أمريكا.. بداية النهاية (2)
المحرر السياسي —-
خرجت الولايات المتحدة الأمريكية من الحرب العالمية الثانية قبل 75 عاما قوة عظمى بقدرات اقتصادية وعسكرية ونفوذ كبير، ومنذ ذلك التاريخ دخلت أمريكا في صراع مرير مع الاتحاد السوفيتي على زعامة العالم وفرضت أجندتها على بقية دول العالم.
اتخذ الصراع أشكالاً متعددة، أطلق عليه آنذاك الحرب الباردة، إذ لم تصل المسألة بينهما إلى المواجهة المسلحة، بل كان الصراع ينحصر في الاستحواذ على مناطق النفوذ والمجالات الاقتصادية والإستخباراتية.
ومع انتهاء الحرب الباردة بانهيار جدار برلين والمنظومة الإشتراكية، تسيدّت أمريكا العالم وأخذت تصول وتجول فيه دون منازع وحولت دولاً كبرى في أوروبا كألمانيا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من دول العالم كاليابان وكوريا وكندا إلى توابع لها توجهها كيفما تريد، وساد العصر الأمريكي منذ عام 1990عندما انهار الإتحاد السوفيتي وتوحدت ألمانيا وأخذت أمريكا تفرض أجندتها ورؤيتها لكل القضايا الدولية على العالم الذي أصبح خاضعاً لها.
يمكن القول أن أمريكا حكّمت العالم بأمرين اثنين قوة جيشها واستخباراتها المنتشرة أدواتها في مختلف دول العالم، والتي من خلالهما أحكمت سيطرتها على طرق الملاحة الدولية ومفاصل الاقتصاد العالمي، خاصة مناطق النفط والغاز، كان نصيب المنطقة العربية قاسٍ وكبير من الاستعمار الأمريكي بسبب موقعها الجيوسياسي الهام ووجود النفط في أراضيها بكميات كبيرة، خاصة إذا ما عرفنا أن الصراع العالمي الآن يدور حول مصادر الطاقة.
وجود إسرائيل في المنطقة العربية في الأساس، لحماية المصالح الأمريكية والغربية بالإضافة إلى ذلك ركزت أمريكا عبر استخباراتها وجيشها على تدمير وتمزيق وتفتيت الأنظمة والبلدان العربية والأمثلة واضحة وبارزة للعيان، تدمير الجيش العراقي الذي كان يٌعتبر من أقوى الجيوش العالمية وكذلك الحال مع الجيش السوري والجيش اليمني وتدمير الصومال ولبنان وليبيا، وإخضاع العديد من الأنظمة العربية بالقوة العسكرية والإستخباراتية الأمريكية، ما مكنها من السيطرة على مصادر الطاقة، وضرب اقتصاديات الدول العربية في الصميم.
ولعل الحرب على اليمن التي تمت عبر أدوات أمريكا بالمنطقة “السعودية والإمارات” وتدمير البنية التحتية اليمنية، خير مثال على ذلك.
لكن وكما يقال ما بعد الكمال إلا النقصان، هاهي الولايات المتحدة الأمريكية اليوم تتجرع مرارة الكأس الذي سقته للعديد من دول العالم .. أمران اثنان سيكونان سبباً في تدمير أمريكا كورونا ووباء العنصرية المتجذر في المجتمع الأمريكي الذي كشف الشقوق والشروخ في الركائز التي يقوم عليها.
بدأت عملية تفكيك البني التقليدية للمجتمع الأمريكي التي تم بناؤها قبل ما يزيد عن قرنين من الزمان، حيث كٌسرت الصورة الأمريكية خاصة في الدول العربية بعد انكشافها تحت ضربات الصراع العنصري، وبرزت الصورة واضحة لمجتمع أمريكي ممزق ومنقسم، للعنصرية فيه جذور طويلة وعميقة في مختلف مؤسساته.
لم تقدّم الإدارة الأمريكية حلولاً ناجحة لوباء العنصرية، بل تكتفي عند حدوث أي هبة مجتمعية عنصرية بوضع المسكنات، لكن ذلك لن يستمر طويلاً فيمكن القول وبثقة أن تقسيم وتجزئة أمريكا سيكون بسبب وباء العنصرية وقادم الأيام سوف تكشف ذلك.