بقلم: فيل ميللر

إن ادعاء حكومة المملكة المتحدة في قرار استئناف مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية في حربها على اليمن ، موضوع مثير للريبة بالفعل بعد ظهور أدلة على مقتل أطفال في سلسلة من الغارات الجوية قبل وقت قصير من اتخاذ القرار وبعده, حيث أعلنت وزيرة التجارة ليز تروس في 7 يوليو أنها ستبدأ في إصدار ترخيص تصدير أسلحة جديدة إلى السعودية بعد عام من أمر محكمة لندن الحكومة بالتوقف ودراسة ما إذا كان هناك نموذج من استخدام الأسلحة البريطانية في انتهاكات القانون الإنساني الدولي (القانون الدولي الإنساني).

وأبلغت تروس البرلمان أن تحليل الحكومة “لم يكشف عن أي من هذه الأنماط” وأن “الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي الإنساني حدثت في أوقات مختلفة وفي ظروف مختلفة ولأسباب مختلفة, أي أن الاستنتاج هو أن هذه حوادث معزولة”.

ومع ذلك، فقد كشفت “السرية” عن أدلة على مقتل أطفال يمنيين في الغارات الجوية قبل أيام قليلة من هذا الإعلان وبعده، مما يشير إلى أن التحالف بقيادة السعودية مسؤول عن شكل من أشكال عمليات القتل بين المدنيين.

قُتلت فتاة صغيرة ليلة 1 يوليو في غارة جوية في صعدة، شمال العاصمة صنعاء، بحسب شبكة المسيرة الإعلامية التي تديرها حركة الحوثي التي تقاتل التحالف بقيادة السعودية.

تظهر الفيديوهات المصورة لقطات مؤلمة في أعقاب الحادث، حيث قُتلت الفتاة بشظايا في كتفها الأيمن, وبحسب ما ورد فقد قُتلت امرأة مسنة في نفس الحادث وأصيب العديد من الأطفال.

أعقب هذه الغارة الجوية هجوم في 12 يوليو، بعد خمسة أيام من استئناف تروس مبيعات الأسلحة، مما أسفر عن مقتل ما يصل إلى سبعة أطفال وامرأتين، وذلك وفقا لمنسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، ليزا غراندي.

فقد وقعت الضربة الجوية في منطقة الوشحة شمال غرب اليمن, وقالت غراندي |أن طفلين آخرين وامرأتين أصيبوا ونقلوا إلى مستشفى قريب لتلقي العلاج, يبدو أن لقطات مصورة لما تلى تصوير قناة المسيرة, تظهر الأطفال القتلى وهم بين الأنقاض.

حطام الصواريخ كان ظاهراً أيضاً في الفيديو ويبدو أنه يظهر زعنفة تحكم القنبلةGBU-12 Paveway II ، قنبلة مارك -82 الموجهة بالليزر 500 رطل.

تم رصد الرقم التسلسلي الخاص لقنبلة وهو”94271assy147214″ حيث استهدفت بغارة جوية أخرى المدنيين في اليمن.

ويزعم موقع “Bellingcat” أن شركة الأسلحة الأمريكية “لوكهيد مارتن” صنعت هذه الأسلحة وبيعت للسعودية في عام 2015, ولم تتمكن منظمة “ديكلايفيفايد” من التحقق من حطام الصواريخ بشكل مستقل.

كما أصدرت منظمة الإغاثة البريطانية “Save the Children” بياناً حول الغارة الجوية, حيث قال مدير المنظمة في اليمن، خافيير جوبرت: “إنه لأمر مروع حقاً سماع روايات عن أطفال أحياء يتحركون من تحت الأنقاض”.

وفي اليوم التالي للغارة الجوية، أعلن وزير التجارة جريج هاندز, تأكيد الحكومة أنه “ليس هناك خطر واضح من أن تصدير الأسلحة والمعدات العسكرية إلى المملكة العربية السعودية قد يستخدم في ارتكاب انتهاك خطير للقانون الدولي”.

