أحمد يحيى الديلمي —–

لا يختلف اثنان على أن ثورة 23 يوليو أم الثورات العربية وأن الزعيم جمال عبد الناصر مثل محور هذه الثورات التي تتابعت في الوطن العربي وكان لها صداً  كبيراً في العالم وصل إلى أفريقيا ودول أمريكا اللاتينية ، فما الذي حدث بعد ذلك ؟! من سيناريوهات الاستهداف الممنهجة المدعومة بقدرات مخابرات دولية أتضح مشهد التآمر على الثورة في مصر وتداعياته على بقية الثورات العربية ، وكيف أن قصور الوعي السياسي مكن الرغبات ذاتها من الوصول إلى أهدافها بفعل موجة الثورة وهي بعيدة كل البعد عن مضامينها ، مما حال دون استمرار الثورات بألقها المتوهج وقدراتها التغييرية ، الهفوات الجسيمة والتصرفات العبثية من قبل المحسوبين على الثورة جردت هذه الثورات من مضامينها الإيجابية ، المراهقين استهانوا بالحدث وآخرين ركبوا الموجه لتفريغه من داخله والنوع الثالث لا يمتلكون قدرات حقيقية تمكنهم من القيام بالأعباء التي تُلبي طموحات الجماهير وتجعل للثورة الصدى نفسه في النفوس والقلوب والنموذج الرابع جسده رموز الثورة فقد حبسوا أنفسهم في أقفاص زجاجيه أحاطها المتنفعين  بهالات الزعامة وهواجس المؤامرة ، تاهوا في هذه الأقفاص وتركوا الحبل على الغارب وغدت أجهزة الاستخبارات صاحبة اليد الطولى تحرك كل شيء وتُدير الأمور وفق منهجها المترجم للمصالح والمتأثر بالزيف الخارجي الذي لا هدف له سوى إسقاط الثورة وإفراغها من مضمونها.

للآسف بعد 66 عام على الثورة لم نتعظ مما حدث ولا تزال المظاهر نفسها قائمة حتى اليوم ،  فالثورات وإن كانت عظيمة إلا أنها تصل إلى مرحلة معينة وتتحول إلى انتكاسة في حياة الشعوب .. لماذا ؟! لأن القيادات الفوقية استهانت بالدولة ومؤسساتها ووضعت على رأسها شخصيات هلامية هزيلة ليس لديها إرادة ولا قوة ولا إحساس بالمسؤولية ، في أحيان كثيرة تجد الشخص على رأس مؤسسة لا يمتلك أدنى المؤهلات المطلوبة لإدارتها ولا يعرف الدور المعول عليها في تسيير أمور البلاد والدولة ، بفعل هذه العناصر تراكمت الأخطاء ، وتعمقت الاختلالات وأتسع الفساد والإفساد . الاعتماد على من يعرفون بأهل الثقة والولاء المطلق وجماعات الهتيفة والمخبرين وتجاهل أصحاب الكفاءات حول الثورات إلى عبئ على البلدان التي اندلعت فيها ، ومصدر قلق وإرباك للمواطن.

هذا هو المأزق الكبير الذي جعل الثورات تتأرجح في مكانها وتواجه بالسخط من قبل الجماهير ، فالجائع كما يقال لا يفكر في الاختيار الحُر ولا يطالب بالتغيير قدر اهتمامه بما يسد رمق جوعه.

بالمقابل.. الساذج من السهل خداعه والتأثير عليه وجره إلى خندق المواجهة ينقاد للشعارات والشائعات الزائفة بسذاجة وبلا بصيرة نتيجة قصور الفهم وعدم القدرة على التمييز ، ما يُحسب لثورة  23 يوليو أن صداها لا يزال يتألق وحضورها يزداد في نفوس المصريين والعرب ، وهذا هو المحور الهام الذي يجب أن يدركه الجميع ويتأكدوا أن الخطأ ليس في الحدث وإنما بسبب المحيطين به وأدوارهم السلبيه ، أرجو أن يفهم هذا الجميع وأن نكون على بصيرة من الأمر.

للحفاظ على الأحداث العظيمة وعدم تحميلها أخطاء وسلوكيات البشر الغير سويه ، هذا المستوى من الفهم لاشك أننا بحاجة غليه في المرحلة الراهنة لمعرفة الخطأ من الصواب والحق من الباطل ؟!! والله من وراء القصد ..