23 يوليو (السياسية) : نجيب هبة

كشر تحالف عدوان الشر عن أنيابه وأظهر أهدافه الحقيقية من تدخله في اليمن فإلى جانب سعيه الحثيث وحرصه على عدم نهوض اليمن وتمزيق نسيجه المجتمعي وإدخاله في حالة لامتناهية من الفوضى هاهو يعمل بكل جرأة وتجرد من المسؤولية على نهب ثرواته وحقوق شعبه وأجياله القادمة.

فقد تناولت تقارير عديدة سرقة دول العدوان لثروات اليمن في مختلف الاتجاهات فبينما سارعت السعودية وكثفت من عمليات نهب وسرقة النفط اليمني من حقول مأرب وشبوة والجوف .. اجتهدت الإمارات بالمقابل في سرقة الآثار والثروة السمكية ضاربةً عرض الحائط بكل المواثيق والقوانين الدولية وأخلاق الحرب وهي الدويلة التي تجردت من كل مايمت إلى الأخلاق والدين بصلة سواءً في عدوانها الهمجي على اليمن أو في تدخلها التخريبي في عدد من الدول العربية.

ففي مجال الآثار تورطت دويلة الإمارات المارقة بعمليات سرقة ممنهجة للآثار التاريخية في عدة دول أبرزها اليمن وسوريا والعراق محاولة صنع تراث ثقافي لاتمتلكه وتغيير صورتها النمطية كونها صحراء لا تاريخ ولا ثقافة لها.

 

محاولة خلق تاريخ ثقافي بالسرقة

وشهدت الإمارات في العقدين الأخيرين سعي حثيث نحو تسلُح ثقافي ورغم جهودها الشديدة في خلق إطار ثقافي في الأذهان ظهرت انتقادات واسعة للطريق الخاطئ الذي سلكته.. فالدويلة التي أقامت مشاريع ادعت أنها “حضارية ، فنية ، ثقافية” ضخمة، تميز سعيها بطابع رأسمالي فج ترك في الأذهان انطباعاً أن كل تلك المشاريع إنما هي مشاريع استثمارية في المقام الأول، والأسوأ من ذلك أنها جميعاً مستوردة عبر عمليات سرقة ونهب غير مشروعة.

ففي هذا السياق ، أوردت مجلة “ذي نيو ريبابليك” الأمريكية في مقالها عن ” لوفر أبو ظبي” لجاج ماثيو، والمنشور بتاريخ 5 ديسمبر 2017، أن “كُلّ شيء هنا مُستورد.. فالدولة في محاولات تسلحها الثقافي تتعامل بمنطق استهلاكي رأسمالي تماما”.

وبدل تأسيس متحف يعكس تاريخها القومي، قامت الامارات بشراء اسم “اللوفر” من المتحف الأم في فرنسا وكأنه ماركة ملابس تحاول احتكارها! وهو ما يؤكد أن دويلة الشر الإماراتية لا تاريخ لها. بالرغم من أن المتحف الأم أخذ في الأذهان على مر السنين طابع المعلم القومي الفرنسي حتى لا يكاد يخلو ذكره من استحضار الهوية الفرنسية.

واتهم معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان ومقره بيروت ، ميليشيات الإمارات في اليمن باستهداف الأعيان الثقافية والسياحية والتاريخية في البلاد في انتهاك لمعايير القانون الدولي الإنساني.

وفي تقرير للمعهد بعنوان “جرائم الحرب في اليمن: استهداف الأعيان الثقافية والتاريخية”، وثق معطيات بشأن نماذج عن الهجمات التي استهدفت الأعيان الثقافية والسياحية والتاريخية، ومن خلال ما تم رصده وجد المعهد أن الدمار الواسع النطاق الذي طال الممتلكات الثقافية اليمنية، يعد انتهاكا صريحا للحماية التي توفرها قوانين الحرب، كما أنه لم تتم حماية المواقع الأثرية وفقاً لمعايير القانون الدولي الإنساني.