لكن العقيد تركي المالكي، المتحدث الرسمي باسم التحالف الذي تقوده السعودية، قال أيضاً إن تحقيقاً داخلياً خلص إلى “احتمال وقوع خسائر بين المدنيين” نتيجة الغارة الجوية في منطقة الوشاح, وأن الحادث “تم إحالته إلى فريق تقييم الحوادث المشتركة لمزيد من التقييم.”

وقالت حملة ضد تجارة الأسلحة التي رفعت الحكومة إلى المحكمة بشأن الصادرات السعودية لـ “ديكلايفيفايد”: “تقول الحكومة أن الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي ليست سوى حوادث معزولة وأنها ليست جزءاً من نمط مستمر, لكن هذه الحوادث المزعومة هي حياة الناس, وفي كل مرة تحدث واحدة من هذه “الحوادث” تدفع هناك تكلفة بشرية, حيث أسفر القصف عن مقتل آلاف الأشخاص، ولا يمكن لقرار استئناف مبيعات الأسلحة إلا أن يطيل أمد العنف ويزيد من إراقة الدماء”.

وأضاف المتحدث باسمهم أندرو سميث, لقد أظهرت القوات التي تقودها السعودية تجاهلاً تاماً لحقوق وحياة الناس في اليمن, لقد تم تدمير المدارس والمستشفيات والبنى التحتية الحيوية الأخرى, على الرغم من ذلك، أرسلت ليز تروس وزملاؤها للتو رسالة من الدعم السياسي والعسكري غير النقدي للتحالف الذي تقوده السعودية والحرب الرهيبة التي تسببت فيها, حيث كان قرار مواصلة المبيعات غير أخلاقي، وسيستمر الدمار الذي ستيسببه هذا الدعم لسنوات”.

“صدمة مطلقة”

قُتل عشرات المدنيين في الغارات الجوية خلال يونيو 2020, قبل شهر من استئناف مبيعات الأسلحة البريطانية, حيث أسفرت غارة جوية على سوق شعبي في منطقة القانية في محافظة البيضاء، جنوب غرب اليمن، عن مقتل خمسة مدنيين في 25 يونيو، وفقاً لمشروع يمن داتا الذي قال أيضاً إن ثلاثة مدنيين قتلوا في صعدة في 10 يونيو عندما تم استهداف السيارة التي كانوا يستقلونها.

من ناحية أخرى، قالت منظمة “إنقاذ الطفولة” إن غارة جوية على سيارة مدنية في 15 يونيو قتلت 13 شخصاً بينهم أربعة أطفال.

قُتل أو جُرح أكثر من 18 ألف مدني في غارات جوية في اليمن منذ بدء الحرب في مارس 2015, وخلال هذه الفترة باعت شركة تصنيع الأسلحة البريطانية العملاقة BAE Systems أسلحة وخدمات بقيمة 15 مليار جنيه إسترليني للجيش السعودي.

وقال البريجادير جون ديفيريل، الملحق الدفاعي البريطاني السابق لدى السعودية واليمن، لـ “ديكلايفيفايد” : عن قرار استئناف مبيعات الأسلحة “صدمة مطلقة” ودعا الحكومة إلى نشر تقييم المخاطر.

وعلق قائلاً: “لا توجد شفافية في ذلك, أين التقييم المستقل للمعلومات التي استخدموها كأساس للوصول إلى هذا الرأي؟ إذا كان تروس والحكومة واثقين من ما يفعلونه، فيجب أن يكونوا شفافين بشأنه, وكيف ينسجم ذلك مع جهود حكومتنا لدفع معاهدة تجارة الأسلحة؟ والعقوبات ضد السعوديين لقتل خاشقجي؟ أين الاتساق؟”.

وأضاف ديفيريل: “كم عدد الحوادث المعزولة التي يجب أن تتعرض لها قبل أن تصبح خطرة؟ إنها استراتيجية محفوفة بالمخاطر تفتح الحكومة الباب أمام التحديات القانونية من النوع الذي عانت منه بالفعل في السابق, كما

وحذر ديفيريل من وصف الضربات الجوية التي تستهدف الأطفال اليمنيين بأنها “مثال آخر على إمكانات الجيل التالي لإعادة بناء البلاد التي يجري تدميرها: “إذا كنت عضواً في مجلس الإدارة أو مساهماً رئيسياً في شركة BAE Systems ، فسأسأل عما يتم عمله لتنويع الدخل بعيداً عن الاعتماد الكلي على الإيرادات السعودية؟ هذا ليس جيداً على المدى الطويل من حيث السمعة.

