السياسية: مركز البحوث والمعلومات: زيد المحبشي

الاهتمام الإسرائيلي بمنطقة القرن الإفريقي والبحيرات العظمى، منسجم كليةً مع الاهتمام الأميركي، كون هذه المنطقة تشكل أهم موقع استراتيجي من الناحية الأمنية منذ ولادة الكيان العبري، ونقطة الارتكاز لتحقيق الاتصال بوسط وجنوب إفريقيا، وتحقيق مصالح إسرائيل السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية.

ولهذا كان الكيان الصهيوني شديد الحرص على إيجاد عمق له في البحر الأحمر والقرن الإفريقي، منذ ولادة كيانه الغاصب في فلسطين المحتلة في العام 1948، مستخدماً العديد من الأساليب لتمرير أجندته وترسيخ وجوده في منطقة القرن الأفريقي، مستغلاً وجود أقليات يهودية هناك، كان لها دور مهم في تغذية الصراعات العرقية والطائفية والحدودية، وتوظيفها لصالح السياسات الإسرائيلية، واللعب على المتناقضات الفجة بين مجتمعات هذه المنطقة، واستغلال كل الثغرات حتى يبقى قادة الأقليات الحاكمة فيها مرتبطين بتل أبيب وسياساتها.

كما استغل الصهاينة علاقاتهم مع إثيوبيا وإريتريا على سبيل المثال ضد السودان واليمن، ودعم طموحات الانفصال كما في “بونت لاند” الصومالية، والعمل للحيلولة دون وجود حكومات قوية، خاصة ذات التوجه العربي أو الإسلامي، والترويج لوجود علاقات وثيقة بين الإسلاميين والقاعدة والقراصنة، وتشكيل ورقة ضغط على السودان ومصر من خلال مساعي تدويل منابع نهر النيل وضرب القوى الإسلامية، واستكمال مخطط نقل يهود “الفلاشا” من المنطقة، وسط رغبة جامحة في السيطرة والتغلغل الكامل في شؤون دول شرق إفريقيا والبحر الأحمر وتأمين نطاق الأمن الحيوي الجنوبي لإسرائيل، حيث المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، واكتساب وسيلة ضغط جديدة على الدول العربية لدفعها نحو التطبيع المجاني والسلام الاقتصادي، ومواجهة “إيران”، والقضاء على قوى وفصائل المقاومة العربية ..ألخ.

عملياً، نجح الصهاينة في تربيط دول القرن غير العربية بشبكة معقدة من العلاقات الخادمة لمصالح الكيان الغاصب وطموحاته القديمة لتهويد البحر الأحمر وتأمين مدخله الجنوبية وتهيئة البيئة لإقامة دولة إسرائيل الكبرى من النهر الى النهر، وفي مقدمة تلك الدول “إرتيريا” بموقعها الاستراتيجي المطل على باب المندب، وسواحلها الواقعة في مواجهة السواحل اليمنية والسعودية، بما يجعل منها جزءٌ مهم من المعادلة الأمنية للبحر الأحمر، والتحكم في باب المندب، والبيئة الأنسب لتمرير المشاريع والأجندة الصهيونية في الشرق الأفريقي ومنطقة الخليج العربي والجزيرة العربية، ولهذا كانت العلاقة معها لا تقل أهمية عن الزواج الكاثوليكي بما له من قداسة ومكانة، ولذا سنكتفي في هذا المبحث بتقديم قراءة سريعة لأهم مدخلات ومخرجات العلاقات المثيرة للجدل بين الكيان الصهيوني وإرتيريا.

تعد إرتيريا تاريخياً امتداد للعمق العربية، الى جانب الصومال وجيبوتي، ولهذا وضع الصهاينة في بنك أهدافهم منذ وقت مبكر من خمسينيات القرن العشرين، ترسيخ التواجد اليهودي في منطقة القرن الأفريقي، فكانت إثيوبيا والتي تعد إرتيريا حينها جزءاً منها، البوابة الاولة لإسرائيل والمعترف الأولى بدولة الاحتلال الصهيوني.

