دراما تلفزيونية مصرية تصور تدمير إسرائيل.. يثير حفيظة إسرائيل
بقلم سودارسان راغافان و ستيف هندريكس
(صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية, ترجمة: نجاة نور-سبأ)
القاهرة- يوصف المسلسل الدرامي التلفزيوني المصري “النهاية” بأنه أول سلسلة خيال علمي في البلد، ولكنه تصور عالمي يرغب العديد من العرب في أن يصبح حقيقة.
في عرض البؤس، الذي يظهر أحداث العام 2120، حيث تم تدمير إسرائيل, يعلم المعلم الطلاب أن جميع اليهود في إسرائيل “عادوا إلى بلدانهم الأصلية”, وانقسمت الولايات المتحدة إلى مناطق عديدة.
قال عمرو سمير عاطف، كاتب المسلسل، “في كل مكان في العالم، نحتاج إلى العدالة التي ستجعل هذا العالم مكاناً أفضل للعيش فيه”.
وفي الوقت نفسه، يصر على أن الدراما ليس لها علاقة بالواقع، ولا علاقة لها بسياساتنا.
لكن المسلسل، الذي هو واحد من العشرات الذي يظهر خلال شهر رمضان، يزداد عدد المشاهدين للدراما، ضرب على وتر حساس مع الإسرائيليين.
وبالنسبة للكثيرين، يكشف مسلسل “النهاية” عن عداء يكذب عقوداً من التعاون بين حكومتي البلدين.
قال إسحاق ليفانون سفير إسرائيل السابق في مصر: “هذا يعود بنا إلى ما قبل معاهدة السلام وكل ما قمنا به مع المصريين, رؤيتهم أن إسرائيل ستفنى، إنه أمر مزعج للغاية”.
وفي بيان غير عادي للغاية ، شجبت وزارة الخارجية الإسرائيلية المسلسل باعتباره مؤسفاً وغير مقبول، خاصة بين الدول التي لديها اتفاق سلام منذ 41 عاماً”.
يشار إلى أن شركة “سينرجي المنتجة التي قدمت المسلسل، لها علاقات قوية بحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي ووكالة المخابرات العامة، كما يتم بث المسلسل على التلفزيون الحكومي, وشبكات مؤيدة للنظام, فيما لم ترد الحكومة المصرية على طلب للتعليق.
في العلاقة الهشة دائماً- العنيفة في بعض الأحيان- بين إسرائيل وجيرانها، تعد مصر قصة نجاح ومكاناً مؤلماً.
منذ عام 1979, عندما وقعوا على معاهدة سلام فريدة، عملت البلدان معاً في القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية في المنطقة، وخاصة في مواجهة التشدد الإسلامي.
ومع ذلك، يدرك الإسرائيليون تمام الإدراك أن الرأي العام في مصر هو من بين الأكثر معاداة لإسرائيل في المنطقة.
شعرت الحكومة الإسرائيلية منذ فترة طويلة بالإحباط من الفجوة بين العلاقة الرسمية التي أصبحت أكثر تعاوناً فقط في ظل السيسي والآراء المعادية في الشارع.
حتى مع اختفاء المظاهر والتعليقات المعادية للسامية من وسائل الإعلام الحكومية، فقد ازدهرت على وسائل التواصل الاجتماعي.
قالت ميشيل دن، مديرة برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: “المواضيع المعادية لإسرائيل أو المعادية للسامية في وسائل الإعلام والترفيه المصرية قصة قديمة وقديمة جدا، وكذلك الموضوعات المعادية لأميركا, لقد ظهرت وتوقفت في وسائل الإعلام المملوكة للحكومة وكذلك المملوكة للقطاع الخاص على مر السنين، على الرغم من الاحتجاجات الإسرائيلية والأمريكية, كما أن نظريات المؤامرة والتصورات ذات الصلة تحظى بشعبية لدى الجمهور المصري، وهذا هو السبب على الأرجح في تحويلها من قبل الكتاب إلى نصوص”.
ومع ذلك، فإن مسلسل “النهاية” يمثل حاله شاذة هذه الأيام, حيث اعتاد الإسرائيليون على البرامج الرمضانية التي تبرز خطوط القصة المعادية لإسرائيل في المسلسلات الصاخبة وحكايات المغامرات الذكورية, لكن في السنوات الأخيرة، سيطر مسؤولو السيسي على إنتاج المسلسلات، وأمروا بموضوعات تثني على الجيش والشرطة أو تتحدث عن شر حزب الإخوان المسلمين المحظور.
