مكاشفات: السعودية ضاعفت سرقة نفط اليمن بثلاث إضعاف وسط حرب أسعار النفط مع روسيا
تتطلع المملكة العربية السعودية إلى احتياطيات النفط غير المستغلة إلى حد كبير في اليمن منذ عقود، والآن، مع انتهاء الحرب على ما يبدو، تسعى جاهدة لتأمينها بأي ثمن.
بقلم: احمد عبد الكريم
السياسية:
ترجمة: نجاة نور- سبأ
مأرب، اليمن- تمتلك السعودية حوالي 18 % من احتياطي النفط في العالم, وعلى الرغم من أن هذه الحقيقة لم تفعل الكثير لكبت شهية المملكة الواضحة لمصادر جديدة من النفط الخام, والآن، بعد أكثر من خمس سنوات من الحرب الشاملة ضد جارتها الجنوبية، تتدافع السعودية لتأمين الحقوق على احتياطي اليمن الوفير من النفط.
تسعى أرامكو، شركة النفط المملوكة للدولة السعودية إلى عقد اتفاقيات استراتيجية لعقود من الزمن مع الحكومة المعترف بها دولياً في المنفى، والممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي الذي يدعمه التحالف الذي تقوده السعودية والولايات المتحدة، للسيطرة على اليمن.
ووفقاً للمسؤولين، فإن احتياطيات النفط والغاز كبيرة، لا سيما في المحافظات الغنية بالنفط مثل الجوف ومأرب وشبوة وحضرموت.
قد تؤدي هذه الخطوة إلى تأجيج الغضب المتصاعد في الواقع بين الأطراف اليمنية المتناحرة للانضمام إلى ما يُنظر إليه بشكل متزايد على أنه تهديد وجودي لسيادة اليمن.
كشف مسؤولون في شركة النفط والغاز المملوكة للدولة في اليمن، والمعروفة عالمياً باسم “صافر”، وكذلك أعضاء حكومة هادي الانتقالية الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم خوفاً من الانتقام, لمنتبرس, أن هنالك مفاوضات تجري بالفعل بين المملكة و حلفاءها من المسؤولين في وزارة النفط اليمنية وشركة صافر للتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يمنح ظاهرياً السيطرة على جزء كبير من احتياطي اليمن من النفط والغاز إلى السعودية لعقود قادمة.
وقد تم بالفعل عقد عدد من اللقاءات بين كبار المسؤولين السعوديين، بمن فيهم السفير السعودي لدى اليمن محمد الجابر ومسؤولون من أرامكو، وقادة يمنيون، بما في ذلك نائب الرئيس المؤقت للحكومة الانتقالية علي محسن الأحمر ومحافظ محافظة مأرب الشيخ سلطان العرادة ومسؤولون من وزارة النفط اليمنية وصافر.
وبحسب ما ورد حضر مفاوضون من شركة النفط الفرنسية توتال بعض الاجتماعات التي عقدت في مأرب والمهرة والعاصمة السعودية الرياض.
وبحسب مصدر في الحكومة الانتقالية اليمنية، فإن السعودية تسعى إلى عقد اتفاقيات إيجار طويلة المدى بشأن معظم احتياطي النفط في البلد وخاصة فيما أطلق عليه بعض المسؤولين “مثلث النفط”، وهو منطقة تقع بين محافظتي الجوف ومأرب.
وبموجب هذه الاتفاقية، يُسمح للمملكة بتطوير احتياطي النفط اليمني والاحتفاظ بأرباح بيع النفط المذكور مقابل تحويل سنوي تدفعه أرامكو لبعض أعضاء الحكومة اليمنية, كما تنص الاتفاقية على أن المدفوعات مطلوبة فقط إذا ظلت الحكومة صديقة للسعودية.
نشر جلال الصلاحي، وهو ناشط يمني معروف بصلاته الوثيقة مع صانعي القرار في الحكومة الانتقالية، مقطع فيديو ادعى فيه أنه بحوزته مسودة وثيقة اتفاق نفطي بين السعودية واليمن.
وفي الفيديو، الذي حصل بالفعل على ما يقرب من 900 ألف مشاهدة منذ نشره على موقع يوتيوب في 4 يوليو، قال الصلاحي إن الوثيقة تظهر أن الحكومة السعودية ستدفع 15 مليار دولار لبعض المسؤولين اليمنيين مقابل سبعين عاما من الامتيازات النفطية في الجوف.
