طموحات إسرائيل في جنوب اليمن تزيد من خطر الصراع مع الحوثيين
بقلم: عمر أحمد
السياسية: ترجمة: نجاة نور، سبأ
إن تورط إسرائيل في حرب اليمن طوال الخمس سنوات الماضية هو سر معلن, ففي العام 2015, عندما استولت قوات الحوثي على سفارة المملكة العربية السعودية في العاصمة صنعاء رداً على عدوان التحالف الذي تقوده السعودية، تم اكتشاف مخبأ كبير للأسلحة والذخيرة الإسرائيلية الصنع، بالإضافة إلى وثائق تفصّل نوايا الولايات المتحدة, لإنشاء قاعدة عسكرية في جزيرة بيرم بالقرب من مضيق باب المندب، “لحماية مصالح [أمريكا] وضمان أمن إسرائيل”.
كانت الجزيرة تحت سيطرة التحالف منذ انتزاعها من الحوثيين في العام نفسه, وقيل إن المرتزقة الأجانب الذين يقاتلون نيابة عن شريك التحالف الإماراتي, تلقوا تدريبات من قبل الجيش الإسرائيلي في معسكرات في صحراء النقب.
وسط التطبيع المتزايد للعلاقات بين إسرائيل ودول الخليج، يجب ألا يكون من الغريب أن يتم الإبلاغ الأسبوع الماضي عن أن إسرائيل والمجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي المدعوم من الإمارات “أصدقاء سريون” فهم يعقدون اجتماعات يسرتها الإمارات.
ومن جانبه, أكد نائب رئيس المجلس الانتقالي، هاني بن بريك، أن العلاقات مع إسرائيل “جيدة جدا”, في حين ردت تل أبيب بشكل إيجابي على آفاق “دولة مستقلة جديدة في اليمن”.
إن تجزؤ الدول العربية يتماشى بالطبع مع الاستراتيجيات الصهيونية في المنطقة, كما أن دعم الانفصال في جنوب اليمن هو صدى لسياسة إسرائيل منذ عقود في دعم الدولة الكردية.
التدخلات الإسرائيلية السرية في اليمن لا تخلو من سابقة, فمن خلال الحرب الأهلية بين عامي 1962 و 1970, قامت إسرائيل بنقل الأسلحة والأموال جواً لدعم السلالة المتوكلية الملكية – التي تعتبر من المفارقات أنهم أسلاف الحوثيين- ضد الجمهوريين الناصريين, كما دعم السعوديون الملوك الزيديين الذين خسروا في نهاية المطاف في الحرب.
إن تأمين ميناء إيلات جنوبي إسرائيل وممر شحن, يمنح الوصول ليس فقط لقناة السويس ولكن أيضا للبحر الأحمر وعبر باب المندب إلى المحيط الهندي وما وراءه له أهمية حيوية لتل أبيب، خاصة كبوابة إلى الشرق الأقصى والصين، وهي شريك تجاري رئيسي.
إن الحروب مع الجيران العرب في الأعوام 1956 – 1967 – 1973, عملت على عرقلة طريق الملاحة الإسرائيلية.
وفي الأخير، أغلقت اليمن مضيق باب المندب وحاصرت البحر الأحمر, ومنذ ذلك الحين، اعتبرت إسرائيل أي محاولة لمنع الوصول إلى البحر الأحمر بمثابة عمل حربي وهددت بنشر جميع جيشها في حالة قيام إيران بذلك.
كما هو الحال مع جميع الأطراف الأخرى المشاركة في الصراع الحالي في اليمن، فإن الوصول إلى جميع الممرات البحرية المؤدية إلى خليج عدن وبحر العرب والمحيط الهندي يلعب دوراً مهماً في البرامج الأساسية.
إنها بالتأكيد إحدى التهم الموجهة إلى الإمارات بسبب مشاركتها في “انقلاب” المجلس الانتقالي الجنوبي في جزيرة سقطرى.
ومع ذلك، فإن الكشف عن الدعم الإسرائيلي للمجلس الانتقالي الجنوبي هو تطور مقلق بشأن آفاق الحفاظ على يمن موحد، مهما كان بعيد المنال.
إن أي محاولات من تل أبيب لدعم ظهور دولة “مستقلة” في المنطقة يجب أن يعامل بشك, حيث أوضح المجلس الانتقالي الجنوبي أنه يعتزم التوسع إلى ما هو أبعد من سيطرتها الحالية على عدن وأجزاء من محافظتي الضالع ولحج.