من وجهة نظري، الموازي التاريخي الموضوعي للغاية هو الجهود التي بذلتها Wilberforce” و Quakers” لإلغاء العبودية التي اعاقتها الحجج الاقتصادية, فالمال هو الأهم في أذهان صانعي القرار, وهذا ليس صحيحا ولا مستداما”.

تستخدم القوات الجوية السعودية طائرات مقاتلة تايفون وتورنادو من صنع شركة BAE, لتنفيذ العديد من الغارات الجوية على اليمن, كما كشفت الحكومة, أن الفنيين العسكريين السعوديين وأفراد الطاقم الجوي تلقوا تدريبات على استخدام طائرة تيفون مؤخراً في مارس في محطة “RAF Coningsby” الملكية في لينكولنشاير.

حتى ديسمبر، كان فنيو الأسلحة في القوات الجوية السعودية يتدربون في شروبشاير في المملكة المتحدة لدى القوات الجوية الملكية، حيث من المقرر أن تستمر “دورة فني ميكانيكي الطائرات” للمهندسين السعوديين حتى الشهر المقبل.

كما يتمركز العشرات من أفراد القوات الجوية الملكية في السعودية, يعمل ثلاثة من أفراد سلاح الجو الملكي البريطاني في المركز السعودي للعمليات الجوية في الرياض لمساعدة السعودية في دعم الالتزام بالقانون الإنساني الدولي.

يخضع الثلاثي لسيطرة المملكة المتحدة, حيث أخبرت وزارة الدفاع البريطانية منظمة “ديكلايفيفايد” بأنه مطلوب منها “الإبلاغ عن الانتهاكات المشتبه بها للقانون الإنساني الدولي إلى سلسلة قيادتها أينما ومتى حدثت”.

أبلغ وزير الدفاع البريطاني جيمس هيبي البرلمان, أنه حتى 4 يوليو، تم إدراج 516 “حالات مزعومة من الانتهاكات أو التجاوزات” للقانون الدولي الإنساني في اليمن في قاعدة بيانات “Tracker” التابعة لوزارة الدفاع البريطانية منذ بدء الحرب في مارس 2015, بمتوسط يبلغ حوالي حادثتين في الأسبوع.

رفضت وزارة الدفاع إبلاغ “ديكلايفيفايد” بالمهام التي يقوم بها أفراد سلاح الجو الملكي البريطاني في المركز السعودي للعمليات الجوية، مدعين أن ذلك “سيؤثر سلباً على علاقتنا مع شريك إقليمي رئيسي ويحد من الوصول الاستراتيجي والتأثير الاستراتيجي للمملكة المتحدة في المستقبل”.

وأبلغ النائب المحافظ بوب ستيوارت البرلمان, أنه زار المنشأة في الرياض “بعد مذبحة الأبرياء الأخيرة” في اليمن “لبحث ما يجري بالضبط”.

وقال ستيوارت، “بعد أن تحدثت إلى المراقبين الجويين، الذين شملوا أفراد القوات الجوية الملكية، أعجبت للغاية بأوامرهم بفتح النار, لقد تحدثت مع الطيارين، وهم لا يطلقون النار ما لم يتم ضمان عدم وجود أبرياء تحتهم”.

يقول جريج هاندز إن وزارته لديها “بضع مئات من الطلبات” المتراكمة من شركات الأسلحة البريطانية التي ترغب في بيع أسلحة إلى السعودية، والتي سوف يستغرق الأمر بضعة أشهر لتوضيحها خاصة بعد منح تراخيص جديدة
19 يوليو 2020(صحيفة “Daily Maverick” الإنجليزية – ترجمة نجاة نور، سبأ)
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.