفعل فاترة أو محبذة عمدت إلى تأكيدها وتبنيها .

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.