قالت أدريان لابار، مديرة “ووتش ليست” المعنية بالأطفال والنزاع المسلح، أن القرار يبعث برسالة مفادها أن الجهات الفاعلة القوية يمكن أن تفلت من العقاب جراء قتل الأطفال.

بقلم: احمد عبد الكريم

25 يونيو 2020 (موقع- mintpressnews” منتبرس نيوز” الانجليزي – ترجمة: نجاة نور- سبأ)

صعدة، اليمن- لم تكن المرة الأولى التي تسمع فيها والدة فيصل أحمد الجاسر الراديو الصغير الذي يجلس في زاوية مطبخها, تقريراً بأن الطائرات السعودية تسقط القنابل في المنطقة مرة أخرى, لكن هذه المرة كانت مختلفة, حيث شعرت أن شيئاً خاطئاً يحدث عندما سمعت أن الطائرة تحلق فوقها تماماً، ثم جاءت لتكتشف لاحقاً أن إحدى القنابل أصابت ابنها فيصل البالغ من العمر 14 عاماً، فقتله على الفور.

جاء خبر وفاة فيصل في الوقت الذي أعلنت فيه الأمم المتحدة قراراً جديداً هذا الأسبوع, بإزالة اسم التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن من القائمة السوداء للأطراف التي تنتهك حقوق الإنسان للأطفال.

هذا، على الرغم من أن محققي الأمم المتحدة أفادوا بأن القوات السعودية قتلت مئات الأطفال في اليمن في العام الماضي وحده.

في الواقع، حتى عندما كانت فرجينيا غامبا، الممثلة الخاصة للأمم المتحدة للأطفال والصراعات المسلحة، مشغولة بإخبار الصحفيين في مؤتمر صحفي أن رئيسها اتخذ قراراً بإزالة أسم المملكة العربية السعودية من القائمة السوداء، حينها كانت جثث الأطفال تحترق داخل سيارة استهدفتها الطائرات الحربية السعودية في محافظة صعدة شمال غرب اليمن.

عادة ما تمتنع مينتبرس عن نشر لقطات مصورة، لكن هذا القرار الأخير الذي اتخذته الأمم المتحدة يضع حقيقة ما يحدث على أرض الواقع في اليمن من أجل المصلحة العامة.

ليس من السهل مشاهدة آثار الهجوم السعودي على سيارة عائلية مليئة بالأطفال، لكنها توضح طبيعة الحرب الشاملة التي يشنها التحالف السعودي على المدنيين اليمنيين, التقط مصور مينتبرس عبد الله الحمران الصور التالية في أعقاب الهجوم.

قال عبد الله جابر علي البوجاني لـ مينتبرس, الريال السعودي القذر أسقط اسم المملكة من القائمة السوداء، إنه لعار على الأمم المتحدة.

وكان البوجاني من بين أفراد الأسرة الذين تجمعوا لإخراج جثة عبد الله البالغ من العمر 12 عاماً، والذي قتل جراء غارة جوية سعودية استهدفت السيارة التي كان يستقلها على طريق سريع في مديرية شدا بمحافظة صعدة, وبالإضافة إلى فيصل وعبد الله، قُتل 14 شخصاً على الأقل، من بينهم أربعة أطفال وامرأة، كما أصيب آخرون في الهجوم.

كما لقي اثنان من العاملين في مجال إزالة الألغام ومسعف مصرعهما عندما قصفت الطائرات الحربية السعودية مديرية كتاف في نفس المحافظة بعد هجوم مماثل يوم الأربعاء الماضي أدى إلى مقتل ثلاثة مدنيين وإصابة آخر.

إن قرار الأمم المتحدة الأخير لم يهز عائلات اليمن المكسورة بالكامل التي فقدت أطفالها بسبب هجمات التحالف، ولكنه أثار أيضا القلق من أن الأمم المتحدة تتخذ خطوات من شأنها أن تجعل أحبائهم عرضة لمزيد من الهجمات السعودية.

يتهم ناشطون يمنيون وجماعات حقوقية، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، بالتحيز، حيث قال أن هذه الخطوة تظهر تجاهلاً صارخاً للجرائم السعودية التي وثقتها الأمم المتحدة نفسها.

يقولون أن القرار يضع مسؤولية أخلاقية على غوتيريس والأمم المتحدة عن الجرائم السعودية المستقبلية ضد الأطفال.