ومع مرور السنوات شجعت ثورات التحرر العربي الإرتيريين لإعلان النضال ضد الاحتلال الإثيوبي، فتولى الكيان الصهيوني مهمة إجهاض أحلامهم منذ اليوم الأول لانطلاق ثورتهم، ورفع ضدهم الفيتو في مختلف المحافل الدولية، حتى لا يُحرم الحليف الاستراتيجي الإثيوبي من موطئ قدم على شاطئ البحر الأحمر، ويغدو البحر الأحمر بحيرة مغلقة ممتلئة بأعداء إسرائيل، ووصل التحالف العسكري الإثيوبي الإسرائيلي إلى مراحل متقدمة، بما في ذلك تقديم السلاح والمدربين للكليات العسكرية الإثيوبية، على أمل سحق التمرد الإرتيري، لكن بلا جدوى، وفي هذا يقول رئيس الوزراء الصهيوني السابق “إسحاق رابين”: لقد كان على عاتقنا النظام التدريبي الإثيوبي بالكامل.

وعندما شعرت إسرائيل بقرب سقوط نظام “منجستو” في أديس أبابا، كما يذكر مستشار الرئيس الإرتيري للشؤون التجارية “محمد أبو القاسم حاج حامد” في كتابه نحو “وفاق وطني سوداني”، رفعت الفيتو عن الثورة الإرتيرية في أهم العواصم الغربية، بداية من واشنطن، ولندن، وبون، وروما، وحتى باريس، بعد ثلاثة عقود من تكبيل هذه العواصم، والحيلولة دون تعاطيها مع الثورة الإرتيرية، على أساس أن الاستقلال الإرتيري ضمن ارتباط إريتريا بالعرب يشكل مساساً بأوضاعها الإقليمية، الاستراتيجية والأمنية في البحر الأحمر والقرن الأفريقي.

وفي نهاية الثمانينيات أصيب “أسياسي أفورقي” في إحدى المواجهات العسكرية مع الإثيوبيين، فاقترحت واشنطن نقله الى تل أبيب للعلاج، وخلال تلك الزيارة تم وضع اللبنة الأولى لعلاقة الطرفين، بما فيها الموافقة على اشتراط تل أبيب بعدم ارتباط أسمرة بعد استقلالها بالأمن العربي في منطقة البحر الأحمر، وعدم الميل الى الحق العربي.

وبهذا نجح  الكيان الصهيوني بإعادة تأسيس علاقته مع إثيوبيا وإرتيريا من جديد، على ضمان المصالح الصهيونية في البحر الأحمر، والقرن الأفريقي، وعدم تأثرها بانفصال إريتريا عن إثيوبيا.

ويؤكد المؤرخ الإسرائيلي البرفسور “هاجا أيرلي”، في محاضرة له في جامعة أديس أبابا، بعنوان: “الشرق الأوسط والإسلام” عام 1997، أن لإثيوبيا وإرتيريا ارتباط وثيق بالاستراتيجية اليهودية في القرن الأفريقي، ويمثلان معاً أهمية أساسية لدولة الكيان الصهيوني، في معاكسة المصلحة العربية، ولكل منهما مكانته المعتبَرة والمقدّرة في هذه الاستراتيجية: إن لكل من إريتريا الخارجة على المجموعة العربية والإسلامية، بفضل سياسات النخبة النصرانية “التجرنياوية” الحاكمة، بالإضافة إلى إثيوبيا العريقة في نصرانيتها، وظهور دولة إسرائيل اليهودية على أرض فلسطين، نصراً كبيراً في تجريد الشرق الإسلامي عن صبغته الإسلامية الصرفة.

ولهذا ظلت إسرائيل محتفظة بعلاقات طيبة مع نظام “أسياسي أفورقي” ومنع سقوطه، نتيجة محاربته لأي توجه إرتيري نحو الهوية العربية، وعمله على احتواء التوجهات السياسية التحررية من قبل المجتمع الإرتيري، وخصوصاً من يمثلون الجانب العربي الإسلامي.

