كوشنر يقوم برحلة مكوكية تتطبيعية وردود عربية إسلامية رافضة
السياسية – وكالات :
قاد جاريد كوشنر صهر الرئيس الامريكي دونالد ترامب ومستشارة رحلة برفقة وفد اسرائيلي لاتمام الصفقة التطبيعية بين الامارات واسرائيل ليكمل رحلته المكوكية التطبيعية على باقي دول الخليج المبدية على استحياء موافقتها على التطبيع مع اسرائيل.
وشكلت إسرائيل والإمارات لجنة مشتركة للتعاون في مجال الخدمات المالية في محادثات أبوظبي. ورافق كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الوفد الإسرائيلي يوم الاثنين في ما وصف بأنه أول رحلة طيران تجارية إسرائيلية إلى الدولة الخليجية، التي وافقت على تطبيع العلاقات في أغسطس آب.
وفي تصريحات نشرتها وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية، أشار كوشنر إلى أن دولا عربية أخرى يمكن أن تسير على خطى أبوظبي بسرعة. وردا على سؤال عن الموعد الذي سيُطبع فيه التالي لأبوظبي، نُقل عن مستشار البيت الأبيض قوله “دعونا نأمل في أن يكون خلال شهور”.
وسافر كوشنر في وقت لاحق إلى البحرين، ومن المتوقع أيضا أن يزور السعودية وقطر.
من جهتها اكدت صحيفة عبرية، ضلوع ومشاركة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الضغط على الإمارات من أجل التطبيع أولا مع الاحتلال الإسرائيلي.
واعتبرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، في مقالها الافتتاحي للخبيرة الإسرائيلية في الشؤون العربية، سمدار بيري، أن ما جرى من اتفاق تطبيع مع الإمارات هو “خطوة تاريخية مشوقة”.
وذكرت الصحيفة، أن “الحقيقة غير معروفة؛ أن ولي العهد السعودي ابن سلمان، كان شريكا كاملا في السر منذ البداية، فعلاقته الطيبة مع جاريد كوشنر صهر ومستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومع حاكم الإمارات محمد بن زايد، أدت في الأيام الأخيرة إلى ممارسة ضغط مزدوج”.
وأفادت بأن “ابن سلمان أصر على أن تكون الإمارات الأولى في الطابور، والسعودية لم تطلق الصافرة أمس حين مرت طائرة “ال عال” الإسرائيلية في سماء الرياض بإذنها الكامل”، منوهة أن كوشنر وعد بأنه “توجد دول أخرى في الطريق، وهو على ما يبدو يعرف من هي”.
وأشارت الصحيفة، إلى أن “علاقات تل أبيب مع الإمارات لم تولد الآن ولم تندفع نحو هواء العالم بشكل مفاجئ، فمنذ ما لا يقل عن 15 عاما، الجمهور الإسرائيلي ممن يحملون جوازات سفر أجنبية، يدخلون ويخرجون (الإمارات)، ولهذا توجد شركة تكنولوجيا عليا، وأخرى مختصة بتحلية المياه للزراعة، وآخرون يبيعون وقلة يشترون”.
بدوره يعتقد جاريد كوشنر المستشار في البيت الأبيض والمكلف من الرئيس الأمريكي بمبادرة السلام في الشرق الأوسط (صفقة القرن) أن الرياض وتل أبيب ستفعلان أشياء عظيمة معا، وستصب في صالح اقتصاد ودفاع المملكة، وستساهم في الحد من قوة إيران في المنطقة.
وفي حديث له مع إحدى المجلات الأمريكية في 26 أغسطس/آب تحدث كوشنر عن أن اتفاقا مماثلا بين إسرائيل ودول الخليج الأخرى، بما فيها السعودية هو أمر حتمي، وأضاف أن السؤال يبقى عن الإطار الزمني للقيام بذلك.
