بقلم: دوف زيره

(موقع “أتلانتيكو” الاخباري الفرنسي – ترجمة: وائل حزام – سبأ)

هناك شيء خطير يجري في المملكة العربية السعودية ما أدى إلى تصفية الحسابات داخل الاسرة الحاكمة, فقد تم القاء القبض على شقيق الملك الأمير احمد بن عبد العزيز آل سعود وابن شقيق الملك الذي كان لا يزال خليفة للحكم حتى يونيو 2017، الأمير محمد بن نايف وكذلك افراد اخرين من العائلة المالكة على أساس او بحجة انهم كانون يخططون لشن هجوم على ولي العهد محمد بن سلمان، المعروف أيضا بـ ” MBS”.

يأتي ذلك بعد تعديل وزاري جرى في الـ 25 من فبراير الماضي، الذي قضى بإعفاء وزير الاقتصاد والتخطيط من منصبه واستحداث ثلاث وزارات وهي السياحة والرياضة والاستثمار, فمنذ خمس أعوام والصراع على السلطة في مكة كان بدون رحمة.

إن القليل من التاريخ يمكن أن يساعد على فهم مخاطر هذه الثورات في القصر, فقد تأسست الدولة في العام 1744 من قبل تحالف بين شيخ القبيلة محمد ابن سعود والواعظ المسلم، محمد بن عبد الوهاب, الذي يتميز براديكالية مذهبية وعنف أنصاره على أساس ميثاق بسيط: مسؤولية الاسرة توكل لهم الاعمال التجارية، ورجال الدين توكل لهم مسؤولية السلوك الديني.

لقد تميز القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين بصراعات رهيبة داخل القبيلة, ويجب أن ننظر إلى عبد العزيز بن عبد الرحمن ال سعود، المعروف أيضا باسم ابن سعود، الذي ترك خلفه العديد من الورثة المحتملين, فعندما توفي في العام 1953، تم انشاء توازن نظامي بين الامراء, لكل نصيبه في السلطة:”قسم وزاري، شركة، قطاع استيراد و….” تقاسم في السلطة حيث يجد الجميع لديه حساب.

عندما وصل الملك سلمان, ذو “79” عام إلى العرش، قام بتحدي هذا التقليد ونظم تركيزا للسطلة، أولا, من حيث تمييز الاسرة بشكل مباشر على القبيلة، واختار ابن أخيه محمد بن نايف وريثا للعرش, وولده المفضل محمد بن سلمان في المرتبة الثانية.

وفي 23 يونيو 2017, قام محمد بن سلمان بإقالة محمد بن نايف من منصب ولي العهد ووضعه في السجن, فمحمد بن سلمان يتميز بقمع وبلا هوادة لجميع الأصوات المعارضة له, كما أن اغتيال الصحفي السعودي “جمال خاشقجي” في القنصلية السعودية بتركيا هو مثال جيد لذلك القمع, فكل حالة امتياز أو احتكار هو موضع تساؤل.

إن مشروع  الملك ونجله محمد هو تغيير البلد وإدخالها إلى القرن الحادي والعشرون، وبشكل خاص من خلال منح حقوق جديدة للنساء السعوديات (الأكثر رمزية ووضوحا: الحق القدرة في قيادة السيارات)، أو عن طريق الترحيب بما يطلق عليه “باريس داكار” وفتح البلد امام السياحة وجذب نجوم العالم … وهذا يؤدي إلى توترات مع رجال الدين.

إن المملكة العربية السعودية تعتبر الدولة الثالثة عشرة في العالم من حيث المساحة التي تزيد عن 2,200,000 كيلومتر مربع ومنخفضة الكثافة مع أقل من 35 مليون نسمة, ومع ذلك فهي مليئة بالموارد خاصة النفط.

مع “رؤية 2030” يسعى محمد بن سلمان إلى خفض اعتماد الدولة على النفط وتنويع أنشطتها الاقتصادية, حيث عمل على خصم بعض الإعانات والإعفاءات الضريبية وإدخال ضريبة القيمة المضافة وتحرير العديد من القطاعات الاقتصادية وتعبئة الموارد على التكنولوجيا الرقمية العالية وبناء المدينة الأكثر ذكاء في العالم, وأكثر المشاريع رمزيه هو الاكتتاب العام لشركة أرامكو، شركة النفط الوطنية، أو افتتاح رأس مالها مع الاكتتابات الخاصة, مقابل 1000 دولار إلى 2000 مليار دولار.

ما يجري في السعودية يأتي في وقت يتعين فيه مواجهة تغيير عميق في الجغرافيا السياسية الشرقية, كما أن فك الارتباط الأميركي، والتدخل الروسي في سوريا والمواجهة مع ايران الشيعية, مكنت الجار الأكبر من السيطرة على العراق بعد سقوط نظام الرئيس صدام حسين، لتستقر في سوريا بشكل مباشر ومع حزب الله وكذلك في اليمن، والمعارضة داخل العالم السني مع الاخوان المسلمين الذين ترعاهم قطر وتركيا، كل ذلك جعل من الرياض تعمل بشكلٍ دوؤب على تسلح نفسها, فقد دخلت السعودية في سباق تسلح مع ايران خاصة عندما وقع الجار الشيعي الاتفاقية النووية في يوليو 2015، وتضاعف الانفاق العسكري للجارة الشيعية بنسبة 2,5  بتخصيص 50 % من ميزانيتها للدفاع, حيث تعتبر الرياض, واحدة من أكبر الدول التي تشتري الأسلحة في العالم؛ فهي تضمن 5,2 % من الانفاق العالمي، مقارنة بروسيا التي يمكن القول عنها أنها نتيجة منخفضة للغاية أو يمكن أن تكون حتى صفر.

لم يكن التدخل السعودي في اليمن ولا في سوريا ناجحاً, والأسوء من ذلك، أن إيران لم تتردد في ضرب البلد من خلال تدمير نصف طاقتها الإنتاجية للنفط.

وقد اظهر ذلك أن المملكة العربية السعودية غير قادرة على الدفاع عن نفسها على الرغم من 230 ألف رجل ومجموعاتها المكونة من 760 دبابة و 440 طائرة مقاتلة و 220 طائرة هيلوكبتر.

في الواقع، إن الملكية الإسلامية الهشة لن تتردد في اللجوء إلى اسرائيل لحماية نفسها والتضحية بالقضية الفلسطينية. فهل هذا سيكون كافيا؟

وعلى  الرغم من الوضع الحساس الذي تعيشها الإدارة السعودية نفسها, لم يتردد ولي العهد الامير محمد بن سلمان في  خفض سعر الذهب الأسود إلى 30 دولارا للبرميل الواحد, بعد أن رفضت روسيا خفض انتاجها من الهيدروكربونات لتلبية الطلب المتراجع، ونتيجة لذلك, تم الدفع بالسعودية لرد فعل انتقامي من خلال زيادة انتاجها, الامر الذي لم يحسن حالة السوق العالمية.

* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.