في “النهاية”، بطل الرواية هو مهندس كمبيوتر يعيش في عالم مستقبلي مليء بالسيبورغ*.
في الحلقة الأولى، يناقش مدرس مع طلابه حرباً حدثت لتحرير القدس من إسرائيل, حيث اضطر اليهود إلى الفرار, كما يمكن رؤية خريطة للولايات المتحدة، التي تمزقت على ما يبدو بسبب الحرب الأهلية, ويقول المعلم: “كانت أمريكا الداعم الرئيسي للدولة الصهيونية”.
برز الجدل حول العرض بالتزامن مع تحضيرات إسرائيل الاحتفال بذكرى الاستقلال في أواخر أبريل.
قال عوزي ربيع، مدير مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا في جامعة تل أبيب: “لقد فوجئت بأن السلطات سمحت بحدوث هذا في ذلك الأسبوع, إنهم يعرفون عن مناسباتنا, كما إنهم يعرفون أننا وجميع الحضارة البشرية نتعرض للهجوم بسبب جائحة فيروس كورونا”.
ومن جانبه, قال عاطف كاتب المسلسل:” إن الإسرائيليين بالغوا في ردة فعلهم, نحن نقدم مسلسل ” للترفية”, لكن تصعيد هذا الأمر ليصبح مشكلة أو قضية سياسية أمر غريب, إنهم يصنعون قضية كبيرة من لا شيء, كما أن إسرائيل بالكاد تذكر في بقية الحلقات، التي تحتوي على 30 حلقة, والعرض هو تحذير حول كيفية تدمير العالم بطرق لا تعد ولا تحصى، مثل الاحتباس الحراري، وكيف قد يبدو المستقبل, فالإشارة إلى إسرائيل كانت مجرد “جملة من شخصية ثانوية”.
وفي المقابلات، أشاد المصريون بالدراما على نوعها بعد نهاية العالم وتأثيراتها الخاصة واستخدام التكنولوجيا التي لم يصفها أحد بأنها معادية للسامية أو معادية لإسرائيل، بل قالوا إن تصوير تدمير إسرائيل كان مناسباً بالنظر إلى السعي الطويل الأمد للفلسطينيين لاستعادة أراضيهم المحتلة.
وقالت رحاب الجندي، مهندسة كهرباء، 39 سنة، أن المسلسل خيال علمي تم القيام به بشكل جيد ويتحدث عن القدس والسلطة والهيمنة والعديد من الموضوعات الأخرى, القصة لا علاقة لها بإسرائيل, إنه يشير فقط إلى رغبة موجودة في قلوب جميع العرب، أمنية تنتهي احتلالهم.
أما عمرو محمد، 30 سنة، اختصاصي دعم السلامة في أوبر, فقد رأى أن فلسطين لم تكن أرض الصهاينة منذ البداية، وهناك اقتناع في قلب كل عربي أنهم استولوا على ما ليس ملكهم بقوة السلاح, لذا لا ينبغي أن يزعجهم أن يكون لدينا دراما مصرية تذكر تلك الحقائق”.
عبر الفلسطينيون الذين يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة عن مشاعر مماثلة، لكنهم شاهدوا الدعوات إلى زوال إسرائيل من خلال منظور تجاربهم الخاصة.
محمود ناهد، موظف حكومي في غزة يبلغ من العمر 37 عاماً: “أشاهد المسلسل لأنني أحب الممثل الرئيسي, لقد لاحظت الجوانب السياسية، أن إسرائيل لن تكون موجودة في العام 2120, ولكن. . . أعرف أن المسلسل هو خيال علمي وليس شيئاً واقعياً, إن المشاهدين أمثالي اعتادوا سماع أن إسرائيل ستختفي، ولكني أعتقد أن الفكرة ستبقى على الأرجح في عالم الخيال, ليس لأن إسرائيل قوية ولا تعرف الكلل, ولكن لأن العرب ضعفاء ومنقسمون”.
*شخصية خيالية أو افتراضية تمتد قدراتها الجسدية إلى ما وراء القيود البشرية الطبيعية من خلال العناصر الميكانيكية المدمجة في الجسم.
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.