ولم يصدر عن السعودية أي موقف رسمي حتى بعد أيام من إعلان اتفاق الإمارات وإسرائيل على التطبيع وترحيب رسمي من دول عدة بالمنطقة، مثل البحرين وسلطنة عمان والأردن ومصر، مقابل انتقادات من السلطة الفلسطينية المعنية بالسلام أولا ودول أخرى مثل الجزائر والمغرب وتونس وغيرها من الدول التي أكدت على حقوق الشعب الفلسطيني دون أن توجه انتقادات مباشرة للإمارات.
ومنذ إعلان الاتفاق، عقد مجلس الوزراء السعودي اجتماعين في 19 و25 أغسطس/آب، تطرق إلى قضايا إقليمية عدة، منها ما يتعلق باليمن وليبيا وغيرهما، دون التطرق إلى الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي.
لكن وزير الخارجية السعودية أعلن من برلين في 19 أغسطس/آب خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الألماني، أن بلاده لن تطبع العلاقات مع إسرائيل قبل التوصل إلى اتفاق سلام إسرائيلي فلسطيني شامل على أساس المعايير التي حددتها المبادرة العربية للسلام عام 2002 وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر عربية، لم تذكرها بالاسم، قولها إنه “من غير المتوقع أن توقع السعودية رسميا على اتفاق مع إسرائيل في هذه المرحلة، لكن هناك احتمالات لتعاون بين البلدين بعد الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي”.
وتتحدث تقارير غربية وأخرى إسرائيلية عن تعاون سعودي إسرائيلي غير معلن على الرغم من عدم وجود علاقات رسمية بين البلدين.
وتشير تقارير غربية كذلك إلى وجود نوع من العلاقات غير المعلنة بين السعودية وإسرائيل تعززت في السنوات الأخيرة بعد تولي محمد بن سلمان منصب ولي العهد الذي يُنظر إليه على أنه الحاكم الفعلي للمملكة، وذلك في سياق الشراكة الاستراتيجية في مواجهة التهديدات الإيرانية بالمنطقة.
وفي تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عبر قناة “سكاي نيوز” الإماراتية، تحدث أن هناك دولا عديدة ستوقع اتفاقيات سلام معنا في المستقبل، دون أن يذكرها بالاسم.
وفي مناسبات عدة كشف نتنياهو عن لقاءات عديدة جمعته بزعماء عرب ومسلمين لم يتم الإعلان عنها، مؤكدا أن هؤلاء يتحدثون إليه بأن مصلحتهم الحقيقية تكمن في تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وفي أكثر من مناسبة، صرح نتنياهو أن بلاده تعمل على تسيير رحلات جوية مباشرة بين تل أبيب وأبو ظبي يمكن لها أن تحلق فوق الأجواء السعودية.
ولم يصدر عن السعودية أي تعليق على تصريحات نتنياهو التي تتعارض مع قرار سعودي بمنع تحليق الطائرات التي تكون وجهتها من أو إلى إسرائيل فوق الأجواء السعودية.
لكن وسائل إعلامية إسرائيلية تحدثت، في 30 أغسطس/آب، أن السعودية وافقت على مرور طائرة إسرائيلية عبر أجوائها تقلُّ وفدا إسرائيليا كان مقررا له أن يتوجه إلى الإمارات في اليوم التالي، دون أي تعليق من الجهات السعودية.
وأعلن مستشار الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنر الاثنين لدى وصوله إلى أبوظبي على متن أول رحلة تجارية بين الإمارات وإسرائيل أن السعودية سمحت للطائرة الاسرائيلية بعبو أجوائها في طريقها لجارتها الخليجية.
وقال كوشنر عند نزوله من الطائرة التي أقلّت وفدا إسرائيليا وأميركيا “هذه أول مرة يحدث فيها هذا الأمر وأود أن أشكر المملكة العربية السعودية لجعل ذلك ممكنا”.
وقال كوشنر لدى وصوله إن بوسع واشنطن الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل وتعزيز علاقاتها في الوقت نفسه مع الإمارات، القوة الإقليمية وثاني أكبر اقتصاد عربي.
