أحمد يحيى الديلمي—

في زمن الشعوب وتكشف الحقائق عن معاناة الشعب اليمني خلال عقود قاحلة اتسمت بالعبثية والفوضى والفساد والنهب الممنهج لثروة الشعب، والحقوق والممتلكات العامة والخاصة في هذا الزمن، جاءت حنكة وحكمة وقدرة الرئيس الصمّاد على امتصاص الانفعالات وتعديل السلوكيات، لولا هذا لكانت البلاد انزلقت إلى مجاهل الفوضى والحروب العبثية الطاحنة إثر أزمة ديسمبر 2017 وما رافقها من خيانات من قبل بعض القيادات الضالعة في التآمر والخديعة، والتي فوجئت بما جرى لأنه تشرب بثقافة الاسلام ودلالاتها الناصعة، كما حددها الشهيد القائد الرمز حسين بدر الدين الحوثي عليه السلام ومثلت المرجعية والمشروع والهوية للمسيرة القرانية، وهي الآلية التي استند عليها الشهيد الصماد في التعاطي مع الواقع منذ أن آلت اليه مسؤولية الرجل الأول لإدارة شؤون البلاد إلى أن حدثت أزمة ديسمبر الخيانية في تلك الظروف الغاية في الصعوبة والتعقيد بعد أن حرص العدوان على تدمير مقومات البنية التحتية وفرض حصار اقتصادي جائر طالت تأثيراته على المواطن ومستويات معيشته وتوقفت مرتبات أكثر من مليون مواطن هم الموظفين ورجال القوات المسلحة والأمن نتيجة توقف الموارد ونهبها من قبل المرتزقة ودول التحالف بكل المقاييس.

كان الواقع غاية في السوء فاق كل التوقعات مع ذلك استطاع الشهيد بلسمة الجروح وزيادة معدلات الأمل والثقة بالنفس من خلال الالتحام بالشعب فاتخذ من  منبر المسجد أداة لمخاطبة المواطنين في كافة المستويات.

وكان لتواجده في جبهات العزة والكرامة ومشاركته المجاهدين في المواقع المتقدمة أفراح العيد الأثر البالغ في رفع المعنويات وتنمية إرادة الفعل والقدرات القتالية.

بالمقابل حرص على القيام بزيارات مفاجئة لمواقع العمل والانتاج لتلمس هموم الموظفين والتحدث معهم بصدق وشفافية مطلقة، قدمت الواقع معها كما هو دون الحاجة إلى التنميق وإخفاء الحقائق، لكنه رحمة الله عليه كان في لقاءاته يبدأ بنقد الذات والاعتراف بالتقصير ومن ثم انعاش الأمل في النفوس بالحديث عن مستقبل الوطن والرغبة الصادقة في بناء الدولة اليمنية الحديثة.

تبعا لهذه الرؤية مد جسور الجوار مع القوى السياسية التي انكمشت على نفسها أو الذين ترسخت في أذهانهم فكرة أن الحرب عبثية والدعوة إلى ايقافها دون التمييز بين المعتدي والمستهدف بالعدوان العبثي الجائر رغم أن الصورة كانت معتمة والأجواء مكفهرة إلا أن الشهيد من خلال الصدق واتباع مبدأ الوضوح، استأثر بالمشاعر وأزال الغشاوة عن الابصار والبصائر مؤكدا أن قيادة المسيرة القرانية هي أكثر اليمنيين حرصا على السلام وحقن الدماء الزكية، لكنها تخوض المعارك وتضحي بخيرة شبابها وكل الشرفاء من أبناء الجيش والمتطوعين من أبناء القبائل والقوى السياسية الأخرى مكرهة في إطار الدفاع وحماية سيادة واستقلال الوطن.

استنادا إلى نفس النهج استأثر بشغاف القلوب وتربع فيها دون انفاق للأموال وشراء الضمائر.. صفاته الحميدة وسلوكه القويم وثقافته القرانية اعطته مكانة خاصة لدى ملايين اليمنيين، ومن خلال المكانة نفسها استطاع احتواء أزمة ديسمبر استنادا إلى نفس الثقافة القرانية، كما أشار إلى ذلك في أحد اللقاءات حيث قال: حاولنا حصر رد الفعل فيمن خطط له وشارك فيه على قاعدة قوله تعالى ( لن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده).

رحم الله الرئيس الشهيد صالح الصماد واسكنه فسيح جناته، فالحديث عن مواقفه وصفاته لن ينتهي ولن تستوعبه مجلدات واختم بقول صحافي عربي: كما احبه شعبه خافه لأعداء فخططوا لاغتياله بذلك الاسلوب الهمجي السافر…

والله من وراء القصد..