 وقال رئيس المعهد يحيى الحديد إن “جرائم الحرب التي استهدفت المواقع الأثرية والسياحية والدينية في اليمن لم تتوقف عند الاستهداف المباشر والتدمير الذي طال نحو 80% من الآثار، لكنها تسببت أيضا في تلفها بسبب الحصار وظروف الحرب التي لم تسمح للمعنيين بتوفير العناية والبيئة الملائمة للمحافظة على هذه الكنوز الحضارية والثقافية، وبالتالي خسرت البشرية والأجيال القادمة فرصة الاطلاع عليها”.

وأضاف الحديد أن “الكثير من القطع الأثرية تعرضت للسرقة والسطو والتهريب، وخصوصاً نحو السعودية والإمارات اللتين تحاولان بكل ما تملكان تدمير اليمن وكافة وجوه الحضارة والحياة فيه. كما وردتنا بعض المعلومات التي تشير إلى أن الكثير من المخطوطات اليهودية جرت سرقتها وتهريبها إلى إسرائيل”.

ودعا معهد الخليج للبدء “بتحقيقات دولية في الهجمات التي استهدفت تلك الأعيان، بما في ذلك الكشف عن نوعية الأسلحة المستخدمة في تلك الهجمات والدول المصنعة لها، بما يكفل عدالة المساءلة في تلك الجرائم”.

وفي نوفمبر الماضي كشف باحث أمريكي متخصص في شئون الآثار عن “سرقة دولة الإمارات آثار اليمن وتهريبها بغرض بيعها إلى دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية”.. وذكر الباحث الأمريكي الكسندر ناجل أن “آثار اليمن تصل إلى أكثر من مليون قطعة يتم سرقتها بشكل دوري من الإمارات بطرق متنوعة”.

وقال ناجيل إن “معظم المستشرقين الذين زاروا اليمن منذ مدة طويلة وخصوصًا من أمريكا كانوا يقومون بأعمال دراسات وتنقيب، لكنهم كاذبون، فهم تجار آثار”.. مضيفاً “لقد عملوا على تهريب عدد كبير من الآثار إلى أمريكا ويصل عدد القطع المهربة إلى أكثر من مليون قطعة أثرية، وهم لديهم متاحف ومجموعات تقدر قيمتها بملايين الدولارات”.. مشيرًا إلى أن “ثروة أحدهم التي جناها من الآثار تقدر بحوالي 34 مليون دولار”.

وتابع “للأسف الشديد الكثير من المتاحف والمجموعات في أمريكا تستقبل وتعرض القطع دون التحقق من مصدرها ولكن مؤخرًا وبوجود إدارات شابة للمتاحف بدأ هذا الشيء يتغير”.

وكشف الباحث الأمريكي أنه “يتم تهريب قطع الآثار من اليمن عبر دول مثل الإمارات وإسرائيل قبل وصولها إلى الولايات المتحدة”.. مؤكدًا تورط “العديد من المستكشفين والأكاديميين والدبلوماسيين في تهريب الآثار من اليمن”.

واستند ناجيل في عرضه التقديمي للعديد من القطع والوثائق وبعض المنشورات في صفحة “نقوش مسندية”، وصفحة الباحث عبدالله محسن الذي نشر على صفحته في 4 يوليو 2018 عن إحدى تلك القطع وقال إنها “قطعة من آثار تمنع عاصمة دولة قتبان أهديت مع عدد من الآثار عربون صداقة إلى السير تشارلز جونستون، من قبل صالح حسين الهبيلي ابن أمير بيحان”.

 

مصادرة حقوق الصيادين

أما في مجال الثروة السمكية .. فنظرا للموقع الجغرافي الذي يميز اليمن وخاصة سواحلها وتنوع ثروتها السمكية وتميزها بالجودة العالية فقد أصبحت محل أطماع دولتي العدوان ، الأمر الذي جعلهما يشيدان مصانع لتعليب وتغليف الأسماك وتصديرها، مستغلين الوضع الهزيل الذي تعيشه حكومة المرتزقة بسبب الحرب.

وتفرض أبو ظبي قرارات رخيصة بطابع استعماري احتلالي بحت بمنع الصيادين من الصيد في البحرين الأحمر والعربي.. تاركة المواطن اليمني وخاصة الصياد يعاني الأمرين في لقمة عيشه ويعيش بؤساً مضاعفاً بينما يشاهد السفن الكبيرة التابعة للإمارات وهي تجرف الثروة السمكية من سواحل اليمن وهو لايستطيع أن يفعل شيئاً.