وجرى الإعلان عن اتفاق “التطبيع” في 13 أغسطس آب، وهو أول تسوية من نوعها بين دولة عربية وإسرائيل منذ أكثر من 20 عاما، وقد جاء إلى حد بعيد بدافع من مخاوف مشتركة من إيران.
وشعر الفلسطينيون بالفزع من الخطوة الإماراتية، إذ يساورهم القلق من أنها ستضعف الموقف العربي القائم منذ فترة طويلة والداعي إلى الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة وقبول الدولة الفلسطينية مقابل علاقات طبيعية مع الدول العربية.
وقال كوشنر إنه ينبغي على الفلسطينيين “ألا يركنوا إلى الماضي”.
وتابع قائلا “عليهم الجلوس إلى طاولة المفاوضات. سيكون السلام جاهزا لهم، ستكون هناك فرصة سانحة لهم بمجرد أن يصبحوا مستعدين لاغتنامها”.
وقبيل انطلاق الرحلة، أعرب مستشار البيت الأبيض جاريد كوشنر عن أمله بأن تكون الرحلة بداية “مسار تاريخي في الشرق الأوسط”.
وقال في مطار بن غوريون “نأمل أن تكون هذه الرحلة التاريخية، بداية مسار تاريخي في الشرق الاوسط وما وراءه”، مضيفا “لا يجب أن يحدد الماضي، شكل المستقبل (…) هذا الوقت يبعث على الأمل بشكل كبير، وأعتقد أن إحلال السلام والازدهار ممكن في هذه المنطقة وحول العالم”.
وفي البحرين، التي تستضيف القيادة المركزية للبحرية الأمريكية، أفادت وكالة الأنباء الحكومية بأن الملك حمد بن عيسى آل خليفة أشاد خلال لقائه مع كوشنر بالدور الذي تلعبه الإمارات في الدفاع عن المصالح العربية والإسلامية.
انتقاد فلسطيني
ندد الفلسطينيون بالاتفاق الإماراتي مع إسرائيل، ووصفوه بأنه انتهاك للموقف العربي القائم منذ زمن طويل على عدم التطبيع مع إسرائيل إلا مقابل الأرض. وتقول الإمارات إنها حصلت على تنازل كبير من إسرائيل يتمثل في وقف خطط ضم أراض في الضفة الغربية المحتلة.
وكتب أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات على حسابه في تويتر الاثنين “السلام ليس كلمة فارغة تستخدم لتطبيع جرائم الحرب والاحتلال”.
وتابع “السلام نتاج للعدالة، وليس نتاجا لاخضاع الشعب الفلسطيني وحرمانه من حقوقه واخضاعه لنظام ابرثايد، وتوسيع منظومة الاستيطان الاستعمارية”.
أما رئيس الوزراء محمد اشتية فقال “يؤلمنا جدا ونحن نرى اليوم هبوط طائرة اسرائيلية في الامارات تحمل اسم كريات غات المستعمرة التي بنيت على اراضي الفالوجة التي حوصر فيها (الرئيس المصري الراحل جمال) جمال عبد الناصر في خرق واضح ومفضوح للموقف العربي المتعلق بالصراع العربي الاسرائيلي”.
وأضاف إشتية “كم كنا نود أن تكون هناك طائرة إماراتية تحط في القدس المحررة، لكننا نعيش في الوضع العربي الصعب”.
و قال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية، عقب لقائه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، أن “لحظة هبوط طائرة إسرائيلية في الإمارات، هي لحظة مؤسفة ومؤلمة”. وتناول اللقاء “موضوع التطبيع الذي يجري العمل عليه المنطقة والذي يهدف لتصفية القضية الفلسطينية”، وفق ما أكد هنية.
وقال هنية: “الفلسطينيون في لبنان هم ضيوف على الشعب اللبناني، وستمثل المخيمات الفلسطينية دائماً عامل استقرار”. وتابع: “عبرنا بشكل واضح عن موقف لبناني فلسطيني مشترك، برفض كل المشاريع التي تستهدف تصفية القضية، وخاصة وأن ثوابت القضية هي ثواتب واضحة، وخطوط حمر لا تنازل عنها: الأرض، والقدس، والدولة، وحق العودة، وحرية الأسرى والأسيرات من سجون الاحتلال”.