تنظر اللجنة الوطنية اليمنية للمرأة إلى قرار الأمم المتحدة على أنه محاولة لتوفير غطاء رسمي لجميع انتهاكات الإنسانية والجرائم ضد الأطفال والنساء في اليمن, وأشارت المجموعة إلى أن إخراج السعودية من القائمة السوداء لا ينفي الجرائم التي ارتكبتها في اليمن.

من جانبهم، وجه أنصار الله (الحوثيون) انتقادات حادة للأمم المتحدة على القرار, حيث ندد محمد عبد السلام المتحدث باسم الرسمي باسم أنصار الله بقرار الأمم المتحدة وقال أنه لا يمكن محو الجرائم السعودية من السجل.

وذكر أيضا أن الخطوة تؤكد أن الأمم المتحدة التي تتواطأ مع السعودية لم تعد قادرة على العمل كوسيط لأي حل سياسي في اليمن أو في أي مكان آخر.

ومن جانبه, حذر هشام شرف، وزير خارجية أنصار الله في صنعاء، من أن إزالة التحالف الذي تقوده السعودية من القائمة سيشجع فقط النظام السعودي وقواته الجوية على مواصلة جرائمهم ضد أطفال اليمن, ووصف القرار بأنه يمثل انتكاسة لجهود الأمم المتحدة لحماية وتعزيز حقوق الأطفال في جميع أنحاء العالم.

وردا على الهجمات السعودية الأخيرة، شن الجيش اليمني الموالي للحوثيين عملية واسعة النطاق يوم الخميس ضد طائرات التحالف ومستودعات للأسلحة وغيرها من الأهداف الحساسة في القاعدة العسكرية السعودية في خميس مشيط.

:”قائمة غوتيريس “للعار

أثار القرار الأممي حفيظة جماعات حقوق الإنسان الدولية, حيث اتهمت هيومن رايتس ووتش, الأمين العام بتجاهل أدلة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

ويصف جو بيكر، مدير الدفاع عن حقوق الأطفال في هيومن رايتس ووتش: “أن الامم المتحدة وصلت إلى مستوى جديد من العار إلى ن خلال إزالة أسم التحالف الذي تقوده السعودية وتجاهل الأدلة الدامغة على استمرار الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال”.

قالت أدريان لابار، مديرة “ووتش ليست” المعنية بالأطفال والنزاع المسلح، أن شطب اسم التحالف “يبعث برسالة مفادها أن الجهات الفاعلة القوية يمكنها الإفلات من العقاب جراء قتل الأطفال”، ودعت إلى تقييم مستقل وموضوعي وشفاف للعملية التي أدت إلى اتخاذ القرار.

كان أسم التحالف مدرجاً في القائمة السوداء منذ ثلاث سنوات, حيث تم إضافته في عام 2016 ولكن تم إزالته لاحقاً بعد احتجاجات من الحكومة السعودية.

اتهم الأمين العام السابق بان كي مون المملكة بممارسة ضغوط غير مقبولة على الأمم المتحدة مع الدول الحليفة، بزعم أنها تهدد بقطع التمويل الحيوي لبرامج المساعدة.

أعاد غوتيريس التحالف الذي تقوده السعودية إلى القائمة في عام 2017 في أعقاب الهجمات السعودية على المدارس والمستشفيات اليمنية لكنه وضعه في فئة تم إنشاؤها حديثاً.

في عام 2018 ، أزال غوتيريس التحالف من قائمة الأحزاب التي تهاجم المدارس والمستشفيات، على الرغم من أنه تم توثيق 19 هجوماً من قبل الأمم المتحدة على المدارس في العام السابق.

في تقريره السنوي عن الأطفال والنزاع المسلح الذي صدر في 15 يونيو 2020، أفاد غوتيريس أن التحالف بقيادة السعودية مسؤول عن إصابة 222 طفل وأربع هجمات على المدارس والمستشفيات في العام 2019 باليمن، لكنه أخرج المملكة من قائمة الأطراف المسؤولة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ضد الأطفال.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن حذف غوتيريس للسعودية من القائمة يتعارض أيضاً مع “نداءه للعمل من أجل حقوق الإنسان” الذي أعلن عنه في وقت سابق من هذا العام, وقال في هذا النداء، “يجب احترام القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان”.

ومع ذلك، فإن قراره بشطب أو حذف اسم السعودية بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال يثير تساؤلات حول هذا الالتزام.

* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.