دليل مؤكد على تواطؤ البحرية الملكية في الحصار البحري الذي تقوده السعودية على اليمن
تلقى التحالف الذي تقوده السعودية تدريبات بريطانية على التكتيكات البحرية التي يمكن استخدامها لحصار اليمن ، وهو حظر وصفه خبراء الأمم المتحدة بأنه "غير قانوني", حيث صرحت منظمة العفو الدولية إن المعلومات الجديدة "مقلقة للغاية."
بقلم: فيل ميللر
( صحيفة”Daily Maverick- ديلي مافريك”الانجليزية, ترجمة: نجاة نور- سبأ)
ظهر دور البحرية الملكية في أسوأ كارثة إنسانية في العالم بعد أن كشفت طلبات حرية المعلومات التي قدمتها “Declassified” عن أدلة واسعة النطاق على دعم المملكة المتحدة للحصار البحري الذي تقوده السعودية على اليمن.
ومن جانبها, أدانت وكالات الإغاثة مرارا الحظر البحري على ساحل البحر الأحمر اليمني، الذي وصفه خبراء الأمم المتحدة بأنه ينتهك القانون الإنساني الدولي.
أشارت منظمة هيومن رايتس ووتش إلى أن الحصار “قيد بشدة عمليات تدفق الطعام والوقود والأدوية على المدنيين” خلال السنوات الخمس الماضية.
اندلعت الحرب في مارس 2015, عندما بدأت السعودية وحلفاؤها في محاولة لإخراج الحوثيين من العاصمة اليمنية.
كان القتال شرساً إلى حد أن رئيس الصليب الأحمر الدولي، بيتر ماورير، حذر من أن اليمن بعد خمسة أشهر من الحرب تبدو مثل سوريا بعد خمس سنوات, كما ووصف مورير الوضع بأنه “كارثي”, وهذا لا يمكن أن يستمر اليمن ينهار.
من الضروري وبشكل طارئ، يجب أن تكون هناك حركة حرة لعمليات تدفق البضائع داخل البلد وعبرها, ويجب تسهيل توصيل الطعام والماء والأدوية.
بعد أيام من تحذير مورير في أغسطس 2015, قصف التحالف بقيادة السعودية الحديدة، أحد أكبر موانئ اليمن ودمر سلسلة من الرافعات المستخدمة لتفريغ المساعدات الغذائية الحيوية, كما قالت منظمة إنقاذ الطفولة أن قصف الميناء كان “القشة الأخيرة” لنجاة المدنيين الأبرياء.
على الرغم من هذا الهجوم، خلص ” “Declassifiedإلى أنه في سبتمبر 2015, أي بعد شهر من إصابة أرصفة ميناء الحديدة, تمت دعوة ضابط بحري من الإمارات إلى “”HMS Collingwood, البحرية الملكية بالقرب من بورتسموث في جنوب إنجلترا لحضور دورة تدريبية لمدة أربعة أسابيع في المهارات التي يمكن استخدامها لحصار اليمن.
تضمنت الجلسات “مكافحة التهريب” و “الركوب والبحث” واستخدام الطائرات لدعم “المنطقة الاقتصادية الخالصة” وهي منطقة المياه التي تمتد لـ 200 ميل قبالة سواحل البلد, تحتوي على حقوق الصيد والموارد.
تمتلك دولة الإمارات واحدة من أقوى القوات البحرية في المنطقة حيث لعبت دوراً رئيسياً في الحصار البحري على اليمن في بداية الصراع، حيث قامت ببناء قاعدة عسكرية في منطقة عصب على ساحل إريتريا، وهي دولة قمعية للغاية أطلق عليها الإيكونوميست اسم “كوريا الشمالية الإفريقية”, أتاحت هذه الخطوة للبحرية الإماراتية الوصول إلى ميناء عميق يطل مباشرة على اليمن.
ثم في ديسمبر 2015, تخرج نجل ولي عهد البحرين- دولة رئيسية أخرى في التحالف الذي تقوده السعودية- من أكاديمية ضباط البحرية الملكية في دارتموث، جنوب غرب إنجلترا, وحضر والده الأمير سلمان, بن حمد آل خليفة حفل التخرج كضيف شرف.
تشير بعض المصادر إلى أن البحرية البحرينية الصغيرة ساهمت في الحصار البحري على اليمن ومن المعروف أن الجنود البحرينيين قتلوا في القتال في اليمن.