المتغير الجديد في سياسة الكيان الصهيوني، جمع بين الحفاظ على العلاقة الوثيقة والمتينة مع إثيوبيا، وفي نفس الوقت دعم حركة التحرر الإرتيرية، لضمان عدم خروجها عن بيت الطاعة، بعد الفشل في القضاء عليها، كما أن إثيوبيا بعد استقلال إرتيريا ستكون دولة حبيسة بلا سواحل وبلا جزر لكنها غنية بالألماس والثروات الأخرى، وبها منابع نهر النيل ويهود “الفلاشا” بما لهم من تأثير في صنع القرار الإثيوبي، بينما ستنتزع إرتيريا من مستعمرها الجزر والسواحل التي كان يفاخر بها، بما لها من أهمية في التحكم بباب المندب ورقعة شطرنج الصراعات المتناسلة بمنطقة القرن الأفريقي والجزيرة العربية برمتها.

وهو ما دفع الكيان الصهيوني في نهاية الثمانينيات الى تعزيز علاقته بالنظام الإرتيري المتخلق، ومده بالسلاح ورفده بمئات من الخبراء والاستشاريين والتقنيين العسكريين لتدريب وتأهيل قوات الجيش والأمن والشرطة الإرتيرية، ومدهم بمختلف أنواع الأسلحة المتطورة، وهناك اليوم أكثر من 800 شركة صهيونية في إثيوبيا وإرتيريا، تعمل في مختلف المجالات، وعشرات القواعد والمراصد العسكرية والشبكات التجسسية.

ويصف أحد الصحفيين الإسرائيليين حجم الوجود الإسرائيلي في إرتيريا وعمق العلاقات “الإرتيرية – الإسرائيلية”: باتت إرتيريا في السنوات الأخيرة بمنزلة “حصن” إسرائيل، عشرات الشركات الإسرائيلية تنشط في إرتيريا في مجالات كثيرة متنوعة: في الأمن، مروراً بالأدوية واستخراج الألماس، حتى الزراعة والتجارة.

* المدخلات السياسية:-

عوامل كثيرة دفعت إرتيريا للارتماء في أحضان الكيان الصهيوني، منها بحسب مركز “ستراتفور” الأميركي للدراسات الاستراتيجية والأمنية:

1 – استخدام إسرائيل في التأثير على الولايات المتحدة الأميركية – الدولة الحليفة لكل من إسرائيل وإثيوبيا- في القرارات المتعلقة بإرتيريا في المحافل الدولية، وهذه الجزئية تحتاج الى دراسة مستفيضة في إطار العلاقات “الأميركية – الإرتيرية”.

2 – الحصول على قدرات للدفاع الجوي، من أجل صد أي هجوم محتمل عليها من إثيوبيا.

3 – التعاون مع إسرائيل يُعد وسيلة لأسمرة لتحقيق توازن لعلاقتها “المثيرة للجدل” مع طهران – ولإرتيريا علاقة موازية مع إيران وتتواجد قوات إيرانية في منطقة “أساب” الإرتيرية بموجب اتفاق أبرم في العام 2008.

بلغت العلاقات “الصهيونية – الإرتيرية” ذروتها في يناير وفبراير 1993 من خلال زيارتين للرئيس الإرتيري “أسياسي أفورقي” لتل ابيب، وقع خلالهما على العديد من الاتفاقيات والبروتوكولات للتعاون المشترك، وتعيين سفير لإسرائيل في “أسمرة”، وتم فتح السفارة في فبراير 1993 قبل شهر من الإعلان الرسمي 27 أبريل 1993، وفتح سفارة لـ “أسمرة” في تل أبيب، وموقعها بالبرجين التوأمين “رمات غان”.