وصمة عار
عربيا أعلنت المئات من الجمعيات والأحزاب والنقابات والمثقفين في المغرب رفضهم للتطبيع مع إسرائيل ولزيارة “مرتقبة” يجريها جاريد كوشنر كبير مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى بلادهم.
جاء ذلك في عريضة شعبية ضد زيارة كوشنر وقعت عليها أكثر من 300 جهة وشخصية مغربية بعد ساعات قليلة من إطلاقها الأربعاء، ولا تزال مفتوحة للتوقيع.
وتحت عنوان “فلسطين ليست للبيع ولا للمقايضة”، قال الموقعون إن العريضة تأتي ردا على “الترويج الإعلامي الأمريكي والصهيوني لجولة جديدة للمدعو كوشنر إلى المغرب على أصداء ما يسمى اتفاق السلام الخياني الإماراتي الصهيوني ومحاولات واشنطن والكيان الصهيوني إقحام المغرب نحو مربع التطبيع أسوة بالطرف العربي في هذا الاتفاق المشؤوم”.
وأضافوا: “نحن الموقعين أسفله بأشخاصنا وصفاتنا وانتماءاتنا ومسؤولياتنا، نعلن رفضنا المطلق للزيارة المشؤومة لهذا الشخص، ونعتبر حضوره على أرض المغرب أمرا مرفوضا”.
ومن الاردن اعتبر الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي الأردني (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين) مراد العضايلة، أن تلك الزيارة “تمزيق للعرب؛ لإضعاف القضية الفلسطينية”.
وقال: “أعتقد أن كل عمليات التطبيع تخدم المشروع الصهيوني، ولا تقدم للقضية الفلسطينية أي مردود، وهي خيانة وطعنة لها”.
وبيّن أن “ما يجري هو استفراد بالدول العربية واحدة تلو الأخرى، حتى يتسيد الكيان الإسرائيلي المشهد كقوة إقليمية في المنطقة العربية”.
من جانبه، قال رئيس لجنة فلسطين في مجلس النواب الأردني (الغرفة الأولى للبرلمان) يحيى السعود، إن “التطبيع مع إسرائيل لن يغير من صورة الاحتلال”.
وتابع معلقا على الزيارة: “الاتفاقات العربية مع إسرائيل مرفوضة لدى الشعوب، ولن تغير من ثوابتهم تجاه القضية الفلسطينية”.
ومن السودان، علق أمين العلاقات الخارجية بحزب المؤتمر الشعبي محمد بدر الدين، على الزيارة قائلا: “موقفنا مبدئي من القضية الفلسطينية، ومنحازون إلى القضية، وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته عاصمتها القدس”.
وأضاف: “إسرائيل تماطل، ولا تريد الوصول إلى حلول بشأن القضية الفلسطينية”.
من جانبه، قال رئيس هيئة علماء السودان البرفيسور محمد عثمان صالح: “ندين ونستنكر تبادل الزيارات مع الكيان الصهيوني، ونحذر دولتنا في السودان أن تمضي على هذا الطريق”.
وفي تونس، نفذ عدد من ممثلي الجمعيات، المناهضة للتطبيع، والأحزاب، الثلاثاء، أمام البرلمان وقفة احتجاجية للمطالبة بسن قانون في الدستور يجرّم المطبعين.
اسلاميا قال الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، في خطاب حاد يوم الثلاثاء إن “الإمارات خانت العالم الإسلامي والشعوب العربية ودول المنطقة كما خانت فلسطين وشعبها. هذه الخيانة لن تستمر لكنها ستبقى وصمة عار عليهم”.
وأضاف “الإمارات تعمل مع الإسرائيليين والعناصر الأمريكية الشريرة، مثل هذا اليهودي في عائلة ترامب ضد مصالح العالم الإسلامي وتتعامل بقسوة مع العالم الإسلامي”.