رفضت مصادر في الحكومة الانتقالية اليمنية إنكار أو تأكيد صحة الوثيقة، لكنها أبلغت منتبرس أن بعض الادعاءات المقدمة على وسائل التواصل الاجتماعي صحيحة دون تحديد أي منها.
وفقا لمصادر رسمية، بموجب الاتفاق السعودي، ستذهب المدفوعات إلى صندوق يقتصر على ما تسميه المملكة “ديون اليمن وإعادة الإعمار”.
أطلقت السعودية، وهي واحدة من أكثر الملكيات القمعية في العالم وأكثر الدول ثراءً، حملة الأرض المحروقة المدعومة من الولايات المتحدة ضد جارتها الجنوبية تحت ذريعة استعادة حكومة الرئيس المخلوع هادي، وهي الآن تضغط مع الإمارات على اليمنيين لتعويض التحالف الذي تقوده السعودية عن الحرب التي تشنها على بلادهم.
بدأت المفاوضات لانتزاع السيطرة الفعلية طويلة الأمد على اليمن ظاهرياً في 2019, واتسمت بالضغوط والتهديدات السعودية وفقاً لمصدر قريب من المفاوضات.
وفي الواقع، أبقت الرياض مسؤولين رفيعي المستوى في حكومة هادي، بما في ذلك هادي نفسه وكذلك أعضاء البرلمان اليمني، تحت الإقامة الجبرية في السعودية.
يقتصر تنقل المسؤولون اليمنيون الذين سُمح لهم بالبقاء في اليمن على المناطق التي يسيطر عليها التحالف ولا يمكنهم مغادرة البلد دون إذن من الرياض وأبو ظبي.
الخطوة السعودية المحتملة لا تخلو من سوابق، حيث تعمل السعودية على تأمين أهدافها في اليمن من خلال تمكين حلفائها في الحكومة اليمنية من الاستيلاء على السلطة مقابل اتفاقيات مربحة طويلة الأمد لسنوات.
تاريخ اليمن مليء بهذه الأنواع من الاتفاقات الطويلة الأمد، بما في ذلك معاهدة الطائف الموقعة في عام 1934 بين الدولة السعودية الناشئة والمملكة المتوكلية اليمنية والتي منحت السعودية السيطرة على المحافظات اليمنية السابقة جيزان ونجران وعسير.
القوات السعودية وقادة القبائل اليمنية الذين يحملون الجنسية السعودية إلى جانب قوات المرتزقة الحليفة، كانوا يمنعون التنقيب المحلي عن النفط في الجوف منذ بدء الحرب، وهو سر مفتوح أن الرياض قد قامت برشوة مسؤولي الحكومة اليمنية السابقين لمنعهم من الحفر والاستكشاف أو إقامة الأنشطة في المنطقة.
في الواقع، ففي الأسبوع الماضي فقط عبرت المركبات المدرعة السعودية الحدود لدفن بئر حفرته كتيبة حرس الحدود اليمنية الأولى التي تم حفرها من أجل المياه، على ما يبدو خشية أن يتم حفرها سراً من أجل النفط.
السعودية بدعم من الولايات المتحدة، تمنع اليمن من تستغل احتياطياتها النفطية منذ السبعينيات، خاصة في منطقة الجوف التي تمتلك معظم احتياطيات البلد وتتمتع بوضع فريد كجار لاثنين من الدول الغنية بالنفط للسعودية.
النفط اليمني المسروق
كانت الساعة حوالي 9:20 صباحاً في حقل نفط بلوك 18 في مأرب، اليمن عندما وضع H.A.Y.K وهو سائق ناقلة نفط لم يرغب في التعرف عليه إلا عبر الأحرف الأولى من اسمه، في جيبه تصريح رسمي حصل عليه مؤخراً, لعبور الحدود السعودية حيث كان من المفترض أن يكون, ولم يكن وحده، فقد دخل ثمانية سائقين إلى شاحناتهم في ذلك الصباح وبدأت محركاتهم باستعداد للرحلة.
وبعد دقائق، انحرفت قافلة محملة بالنفط إلى الأمام وسرعان ما دخلت داخل الأراضي السعودية برفقة ما لا يقل عن ست سيارات لاند كروزر مدرعة من لواء العبرة العسكري المدعوم من التحالف ومحملة بشحنة من النفط الخام المسروقة من بلوك 18.