وكان النظام الصهيوني من السبّاقين للاعتراف باستقلال النظام الإرتيري، وجعله ضمن دائرة الاهتمام والعمل في المنطقة الى جانب الحلفاء التقليديين “إثيوبيا ونيجيريا وزامبيا”.

ويعود تدشين التطبيع الرسمي للعلاقات بين حكومة “أفورقي” و”تل أبيب” الى العام 1991، وأراد “أفورقي” من هكذا خطوة حينها الحصول على دعم تل أبيب لدى واشنطن، للضغط على “أديس أبابا” لتعجيل مفاوضات الاستقلال، وبالفعل سرّعت واشنطن وتيرة المفاوضات “الإرتيرية – الإثيوبية”، والتي شهدت ثلاث محطات في “أتلانتا” و”نيروبي” و”لندن”، تكللت بتسلم ” أفورقي” السلطة في بلاده.

* العلاقات الاقتصادية:-

1 – تسيطر شركة “أخوان هارون” الصهيونية على حركة الاستيراد والتصدير في إرتيريا منذ ستينيات القرن العشرين، أي التحكم بعصب الاقتصاد الإرتيري للعقد السابع على التوالي.

2 – احتضان العاصمة الإرتيرية “أسمرة” أكبر شركة إسرائيلية في المنطقة “أنكودا”، تنتج يومياً أكثر من 25 ألف علبة لحوم معبأة، و3 أطنان لحوم مثلجة، و 3500 قطعة من الجلود المدبوغة شهرياً.

3 – إقامة مصنع إسرائيلي لتعليب الأسماك في جزيرة “فاطمة”.

4 – تقديم إسرائيل في العام 1991 معونة لإرتيريا بقيمة 5 ملايين دولار، وإرسال خبراء زراعيين وفنيين لتأهيل وإدارة مشروع “على قدر” الزراعي، ومشروع “الحزب” الاستثماري، جنوب “تسني”، ويهتم بتصدير لحوم الأبقار الى الكيان الصهيوني.

5 – منح إسرائيل 3 جزر في “دهلك” لتربية الأبقار.

6– صيانة محطات وشبكات الري، والتنقيب عن المعادن.

* التفاعل الثقافي:-

وفر الكيان الصهيوني 75 منحة دراسية في إسرائيل، الى جانب تنشيط تبادل الزيارات الثقافية والسياسية بين الطرفين، ورفع مستويات التطبيع الثقافي، وتشجيع ودعم توجهات “أفورقي” في علمنة النظام ومحاربة الإسلام وتغليب الوجود النصراني وشن حملات التطهير العرقي والثقافي ضد الغالبية المسلمة في بلاده، وتكريس حكم الأقلية النصرانية، المسنودة من أتل أبيب وواشنطن، والتي أصبحت صاحبة الكلمة والقرار والثروة داخل إرتيريا.

* التشبيكات العسكرية والأمنية:-

تركز اهتمام الكيان الصهيوني بصورة خاصة على تعزيز تواجده العسكري هناك، بعد أن أحكم قضبته على عصب الاقتصاد الإرتيري، من خلال إنشاء سلسلة من القواعد العسكرية، أهمها قاعدتي “رواجيات” و”مكهلاوي/ مهكلاي” على الحدود السودانية، ومنها انطلقت الطائرات الحربية الإسرائيلية لتدمير مصنع في الخرطوم عام 2012 ، زعم الكيان الصهيوني يومها أنه لتصنيع الأسلحة الإيرانية، بينما قال النظام السوداني أنه لتصنيع الأدوية، وإنشاء قواعد جوية في جزر “فاطمة” و”حالب” عند مضيق باب المندب، ومنها تم التخطيط للعدوان على أرخبيل جزر حنيش اليمنية نهاية عام 1995، ونشر قوات من البحرية الإسرائيلية في جزر أرخبيل “دهلك” – وتحديداً جزر “ديسي” و”دهوم” و”شومي”، وهي جزر تحوي أحواض سفن سوفيتية، وظّفتها العاصمة العبرية لبناء قاعدة بحرية مصغرة خارج حدودها، تُشغِّل من خلالها أحد أكثر مراكز التجسس تطوراً في القرن الأفريقي – وميناء “مصوع”، الى جانب نشر وحدات أمنية وشبكات تجسس في مختلف الجزر الإرتيرية  البالغ عددها أكثر من 360 جزيرة.

