“نهاية حقبة”: انهيار أسعار النفط قد يجبر السعوديين على كبح جماح الإنفاق على الأسلحة
خامس أكبر مشتر للمعدات العسكرية في العالم يستهلك احيتاطياته - ونفوذه السياسي
بقلم: ستيفاني كيرشجيسنر في واشنطن ودان صباغ في لندن
(صحيفة ذي جارديان البريطانية، ترجمة: جواهر الوادعي-سبأ)
يتوقع خبراء أن المملكة العربية السعودية قد تضطر إلى التخلي عن عقود لشراء أسلحة جديدة وتأخير شراء أسلحة متفق عليها بالفعل في الوقت الذي تسيطر فيه الأزمة المالية على المملكة.
يمكن أن يكون للتأخير المتوقع لصفقات الأسلحة الجديدة تداعيات سياسية طويلة الأمد على البلاد في ظل حكم محمد بن سلمان، ولي العهد وحاكم الأمر الواقع الذي خاض حربًا دموية مع اليمن المجاورة.
تواجه المملكة العربية السعودية أزمة غير مسبوقة في الميزانية بسبب انهيار أسواق النفط والاضطراب الاقتصادي العالمي الناجم عن جائحة كوفيد 19، الذي قلل من الطلب على النفط في المستقبل المنظور.
“ليس لدي شك، هذه نهاية حقبة. عصر الخليج الفارسي الذي يمتلك كل هذه الأموال ولى”. قال بروس ريدل، زميل بارز في معهد بروكينغز في واشنطن وخبير مخضرم في وكالة الاستخبارات المركزية لمدة 30 عامًا ، والذي عمل كمستشار في قضايا الشرق الأوسط للعديد من الإدارات الأمريكية.
أنفقت المملكة العربية السعودية حوالي 62 مليار دولار (51 مليار جنيه استرليني) على النفقات العسكرية العام الماضي، مما يجعلها خامس أكبر منفق على مستوى العالم. على الرغم من أن هذا الرقم كان أقل مما كان عليه في عام 2018، إلا أنه لا يزال يمثل حوالي 8 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي السعودي، مما يعني أن الدولة أنفقت جزءًا أكبر من ثروتها على الإنفاق العسكري من الولايات المتحدة (3.4 ٪) والصين (1.9 ٪) وروسيا (3.9 ٪) أو الهند (2.4٪) ، وفقاً لبحث أجراه معهد ستوكهولم الدولي للسلام.
لعقود عزز هذا الإنفاق النفوذ السياسي للبلاد.
“إذا لم تكن المملكة العربية السعودية إلى حد بعيد واحدة من أكبر مشتري الأسلحة، فربما لا يمكنك الاعتماد على الدعم غير النقدي للقوى الغربية القوية، إن أحد نتائج شراء الأسلحة هو أنك تشتري علاقات، قال أندرو فاينشتاين، خبير في الفساد وتجارة الأسلحة العالمية.
في الولايات المتحدة، أشار دونالد ترامب في الماضي إلى مشتريات الأسلحة السعودية المقترحة – وتضخيم التقديرات حول تأثيرها على الوظائف الأمريكية- لتبرير رد إدارته على مقتل جمال خاشقجي، صحفي بواشنطن بوست.
تبيع بريطانيا أسلحة للسعودية أكثر من أي دولة أخرى – أكثر من 4.7 مليار جنيه استرليني منذ أن بدأت المملكة حملة قصف ضد اليمن في مارس 2015 – وواجه بوريس جونسون انتقادات للسماح باستمرار المبيعات على الرغم من المخاوف من أن المملكة المتحدة قد تخاطر بكونها تخرق القانون الدولي الإنساني بمساعدة الحملة السعودية.
لكن ريدل وآخرون يعتقدون أن الحكومة السعودية لن يكون أمامها خيار سوى تأجيل الإنفاق العسكري، في بعض الحالات بشكل دائم.
قال أندرو سميث، من جماعة الحملة ضد تجارة الأسلحة: “أتوقع أنهم قد يؤجلون على المدى القصير الالتزام ببعض عمليات الشراء الكبيرة، مثل مجموعة جديدة من الطائرات المقاتلة، على سبيل المثال والتي كانت بريطانيا تتفاوض بشأنها منذ فترة طويلة”.
خبير آخر، جيرالد فييرستين، السفير الأمريكي السابق في اليمن، قال إنه سيكون من السهل على السعودية تأجيل أو إلغاء عقود الأسلحة الجديدة، ولكن من المرجح أن تستمر الحكومة السعودية في عقود الصيانة للحفاظ على قوتها الحالية قابلة للتشغيل.