قال HYYK لـمنتبرس أنه بعد حملة غادرة عبر المنطقة الحدودية الشمالية الشرقية لليمن عبر الحدود السعودية إلى منطقة بيشة في منطقة عسير جنوب غرب السعودية حيث قام بتفريغ شاحنته.
ويعتقد أن السعودية والإمارات تنقلان النفط المسروق إلى صحراء شرق العيد الواقع بين محافظتي شبوة ومأرب, ثم يتم ضخه عبر خط أنابيب مملوك لشركة نمساوية مجهولة إلى ميناء النشيمة الذي تسيطر عليه الإمارات في بحر العرب حيث يتم نقله بعد ذلك إلى سفن نفط صغيرة.
أصبحت سرقة النفط الخام تحدث بشكل يومي في صافر بلوك 4 و 5 و 18, وكذلك في حقول النفط الأخرى في المحافظة، بما في ذلك كتلة العقلة الواقعة في حوض مأرب شبوة شرق بلوك 18 كما أصبحت السرقات كبيرة في محافظات شبوة وحضرموت والمهرة.
لكن وجود شاحنات مليئة بالنفط الخام تعبر الحدود السعودية تضاعف ثلاث مرات في الأسبوع الثاني من مارس عندما كانت حرب أسعار النفط بين السعودية وروسيا في ذروتها، وذلك وفقاً لمهندسي النفط وسائقي الناقلات الذين تحدثوا إلى منتبرس.
قد يشير هذا إلى أن السعودية كانت من المرجح أن تضخ النفط المسروق من اليمن إلى السوق الدولية، وإن كان ذلك بكميات صغيرة، في وقت كانت فيه الخسائر التي تكبدتها الشركات المنتجة للنفط في الولايات المتحدة ترتفع بشكل كبير.
إن التحوط من احتياطي النفط اليمني غير المستغل سيعطي السعودية ميزة مهمة في المفاوضات مع الدول المنافسة للنفط مثل روسيا والولايات المتحدة.
ووفقاً للاقتصاديين والمسؤولين الذين تحدثوا إلى منتبرس، فإن ما يصل إلى 65% من إنتاج النفط اليمني منذ عام 2015, عندما بدأت الحرب، قد نُهبت من قبل السعودية والإمارات وشركات النفط الدولية حوالي 18-23 % من انتاجي النفط الخام يتم نهبه، بما في ذلك الإنتاج الذي أنتجته شركة صافر و وبترول المسيلة، من قبل زعماء القبائل وتجار السوق السوداء المتحالفين مع التحالف السعودي.
بينما الجماعات المتشددة والفصائل القبلية المتحالفة مع السعودية والإمارات في مأرب والمحافظات الشرقية الأخرى، ولا سيما حزب الإصلاح والمجلس الانتقالي الجنوبي وكذلك الأفراد المقربون من هادي، بما في ذلك ابنه جلال، متورطون في نهب نفط وغاز اليمن، حيث استخدمت معدات ثقيلة تابعة لشركة صافر و توتال لاستخراج النفط الخام بمساعدة مهندسين من الشركتين.
وقد شهدت منتبرس عمليات تكرير صغيرة للنفط المسروق منتشرة عبر حقلي نقم وشهارة.
أخبرنا السكان المحليون، وكذلك مهربو النفط، أنه يمكن العثور على آلات مماثلة في جميع أنحاء محافظتي مأرب وشبوه ومناطق أخرى.
فهذه العمليات، بحسب الشهود، مملوكة لأعضاء من حكومة هادي وكذلك زعماء القبائل المحليين الذين يسرقون النفط الخام من الحقول وخطوط الأنابيب التابعة لشركة صافر.
يتم ثقب خطوط الأنابيب ويتم سحب النفط الخام إلى شاحنات صغيرة ومتوسطة ويتم نقله إلى حفر التخزين الكبيرة أو خزانات الأرضية ليتم تكريرها أو بيعها في السوق السوداء.
لا يتم استخدام العوائد المالية للنفط المنهوب للاستثمار في البنية التحتية لليمن أو دعم الاقتصاد المحلي للحفاظ على قيمة الريال اليمني من الاحتياطي.
