بقلم: خالد الخالد وادلين محمدي

 

( موقع” اريون 24 نيوز- “areion24.newsالفرنسي, ترجمة: أسماء بجاش-سبأ)

 

تنوي الحركة الحوثية التوفيق بين القبائل والهوية الزيدية، ولكن في نفس الوقت تثبيت روح الانتقام من الغازي السعودي.

 

والواقع أن الثأر، بحسب الكاتب اليمني محمد محسن الزهيري، هو أحد العناصر الأساسية الأربعة للنظام القبلي (مع التحكيم وثقافة الحرب والنسب) ضحت القبائل على وجه الخصوص بالعديد من الرجال في هذا الصراع, حيث تغذي روح الانتقام هذه العقوبات الجماعية التي تهدف، عبثاً، إلى قطع الصلة بين الحركة الحوثية والسكان والتي فرضها السعوديون على الشعب اليمني (بما في ذلك الحصار والمجازر بحق المدنيين وتدمير البنية التحتية في البلد).

 

مشهد سياسي غير مواتٍ للمصالح السعودية:

 

وفيما يتعلق بالسيطرة على الأراضي، فإن الموالين المدعومين من الحكومة السعودية في وضع صعب لا يحسدون عليه, ففي الشمال، تواصل الحركة الحوثية التوسع (في 1 مارس 2020، تمكنوا من بسط سيطرتهم على محافظة الجوف، المتاخمة للحدود السعودية وحضرموت، ناهيك عن كون هذه المحافظة تعتبر منبع لاحتياطيات الكبيرة من النفط والغاز)، والآن أصبحوا على مقربة من محافظة مأرب (آخر محافظة شمالية مستعصمة عن الحوثيين، والتي تسيطر عليها قوات حزب الإصلاح). وفي الجنوب، يسيطر التيار الانفصالي المدعومون من أبو ظبي على العاصمة المؤقتة عدن وأجزاء من المناطق المحيطة.

 

في شمال البلد وجنوبها، تواجه السعودية “حلفاء” مضطربين ويصعب التوافق معهم: قوات حزب الإصلاح، التي ترى بشكل متزايد أن الحركة الحوثية تشكل تهديد رئيسي للبلد.

 

وفي الجنوب, الانفصاليون الذين- في حين يظهرون ولائهم للائتلاف المناهض للحركة الحوثية- يريدون قبل كل شيء إعادة تأسيس اليمن الجنوبي المستقل, كما أن دولة الأمارات تستخدم هذا التيار لمواجهة حزب الإصلاح الذي أصبح يشكل تهديداً ذو أولوية إلى جانب الجماعات الإسلامية المختلفة.

 

إن الخطاب الذي ينتهجه التيار الانفصالي غامض بشكلٍ عمداً حول العربية السعودية والمعسكر الموالي لها: فهم لا يريدون هادي في عدن ويحتجون بقضية تقرير المصير، لكنهم أيضاً لا يريدون الانفصال رسمياً عن التحالف والانخراط في مواجهة مباشرة مع الحركة الحوثية, وبالإضافة إلى هذه الجماعات، رفضت معظم محافظتي شبوة وحضرموت مبدأ الانفصال الجنوبي بينما كانت في نفس الوقت حذرة من معسكر الموالين.

 

إن الحزبين السياسيين التقليديين في حالة تشرذم نسبي, حيث يعد حزب المؤتمر الشعبي العام، وهو حزب الرئيس عبد ربة منصور هادي، موطنا لثلاثة اتجاهات رئيسية: الاتجاه الموجود في الحكومة والذي تدعمها السعودية, ومن يشارك في السلطة التنفيذية للحوثيين في صنعاء التي قادها نجل وابن شقيق الرئيس السابق صالح، وفي المعسكر الموالي لكن هذه المرة  برعاية الإمارات إلى جانب الانفصاليين من الجنوب.

 

وفي الوقت نفسه، لدى “حزب الإصلاح” حساسيتان: الأولى الموالٍ (يوجد في حكومة هادي وفي محافظة مأرب، مهدد من قبل الحوثيين) أكثر “واقعية” بدعم من الراعيين الرئيسيين لجماعة الإخوان المسلمين والمتمثلة في (دولتي تركيا وقطر).

 

ويمثلها عدد من المثقفين المستقلين (مثل الناشطة توكل كرمان الحائزة على جائزة نوبل للسلام في العام 2011 وكذلك الكاتب مروان الغفوري)، المدركين لضخامة انتصار الحركة الحوثية ومعادياً لعمل كلاً من السعودية والإمارات.

 

قال الرئيس السابق صالح ذات مرة للصحفي الفلسطيني عبد الباري عطوان في حديث جمعهما عن الحرب الأهلية التي اشتعلت في اليمن في منتصف العام 1994: “عندما علمت أن السعوديين يدعمون خصومي الانفصاليين، أدركت أنني سأفوز لأن المملكة العربية السعودية لا تزال في الجانب الخاسر”, ويجب الاعتراف بأن هذا ما زال هو الحال.

