طريق الدموع من إثيوبيا إلى اليمن
بقلم: جان فيليب ريمي
السياسية:
ترجمة: أسماء بجاش – سبأ :
قبل انتشار فاشية الفيروس التاجي, غادر الآلاف من أورومو – جماعة عرقية موطنها إثيوبيا وشمال كينيا، وأجزاء من الصومال- الأراضي الإثيوبية على أمل الوصول إلى السعودية، في رحلة شاقة محفوفة بالمخاطر حيث يجتازون رحلتهم سيراً على الأقدام.
تبدءً هذه الرحلة التي لا يجنون منها سوى المعاناة والموت والآمال المضللة, من منطقة باب المندب أو ما يسمى أيضا “باب الدموع” الواقع عند مدخل البحر الأحمر، والفاصل بين القارة الأفريقية وشبه الجزيرة العربية.
على طريق يبلغ طوله عدة آلاف من الكيلومترات، يجب على بؤساء إثيوبيا الذين جعلوا الموت بضاعة في رحالهم، الوصول إلى الأراضي السعودية الغنية بالذهب الأسود.
قُدر للعديد من الرجال والنساء، الذين لا يزالون في ريعان الشباب والذين أطبق الفقر مخالبه عليهم، خوض غمار هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر، من خلال اجتياز مساحات شاسعة من الأراضي الجيبوتية والمناطق الساحلية في جنوب اليمن.
السواد الأعظم منهم ينتمون إلى جماعة أورومو، وهي الأكبر في إثيوبيا، حيث يشكل سكانها ثلث عدد السكان تقريباً والبالغ عددهم زهاء 30 مليون نسمة.
يحاولون من خلال هذه الرحلة الوصول إلى ممالك الخليج على أمل العثور على عمل هناك, ولهذا، يجب عليهم اجتياز الأراضي اليمنية القابعة في غيبات الحرب الأهلية منذ أواخر مارس من العام 2015م.
مهاجرون ينتعلون صحراء ذات لهب ويستظلون سماء حارقة:
في نهاية العام المنصرم، عبر المهاجرون أصعب جزء في هذه الرحلة، حيث اجتاز المئات من الرجال والنساء الأراضي الإثيوبية سيرا على الأقدام وصولاً إلى الحدود الجيبوتية إلى منطقة الساحل، وأولئك الذين يحالفهم الحظ ويبقون على قيد الحياة، ويصلون إلى خليج عدن، بعد أن اجتازوا البحر على متن مراكب شراعية، إلى منطقة رأس العارة الواقعة على الساحل الجنوبي لمحافظة لحج اليمنية، فأولئك الذين يحالفهم الحظ يمرون إلى الجانب الآخر، حيث تطأ أقدامهم قارة أخرى، بيد أن الخطف سيكون المصير المحتوم لبعضهم وسيتم تعذيبهم، وذلك كله من أجل الحصول على الفدية.
وخلال تلك الفترة، كان أكثر من 20 ألف شخص يعيشون نفس الظروف والمعاناة كل شهر، دون مساعدة خارجية أو منظمات إنسانية أو شهود عيان، واليوم أصبح “الطريق إلى الموت” مقطوع.
ما لم يفعله وباء الكوليرا الذي أطبق خناقه على اليمن في السنوات الأخيرة القليلة الماضية، حيث تم تسجيل أكثر من مليون حالة إصابة و2000 حالة وفاة، فعله “كوفيد-19”: فقد توقف المهربون اليمنيون عن مزاولة نشاطهم، ولا يزال الآلاف من هؤلاء المسافرين الذين تقطعت بهم السبل عالقين في مدينة عدن الجنوبية.
مهاجرون الأورومو يعبرون منطقة الغالافي الواقعة على الحدود بين إثيوبيا وجيبوتي، فهذه الصحراء هي واحدة من أشد المناطق حرارة في العالم، حيث تقع على مقربة من أوبوك في جيبوتي.
وبعد ستة أيام من السفر الشاق، أرتقت روح مجدس، وهي فتاة إثيوبية تبلغ من العمر 25 عاماً، إلى السماء بسبب العطش، وذلك بعد أن تخلفت عن المجموعة التي كانت تسافر معها في تلك الليلة والمتوجهة لليمن.
بعد عدة أيام من المشي، يصل المهاجرون لأمام منطقة مضيق باب المندب الذي يفصل مدينة عدن عن البحر الأحمر، فهؤلاء السكان الأصليين في السهول الوسطى من إثيوبيا لم يروا البحر قط.
وفي كل ليلة، يتم نقل ما يقرب من ألف مهاجر على يد المهربين إلى أقل الشواطئ حراسة، في شمال أوبوك، جيبوتي، حيث سيتم تحميلهم على متن مراكب شراعية لعبور المضيق.
وفي منطقة الدخيل، بالقرب من جيبوتي، يستأجر المهاجرون حاويات من القرويين لقضاء الليل، بمعنى أن مثل هذه الأعمال التي يشهدها طريق أورومو، تشارك في رفع الاقتصاد المحلي.
اكتظت المراكب الشراعية المصنوعة من الخشب بطريقة تقليدية بالمهاجرين بعد أن صعد على متنها قرابة 70 مهاجراً من أورومو، والبعض منها تحمل ما يصل إلى 300 مهاجر، والهدف المنشود هو عبور منطقة باب المندب بين جيبوتي واليمن، حيث تستغرق هذه الرحلة ما بين أربع إلى ست ساعات.
ومع ظهور اليابسة يتم الإعلان عن انتهاء الرحلة والوصول إلى الساحل اليمني بالتحديد إلى منطقة رأس العارة، حينها يبدأ مهاجري الأورومو مسيرتهم الطويلة في هذا البلد الذي دمرته الحرب الأهلية منذ أكثر من خمس سنوات.
فعلى الطريق المؤدية إلى الساحل الجنوبي لليمن، بين رأس العارة ومدينة عدن، يسير الأورومو من أربعة إلى خمسة أيام للوصول إلى المدينة الجنوبية العظيمة من نقطة نزولهم.
وعلى الطريق المؤدية إلى الساحل الجنوبي لليمن، بين منطقتي رأس العارة ومحافظة عدن، غالباً ما يحصلن النساء اللاتي يقل احتمال هجرتهن أربع مرات عن الرجال، على فرص مواصلة الرحلة بالسيارات مقابل دفع الأجرة، لكن البعض ممن لا يحالفهن الحظ، يتوجب عليهن إكمال الرحلة مشياً على الأقدام مع الرجال.
وبمجرد دخولهم إلى اليمن، يحاول المهاجرون اجتياز الرحلة التي يبلغ طولها 1000 كيلومتر سيراً على الأقدام إلى المملكة العربية السعودية، بيد أن القليل منهم من ينجح في ذلك، حيث أن الإرهاق، والخطف، والجفاف، تصاحبهم على طول رحلة الموت.
وللاستمرار في الرحلة، التي تستمر لأيام، يقتات الأورومو على بقايا الطعام التي يحصلون عليها من المطاعم الموجودة على جانبي الطريق، كما يتهافتون على بقايا الطعام التي خلفها سائقو الشاحنات اليمنيين.
لا يزال حلم الوصول إلى المملكة الغنية بالنفط حلم يراود مهاجري الأورومو، ممن تم إيداعهم في أحد الملاعب المهجورة في عدن، عاصمة جنوب اليمن.
وبعد اجتياز آلاف الكيلومترات، يحاول البعض منهم العمل في التسول على أمل مواصلة رحلتهم إلى السعودية.
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.