ماذا جرى ويجري في لبنان.. الحقائق تظهر تدريجيا ما هو دور إسرائيل.. وما هو تفاهمها مع ترامب قبل تفجير الميناء وبعده؟
بسام أبو شريف*
للأسف مازال كثيرون لايصدقون الأخبار الموثوقة التي ننجح في الحصول عليها ونشرها لكنهم سرعان ما يصدقون نفس الأخبار عندما تنشرها نيويورك تايمز أو واشنطن بوست .
وأسفنا يتركز أكثر على قنوات وصحف وكتاب محسوبين على المقاومة .
أن نستفيد من تأكيد واعتراف أجهزة الاعلام المعادية …. أمر مشروع أما أن لانصدق الأقلام العربية المقاومة الا بعد أن تعترف صحافة العدو، فهذا انبطاح للعدو واستهتار بمصادر صادقة ودقيقة لدى كتاب وصحفيين مقاومين والأمثلة كثيرة على ذلك، وأعطي هنا للتدليل مايلي : عندما نشرت خبرا مؤكدا أن من أصدر قرار اغتيال البطل عماد مغنية، هو الرئيس بوش لم يصدق أحد هذا، وتبين بعد سنوات مما نشره رونين بيرغمان أن بوش هو الذي أصدر القرار، وأن التنفيذ الذي عجزت عنه اسرائيل تم على يد عملاء اميركيين شاركوا في عملية الاغتيال .
ونعطي مثلا آخر : عندما نشرت بأن الدكتور وديع حداد اغتالته اسرائيل بالسم، وبالتعاون مع المخابرات السعودية شكك كثيرون في هذا، وعندما أعلنت اسرائيل بعد 30 سنة من اغتياله أنها اغتالته بالسم صدق الخاضعون لبرمجة العدو الاعلامية طبعا هنالك أمر ضروري التنبه له : وهو أن اعترافات العدو تأتي مترافقة مع معلومات غير صحيحة ليتم ابتلاعها بسهولة مع الخبر الرئيسي، وذلك للتضليل أوالتغطية على عملاء مازالوا فاعلين أو أحياء يريدون حمايتهم، وكذلك عندما نبهت الرئيس ابو عمار من خطة لاغتياله بالسم !! ونبهت ابو علي مصطفى من عملية لاغتياله .
بعد هذا نعود لموضوع لبنان
قبل أيام كتبت مقالا تحليليا يتضمن معلومات دقيقة حول تفجير مرفأ بيروت، ووجهت اصبع الاتهام لاسرائيل مباشرة، ومن المعلومات الدقيقة التي نشرتها هي أن ضباط البنتاغون كانوا على علم بوجود كمية كبيرة من الامونيوم نايتريت في عنبر من عنابر التخزين في مرفأ بيروت ( واستنادا لما رشح عن ضباط البنتاغون )، ( والمصدر هو المستشار العسكري للرئيس ترامب )، فان ضابطا لبنانيا في الأمن العام أبلغ الولايات المتحدة بهذه المعلومة وهذا يعني أن ضابطا في الأمن العام يعمل مع السي آي ايه أبلغهم بذلك، أو أنه ضابط مكلف بالتنسيق مع واشنطن !!، ولم يكن مصدري النيويورك تايمزالتي حرفت المعلومات لتصل الى نفس النتيجة، وهي أن واشنطن كانت تعلم بوجود ” الامونيوم نايتريت ” .
قصة النيويورك تايمز التي صدقها بعض الخاضعين لهيمنة الاعلام الغربي الصهيوني تقول ان ضابطا اميركيا متقاعدا اكتشف الأمر أثناء تفقده لميناء بيروت، وانه أبلغ القاعدة البحرية هناك بهذا الأمر ؟؟ّ!
ان السذج لايخدعون بهذه الرواية التي أريد منها التغطية على عملاء السي آي ايه في الأمن العام ….. ضابط متقاعد … من كلفه بالمهمة ليتفقد الميناء : هل يسمح لبنان لضابط اميركي متقاعد أن يتفقد الميناء ؟! ….. اكتشف الامونيوم ؟! هذا يعني أنه كان يفتش ؟؟!
هل كان فعلا ضابطا متقاعدا ؟ أم كان ضابطا اميركيا برفقة عميله من الأمن العام الذي بلغ عن وجود الامونيوم، وان الضابط اللبناني قاده للعنبر المطلوب ؟
كما يعلم جميع المتتبعين هنالك لجنة دائمة للتنسيق الأمني والمعلومات اسرائيلية اميركية يتم تبادل المعلومات بينها، وبحث العمليات المشتركة ( والذين لايصدقون بامكانهم الكتابة لي لأعطيهم المصدر )، وعلمت اسرائيل بأمر الامونيوم اما من خلال غرفة العمليات المشتركة أو من خلال عملائها المباشرين، لكنها حتما لم تكن تعلم حول وزن الشحنة المخزنة، ورغم معرفتها الأكيدة بمصدر الشحنة ” الباخرة البيلاروسية “، فقد كان من مصلحتها اتهام حزب الله بتخزين صواريخه في ميناء بيروت ( وهذا مضحك للخبراء لكنه قصة مفيدة لعملاء الغرب والمطبعين في لبنان ) .
