بقلم: احمد عبدالكريم
ترجمة: نجاة نور- سبأ

صنعاء، اليمن – احتفظت شوارع صنعاء بالكثير من شخصيتها طوال السنوات الست الماضية من الحرب.

هذا، على الرغم من التهديد المستمر للقصف السعودي والفيروسات العديدة التي تشق طريقها بشكل منهجي بين السكان وآخرها فيروس كورونا.
لا تزال ساعة الذروة بعد الظهر تتزاحم فيها الحافلات وسيارات الأجرة والمركبات الخاصة التي تخنق شارع حدة في شمال صنعاء.

يتألق هورنز في التقاطعات بينما يقوم السائقون بتبديل الممرات, بحثا عن أي ميزة يمكنهم العثور عليها في طقوس كانت، حتى وقت قريب تجلب شعورا بالحياة الطبيعية إلى بلد يواجه حالة من عدم الاستقرار المستمر, لكن ست سنوات من الحرب ألحقت الضرر بواحدة من آخر مظاهر الروتين اليومي في اليمن.

في خطوة قامت بها السعودية والتي من المؤكد أنها ستؤدي إلى تفاقم الوضع السيئ بالفعل في البلد، حليف الولايات المتحدة الغني بالنفط بمنع ناقلات النفط من توفير الوقود الذي تشتد الحاجة إليه في المستشفيات اليمنية ومضخات المياه والمخابز وشاحنات جمع المخلفات ومحطات الوقود، اغرق المناطق الشمالية بذات في أزمة وقود حادة.

وبحسب بيان صادر عن شركة النفط اليمنية، فقد تم حصار 15 ناقلة نفط على الأقل تحمل أكثر من 419.789 طن من الوقود في البحر لأكثر من شهر على الرغم من فحصها وإصدار تصاريح من كل من التحالف بقيادة السعودية والأمم المتحدة. والآن، لم يعد الوضع في البلد الذي مزقته الحرب مقبولا.

قال الرئيس التنفيذي لشركة يمن أويل في مؤتمر صحفي عقده أمام مكتب الأمم المتحدة في صنعاء يوم الأربعاء, أن الاحتياطيات المتبقية للشركة لن تستمر لأكثر من بضعة أيام, وأكد بيان صادر عن فرع الشركة في الحديدة أن مخزونها الاحتياطي بلغ مرحلة حرجة ولم يعد كافياً لتزويد أهم القطاعات بالدولة بالوقود.

“أحد أكبر التهديدات خلال المائة عام الماضية”

ليست هذه هي المرة الأولى التي تسببت فيها السعودية في أزمة وقود في اليمن, ومع ذلك, فإن هذا الحصار أكبر بكثير من الحصار السابق ويأتي في وقت تقاتل فيه اليمن جائحة فيروس كورونا الذي ينتشر بسرعة في جميع أنحاء البلد.

قال سائق سيارة الأجرة محمد عبد الله مسعود وهو يرتدي قناعا واقيا, حيث تظهر انتفاخات تحت عينيه المتعبتين: “إنه أسوأ مما كنا نتوقعه”, حيث كان ينتظر في الطابور لمدة يومين للحصول على البنزين, فقد توفي شقيقه الأكبر الأسبوع الماضي نتيجة اصابته بفيروس كورونا وهو الآن مسؤول عن تزويد زوجته وأطفاله بالطعام والدواء أثناء بقائهم في الحجر الصحي في المنزل, كما قال لمنتبرس: “عائلة أخي تحتاج إلى الخبز وبعض الخضروات, لا أحد سواي يمكنه تزويدهم بالضروريات الأساسية للبقاء على قيد الحياة, إذا لم استطيع توفير الوقود بنهاية اليوم، فقد يحدث لهم شيء سيئ”.

لم يجبر حصار الوقود السعودي الآلاف من اليمنيين الذين يكافحون بالفعل ضد انفجار غير مسبوق للمجاعة والمرض والأوبئة على الانتظار لأيام في طوابير بامتداد رؤيته العين, بل أنه ترك مضخات المياه ومولدات المستشفيات ووسائل النقل والمركبات بدون وقود وهذا النقص سرع من انتشار فيروس كورونا بسبب المولدات الفارغة التي أغلقت المرافق الصحية, بما في ذلك مصنع الأكسجين والمستشفيات وحضانات الأطفال ومركز الفشل الكلوي وكلها تحتاج إلى كهرباء متواصلة ومستمرة على مدار 24 ساعة يوم.

