21 يوليو 2020( موقع” مينتبرس نيوز” الانجيزي، ترجمة: نجاة نور- سبأ)

بقلم: احمد عبد الكريم

دعا مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن مارتن غريفيث إلى إجراء تحقيق شفاف في الهجوم الذي جاء بعد أسابيع فقط من قيام الأمم المتحدة بإزالة اسم المملكة العربية السعودية من القائمة السوداء لقتلة الأطفال .
إن حفلات الزفاف في أي مكان في العالم تعتبر مناسبة سعيدة للأزواج وعائلاتهم الذين يحتفلون ببدء حياة جديدة مشتركة واليمن ليست استثناء, حيث تشمل حفلات الزفاف بشكل تقليدي الآلاف من الضيوف المجتمعين في قاعات الافراح أو المنازل الكبيرة، ولكن ليس منذ عام 2015, عندما بدأت الحرب وبدأ التحالف بقيادة السعودية في تحويل حفلات الزفاف اليمنية إلى مسالخ حقيقية مرعبة.

يوم الأربعاء، أصبح حفل زفاف المواطن مبخوت مرزوق مرعي الذي كان من المفترض أن يكون مناسبة سعيدة لعروسه وضيوفه، مسرحا لهجوم مميت, حيث تجمع العشرات من النساء والأطفال في منزله للاحتفال تحت سقف واحد عندما حولت الطائرات الحربية السعودية الاحتفال إلى مشهد دموي “مذبحة”.

لقي ما لا يقل عن 31 امرأة وطفل مصرعهم وأصيب العشرات عندما أسقطت طائرة حربية سعودية واحدة قنبلة على منزل عائلة مرعي في منطقة المسيفة الواقعة في مديرية الحزم بمحافظة الجوف الغنية بالنفط, وقال مرزوق مرعي للصحافيين أن الزفاف تم الإعلان عنه علنا وأبلغوا بالتحديد التحالف السعودي بموعد ومكان الحفل لتجنب الهجوم.

مشهد الهجوم الذي وصفه الشهود لـ مينتبرس انه كان مأساوياً, حيث تم سماع انفجاراته العنيفة في القرية، وشاهدوا حرائق حمراء ممزوجة بالغبار والدخان تضيء الانقاض المحترقة.

كانت أجساد ضيوف الزفاف وأثاث الزينة تغذي الحرائق وقد تبعثرت في كل مكان، حيث سُمع الصراخ والبكاء من أولئك الذين نجوا من الهجوم الأولي في أحد المنازل القريبة من حفل الزفاف، كما شاهد الناس امرأة وهي تسعى إلى عمال الإنقاذ وهي تصرخ باللعنات على النظام السعودي.

على الرغم من الخوف من وقوع ضربات إضافية، قام رجال الإنقاذ بسحب جثث العشرات من النساء والأطفال من تحت الأنقاض، ومعظمهم لا يزال ملفوفا في ملابس الزفاف التقليدية.

تم نقلهم إلى مستشفى الثورة بصنعاء، ومستشفى مأرب، ومستشفى الحزم, ومن المتوقع أن يرتفع عدد القتلى، حيث لا يزال العديد من الحاضرين الذين تم إنقاذهم من تحت الأنقاض في حالة حرجة.

قال مرزوق مرعي للصحافيين المجتمعين في مكان الحادث “نحن نحتفل ولا نقاتل والسعوديون وهم يعرفون ذلك, لقد فقدت أحبائي في غارة جوية سعودية، وليس من فيروس كورونا، ووصف الهجوم بأنه “هدية أمريكية في زمن كورونا”، في إشارة إلى الأسلحة التي يُزعم أنها استخدمت في الهجوم.

شيء صادم، حتى حسب المعايير اليمنية:

دعا مارتن غريفيث إلى إجراء تحقيق شفاف في الهجوم وكتب في منشور على صفحته الرسمية على تويتر: ” ناسف للغارات الجوية التي شنت بالأمس في الجوف, ونطالب بإجراء تحقيق شامل وشفاف”.