وفي ذات الاتجاه ذكر تقرير لموقع “المهرة بوست” أن صيادين يمنيين ناشدوا منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الإغاثية الدولية، بالضغط على سلطات قوات التحالف، للتوقف عن استهدافهم وتعويضهم عن قواربهم المنهوبة ليتمكنوا من ممارسة مهنة الصيد.. ونظم عدد من الصيادين اليمنيين بمدينة شحير بالمكلا، عاصمة محافظة حضرموت، وقفة احتجاجية بسبب منعهم من الصيد في البحر العربي من قبل قوات تحالف العدوان .

ونقل التقرير عن الناشط أنيس منصور قوله إن “السعودية هاجمت الصيادين اليمنيين في المهرة مرات وداهمت مخازن الصيادين في منطقة الفيدمر مركز مناطق مديرية بلحاف الساحلية”. وفي سيحوت “أصدرت القوات السعودية قرارا في فبراير الماضي يقضي بمنع الصيادين من الاقتراب للمواقع التابعة لها، ومنع الاصطياد بشكل كامل في سواحل المديرية”.

من جانبها قالت صحيفة “الاندبندنت” البريطانية إن “الصيادين في المهرة يشكون من عدم السماح لهم بالصيد حول القواعد السعودية الجديدة، بحجة أنهم متورطون في التهريب، وهو ما قلص أرباحهم اليومية بسبب القيود المفروضة عليهم من قبل السعودية”

ونقلت الصحيفة عن أحد الصيادين قوله ” لو كنا مهربين لكان لدينا الكثير من المال، ولما كنا جالسين في حوض صغير نحاول الصيد.. السرقة والنهب سلوك إماراتي الإمارات هي ثاني دولة في التحالف لا تختلف عن السعودية القائد سوى أنها تمارس السرقة بشكل مباشر وتدعي أنها تقدم الدعم لليمن وللأسر المتضررة”.

 

سفن صيد ضخمة

وكشف تقرير سابق لـ “الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات” عن “إقدام أبو ظبي وميلشياتها العاملة في اليمن على سرقة ونهب ثروة اليمن السمكية ونقلها إلى الإمارات عن طريق سفن الصيد الضخمة ووسائل النقل العسكرية”.

من جانبهم.. اتهم صيادو المخا دويلة الإمارات بمنعهم من ممارسة الصيد في المياه الاقليمية في الساحل الغربي من دون مبرر وسمحت للسفن الحديثة بالصيد في تلك السواحل.

وأكدت حملة المقاطعة بأن “هناك سفينة صيد تصل الإمارات يومياً قادمة من شواطئ اليمن محملة بجميع أنواع الاسماك لبيعها لصالح قيادات عسكرية اماراتية”.. مشيرة إلى أن “القوات العسكرية الاماراتية قد سرقت في وقت سابق الآثار والأشجار والطيور اليمنية النادرة من أرخبيل سقطرى وتم نقلها إلى الإمارات”.

وأضافت الحملة بأن “الإمارات لم تكتف بارتكاب جرائم حرب في اليمن وقتل الأطفال والنساء وكبار السن، بل ذهبت لسرقة ثروات اليمن السمكية والتاريخية والنباتية والحيوانية”.

 

سقطرى وسرطان أبوظبي “المزروعي”

أما جزيرة سقطرى التي تم تصنيفها كأحد مواقع التراث العالمي في عام 2008، فلم يسلم أي شيء فيها من النهب والسرقة.. حيث التهم الثروة السمكية سرطانها البشري “حمد المزروعي” الذي يمارس النهب بطريقة منظمة عبر مصنع يجري فيه تغليف وتبريد الأسماك ومن ثم يصدرها للمدن الإماراتية.

ويشير مراقبون إلى إن “4 شركات إماراتية تقوم بنهب الثروات السمكية في جميع سواحل اليمن منذ خمس سنوات”.. مؤكدين في الوقت ذاته أنها “تغطي سوقها المحلي من الثروة السمكية اليمنية وتمنع الصيادين اليمنيين من ممارسة الصيد”.