تم الحظر على وزراء المملكة المتحدة حالياً بموجب حكم محكمة السماح بتصدير أسلحة جديدة إلى البحرين لاستخدامها المحتمل في اليمن.
وأعقب زيارة آل خليفة إلى دارتموث في مارس 2016, قضى ضباط البحرية الملكية أسبوعاً في السعودية لتدريب 15 بحاراً على كيفية “الصعود إلى السفن وتفتيشها” في “المياه الدولية أو البحار الإقليمية”.
ووفقاً لكتيب البحرية الملكية، ركزت الدورة على “الحد من المخاطر غير الضرورية لفريق الصعود إلى أقصى حد مع الاستفادة القصوى من تطبيق القانون الفعال”, وشملت المواضيع إجراءات الاحتجاز وتقنيات البحث عالية المخاطر وكذلك القانون الدولي.
ثم قامت البحرية الملكية بتوفير “دورة حماية المنطقة الاقتصادية الحصرية” للموظفين السعوديين والإماراتيين في الفترة بين سبتمبر 2016 ومارس 2017, يليها دورات تدريبية بحرية متنقلة مع البحرية السعودية.
وقال أندرو سميث من الحملة ضد تجارة الأسلحة لـ” “Declassified” أظهر التحالف بقيادة السعودية تجاهلاً تاماً للقانون الدولي والحياة اليمنية.
كما أن حصارها المدمر وغير الأخلاقي لم ينتج عنه سوى معاقبة اليمن وتفاقم الأزمة, لقد تسببت في وفاه عددا كبيرا من الناس جراء وقف الإمدادات الحيوية من الوصول إلى أولئك الذين يحتاجون إليها.
إن هذا التدريب من أعراض العلاقة السامة والخطيرة بين حكومة المملكة المتحدة والقوات التي تقودها السعودية.
ينبغي على المملكة المتحدة أن تدين الفظائع التي ارتكبتها القوات البحرية السعودية وشركاؤها في التحالف, ومن البديهي ليس تسليحها وتدريبها والتآمر مع المسؤولين عن مثل هذا العمل القاسي.
التدريب البريطاني لم يمنع شركائها من القيام بالفظائع, ففي مارس 2017, قُتل 32 لاجئاً عندما تم إطلاق النار على زورقهم بواسطة مروحية قبالة سواحل اليمن.
تعتقد هيومن رايتس ووتش, أن الحادث ربما يصنف كجريمة حرب، وقد نسبته إلى التحالف الذي تقوده السعودية، حيث أنه الجانب الوحيد في النزاع الذي يمتلك مثل هذه الطائرات.
وبحلول هذه المرحلة، كان المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان والعقوبات، إدريس الجزائري، قد حذر من أن الحصار “يشل الدولة”, حيث يواجه سبعة ملايين شخص المجاعة, وقال الجزائري إن الحصار البحري يرقى إلى “إجراء قسري أحادي الجانب غير قانوني بموجب القانون الدولي”.
واصلت البحرية الملكية العمل مع أعضاء التحالف قبل وبعد هذا التحذير، بما في ذلك مع البحرين, حيث لها قاعدة دائمة هناك.
ففي الفترة بين عامي 2015 و 2018, أجرت مشاة البحرية البريطانية ثلاث مناورات عسكرية في البحرين- تُعرف باسم “بيرل داغر”, حيث أمضوا قرابة شهر يقومون بتدريب نظرائهم في إطلاق النار المباشر والرماية القريبة وتكتيكات القتال.
ووصف سيد أحمد الوادعي من معهد البحرين للحقوق والديمقراطية التدريب بـ “المخزي والبغيض”, وعلق قائلاً: “في مقابل تزويد المملكة المتحدة بقاعدة بحرية في البحرين، تسهل الحكومة كارثة إنسانية “غير مسبوقة” في اليمن.
بحلول عام 2019, تركت خمس سنوات من القتال والحصار حوالي 10 ملايين يمني “على بعد خطوة واحدة من المجاعة”، وذلك وفقاً لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة.
دعت اليونيسف جميع الأطراف المتحاربة إلى “السماح بتوصيل المساعدات الإنسانية للأطفال وأسرهم أينما كانوا في البلد”.
يبدو أن حكومة المملكة المتحدة تعترف بهذه المخاوف، حيث قال وزير المساعدة للبرلمان: “من الضروري للغاية أن تظل طرق اليمن مفتوحة أمام وصول المساعدات الإنسانية والإمدادات التجارية والفردية والتي يعتمد عليها السكان اليمنيون, أننا نثير أهمية هذه النقاط على أعلى المستويات”.