ومن أبرز محطات التعاون العسكري والأمني:-

1 – قبل استقلال إرتيريا أرسل الكيان الصهيوني 17 خبيراً الى أسمرة في العام 1991 لتدريب الجيش الإرتيري، كما تم تدريب وتأهيل نحو 3000 مجند إرتيري في الكيان الصهيوني.

2 –  بعد استقلال إرتيريا مايو 1993 أرسل الكيان الصهيوني 350 عسكرياً و600 مستشار لتأهيل الجيش الإرتيري، ومراقبة التحركات في جنوب البحر الأحمر.

3 – توقيع صفقة عسكرية بين الطرفين في نوفمبر 1995 خلال زيارة قام بها الرئيس الإرتيري “أسياسي أفورقي” لتل أبيب، تضمنت إمداد أسمرة بـ 60 طائرة هليكوبتر و104 زوارق بحرية و7 بواخر متوسطة الحجم ومجموعة من الصواريخ والأسلحة الحديثة، الى جانب تأهيل البحرية الإرتيرية، وبعدها بأيام معدودة قامت إرتيريا بمهاجمة جزر أرخبيل حنيش اليمنية بتخطيط وقيادة ضباط من الكيان الصهيوني، وهو ما سنحاول الوقوف على تفاصيله في مبحث مستقل عن العلاقات “اليمنية – الإرتيرية”.

4 – التوقيع في فبراير 1996 على اتفاقية أمنية، تضمنت تشكيل فريق عمل مشترك يضم خبراء في شؤون التسليح والتدريب والاستخبارات، ومنح الموساد حرية التنقل والحركة داخل الأقاليم الإرتيرية، وترشيح 3 قواعد عسكرية للكيان الصهيوني داخل إرتيريا، في كل من: جبل “حامد” وجبل “مهكلاوي” غرب إريتريا، وجبل “هقر” شمال إرتيريا، والسماح بوجود عسكري إسرائيلي بجزر أرخبيل “دهلك” وقاعدة “دقمحري” في الهضبة الإرتيرية، وجزيرة “مريناي” في “مصوع”، وجزيرة “رأس سنتيات” ، وجزيرة “فاطمة”، وجزيرة “حالب”، ناهيك عن الوجود الاستخباراتي الصهيوني المكثف داخل إرتيريا وعلى حدودها مع السودان.

وتم تخصيص إحدى تلك القواعد كميناء عسكري لتقديم الخدمات للأسطول البحري الاسرائيلي، والغواصات الصهيونية الألمانية الصنع الأكثر تطورا، والمسلحة كما ذكرت مصادر غربية بصواريخ ذات رؤوس نووية، والقاعدة الثانية للتنصت والتجسس على المنطقة الحساسة المشرفة على باب المندب.

* مرصد “أمبا سويرا”:-

أنجز الكيان الصهيوني أكبر مرصد عسكري له في حوض البحر الأحمر، وفي أهم منطقة استراتيجية داخل إرتيريا المطلة على منطقة باب المندب، تم نصبه على أعلى قمة جبلية، تُعرَف بقمة “أمبا سويرا”، القريبة من مدينة “صَنْعَفي”، الواقعة على بعد  135 كيلو متر جنوب العاصمة الإرتيرية “أسمرة”، وعلى ارتفاع 3000 متر عن سطح البحر وفقاً للمركز الفلسطيني للإعلام، نقلاً عن مصادر في المعارضة الإرتيرية، ويرى الخبير في شؤون شرق إفريقيا الدكتور “أسامة الأشقر” أن الهدف من المرصد:

أ – مراقبة منطقة باب المندب الاستراتيجية.