كما ارتفعت معدلات الكوليرا وحمى الضنك والملاريا, لاسيما في الحديدة وصعدة وحجة حيث يمكن أن تصل درجات الحرارة في الصيف إلى 129 درجة, ونقص الوقود جعل السكان غير قادرين على الهروب من الحرارة, حيث أن المولدات المستخدمة لتشغيل مكيفات الهواء لا يمكن تشغيلها.

كما أن أسعار الغذاء والدواء ترتفع بشكل كبير ، كما أن المحاصيل التي لا تكاد تذكر في اليمن معرضة لخطر الجفاف لأن المزارعين غير قادرين على تشغيل الآبار والمضخات اللازمة لري حقولهم.

يعتمد 80 % على الأقل من سكان اليمن البالغ عددهم 28 مليون نسمة على المساعدات الغذائية من أجل البقاء فيما وصفته الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، ومن المرجح أن يؤدي تدمير القطاع الزراعي المتبقي إلى زيادة هذا الرقم.

في يوم الأربعاء، أخبر مارك لوكوك، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، في جلسة مغلقة لمجلس الأمن الدولي, أن العديد من الأشخاص من المحتمل أن يتضورون جوعا حتى الموت، ويستسلمون لـ فيروس كورونا ويموتون بسبب الكوليرا، مضيفاً أن فيروس كورونا ينتشر بسرعة عبر اليمن وأن حوالي 25 % من الحالات المؤكدة في البلد قد توفت اي “خمسة أضعاف المتوسط العالمي”.

وأضاف: “لم نشهد في اليمن من قبل وضعا تتداخل فيه مثل هذه الأزمة الاقتصادية المحلية الحادة مع انخفاض حاد في التحويلات وتخفيضات كبيرة لدعم المانحين للمساعدات الإنسانية وهذا بالطبع يحدث كل شيء في منتصف وباء مدمر”.

ومن جانبها, وصفت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ليز غراندي كوفيد – ١٩ في اليمن بأنها “أحد أكبر التهديدات في المائة عام الماضية”.

يأتي الحصار السعودي وسط عمليات قصف مستمرة من قبل التحالف السعودي, حيث حلقت الطائرات الحربية فوق صنعاء والمحافظات الأخرى واستهدفت عدة مناطق في محافظات البيضاء والجوف ومأرب وصنعاء, مما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات, كما قتل يوم الخميس على الأقل خمسة أشخاص وأصيب العشرات عندما دمرت الطائرات الحربية السعودية أربع سيارات كانت تسير على الطرق العام في منطقتي ردمان وقانية.

الخيار الفعال الوحيد:

على الرغم من التحديات، فإن اليمنيين لديهم معنويات قوية وإرادة تبدو غير قابلة للكسر لمواصلة تحمل الطموحات السعودية لبلدهم.

قال حميد، 37 سنة لمنتبرس: “نموت بصمت ولكن بكبرياء. وهو يقف في خط وقود في محطة بنزين بصنعاء: “لن نستسلم أبدا للسعودية”.

لقد أصبحت طقوسا أسبوعية لحميد الذي يصطف في الطابور لساعات للحصول على 30 لترا من الوقود كل سبعة أيام.

كان حامد والآخرون الذين ينتظرون في الطابور يقرءون بسرور حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي ويحتفلون بتقارير إخبارية عن وقوع انفجارات في العاصمة السعودية بعد هجمات الجيش اليمني بقيادة الحوثيين.

ردا على حظر الوقود واستمرار الغارات الجوية على بلادهم, حيث نفذ الجيش اليمني بقيادة الحوثيين هجمات واسعة النطاق على عدد من المواقع الاستراتيجية في السعودية باستخدام وابل من الصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات بدون طيار التي استهدفت مقر وزارة الدفاع السعودية ووكالة المخابرات العامة وكذلك قاعدة الملك سلمان الجوية، من بين أهداف عسكرية أخرى في العاصمة الرياض والمناطق الجنوبية من نجران وجيزان, فبالنسبة للكثيرين، يمثل الانتقام من المملكة الخيار الفعال الوحيد لقمع الهجمات السعودية والحصار على بلادهم.

أكد محمد عبد السلام, المتحدث باسم المفاوضين الرئيسيين لجماعة أنصار الله, الجناح السياسي للحوثيين، أن العملية تهدف إلى استعادة الاستقرار في البلد وفك الحصار الذي تقوده السعودية, وقال ان اليمنيين ليس لديهم خيار سوى مواجهة السعودية ومقاومتها، وحث الهيئات الدولية على الضغط على النظام السعودي لإنهاء الهجوم.