وكان التوتر الشديد قد ساد قبل تفجير الميناء بين الولايات المتحدة واسرائيل من جهة ومحور المقاومة من جهة اخرى، وكي نذكر نشير بأن الجليل أصابه الشلل أسابيع ” ومازال “، خشية من رد حزب الله على اغتيال أحد كوادره قرب مطار دمشق، وكلنا يذكر أن هذا التوتر أدى الى فقدان أعصاب الاسرائيليين لدرجة أنهم خاضوا معركة مع أنفسهم دون أن يطلق حزب الله طلقة واحدة، واحتفظ حزب الله بهدوئه وحقه في الرد في المكان والزمان المناسبين له، واستشاط نتنياهو غيظا وتأزما في ظل معركة ( كسر عظم )، مع شريكه في الحكومة غاتس، وراح يبحث عن مخارج من هذه الأزمة، وهروبا من سقوط الحكومة والتوجه لانتخابات جديدة قد تنقله لقاعة المحكمة بتهم الفساد، وانطلق تهديده الذي دل على فقدان عقله وتوازنه فقد هدد بضرب البنى التحتية بلبنان، ولم يهدد بضرب مخازن حزب الله أو حزب الله بل البنى التحتية في لبنان، وهذه هي قمة الوحشية والعنصرية والفاشية لكنه أطلقه علنا وقرر نتنياهو أن يضرب العنبر المقصود، وأبلغ ترامب الذي اشترط عليه ” ألا يتأذى مدنيون، وأن تحصر الخسائر بحزب الله ومخازنه ” !!!!
الانفجار الذي وقع في بيروت شاهدنا انفجارين شبيهين له : أحدهم انفجار موكب المرحوم رفيق الحريري، والثاني انفجار ضخم في سوريا في احدى الغارات، وهذا يعطي دليلا محتملا على أن السلاح الذي استخدم في العمليات الثلاث، هو نفس السلاح و” له قوة قنبلة نووية صغيرة الحجم ” .
ذلك كان تعليق ترامب الأول، وكرره كالمصدوم اصابات في صفوف المدنيين …. معظمهم مدنيون، وكأنما يسترجع في ذهنه ما اشترطه على نتنياهو !! تماما كما علق بوش عند اغتيال ياسر عرفات : ” ألم تنشره كونداليزا رايس في كتابها – لقد قلت له :get rid of him، ولم أقل له : assassinate him، ويقصد شارون في آخر لقاء قبل اغتيال ابو عمار
ماهو الهدف من تفجير ميناء بيروت ؟
كل طرف من الأطراف المعادية للبنان له أهدافه من تفجير ميناء بيروت، ولاشك أن لكل طرف مشارك في الجريمة أهدافه من تبعات ذلك التفجير، العملية الارهابية لايمكن التعامل معها الا ضمن سياق مخطط واشنطن وتل ابيب لتجويع لبنان وتركيعه حتى ينفذ شروط واشنطن وتل ابيب، وهي بشكل أساسي : –
1- اخراج حزب الله من الحكومة
2- نزع سلاح حزب الله
3- قطع العلاقات مع ايران
4 – تفتيت العلاقات مع سوريا
5 – اخضاع لبنان للتحالف الموالي لاميركا ودول التطبيع مع العدو الصهيوني .
6 – التفاوض مع اسرائيل لتوقيع معاهدة سلام .
أكد الرجل الصادق السيد حسن نصرالله أن لاعلاقة للحزب بالميناء أو بالشحنات وهذا صحيح ودقيق وثبت من مقابلة كابتن السفينة التي كانت تحمل الشحنة المصادرة، أرادت اسرائيل أن تضرب أكثر من عصفور بحجر، ومنها ايذاء حزب الله مباشرة لكنها فشلت، فانصبت جهودها وجهود اميركا للعب التآمري على المكشوف، ويهيء الثلاثي المتعاون مع أعداء لبنان لطرح نزع سلاح حزب الله كشرط لمشاركته في الانتخابات، وكشرط لمد لبنان بالمعونة والدعم الذي بشر به ماكرون، وأصبحت شروط تل ابيب وواشنطن مطالب للمأجورين الذين يتظاهرون ضد عون وضد حزب الله .
واليوم تصبح مطالب المأجورين شروطا رسمية اميركية قامت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة بتحديد الشروط شرطا تلو الآخر في مقابلة أجرتها معها قناة “العربية”، فقد حددت انهاء التدخل الايراني بلبنان، ونزع سلاح حزب الله، وربطت المساعدات المالية بحكومة جديدة وانتخابات جديدة ( موقع قناة العربية ) .
هذا هو سبب تفجير اسرائيل لميناء بيروت، ونحن نعلم أن الرد على اسرائيل مسألة تقررها المقاومة وليس من باب الانفعال، لكن مواجهة التبعات والتآمر على صعيد الشارع يجب أن يأخذ مجرى جادا وحاسما .
*كاتب وسياسي فلسطيني
* المصدر : رأي اليوم