ب – ضمان عدم تحولها إلى تهديد للمصالح “الصهيونية” في جنوب البحر الأحمر، ولاسيما حركة السفن والتجارة “الصهيونية”.

ج – مراقبة قوات التحالف العربي التي تنفذ عملياتها في اليمن، ورصد النشاط الإيراني البحري الذي، ازدادت وتيرته على خلفية أحداث اليمن – يعني تقديم المساعدات اللوجستية للتحالف السعودي الإماراتي في عدوانه الظالم على اليمن – ورصد التطور الملحوظ في العلاقات “الإيرانية – الإرتيرية” للتعويض عن خروج إيران من دولة السودان المجاورة.

د – تحليل حركة القوات البحرية والجوية في جنوب البحر الأحمر، لاسيما بعد أن تمكنت قوات التحالف – السعودي الإماراتي – من استئجار ميناء بحري في جنوب إرتيريا لأغراض الدعم اللوجستي وعمليات الإخلاء الطارئة.

هـ – مراقبة دولة السودان المجاورة، التي يتهمها الكيان “الإسرائيلي” بالمساعدة في إيصال السلاح للمقاومة الفلسطينية.

وقال الأشقر إن هذا المرصد يعدّ تطوراً في مسيرة العلاقات “الإسرائيلية – الإرتيرية”، والتي شهدت تراجعاً كبيراً على خلفية الدعم “الإسرائيلي” الكبير لإثيوبيا في مجال التسلّح، وازداد التوتر عبر اجتياحات كبيرة تقوم بها القوات الإثيوبية على طول الحدود المشتركة بعيداً عن التغطية الإعلامية، إضافة إلى التوتر الكبير في مسألة الهجرة غير الشرعية للمواطنين الإرتيريين للأراضي التي يحتلها الكيان “الإسرائيلي”، حيث تجاوز عددهم الأربعين ألفاً وفقاً لمصادر مطلعة، وعدم التعاون في حل مشكلة الهجرة والعودة الطوعية.

كما تحدث مركز “ستراتفور” الأميركي للدراسات الاستراتيجية والأمنية، في تقرير له في مستهل ديسمبر 2012، عن وجود وحدات بحرية صغيرة من القوات الاسرائيلية في أرخبيل “دهلك” وميناء “مصوع”، ومركز للتنصت في جبال “أمبا سويرا”، يقوم بجمع معلومات استخبارية، لرصد نشاطات إيران في المنطقة وغيرها من تحركات معادية لإسرائيل في البحر الأحمر، ومتابعة السفن التي تبحر نحو السودان، لتقوم من هناك بتهريب معدات حربية إلى قطاع غزة.

* المراجع:

– المركز العربي للأبحاث والدراسات، العرب والقرن الأفريقي .. جدلية الجوار والانتماء، 2013.

– القرن الأفريقي والاستراتيجية “الإسرائيلية”، 27 سبتمبر 2007.

www.tagrib.org

– زيد يحيى المحبشي، الأجندة المتصارعة في القرن الأفريقي، قراءات، ديسمبر2009.

– سهير الشربيني، انعكاس سياسات التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا على أمن وسلامة البحر الأحمر، المركز العربي للبحوث والدراسات، 11 أبريل 2019.

– محمد السعيد، من أبوظبي لواشنطن .. كيف تحولت “إريتريا” لسلاح أفريقي جديد؟، الجزيرة نت، 7 يناير 2019.

– منير الورفلي، تحركات العقيدة المشبوهة في القرن الأفريقي ونتائجها، موقع الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا.

Http://ingad.Org/articles/1121.htm

– وفاء عباس حسن أحمد، السياسة الإسرائيلية تجاه القرن الأفريقي 1990 – 2007 ، بحث جامعي، يونيو 2018.

– وائل علي، الدور الإسرائيلي في القرن الأفريقي، الجزيرة نت، 24 أكتوبر 2017.

– الموسوعة الدولية الحرة “ويكيبيديا”، العلاقات الإرتيرية الإسرائيلية.