 

وحول علاقتهم مع حزب الإصلاح، يواجه صناع القرار في الرياض تناقضات داخلية (شيطنة الإخوان المسلمين إلى جانب تحالف معهم في اليمن)، ووجود تيار معاد لها في الحزب والحرب التي تشنها عليه (ضد حكومة هادي التي تشارك فيها) من قبل الإمارات ووكلائها تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.

 

وعلى الجبهة الإقليمية، تواجه هذه المنطقة انقساماً بين الحركة الحوثية (في الشمال) والحركة الانفصالية (في الجنوب).

 

وعلى الرغم من هذا التشكيل، وأن الرئيس هادي الذي يحظى بتأيدهم, غير قادر على العودة إلى الأراضي اليمنية، إلا أن السعوديين يتباهون  بأنهم تمكنوا من تحرير 85% من الأراضي.

 

فشل ذريع على المستوى الإقليمي:

 

يجد السعوديون أنفسهم مغفلين على الصعيد الجغرافي السياسي الإقليمي، من قبل أعدائهم الإيرانيين الذين سيكونون قد حققوا نصراً بتكلفة ضئيلة (استثمارات محدودة دون تدخل مباشر) وخدعهم من قبل حلفاءهم الإماراتيون.

 

وقد تلاشى تحالفه الدولي الكبير، الذي أُطلق في العام 2015، بعد أن انسحاب عدد من أعضاء التحالف, خاصة الحلفاء الإماراتيين.

 

يبدو من الصعب إعادة تفعيل التحالف المناهض للحركة الحوثية, وبالنسبة للإمارات والمجلس الانتقالي الجنوبي فإن حزب الإصلاح (وحكومة الرئيس هادي بشكل عام) تعتبر بمثابة تهديداً أكثر إلحاحاً من الحركة الحوثية, وبالنسبة إلى حزب الإصلاح وجزء من حزب المؤتمر الشعبي العام، فإن النزعة الانفصالية الجنوبية هي أيضاً أكثر خطورة من الحركة الحوثية.

 

وفي ظل هذه الظروف، لا تسير الافتراضات المعقولة في اتجاه المصالح السعودية, وفي المفاوضات المستقبلية، من المرجح أن تأتي الحركة الحوثية إلى موقع القوة.

 

من الوارد تحقيق تقارب بين الحركة الحوثية والحركة الانفصالية في الجنوب (القنوات موجودة بالفعل بفضل حزب الله اللبناني والقادة السابقين في جنوب اليمن)، خاصة في حالة حدوث تقارب إيراني إماراتي.

 

وفي ظاهر الأمر، لا مصلحة للحركة الحوثية في مهاجمة جنوب اليمن، حيث لا يملكون قاعدة شعبية، ولا مصلحة للإمارات في إثارة التصعيد أخر مع إيران.

 

يمكن لروسيا، التي لديها علاقات جيدة مع الحوثيين ومع المجلس الانتقالي الجنوبي وطهران وأبو ظبي، أن تقدم خدماتها كقوة وسيطة.

 

ولا يمكن استبعاد الصراع الأقل احتمالاً بين الحوثيين والانفصاليين, وفي هذه الحالة، سيكون التقارب بين الحركة الحوثية وحزب الإصلاح ممكناً، وستحظى السعودية بفرصة لإقناع حلفائها الإماراتيين باستئناف الحرب.

 

أسئلة أخرى تنشأ: فهي تتعلق بالمستقبل السياسي (أي تقاسم للسلطة؟) والإقليمية (إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية الاتحادية؟ اتحاد كونفدرالي لمواساة الانفصاليين دون أن يعرض عليهم الانفصال؟).

 

ستكون المملكة العربية السعودية بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قد خسرت كل شيء في اليمن في نهاية المطاف, كما هي في كل مكان تقريباً في المنطقة، على الرغم من الموارد المفرطة.

 

وفي العراق، أصبح وزنها الآن ضئيلا, وفي سوريا، هُزمت الجماعات الإسلامية التي دعمتها وفي لبنان فشلت حملتها المناهضة لحزب الله.

 

وعلى مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، لم تسفر محاولته “تدجين” قطر عن شيء, بين الحرب ضد طهران والحرب ضد الإخوان المسلمين، وعلى عكس الرياض, ركزت أبو ظبي على أولويتها: محاربة الإسلام السياسي قبل كل شيء، وكجزء من سياسة خارجية منفصلة (التطبيع مع السلطة في سوريا، الأطماع البحرية في اليمن).

 

وعلى نطاق عالمي، من المرجح أن يردع السجل الكارثي لهذه الحرب – سياسياً وإنسانياً – وعدم شعبيتها, الإدارة الأمريكية(في حين أن الانتخابات الرئاسية المزمع إجرائها في نوفمبر 2020) وحلفائها الأوروبيين عن دعمها إلى أجل غير مسمى.

 

* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.