السياسية:

بقلم:  ديانا أولباوم وراشيل ستول

(موقع منتدى “جست سيكيوريتي-just security ” الانجليزي– ترجمة: انيسة معيض- سبأ)

نحن نعيد الكرة مرة أخرى, بعد مرور عام على تجاهل الكونجرس لبيع أكثر من 8 مليارات دولار من الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وبلدان أخرى، ويستعد الرئيس  دونالد ترامب مرة اخرى للدفع نحو مبيعات الاسلحة الأكثر إشكالية, وهذه المرة, بلغت قيمة القنابل التي تم استخدامها في الماضي لقتل الأطفال في اليمن نصف مليار دولار.

ووفقاً لتقارير إعلامية, فإن عملية البيع المقترح سيزود السعودية بـ 7500 صاروخ موجه بدقة ويسمح للمملكة بتصنيع أجزاء من القنابل عالية التقنية.

يأتي هذا على الرغم من حقيقة أن السعودية استخدمت مراراً وتكراراً هذه الأسلحة وغيرها من الأسلحة الأمريكية في ضربات مستهدفة قتلت وجرحت الآلاف من المدنيين ودمرت سبل العيش في اليمن, ويأتي ذلك بعد إعلان البنتاغون في مايو عن الموافقة على البيع المقترح لما يصل إلى 4569 مركبة مدرعة مضادة للكمائن والألغام (MRAP) إلى الإمارات, بقيمة 556 مليون دولار تقريباً.

كلتا المبيعات تثير الجدل خاصة بالنظر إلى التقارير عن عمليات إعادة النقل غير القانونية والاستخدام غير المسؤول، إن لم يكن غير القانوني, من قبل كل من السعودية والإمارات.

وبحسب ما ورد تم نقل الأسلحة التي تم بيعها إلى البلدين العام الماضي بشكل غير قانوني إلى المقاتلين المرتبطين بالقاعدة والميليشيات السلفية والفصائل المسلحة الأخرى.

لم يتم الإعلان عن التحقيقات الرسمية في عمليات إعادة النقل, لكن وزارة الخارجية الأمريكية برأت الإمارات مؤخراً من ارتكاب مخالفات, معلنة أن “الإمارات لديها الآن فهماً أفضل لالتزامات (مراقبة المستخدم النهائي).

لسوء الحظ, فإن جهود الإدارة الأخيرة لتجاهل اعتراضات الكونجرس وتسريع مبيعات الأسلحة مثل هذه, ليست ظاهرة جديدة, كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الشهر الماضي, فإن قنابل رايثيون – مثل الذخائر الموجهة بدقة والموجودة في كلا المبيعات المقترحة – تم ربطها بما لا يقل عن 12 هجوماً سعودياً على المدنيين في اليمن, بما في ذلك قصف حفلات الزفاف والجنازات والمدارس و المستشفيات, حيث  أظهر التحقيق الذي أجرته صحيفة التايمز أن مبيعات الأسلحة الأمريكية, التي تم الترويج لها بقوة من قبل دائرة النفوذ الداخلية في ادارة ترامب, ساعدت على إطالة الصراع الذي أودى بحياة أكثر من 100 ألف شخص في أفقر دولة في العالم العربي, مما زاد من زعزعة الاستقرار في منطقة مضطربة بالفعل.

في مايو 2019 ، استعان الرئيس بحكماً “طارئ” نادر الاستخدام من قانون مراقبة تصدير الأسلحة (AECA) لتسريع 22 صفقة مبيعات أسلحة إلى ما يقرب من اثني عشر دولة اثناء معارضة واضحة ومستمرة من الكونجرس.

وتم تمرير قرارات منع أكثر هذه المبيعات فظاعة من قبل الأغلبية الحزبية في كلا المجلسين, لكن الرئيس استخدم حق الفيتو لرفضها.

وفي الوقت نفسه، أقر مجلس النواب تعديل النائب توم مالينوفسكي (DN.J.) لحظر بيع اسلحة جو – أرض إلى السعودية والإمارات لمدة عام واحد, ولكن بإصرار البيت الأبيض, تم تجريد هذا البند من اتفاقية سياسة الدفاع النهائية.

في غضون ذلك, أقرت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بقيادة الجمهوريين، بتصويت من الحزبين، مشروع قانون من قبل السناتور روبرت مينينديز وتود يونغ للحد من بيع الأسلحة إلى السعودية وتعزيز المساءلة عن جرائم الحرب.

رفض زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل طرح مشروع القانون على الأرض للتصويت عليه من قبل مجلس الشيوخ بكامل اعضائه.

كما كتبنا العام الماضي، فشل عرض الاسباب لإدارة ترامب في التحايل على الكونجرس في الصمود أمام التدقيق ولم يكن لبعض المبيعات في الصفقة علاقة واضحة بالحالة الطارئة التي تم الإعلان عنها.

اتضح أن المفتش العام لوزارة الخارجية ستيف لينيك كان يحقق في إعلان الطوارئ هذا عندما تم فصله، ويدعي أنه يدرس ما إذا كان بومبيو تصرف بشكل غير صحيح في عملية اظهار مبرر قانوني.

