السياسية – وكالات:

اقترب الجيش الإسرائيلي من انتهاء بناء الجدار الخرساني الذكي تحت الأرض على الحدود الإسرائيلية مع غزّة (شرع في بنائه عام 2019). ووظيفة الجدار كشف الأنفاق التي بدأت الفصائل المسلّحة حفرها قبل عدوان 2014. وقد شرع الجيش في بناء حدود ذكية جديدة فوقه، متوقع أن تدخل الخدمة العسكرية قريباً.

والحدود الذكية الجديدة جدار يعتمد على الموجات الكهرومغناطيسية والروبوتات العسكرية في حماية الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل، ومزود بحوامات ورادارات وأنظمة رصد ومراقبة متقدمة. وتعمل إسرائيل على بناء الحدود الذكية والقاتلة، كتجربة أولى مع غزة.

ويمتد السور الذكي على نحو 10 كيلومترات، فوق الجدار الخرساني الذي يحيط بغزة بطول 60 كيلومتراً والمزود بأجهزة استشعار حديثة. ومن المفترض أنّه قادر على صدّ قذائف الهاون. وفوق هذا الجدار خمس طبقات عمودية مكونة من ألواح (معدنية واستشعارية) متعددة المقاس، مخصصة لصد الهجمات الصاروخية بمختلف أنواعها ومداها.

وخلف الجدار مباشرة هناك رادارات وأنظمة رصد ومراقبة متقدمة قد يغطي مداها قطاع غزّة، وتتعامل مباشرة مع حوّامات ذكية تتلقى تعليماتها من أنظمة المراقبة وتستطيع تنفيذ هجمات ضدّ الأهداف المحددة. وتليها كتيبة مقسمة إلى سرية روبوتات عسكرية، وسرية اعتراض، وسرية احتياط. وجميعها من دون عنصر بشري، ويمكن تفعليها من بعد، وتتصل بمركز قيادة الجيش الذي يتابع مجريات الأحداث على الحدود.

وشرعت إسرائيل في بناء الجدار بعد أشهر من المناقشات التي أجراها الجيش الإسرائيلي مع شركات الصناعات العسكرية، بموازنة تزيد على 870 مليون دولار أميركي. وطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من وزير جيشه بيني غانتس ووزير المالية يسرائيل كاتس وقائد هيئة الأركان أفيف كوخافي البحث عن مصادر تمويل في ظلّ الأزمة الاقتصادية التي حلّت بعد تفشي فيروس كورونا.

وفقاً لمراقبين للشؤون الإسرائيلية فإنّ الجيش لجأ إلى هذا الجدار التكنولوجي من أجل تقليل نسبة تعرض حياة جنوده للخطر، خصوصاً أنّ حركة حماس تمكنت خلال العدوانين 2008 و2014، من أسر جنود أثناء الهجوم البري على غزة. ويأتي في إطار تعزيز استخدام الوسائل القتالية غير المأهولة (الروبوتات العسكرية)، ومن أجل رفع قدرة الجيش على إغلاق الدائرة مع أي حدث على الحدود مع غزة.

الروبوتات العسكرية لتأمين الحدود

لكن خبراء عسكريين يتوقعون أنّ مهمة الروبوتات العسكرية مقتصرة على تأمين الحدود، ومنع ظاهرة التسلل من القطاع. ويعتقد رئيس الهيئة الوطنية للمتقاعدين العسكريين الفلسطينيين سعيد فنونة أنّه “من الصعب على الروبوتات الدخول في معركة مفتوحة من دون وجود كوادر من الجيش الإسرائيلي، خصوصاً أنّ المعركة في قطاع غزة لا قوانين فيها، وكلّ يوم تتغير المعادلات”.