استمرار الاشتباكات في محافظة أبين مع الميليشيات المدعومة من السعودية، كما وكانت هناك دعوات للتضامن مع المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت.
تلتزم الحكومة المتحالفة مع الحوثيين في صنعاء بالسلامة الإقليمية لليمن وتدرك جيداً طموحات إسرائيل المدمرة للبلد.
أوضح وزير الإعلام ضيف الله الشامي أن “العدو الإسرائيلي يعتبر اليمن تهديداً له، خاصة بسبب موقعه الاستراتيجي، لذا فقد عمل على إيجاد موطئ قدم في اليمن من خلال دور الإمارات”.
في وقت سابق من هذا الشهر، انتقد زعيم حركة الحوثي، عبد الملك الحوثي السعودية والإمارات لوقوفهما إلى جانب “العدو الرئيسي للعالم الإسلامي” إسرائيل, حيث قال في خطاب متلفز: “الولايات المتحدة وإسرائيل تسعيان إلى استعباد الشعب اليمني, إن مؤامراتهم تستهدف المجتمع المسلم بأكمله، وتهدف إلى تفتيت الدول الإسلامية من الداخل من خلال زرع بذور الخلاف والانقسام”.
كما ذكر سابقاً أن الحوثيين مستعدون لدعم فصائل المقاومة في لبنان وفلسطين ضد إسرائيل.
علاوة على ذلك، هدد الحوثيون، الذين تدعمهم معظم القوات المسلحة اليمنية، إسرائيل من قبل “بالانتقام” من تورطها المعروف في حرب اليمن العدوانية, حيث قال وزير الدفاع في حكومة الإنقاذ الوطني اللواء محمد العاطفي أواخر العام الماضي أنه تم بالفعل تحديد “بنك أهداف عسكرية وبحرية” ولن يترددوا في مهاجمتهم عندما تقرر القيادة القيام بذلك.
هذه تحديات أمنية تأخذها إسرائيل على محمل الجد، خاصة مع وجود الصواريخ الباليستية بعيدة المدى والطائرات المسلحة بدون طيار في ترسانة الجيش اليمني، والتي أثبتت الهجمات عبر الحدود ضد السعودية أنها دقيقة للغاية.
كما أعربت إسرائيل عن استعدادها لمهاجمة أهداف الحوثيين بالقرب من باب المندب.
يتخذ الحوثيون أيضاً موقفاً ثابتاً من دعم القضية الفلسطينية, حتى أن الحوثي ذهب إلى حد عرض تبادل الطيارين السعوديين الأسرى مقابل إطلاق سراح أعضاء حماس البارزين المسجونين في المملكة.
المواجهة العسكرية المباشرة بين إسرائيل والحوثيين غير محتملة وغير واقعية في الوقت الحالي، على الرغم من أن كلا الجانبين أعربا عن استعدادهما لاتخاذ إجراءات إذا لزم الأمر, لكن إسرائيل تلعب لعبة خطرة, وإذا أصبحت أكثر تورطاً في الحرب في اليمن، فستواجه خطر الصراع مع الحوثيين.
ومثلما قامت إسرائيل بتأمين وصولها إلى مضيق باب المندب، لا ينبغي أن تفاجأ إذا قررت سلطات الحوثيين الرد على المحاولات الإسرائيلية لإثارة مزيد من الخلاف وتقسيم الدولة اليمنية الهشة بالفعل.
كما هدد الحوثيون الداعم الرئيسي للمجلس الانتقالي، الإمارات, حيث قال متحدث عسكري مؤيد للحوثيين أن “أبو ظبي يمكن يتم استهدافها في أي وقت”.
في الوقت الحالي، ينصب التركيز الرئيسي للحوثيين على السيطرة على مدينة مأرب من الميليشيات المدعومة من السعودية التي تقاتل نيابة عن الحكومة المعترف بها دولياً في المنفى والتي تثبت بشكل متزايد أنها لسان غير ذي صلة بالرياض.
إن حكومة الإنقاذ الوطني التي تسيطر على معظم اليمن من حيث الكثافة السكانية، ستوجه انتباهها إلى الجنوب بمجرد تأمين مأرب.
وعندما يأتي الصدام المحتوم مع المجلس الانتقالي الجنوبي، سنرى المواجهة غير المباشرة مع إسرائيل في العلن.
* صحيفة” ميدل إيست مينتور” الأنجليزية
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.