السياسية : امل باحكيم

انقسمت المجتمعات بين مؤيد ومعارض لفكرة المناعة المجتمعية ” مناعة القطيع” خاصة بعد أن تأخر إيجاد لقاح لفيروس كورونا الذي هدد بانهيارات اقتصادية عالمية .

ويرى المؤيدون للمناعة المجتمعية أنها فكرة ناجحة في تقلل انتشار المرض وفي نفس الوقت تعطي مناعة وبتالي تم التقلص من الآثار الاقتصادية للأزمة على البلاد.

بينما يرى المعارضون إذا جرى تلقيح غالبية السكّان ضدّ حالة مرضية معيّنة، مضيفة أنها لا تحمي من جميع الأمراض التي يمكن الوقاية منها “بالتطعيم”. ويوضح “مشروع معرفة اللقاحات” إنه “على عكس التلقيح، فإن مناعة القطيع لا تُعطي مستوى عالياً من الحماية الفردية، وبالتالي فإنها ليست بديلاً جيّداً من التطعيم”.

 

كما يرى اخرون أن العلماء لا يعلمون الكثير عن كورونا المستجد حتى الآن، وهناك مخاوف من أن هذا الفيروس قد يكون قادرًا على تبديل طبيعته بمرور الوقت، كما يفعل فيروس الإنفلونزا الموسمية، الذي يغير هيئته ويستطيع إصابة البشر بشكل متكرر، وهذا الأمر -إن صح- فإنه يجعل بناء أجساد البشر مناعة ضده أمرًا مشكوكًا فية , ويرون أن تطبيقه عمليا سيكون كارثيا

في إطار انتقال فيروس كورونا المستجد “COVID-19” إلى حالة الجائحة، وتخطيه مرحلة منع الانتشار أو احتوائه, حتى أصبح انتشاره على نطاق واسع بل وخروجه عن السيطرة أمرًا مطروحًا فقد ظهر ثلاثة مسارات للتعامل مع فيروس كورونا في جميع الدول: –

المسار الاول: فقد اخدت به اغلب الدول وقامت  بغلق كل شيء واجبرت الناس على البقاء في المنازل ” حظر تجوال” إلا أنها أظهرت في الفترة الأخيرة تراجعا بعد أنها لمست انهيارا حقيقيا لاقتصادها مما يؤيد فكرة المناعة المجتمعية ” مناعة القطيع” ولكن وفق شروط.

لكن المسار الثاني: اخدت  به بعض الدول واعتمدت على اجراءت محدودة مثل منع التجمعات الكبيرة ولم تجبر الناس على الإغلاق المطلق او المكوث بالمنازل وشجعت التعليم عن بعد مثل دولة السويد ودول أخرى وكانت النتيجة 263حالة وفاة لكل مليون نسمة.

اما المسار الثالث: لم تتخذ الدول التي اخدت به أي إجراءات من بداية المرض فتركت كل مجالات الحياة مفتوحة كالمدارس والجامعات والخدمات الأخرى حتى الدوري الرياضي ولكن أعطت عناية خاصة لكبار السن والمرضى , مثل دولة روسيا البيضاء في ارويا حيث بلغ معدل الوفاة لكل مليون نسمة 10 حالات.

ويعد هذا المسار بمثابة مناعة مجتمعية وهو ما يعرف بمناعة القطيع التي لا يمكن تطبيقها على جميع الإمراض، فهي تطبق على الإمراض المعدية فقط التي تنتقل من شخص لأخر عن طريق اللمس او الماء او الهواء كالإصابة بالبرد والأنفلونزا وغيرها، اما الإمراض السارية ” غير معدية” فهي تلك الأمراض التي تصيب الإنسان فقط، ولا تنتقل بين الأشخاص مثل الأمراض المزمنة (السكري، وأمراض القلب وغيرها) والأمراض الوراثية وأمراض سوء التغذية والتي لا يمكن تطبيق مناعة القطيع عليها.

وترى بعض الدول أن مناعة القطيع صحيح ان نسبة الوفيات كثيرة لكن سينحسر تدريجيا وستتكون مناعة ضدة وتنتهي سلالة الفيرس.

فقد يمتلكُ الأفراد مناعةً إما بعد الشفاء من عدوًى مُبكرة أو من خلال التلقيح وقد لا يستطيع بعضُ الأفراد تطوير مناعته لأسبابٍ طبية لذلك تعدُ مناعة القطيع مهمة لهذه الفئة من الأفراد، حيثُ تُعتبر وسيلة حمايةً مصيريةٍ لهم.

الحلول ” ابطاء الانتشار”: –

توجد اداتين أساسيتين فقط في اطار غياب المضاد لهذا الفيروس هما :

التباعد الاجتماعي: وهو منع التجمعات بكافة اشكالها ومنع المصافحة وكافة أشكال التواصل البدني، والمحافظة على مسافة تصل إلى متر أو متر ونصف بين كل شخص وآخر.

الاحتماء بالمنزل: وهو الالتزام بالمكوث في المنزل وذلك حتى يضمن احتواء التفشي وإبطاء الانتشار، وتقديم الرعاية الصحية اللازمة للحالات المستحقة، وإسعاف أكبر قدر من الحالات الخطيرة.

المخاوف من المناعة المجتمعية.

فيما تخالف بعض الدول فكرة المناعة المجتمعية “مناعة القطيع” ويرون أن تطبيقها عمليا سيكون كارثيا بكل ما تحمل الكلمة من معنى لعدة أسباب:-

  • مناعة القطيع تعني ملايين الوفيات.
  • انهيار المؤسسات الصحية.
  • موت كثير بمراض اخرى بسبب أن المستشفيات تستقبل فقط كورونا.
  • زيادة أعداد الضحايا بين الأطباء والعاملين في القطاع الطبي عموما.
  • خسائر اقتصادية مرعبة.
  • فصل الفئات الأكثر عرضة ليس ممكنا بشكل عملي.
  • لا يوجد أي نموذج ناجح على فكرة مناعة القطيع.
  • الواقع أثبت أنه لا بديل عن الحظر والإغلاق.
  • لا أخلاقية الفكرة: فكرة مناعة القطيع هي فكرة بشعة وغير أخلاقية, فهي تعني ببساطة البقاء للأقوى، أو بمعنى أدق صاحب المناعة الاقوى

الجدير بالذكر أن اول تجربة لمناعة القطيع استخدمت عام 1918 ضد الانفلونزا الاسبانية في ولايتين في امريكا وثم في عام 1923 استخدمت  ضد مرض الحصبة للأطفال. وعام 1977 استخدمت في استئصال مرض الجدري وإمراض اخرى