الجوع يتربّص بأطفال اليمن
بقلم: عيسى محمد
(موقع “وكالة أسوشيتد برس” – ترجمة نجاة نور -سبأ)
الحنابية, اليمن- عندما ولد عيسى أواخر العام الماضي في قرية في شمال اليمن, كان يزن حوالي 3 كيلوغرامات أو 6.6 رطل.
والآن مازال يزن الرضيع البالغ من العمر 7 أشهر نفس الوزن تقريبا, اي أقل من نصف متوسط الوزن الطبيعي بالنسبة لعمره, حيث لا يزال جلده رقيق جدا وأطرافه هزيلة.
تعكس حالة عيسى ما حذرت منه وكالة الأمم المتحدة للطفولة الأسبوع الماضي, من أن ملايين الأطفال في اليمن الذي مزقته الحرب يمكن ان يعانون من المجاعة بالتزامن مع اجتياح فيروس كورونا لأفقر دولة في العالم العربي, كما تعاني الوكالات الإنسانية من انخفاض كبير في التمويل.
قال والد الطفل إبراهيم ناصر، وهو صياد نازح يبلغ من العمر 51 عاما ويعيش الآن في قرية الحنابية في منطقة عبس في محافظة حجة, إن الأسرة قضت معظم شهور عمر عيسى حتى الآن في مركز الرعاية الصحية, على بعد حوالي 20 كيلومتر12.5) ميلاً) من القرية، حيث يقدم المركز الطبي غير المجهز خدماته لأكثر من 50 الف نازح في المنطقة.
قبل أربع سنوات, عندما تصاعد القتال بين الحوثيين والقوات الحكومية في اليمن بدعم من التحالف بقيادة السعودية, غادر ناصر قريته الواقعة بالقرب من مدينة ميدي الساحلية، في محافظة حجة أيضا والواقعة على الحدود مع المملكة العربية السعودية.
ومنذ ذلك الحين, أصبح عاطلاً عن العمل ويعتمد على المساعدة لإطعام أسرته التي أصبحت جزءا من بين أكثر من 3 ملايين شخص نزحوا بسبب الحرب, ودفعت الكثير منهم إلى حافة المجاعة وسط القتال الذي لا تقدم فيه, ووباء فيروس كورونا الذي أنتشر في جميع أنحاء البلد.
قال ناصر: “أنا شخص فقير وابني في هذه الحالة, ويقولون لي إنه يعاني من سوء التغذية, يمكنك أن ترى كيف حالته”.
قال الدكتور علي حجر الذي يشرف على عيادة سوء التغذية في المركز, إن مركز الرعاية الصحية كشف على الرضيع مؤخراً من خلال دعم مؤسسة خيرية محلية تقدم المساعدة للنازحين في المنطقة, حيث قال الطبيب: “حالته مأساوية للغاية, حيث يعاني من سوء التغذية الحاد, وجلده يمتد بشكل مشدود على عظامه”.
بدأت الحرب التي دمرت قدرة الدولة المدمرة والهشة بالفعل على إطعام سكانها, وفي أواخر عام 2014 ، عندما اجتاح الحوثيون المناطق الشمالية من اليمن والعاصمة صنعاء, مما اضطر حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليا للهروب إلى الجنوب وفي النهاية إلى المنفى.
ومع تقدم الحوثيين في اتجاه الجنوب, شكلت السعودية ودول الخليج العربية الأخرى، بدعم من الولايات المتحدة تحالفا لمواجهة الحوثيين وتدخلت في اليمن في عام 2015, واصفةً مشاركتها بأنها محاولة لمنع إيران من السيطرة البلد.
أدى الصراع إلى مقتل أكثر من 100 ألف شخص وخلق أسوأ كارثة إنسانية في العالم, حيث نزح أكثر من 3 ملايين شخص داخليا و اصبح ثلثي السكان يعتمدون على المساعدات الغذائية من أجل البقاء.
من المتوقع أن يزداد الوضع في اليمن سوءا، حيث قامت الدول المانحة مؤخرا بخفض مساعدتها وسط جائحة فيروس كورونا وأيضا بسبب المخاوف من أن المساعدة قد لا تصل إلى المستفيدين المستهدفين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا),فإن حوالي 24 مليون يمني، أي 80٪ من اجمالي مجموع سكان البلد, يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدة أو الحماية, و 75٪ من برامج الأمم المتحدة الخاصة للبلد التي تغطي بشكل أساسي كل قطاع من الغذاء إلى الرعاية الصحية, قد أغلقت أبوابها بالفعل أو قلصت من عملياتها.
اضطر برنامج الغذاء العالمي إلى خفض حصص الإعاشة إلى النصف وانخفضت الخدمات الصحية الممولة من الأمم المتحدة في حوالي 200 مستشفى في جميع أنحاء البلد.
كما سيتم قطع برامج التغذية, مما سيؤثر على 260 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد.
قالت أوتشا في وقت سابق من هذا الشهر إن أكثر من مليون امرأة و 2 مليون طفل بحاجة إلى علاج من سوء التغذية الحاد.
وفي الأسبوع الماضي, حذرت اليونيسف من أنه ما لم يتم دفع 54.5 مليون دولار للمساعدة الصحية والتغذوية بحلول نهاية أغسطس, فإن أكثر من 23000 طفل سيواجهون خطر الموت بشكل متزايد بسبب سوء التغذية الحاد, وقالت أيضا إن 5 ملايين آخرين تحت سن الخامسة لن يحصلوا على لقاحات ضد الأمراض الفتاكة.
ومن جانبها, قالت سارة بيزولو نيانتي، ممثلة اليونيسف في اليمن: “لا يمكننا المبالغة في حجم هذه الحالة الطارئة كأطفال, إذا لم نتلق تمويلاً عاجلاً، فسيتم ترك الأطفال يواجهون المجاعة وسيموت الكثير منهم”.
سجلت اليمن رسمياً أكثر من 1120 حالة إصابة بـكوفيد- ١٩, بما في ذلك 303 حالة وفاة.
ومع ذلك، يُعتقد أن العدد الفعلي أعلى بكثير, حيث أن قدرات الاختبار محدودة للغاية ولم يكشف الحوثيون عن عدد الإصابات في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
قال الصياد ناصر، وهو ينظر بيأس إلى طفله الصغير عيسى وعيني الطفل الكبيرة المفتوحة: “ليس لدي أي شيء أعطيه له”.
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.