جاء الهجوم بعد أسابيع فقط من قيام الأمم المتحدة، في خطوة مثيرة للجدل، بإزالة النظام السعودي من قائمة قتلة الأطفال.

وبحسب إحصائيات وزارة الصحة اليمنية ومقرها صنعاء وكذلك من المستشفيات المحلية، فقد قُتل حوالي 21.000 مدني، من بينهم 4270 طفلاً و2.370 امرأة ، وأصيب حوالي 26.100 شخصاً منذ بداية الحرب التي قادتها السعودية في عام 2015.

وأدانت الهيئات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية في اليمن الهجوم ودعت إلى إنهاء مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى الرياض.

ومن جانبهم، دعا زعماء القبائل اليمنية إلى اجتماع تشاوري في صنعاء ووعد أنصار الله بتكثيف الضربات على دول التحالف بقيادة السعودية ردا على الغارة الجوية.

جاء الهجوم على حفل الزفاف بعد ثلاثة أيام فقط من هجوم آخر أسفر عن مقتل ما لا يقل عن عشرة مدنيين وإصابة آخرين عندما ألقت طائرة حربية سعودية قنبلة أمريكية الصنع على منزل نايف مجيلي في منطقة وشحة الواقعة في شمال غرب محافظة حجة.

القنبلة المستخدمة في هذا الهجوم، والتي دمرت المنزل بالكامل، كانت من نوع Raytheon Mark-82 التي تم تصنيعها بشكل مشترك من قبل شركتي الأسلحة الأمريكية Lockheed Martin و .General Dynamics

وكما هو الحال مع الأسلحة الأخرى المقدمة للتحالف الذي تقوده السعودية، تم إسقاط قنابل من طراز MK-82 في قاعة جنازة ومدارس ومستشفيات ومصانع ومباني تراثية وغيرها من المرافق، وقد اكتسبت شهرة واسعة بين اليمنيين الذين يعرفون أنها ” قنبلة غبية “بسبب قدرتها على التسبب في أضرار جانبية.

تم استخدام قنبلة طراز MK-82 في الهجوم الذي استهدف حافلة مدرسية في ضحيان في 9 أغسطس 2019, مما أسفر عن مقتل 40 طفل من تلاميذ المدارس، كما تم استخدام قنبلة مماثلة في هجوم على تجمع عزاء في العاصمة صنعاء في عام 2016 والتي خلفت أكثر من 140 قتيلاً و 525 جريحاً.

حتى بالمعايير اليمنية، حيث يقتل العشرات كل يوم من الغارات الجوية السعودية، كانت هجمات هذا الأسبوع بمثابة صدمة.

وليس فقط بسبب قتل النساء والأطفال ولكن بسبب توقيت الهجمات، حيث يكافح الناس ضد جائحة فيروس كورونا والجوع وسلسلة من الأمراض والاوبئة الخطيرة التي تنتشر في جميع أنحاء البلد.

مثل مرزوق مرعي، عرف سكان الجوف منذ فترة طويلة أن الموارد الطبيعية والموقع الاستراتيجي لمحافظتهم كانت لهم لعنة أكثر من كونها نعمة، واليوم تظهر صدق تنبؤاتهم وهم يشاهدون أعمدة الدخان تتصاعد من حرق المزارع والسيارات والمنازل المدنية التي أضرمت بسبب الغارات الجوية السعودية بشكل مستمر، وليس من مشاعل الغاز المنبعثة من أكوام آبار النفط ومصافي التكرير.

طوال ثلاثة أشهر، كان التحالف بقيادة السعودية، والمرتزقة المحليون، والجماعات السلفية المتطرفة المتحالفة معها، يخوضون حملة شرسة لإعادة احتلال محافظة الجوف التي تحتفظ بمعظم احتياطيات البلد من النفط، ويتمتع بوضع فريد كجار للمناطق الغنية بالنفط في مأرب والسعودية.

ومع ذلك، لم يتمكن التحالف بقيادة السعودية، والمجهز بأحدث الأسلحة التي توفرها الولايات المتحدة، من التقدم حيث يقاتل السكان المحليون لتحرير ارضهم مهما كانت التضحية.

* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.