في الواقع، نادراً ما تصل اموال النفط إلى البنوك اليمنية، بدلاً من ذلك تذهب مباشرة إلى الحسابات المصرفية الشخصية للمسؤولين المتحالفين مع السعودية الفاسدين أو لتمويل الاقتتال الداخلي بين الجماعات المتشددة المتحاربة.
يشاع أن الأموال من النفط اليمني المنهوب وصلت إلى الحسابات المصرفية للمسؤولين الفاسدين في جميع أنحاء الشرق الأوسط مثل تركيا.
زعيم حركة أنصار الله عبد الملك الحوثي قال في خطاب متلفز, أن أكثر من 120 مليون برميل من النفط الخام قد نهبت من قبل السعودية والإمارات منذ عام 2016, أي ما يقرب قيمته من 80 مليار ريال يمني المفقودة شهرياً.
ومن جانبه, زعم أحمد دارس، وزير النفط في الحكومة الموالية لأنصار الله في صنعاء، أن السعودية نهبت أكثر من 18 مليون برميل من صادرات النفط في عام 2018 وحدها وأن أرباح هذا النفط موجودة الآن في البنك الوطني السعودي.
ووفقاً لقاعدة بيانات رسمية تحتفظ بها حكومة هادي، اعتادت اليمن على إنتاج حوالي 300-350 ألف برميل من النفط شهرياً قبل عام 2010, ومع ذلك، بسبب قمع السعودية النشط للتنقيب اليمني وتطوير حقولها النفطية والصراع الداخلي، تراجع إنتاج الخام اليمني بشكل حاد.
تم الوصول إلى أدنى نقطة في نهاية عام 2015 بعد إغلاق حقول النفط بناء على أوامر السعودية.
وفي ذلك الوقت، كان الإنتاج اليمني يقدر بحوالي 35 ألف برميل يومياً, في عام 2019, قالت الحكومة اليمنية الموالية للسعودية إنها تمكنت من رفع هذا الرقم إلى حوالي 70 ألف برميل في اليوم.
على الرغم من أن هذه الأرقام غير دقيقة على الأرجح، حيث لم يتم تضمين العديد من حقول النفط المعروفة في القوائم الرسمية للدولة والهيئات النفطية الدولية مثل أوبك، فقد تأكد منذ فترة طويلة أن السعودية حرمت اليمن من عائدات بيع ما لا يقل عن 70 ألف برميل يوميا وما لا يقل عن 126.000.000 برميل على مدى خمس سنوات من الحرب.
يبلغ إجمالي هذا المبلغ أكثر من ستة مليارات دولار على أساس متوسط سعر برميل النفط الذي يبلغ 50 دولاراً.
كانت تلك الإيرادات كافية لدفع راتب كل موظف حكومي لمدة أربع سنوات على الأقل.
الساعة السعودية تدق:
أملاً في إحباط الطموحات السعودية في محافظاتها الغنية بالنفط، بدأت بعض القبائل اليمنية في انتفاضة مسلحة ضد السعودية وحلفائها في المحافظة، مما أثار الخوف لدى المملكة والمقاتلين المتحالفين معها وأطلق حملة قاسية ضد أسر القبائل التي أعلنوا معارضتهم للتحالف السعودي.
كان الشيخ محسن الصبيان من بين زعماء القبائل المعارضين للنظام السعودي, وفي 29 يونيو النصرم، قُتل هو وستة من أقاربه عندما تم تطويق منزلهم وأحرقوه بالكامل.
إن إتمام أي عقود طويلة الأجل مع حكومة هادي المعترف بها دولياً مهم جداً للسعودية حيث أن أنصار الله على وشك استعادة محافظة مأرب بعد سيطرتها على معظم منطقة الجوف.
قبل أربعة أشهر فقط، سيطرت القوات اليمنية المدعومة من أنصار الله على منطقة الجوف الغنية بالنفط بعد معارك ضارية مع القوات السعودية المدعومة من تنظيم القاعدة وداعش وبدعم من المستشارين الأمريكيين.
يأمل أنصار الله وبدعم من القبائل المرغمة من الحكم السعودي الفعلي، في تأمين النفط للاستهلاك المحلي في البلد وسط أزمة وقود حادة أوقفت إيصال الوقود الذي تشتد الحاجة إليه في اليمن.
* موقع- Mintpressnews” منتبرس نيوز” الانجليزي
* المادة الصحفية تم ترجمتها او نقلها حرفيا من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن الموقع