كيف جعلت الحروب والعقوبات والسياسة العسكرية أزمة الفيروس كورونا أسوأ
لن تؤدي القومية إلا إلى تفاقم الوباء العالمي, نحن جميعاً في هذا الأمر معاً، ويجب أن تعكس سياساتنا الخارجية ذلك بالإضافة إلى اتخاذنا خطوات للسيطرة على الفيروس، نحتاج إلى تغيير سياسات الخارجية الأمريكية المدمرة هذه على الفور.
بقلم: خوري بيترسن سميث
ترجمة: انيسة معيض- سبأ
تعرض الحكومات في جميع أنحاء العالم درساً مأساوياً, وهو كيف أن الإنكار وعدم الكفاءة وعدم المساواة يؤدى إلى تفاقم وباء الفيروس التاجي كورونا.
وينطبق هذا الأمر تماماً على الولايات المتحدة، حيث أكاذيب الرئيس ترامب وإنكاره ونصف التدابير, بالإضافة إلى نظامنا الصحي الغير مستعد وبشكل مروع, كلها تجعل الفيروس أكثر فتكاً, ولكن هناك ايضاً من قرارات السياسة الخارجية ما يؤثر بشكل كبير في تفاقم تأثير الجائحة, فبينما نتخذ خطوات لحل الأزمة، ينعكس هذا الضرر بشكل خطير جداً على الجوانب الأخرى من ردة فعلنا.
الحروب:
لقد مهدت الحروب المختلفة التي شنتها الولايات المتحدة منذ عام 2001 الطريق لانتشار الأمراض المثيرة للخوف في البلدان حول العالم.
لنأخذ على سبيل المثال اليمن، حيث أصبح وباء الكوليرا الذي مازال مستمراً والذي بدأ في عام 2016 قد شهد أسرع تفشي للمرض في التاريخ الحديث, وترتبط الأزمة بشكل مباشر بالحرب التي تخوضها المملكة العربية السعودية هناك منذ عام 2015 بمساعدة قوية جداً من الولايات المتحدة.
أشارت وكالات الإغاثة مثل اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية إلى الحرب التي شردت الملايين ودمرت المرافق الصحية العامة باعتبارها السبب الرئيسي لتفشي المرض الذي أصبح بمثابة نذير مأساوي للتأثير المحتمل للفيروس كورونا في ذلك البلد وفي دول أخرى شنت فيها الولايات المتحدة “الحرب على الإرهاب”.
لقد كان للاستمرار في الحرب عواقب على هذا البلد أيضاً, وعقود من التصاعد في الإنفاق العسكري – فنحن ننفق الآن 53 سنتاً من كل دولار ضريبة اختيارية على الجيش – وقد حرمت الولايات المتحدة من الموارد لبناء نظام صحي عام أفضل أو اتخاذ تدابير وقائية أخرى.
العقوبات والحصار:
ففي كل عشر دقائق، يموت شخص في إيران بسبب الفيروس التاجي وتفاقمت الأزمة والسبب حقيقةً أن العقوبات الأمريكية منعت وصول الإمدادات الطبية والمواد الحيوية لتصنيع الأدوية إلى داخل البلد.
دائماً ما يكون استهداف الصناعة الطبية في بلد ما لأغراض سياسية أمراً لا يمكن تبريره، ولكن وخلال الوباء يكون امراً خطراً بشكل غير معقول.
وبالمثل، دعمت الولايات المتحدة الحصار الذي فرضته إسرائيل ومصر على غزة منذ عام 2007.
والإمدادات الطبية هي من بين العديد من العناصر المدنية التي أبقاها الحصار بعيدةً عن متناول الشعب الفلسطيني.
ومع وصول محدود من الطعام والمياه الصالحة للشرب والأدوية، يواجه الأشخاص المحاصرون في غزة المكتظة بالسكان كارثة عندما يواجهون الفيروس التاجي.