وقد اعترف التحالف الذي تقوده السعودية بالهجمات, لكنه يدعي أنه تم اعتراض وتدمير الصواريخ والطائرات بدون طيار, ولم يقدم أي دليل لدعم هذا الادعاء.
كما وصف المتحدث باسم التحالف العقيد تركي المالكي الضربات بأنها “عملية مدروسة وممنهجة لاستهداف المدنيين والأهداف المدنية”, مضيفا في وقت لاحق أن التحالف “اعترض” ثماني طائرات مسيرة وثلاثة صواريخ باليستية.

قال مسؤول حوثي رفيع المستوى لمنتبرس إن الغارات أصابت بالفعل أهدافها المقصودة, مضيفا أن الجيش استخدم سلاحا جديدا في الهجوم والذي سيتم الكشف عنه قريبا.

أدانت الولايات المتحدة ودول أخرى, بما فيها فرنسا وبريطانيا الهجوم على حليفتهم السعودية, وقد ظلوا صامتين حتى الآن بشأن الهجمات السعودية الأخيرة وحظر الوقود على اليمن الذي سبق الهجمات على السعودية.

واتهم اليمنيون الدول الغربية بالتخلي عن التزامها الذي طال انتظاره بحقوق الإنسان مقابل صفقات أسلحة سعودية, حيث قال زعيم قبلي يمني طلب عدم ذكر اسمه خوفا من الانتقام في رد على منتبرس: “نحن نقتل بأسلحة تم تصنيعها في هذه البلدان، ولا نحصل على أي شيء منها باستثناء التصريحات القذرة التي تسيء إلى شعبهم, في إدانة للولايات المتحدة.

من جانبها انتقدت جماعة أنصار الله تصريحات تدين هجماتهم الانتقامية, وقال عبد السلام إن “إدانات عملياتنا لم تعد فعالة, إنها تأتي في إطار المجاملات السياسية وتمولها جزئياً السعودية وأصر على أن الدول الغربية يجب أن تضغط بدلاً من ذلك على المملكة لوقف الحرب, وأضاف: “إن الإدارة الأمريكية تمارس أبشع عمليات النهب للمال السعودي، وبيان المهمة الأمريكية في السعودية بعد عمليتنا هو نوع من الابتزاز ، ولا شيء غير ذلك”.

الهجمات اليمنية هي قمة جبل الجليد كما كشف العديد من كبار المسؤولين في الجيش اليمني المدعوم من الحوثيين لمنتبرس, أنهم يستعدون لمزيد من الهجمات ضد أهداف في السعودية، بما في ذلك على المنشآت النفطية والقصور الملكية والقواعد العسكرية والمطارات وناقلات النفط السعودية، و “أهداف حساسة” أخرى رفضوا ذكرها.

إن العواقب بالنسبة للسعودية ستكون وخيمة حتى يتم رفع الحصار وتنتهي الحرب، كما وعدوا, يجب ألا ندع السعودية تجوعنا وأن تتمتع بالاستقرار والثروة”.

يحظى التحالف بقيادة السعودية بدعم كبير من الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، التي استخدمت الخنق الاقتصادي المنهجي كسلاح في الحرب, حيث تستهدف الوظائف والبنية التحتية والقطاع الزراعي والوقود ومحطات ضخ المياه ومصانع توفير الخدمات الأساسية وفرض حظر بري وبحري وجوي.

في غضون ذلك, وكنتيجة مباشرة لحصار النفط, يقول العديد من المسؤولين اليمنيين أنهم يسعون بالفعل للحصول على مساعدة من إيران, على أمل أن تأتي الحكومة الإيرانية لمساعدتهم كما فعلوا في فنزويلا، حيث كانت ست سفن إيرانية تحمل الوقود والغذاء ودواء لكاراكاس في تحد للعقوبات الأمريكية.

وطالبوا أنصار الله بالعمل مع إيران للتحايل على الحصار وتزويد المنشآت الحيوية في البلد بالوقود, وإذا تم تنفيذ مثل هذه الخطوة, فإن طهران ستكسب بلا شك قلوب وعقول اليمنيين القلقين من أي تدخل أجنبي، وكل ذلك بفضل التحالف الذي تقوده السعودية والولايات المتحدة التي تنفذ إلى حد كبير الحرب بأمل الحد من “النفوذ الإيراني” في اليمن.

* موقع”mintpressnews-منتبرس نيوز” الانجليزي

* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.