مجيب حفظ الله

لربما بدت هرولة “أعراب الخليج” نحو التطبيع وكأنها مستجدٌ فرضته السياسات الأمريكية الجديدة في المنطقة لكن الحقيقة ليست كذلك على الإطلاق.

في كل عهود الملوك والأمراء السابقين واللاحقين كان هناك نوعٌ من العلاقة بين ممالك الشر الخليجية.. كل الذي حصل اليوم أن تلك العلاقة المتينة طغت على سطح الأحداث بعد أن كانت تتم خلف الكواليس.

يوماً بعد آخر تظهر خبايا “ملوك وأمراء الخليج” وكيف أنهم متصهينون أكثر من الصهاينة كما يقال وما كان يوماً عبارةً عن اسرار وتسريبات صار “آل سعود” و”عيال زايد” يفاخرون به اليوم أمام عدسات التلفزة العالمية بدون حياءٍ أو خجل.

لعدّة سنوات أخذت العلاقات السرّية بين إسرائيل وبعض الدول الخليجية تتطوّر بعيداً عن الأضواء وفيما لا تبدي إسرائيل خجلاً حيال هذه العلاقات حاولت الدول الخليجية أنْ تُبقي تقاربها مع إسرائيل طيّ الكتمان.

غمامة الخجل المصطنع التي كانت تصيب ملوك وأمراء السعودية والإماراتية على وجه التحديد انقشعت ليظهر تحتها علاقةٌ متينة تربط كيان الاحتلال الصهيوني بنظرائه الخليجيين.

على هذا الصعيد، قالت باحثةٌ إسرائيلية بأن العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج تسلط الضوء على الثمن المطلوب لإنجاز السلام الإقليمي في المنطقة على حد تعبيرها.

كلامٌ يعكس “وجهة النظر العبرية” من قضية التطبيع الاسرائيلي الخليجي لكن ما هو الثمن الذي سيقبضه أعراب الخليج من هذه العلاقة التي تسيء لكل المبادئ الانسانية والقومية والاسلام.

في ورقة بحثية نشرها مركز “بيجن السادات” الاسرائيلي للدراسات الإستراتيجيّة فإن إسرائيل تبدي مسارعة واضحة في تطوير علاقاتها مع دول الخليج.

على الطرف الآخر يتلقف ملوك وأمراء الخليج هذه التحركات الاسرائيلية بصدرٍ رحب بل ويبادرون للانخراط فيها بشكلٍ طوعيٍ يعكس حالة “التصهين” التي وصل اليها هؤلاء.

تشير الباحثة الاسرائيلية “كيتي فاكس بيرجر” من جامعة بن جوريون العبرية إلى أنّه وللمرة الأولى في تاريخ الدولة اليهودية الحديثة تطأ قدما رئيس وزراء اسرائيليٍ أرضاً عربية غير معترف فيها بدولة اسرائيل والتي كانت مفتتح طريق علنية العلاقات بين تل أبيت وعواصم الدول الخليجية.

وترى “بيرجر” أنّ التنامي الحاصل في العلاقات الإسرائيلية الخليجية لا يعكس الرغبة في التطبيع الخليجي مع اسرائيل فحسب بل إنه يعكس الرغبة في شراكة اسرائيلية خليجية متقدمةٍ جداً..

أكثر ما تشير الباحثة العبرية إلى أهميته هو العلاقة الأمنية الوطيدة بين أبوظبي وتل أبيب.

حيث يرى مركز الابحاث الاسرائيلي أن التعاون الأمني بين “الإمارات” والحكومات الاسرائيلية المتعاقبة قد وصل مرحلة متقدمة من الشراكة التي تعكس عمق العلاقات بين أبوظبي وتل أبيب.

إذن هذه هي حقيقة الموقف الخليجي من نصرة القضية الفلسطينية، إدعاءات زائفة بدعم القضية الفلسطينية نراها فقط في البيانات الصادرة عن القصور الملكية في الرياض وأبوظبي والمنامة.

لكن على أرض الواقع فإن التعاون بين الأمراء الخليجيين وحكومات كيان الاحتلال الصهيوني المختلفة.

إدعاءات ملوك وأمراء الخليج بأنهم يمولون الحكومات الفلسطينية المتعاقبة ويدعمون الشعب الفلسطيني ليس سوى نقطة في بحر تعاونهم مع كيان الاحتلال وعصاباته وباعتراف الصهاينة أنفسهم..

لم يعد التطبيع شيءً يخجل منه أعراب الخليج ويوماً سنجدهم وهم يحجون إلى اسرائيل لإرضاء أسيادهم من الأمريكان والصهاينة..

وما هذه الحرب التي يشنها علينا السعوديون والإماراتيون إلّا ترجمةً لهذا الولاء لواشنطن وتل أبيب والذي يجب أن يدفعوا ثمنه غالياً وغالياً جداً..