ومع ذلك، واصلت البحرية الملكية تقديم المزيد من التدريب على المهارات التي يمكن أن تساعد في استمرار الحصار”.
تلقت البحرية الإماراتية دروساً حول كيفية “الصعود على متن السفن وتفتيشها” خلال عام 2019, وحضر ضابط بحري من الإمارات دورة “مدير الحرب الإلكترونية الدولية” فيHMS Collingwood .
وفي غضون ذلك، حضر تسعة سعوديين إلى جانب طلاب من البحرين والإمارات ومصر أكاديمية ضباط البحرية الملكية في دارتموث.
بالقرب من الساحل الجنوبي لإنجلترا في “Lympstone” ، ذهب عدد غير محدد من الفرق العسكرية من الإمارات إلى دورة ضباط البحرية المارينز لمدة 60 أسبوعاً, والتي تضمنت التدريب على “العمليات البرمائية وطائرات الهليكوبتر”.
وفي سبتمبر 2019, اضطرت وزيرة التجارة البريطانية ليز تروس إلى الاعتذار عن السماح عن غير قصد بتصدير معدات أمنية إلى البحرية الإماراتية، في خرق لأمر المحكمة في يونيو 2019, بوقف صادرات الأسلحة الجديدة التي يمكن أن يستخدمها التحالف في اليمن.
بين بدء الحصار وقرار المحكمة، رخصت المملكة المتحدة تصدير معدات سفينة حربية بقيمة 42 مليون جنيه إسترليني إلى الإمارات و 10 ملايين جنيه إسترليني إلى السعودية.
بالإضافة إلى تقديم الدورات والمعدات العسكرية، لدى البحرية الملكية خمسة بحارة – بما في ذلك قائد ملازم – على سبيل الإعارة بشكل دائم للبحرية السعودية.
وقد وجدت ” Declassified” أن ثلاثة من الفريق مدرجون كمدربين، مما يعني أنهم يمكنهم توفير التدريب بدوام كامل في أكاديمية الملك فهد البحرية في الجبيل على ساحل الخليج، حيث يتمركزون, ولدى أكبر شركة أسلحة بريطانية “بي أي إي سيستمز” عقد لتدريب البحرية السعودية.
وأخبرت منظمة العفو الدولية منظمة “Declassified”: “بالنظر إلى السجل الدموي للسعودية والتحالف العسكري بقيادة الإمارات في مقتل المدنيين في اليمن، فمن دواعي القلق العميق أن البحرية الملكية والمارينز يعتقدون أنه من الصواب الاستمرار في برامج التدريب هذه بغض النظر عن ذلك”.
قال مدير برنامج الأمن في المملكة المتحدة أوليفر فيلي سبراغ, أنه على الأقل، كان ينبغي إيقاف هذه البرامج مؤقتاً بعد قرار محكمة الاستئناف العام الماضي والذي كان من المفترض أن توقف المملكة المتحدة بموجبه مبيعات الأسلحة إلى التحالف.
سواء كانت الجيوش السعودية أو الإماراتية أو قوات الشرطة في هونغ كونغ أو الولايات المتحدة الأمريكية، فإن المملكة المتحدة متشددة بشكل خطير حول من لمن تبيع أسلحتها ومعداتها الأمنية، في حين توفر مجموعة من التدريب للقوات العسكرية والأمنية مع الأشخاص الذين لديهم سجلات مقلقة للغاية في مجال حقوق الإنسان.
نحن بحاجة إلى أن نرى المملكة المتحدة تتبنى نهجاً أكثر مسؤولية وأكثر استباقية للتخفيف من المخاطر المحتملة لكل من مبيعات الأسلحة وبرامجها التدريبية.
قالت متحدثة باسم وزارة الدفاع لـ “Declassified” لدينا علاقة ارتباط دفاعية مستمرة وواسعة النطاق مع السعودية، والتي تضمنت توفير دورات تدريبية ونصائح وإرشادات في المملكة المتحدة والسعودية.
يشمل التدريب المقدم أيضاً القانون الدولي الإنساني, حيث يخضع جميع الأفراد العسكريين البريطانيين في السعودية لقيادة وسيطرة المملكة المتحدة .
* المادة الصحفية تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.