حذر مسؤولو الأمم المتحدة من أن كوارث مماثلة قد تتكشف في كوريا الشمالية أو فنزويلا نتيجة للعقوبات الأمريكية كذلك.
عسكرة الحدود:
أدى موقف إدارة ترامب المتشدد ضد طالبي اللجوء على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك إلى نشوء مخيمات مؤقتة للآلاف على الجانب المكسيكي.
فهذا النهج غير إنساني وغير قانوني، وينتهك القوانين الدولية والأمريكية التي تحمي طالبي اللجوء, كما تسبب في أزمة صحية عامة، حيث تركزت أعدادا كبيرة من الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية في ظروف بائسة، مع عدم وجود مياه جارية ومحدودية الوصول إلى الأدوية, وبشكل فاجع، قامت الولايات المتحدة بتصدير هذا النهج اللإنساني في جميع أنحاء العالم.
حصل الأردن، على سبيل المثال، على مساعدة من دافعي الضرائب والمقاولين الأمريكيين لتحصين حدوده مع العراق وسوريا التي مزقتهما الحرب منذ عام 2015.
ونتيجة لذلك، تزايدت المخيمات المترامية الأطراف على الجانب السوري من الحدود في الركبان وحالات تصل إلى ما بين 70 و 80 الف شخص.
ومن جانبها, حذرت الأمم المتحدة من كارثة تلوح في الأفق بمجرد الإصابة بالفيروس التاجي في هذه المخيمات التي تعيش بالفعل في يأساً مزري ولا يكترث لها.
إلقاء اللوم على الصين:
الرئيس ترامب، يشارك نقاط الحوار مع الجماعات اليمينية المتطرفة لأسابيع، ويطلق على فيروس كورونا تسمية “الفيروس الصيني”, حيث أن الغرض من هذا العداء للأجانب أو ارهاب الاجانب هو صرف الانتباه عن سوء إدارة الحكومة الأمريكية للأزمة، والإشارة إلى قوة أجنبية أو ما هو أسوأ، إلى أشخاص ليسوا من ذوي البشرة البيضاء عوضاً عن ذلك.
ترامب ليس أول رئيس يلوم الصين على مشاكل الولايات المتحدة، لكنه نقلها إلى مستويات جديدة خطيرة.
أبعد من الأزمة الحالية، فإن تحويل الصين إلى عدو ليس سوى الخطوة الأخيرة في منافسة طويلة الأمد أدت بالفعل إلى حروب تجارية، وفي الخلف، استعداد مستمر لمواجهة عسكرية, وسيكون التأثير كارثيا, وبالفعل، حصل العنصريون على ترخيص لمهاجمة الآسيويين والأمريكيين الآسيويين في الأماكن العامة, وإذكاء الانقسام على المستوى العالمي وهذا سيقوض أحد أهم مفاتيح بقائنا مجتمعين في هذه الأزمة: التعاون عبر الحدود.
إذا كان هناك شيء واحد اوضحه الوباء، فهو أنه لا توجد دولة تستطيع ان تنجي منه كجزيرة مستقلة.
كان الوعد بأن نتمكن من إبعاد البلد عن العالم وشن الحروب من أجل “الحفاظ على أمريكا عظيمة” كانت دائماً بمثابة كذبة قاتلة.
والآن التكلفة أكبر، حيث أن أي شيء نقوم به يثير العدوى في الخارج- من الحروب إلى العقوبات إلى عسكرة الحدود- ويخلق في النهاية المزيد من المنابع للمرض هنا وفي الخارج.
لن تؤدي القومية إلا إلى تفاقم الوباء العالمي, ونحن جميعاً في هذا الأمر معاً ويجب أن تعكس سياساتنا الخارجية ذلك.
*خوري بيترسن سميث هو عضو في مركز مايكل راتنر بالشرق الأوسط في معهد دراسات السياسات
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.
* موقع “كومن دريمز- “common dreamsالإنجليزي