ويشير فنونة إلى أنّ “استخدام الروبوتات بدلاً من الجيش أمر شبه مستحيل، فهي لا تستطيع أن تمييز بين المدنيين وعناصر الفصائل، وقد تكون محرمة دولياً، وفي العلوم العسكرية لا بد من وجود قائد ميداني يدير المعركة ويتابع تفاصيلها، وعملية إدارة المعركة من بعد غير ناجحة بخاصة في ظروف بيئة غزة”.

واقعياً، أدخلت إسرائيل الروبوتات في الخدمة العسكرية منذ العام 2017. وكان منها الروبوت “أندروس” المخصص لاختراق الانفاق، و”هاروني” الذي يرصد ويصور الأسلحة داخل الأنفاق، والروبوت “قط الرمال” مصمم لإزالة العبوات الناسفة الثقيلة الوزن. وطوّرت روبوتاً قنّاصاً مقاتلاً.

وبينما تنوي إسرائيل الاعتماد على الجدار الذكي والروبوتات في حماية حدودها مع غزّة، في تجربة أولى لها، يعتقد مراقبون أنّ إسرائيل تحاول إحكام قبضتها على قطاع غزّة، لا سيما في ما يخص مراقبة الأنفاق.

جدار جانب جدار

وتمتلك إسرائيل جداراً إلكترونياً يحيط بقطاع غزة منذ سنوات، لمنع وصول إيّ فلسطيني إلى المناطق الحدودية. ويعمل طاقم مراقبة يتغير كلّ ثلاث ساعات على مراقبة الحدود بشكلٍ متواصل عبر كاميرات مراقبة وأجهزة إنذار حديثة.

لكن، يبدو أنّ ذلك الجدار غير ناجع في المهمة الموكلة إليه، لذلك لجأت إسرائيل إلى تشييد الجدار الذكي. يقول أستاذ العلوم السياسية أيمن الرقب إنّ الهدف من السور الذكي المزود بالروبوتات العسكرية لتقليل عدد العاملين في أجهزة الرقابة والسيطرة قدر المستطاع على الحدود، من دون حدوث أي اختراق، ومحاولة كشف الأنفاق، خصوصاً أن الجيش يعاني من عدم مقدرته على الكشف عن الأنفاق الحدودية، مشيراً إلى أنّ السور قد يمنع أي حركة تحت الحدود وفوقها.

ومن موقع قربه من الفصائل المسلحة، يقول الباحث في الشؤون السياسية الفلسطينية مصطفى الصوّاف إن “الفصائل المسلحة وإسرائيل في حالة صراع عقول، والأولى غير قلقة من هذا السور، ولديها أدواتها التي يمكن أن تتجاوز كلّ ما تصرح به إسرائيل من سور أرضي أو جدار ذكي، الفصائل تمتلك وسائلها المختلفة والمتنوعة، التي يمكن أن تواجه بها هذه المخططات، وستظهر في أي مواجهة مع إسرائيل”.

الجدران الإسرائيلية

والجدار الجديد ليس الأوّل الذي تشيده إسرائيل حول قطاع غزّة، بل سبق لها أن أقامت أربعة جدران مختلفة لحماية حدودها من هجمات مقاتلي الفصائل المسلحة. فأقامت الجدار الأول بعد انسحابها من القطاع عام 2005. ويمتد على طول الشريط الحدودي. وهو على شكل سياج شائك ممغنط بالكهرباء. والجدار الثاني عبارة عن جدار عازل إسمنتي، يمتد على طول الشريط الحدودي مع غزة. لكنه يقع داخل الأراضي الإسرائيلية. ويعمل على تدمير الأنفاق الهجومية التي حفرتها فصائل لمحاولة اختراق الحدود وتنفيذ هجمات داخل الأراضي الإسرائيلية. ويتألف الجدار الثالث من سلسلة كثبان رملية في مناطق متفرقة منتشرة في المناطق الجنوبية لقطاع غزة. وهدفه منع كشف مواقع التدريب الإسرائيلية القريبة. أمّا الرابع فجدار شجري للتمويه على مقاتلي الفصائل.