مرة أخرى، يعترض الكونجرس على مبيعات الأسلحة هذه,  بعد تلقي إشعار مسبق غير رسمي بالصفقة، يسعى كل من إليوت إنجل, رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، ومينينديز، العضو البارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ إلى منع الموافقة النهائية.

إنهم يدعون إلى إجراء تحقيق من مجلسين تشريعيين في إعلان الطوارئ العام الماضي و “ما يبدو أنه عمل انتقامي بدوافع سياسية خطة لحماية بومبيو” ، في إشارة إلى طرد لينيك.

في حين أن احترام “تعليق” هذه اللجنة على مبيعات الأسلحة المقترحة يعد مجاملة وليس التزاماً قانونياً وقرار البيت بتجاهل هذه الاعتراضات سيعتبر اعتداء على صلاحيات الكونغرس.

لكن الحقيقة هي أن مثل هذا الهجوم على السلطة التنفيذية من المرجح أن يستمر دون رد.

إن عدم قدرة الكونجرس على إيقاف عمليات نقل الأسلحة هذه ليس خطأ في النظام، بل هو سمة محددة.

بغض النظر عن مدى خطورة المعدات أو مدى كراهية المستخدم النهائي لها, فلم يكن الكونجرس قادراً من قبل على حشد أغلبية الثلثين المطلوبة من كلا المجلسين لإيقاف عملية بيع يقرر الرئيس إكمالها.

بموجب الإجراءات المنصوص عليها في قانون مراقبة تصدير الأسلحة, تستمر عملية بيع الأسلحة الرئيسية ما لم يسن الكونغرس قانوناً لوقفها.

إذا فشل الكونجرس في تمرير قرار الرفض، وتجاوز حق النقض المحتوم، آنذاك يمكن لعملية نقل الأسلحة ان تتم,  وبعبارة أخرى, فإن الاهمال يودي الى الاستمرار في بيع الأسلحة, لكن الكونغرس وضع هذا القانون، ويمكن للكونغرس تغييره.

وبدلاً من محاولة إيقاف بيع غير مرغوب فيه, يمكن للكونغرس ان يقلب السيناريو ويطلب أن تحصل المبيعات على موافقة الكونجرس الإيجابية.

وفي مواجهة تقاعس الكونغرس, سيتم وقف بيع الأسلحة,  كان هذا, في الواقع، الأساس وراء مشروع قانون قدمه السناتور آنذاك جو بايدن في عام 1986.

من الناحية الواقعية, من الصعب تخيل الأصوات الفردية على مئات المبيعات المقترحة كل عام والتي تتطلب إشعاراً من الكونجرس, ومن الممكن, مع ذلك, تحديد مجموعة فرعية من هذه المبيعات التي بسبب طبيعة المعدات أو السلوك السابق أو المحتمل للمشتري, تشكل مخاطر كبيرة من سوء الاستخدام.

وتشمل تلك المخاطر أن السلاح سوف يؤدي الى ارتكاب جرائم الحرب أو انتهاكات حقوق الإنسان أو القانون الإنساني وتكون داعم للفساد وتمكن للعدوان, وتصعيد التوترات الإقليمية ؛ أو إعادة تحويلها إلى طرف ثالث غير مصرح به.

يمكن للكونغرس أن يحتفظ بإجراء الرفض للمبيعات الروتينية للحلفاء، بينما يتبنى إجراء التصديق الجديد للمبيعات التي من المرجح أن تثير القلق.

يمكن حتى تجميع الموافقات لتجنب الحاجة إلى أصوات متعددة, ومع وجود مثل هذا النظام, يمكن للكونغرس أن يوقف المبيعات عن طريق  التقاعس عن العمل, أي من خلال عدم القيام بأي شيء.

ولا تزال مثل هذه التغييرات في القانون الحالي تتطلب دعماً من ألاغلبية من كلا المجلسين والتي لا تزال عائقاً بشدة.

ومع ذلك, اذا فصلنا السياسة حول بيع معين أو متلقي معين, قد يكون من الأسهل على الكونجرس أن يستعيد سلطاته الخاصة في صنع القرار, بالنظر إلى أن 58 بالمائة من الناخبين الأمريكيين يريدون من حكومتهم التوقف عن بيع الأسلحة للأنظمة الاستبدادية التي ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان, يمكن للكونغرس أن يحدث هذا التغيير بدعم عام واسع النطاق.

في مواجهة عدد كبير من الاشعارات الجديدة المقلقة بشأن بيع الأسلحة خلال أزمة COVID-19, أكثر من 9 مليارات دولار في 15 صفقة منفصلة منذ مارس وحده.

ويمكن للكونغرس أن ينقذ نفسه من مجموعة من المأزق بمجرد التحرك عكس اتجاه عبء الإثبات.

إن تسليح أسوأ منتهكي حقوق الإنسان في العالم يجب ألا يكون شيئاً تفعله الولايات المتحدة بلا اكتراث.

* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.