السياسية – وكالات :

أزالت منصة “إتش بي أو” التلفزيونية الأمريكية المالكة لحقوق بث المسلسل الكرتوني الساخر الشهير “ساوث بارك” خمس حلقات منه لأنها تصور النبي محمد.

وتحكي هذه السلسلة، التي بدء عرضها عام 1997 والتي ابتكرها كاتب السيناريو مات ستون والمخرج تري باركر، مغامرات أربعة أطفال في مدرسة في كولورادو وحظيت طوال سنوات من عرضها بمشاهدات عالية وجمهور واسع في جميع أنحاء العالم بسبب الرؤية الساخرة والناقدة لكل فئات المجتمع الأمريكي واستهزائها بالعديد من الشخصيات والمجتمعات المكونة للمجتمع.

ولفت موقع Deadline الأمريكي المتخصص بشؤون الإعلام والترفيه إلى أن هناك خمس حلقات مفقودة، واحدة من الموسم الخامس واثنتان من الموسم العاشر واثنتان من الموسع الرابع عشر، من السلسلة التي أنتج منها حتى الآن 23 موسماً. ويعود السبب إلى أن الحلقات الخمس تصور النبي محمد.

وكانت هذه الحلقات قد تسببت في الماضي بالكثير من المعاناة لصانعي المسلسل. ففي عام 2010، قالت صحيفة لوفيغارو الفرنسية أن قناة “كوميدي سنترال” التلفزيونية الأمريكية، التي كانت تبث مسلسل “ساوث بارك” منذ عام 1997، حذفت كل الإشارات الصوتية للنبي محمد في حلقات المسلسل بمقطع صوتي يدل على عبارة محذوفة، كما غطت بعض الصور بلون أسود. وحدث ذلك بعد أن تلقى كل من باركر وستون تهديدات بالقتل من جماعة إسلامية تسمي نفسها “الثورة الإسلامية” كانت قد أعلنت بعد بث حلقة تم فيها إلباس النبي محمد رداء دب بأن صانعي المسلسل يخاطران بأن يلقيا المصير ذاته الذي لقيه المخرج ثيو فان جوخ الذي اغتاله متطرفون إسلاميون في أمستردام عام 2004.

رغم ذلك، لم تزعج حرية التعبير الكبيرة والحس الساخر الذين تتمتع بهما حلقات المسلسل المسلمين فقط، ففي عام 2019 فرضت الصين رقابة على بث المسلسل بعد حلقة بعنوان “Band in China” سخرت فيها من الشركات الأمريكية التي تتعامل مع الصين دون أي اعتبار لحقوق الإنسان في هذا البلد. وفي عام 2005، أثارت حلقة تصور مريم العذراء وهي تحيض الغضب في الولايات المتحدة. لكن في جميع تلك الحالات، لم تقم الشركة المنتجة أو منصات العرض الأمريكية بحذف الحلقات أو ممارسة رقابة فيها.

ويصعب العثور في مواسم المسلسل المتتالية على حلقة لا يمكن اعتبارها “مسيئة” من قبل أتباع هذه الطائفة أو هذا الدين أو هذه القومية أو هذا الاتجاه السياسي لأن السلسلة تعتمد بشكل رئيسي على السخرية اللاذعة دون ادخار أو محاباة لأي منها. وبهذا المعنى تساءل الفيلسوف الفرنسي رافاييل إينتوفن معلقاً على حذف الحلقات الخاصة بالنبي محمد “وماذا عن 54 حلقة (على الأقل) تسخر من المسيح؟ أو الحلقات (التي لا تحصى) والتي تسخر من اليهود عبر شخصية كايل بروفلوفسكي وعائلته؟”.

كذلك فقد لاحظ المحامي الفرنسي ريشار مالكا، محامي صحيفة “شارلي إيبدو” في القضية التي كانت مرفوعة ضدها بعد نشرها رسوماً كاريكاتورية للنبي محمد عام 2006، هذا التفاوت في المعاملة. وفي كتابه المعنون “في مديح الإهانة” الذي نشر فيه دفاعه عن “شارلي إيبدو” ذكر مالكا أن الصحيفة الفرنسية الساخرة رسمت مراراً وتكراراً القديسين الكاثوليك والبابا والله نفسه، ولكن “حتى في شارلي إيبدو، لا أحد يتجرأ على القيام بعُشر ذلك حين يتعلق الأمر بالنبي محمد”.