وقال فايرشتاين إن السعودية سعت في الماضي إلى إعادة التفاوض بشأن جداول الدفع للأسلحة، وتمديد المدفوعات على فترات طويلة من الزمن.
قال فايرستاين: “تذكر عندما جاء محمد بن سلمان إلى البيت الأبيض، ورفع ترامب صورة الكرتون هذه مع مبيعات بقيمة 100 مليار دولار، كان كل هذا مجرد آمال على أي حال”. “معظم هذه الأشياء لم تحدث قط ولم يتم التوقيع عليها أبدًا، لقد كانت مجرد زوبعة في فنجان”.
الأمير محمد ليس لديه الأزمة المالية فقط ليقلق بشأنها. في الولايات المتحدة، يواجه احتمال فوز جو بايدن المرشح الديمقراطي المفترض للرئاسة في نوفمبر.
وقال بايدن بالفعل إنه سيحد من مبيعات الأسلحة الأمريكية للسعودية ووصف القيادة الحالية بأنها “منبوذة”.
قالت كريستين فونتينروز، التي عملت مدير أول لشؤون الخليج في مجلس الأمن القومي في إدارة ترامب: “أعتقد أن [الأزمة المالية] ستؤثر على كل إنفاقهم”.
واقترحت فونتينروز أنه بدلاً من الإعلان عن تخفيضات في الإنفاق، يمكن للسعودية انتظار نتائج انتخابات نوفمبر، وإذا فاز بايدن، فإن الديمقراطيين سيضغطون لتخفيض الإنفاق، التي “يتظاهرون بقبولها على مضض”.
وقالت: سيكون ذلك بمثابة وسيلة لهم للهروب من التداعيات السياسية والحفاظ على بعض نفوذهم مع القطاع الخاص”.
من ناحية أخرى، قال ريدل إن من بين الشركات التي من المرجح أن تكون الأكثر تضررا شركة بي أي إي سيستمز البريطانية، نظرا لارتباط الشركة بالسعودية.
“سوف تتأذى شركة بي أي إي سيستمز بشكل كبير. هناك الآلاف من موظفي بي أيه إي الذين تتمحور وظائفهم حول دعم القوات الجوية السعودية بطريقة أو بأخرى. وقال عاجلا أو آجلا سيتم إخبارهم “لم يعد بإمكاننا دفع راتبك”.
في بيان ، رفض متحدث باسم شركة بي أي إي التعليق على ما إذا كانت السعودية ستخفض مبيعات الأسلحة ، لكنه قال إن الشركة، التي تنتج 13٪ من مبيعات المجموعة من المملكة، ستواصل تقديم “الدعم والتدريب” للسعودية حتى عام 2022.
وقال ريدل إن أسعار النفط تحتاج إلى الحفاظ على سعر 85 دولارا للبرميل حتى تتمكن السعودية من الحفاظ على ميزانيتها. وبدلاً من ذلك، كانت المملكة تستنزف احتياطياتها، التي تضاءلت من 750 مليار دولار إلى 500 مليار دولار على مدى السنوات الخمس الماضية.
علنًا، يبدو أن المملكة العربية السعودية في حالة فورة في الإنفاق، حتى عندما أدخلت مؤخرًا زيادة غير مسبوقة في الضرائب وتخفيضات في الميزانية.
من المقرر أن يستحوذ صندوق الثروة السيادية السعودي، الذي يسيطر عليه الأمير محمد، على حصة أغلبية في نادي نيوكاسل لكرة القدم، واشترى مئات الملايين من الدولارات في أسهم سفن كرنفال كروز وفي لايف نيشن، أكبر مروج في العالم للفعاليات والحفلات الموسيقية.
لا يوافق كل محلل على أن السعوديين سيكبحون جماح الإنفاق. قال كريستيان أولريشسن، زميل في معهد بيكر للسياسة العامة لشؤون الشرق الأوسط، إنه يعتقد أن السعودية قد تسعى إلى مضاعفة استثماراتها في الدفاع، على الرغم من الضغوط الاقتصادية، وسط شكوك حول التزام الولايات المتحدة بالأمن السعودي.
تم تعديل هذه المقالة في 19 مايو 2020 لأن نسخة سابقة نقلت عن بحث أجراه معهد ستوكهولم الدولي للسلام يتعلق بإنفاق المملكة العربية السعودية على الأسلحة. للتوضيح: البحث متعلق بالإنفاق العسكري.
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.