مجيب حفظ الله —-

لماذا نشعر بمرارةٍ تعتصر كرامتنا حينما نشاهد مرتزقة العدوان من أبناء جلدتنا وهم يسلكون (دورب الذل والمهانة) بين براثن العدو الذي باعوا وطنهم وشعبهم وكرامتهم له؟.

اليس من المنطقي أن نكون فرحين حينما نراهم يجنون هذا الحصاد المر بعد خمسة أعوام من وقوفهم إلى جانب قوى العدوان على بلادهم لأن ذلك سيثبت صدق مبادئنا بأن الغازي والمحتل لا يحترم مرتزقته الذين يبيعون أوطانهم له وأنه سيخلعهم كما يخلع عنه الثوب المتسخ؟.

منذ اللحظة الأولى لهذا العدوان الهمجي على بلادنا والذي قرر فيه المرتزقة الوقوف إلى جانب السعودية والإمارات ضد بلادهم وهم لا يجنون سوى الذل والمهانة.

(التمكين) الذي كان يحلم هؤلاء المغفلون بأن العدوان سيمنحه لهم لم يجدوه لا في عدن ولا تعز ولا سقطرى ولا بقية محافظات الجنوب المحتل التي يصفها هؤلاء الواهمون بالمحررة.

لم يجدوا ذلك التمكين حتى في فنادق الرياض وأبو ظبي التي كانوا يحلمون أنها ستكون جنّة الدنيا بالنسبة لهم وعلى العكس من ذلك تجرعوا منذ اليوم الأول لهذا العدوان كل صنوف المهانة والاذلال وعدم الاحترام والتقدير سواءً داخل الوطن أو خارجه وكان ذلك على أيدي أصغر الضباط والمسئولين السعوديين والإماراتيين ووكلاءهم.

آخر فصول تلك المهانة التي لا ندري لماذا يجبرون أنفسهم على البقاء في مستنقعاتها كانت ما كشفت عنه وسائل الإعلام المحسوبة عليهم من أن الكثير ممن يسمون أنفسهم مسئولي الشرعية يلجئون للحصول على إقامات عملٍ في السعودية بنظام الكفيل عبر جوازات سفرٍ عادية وليس جوازات سفرهم الدبلوماسية التي تتعامل عواصم العدوان معهم بموجبها.

وهنا وقبل أن نوجه لهم نقداً لاذعاً ونعاتبهم العتاب الواجب علينا تجاههم كيمنيين يجمعنا أكثر مما يفرقنا على الرغم من كارثية ما احدثوه بحقنا وحق أنفسهم وحق هذا الوطن وشعبه..

هنا لابد أن نتساءل لماذا يلجأ من بيده جواز دبلوماسي لاستخراج اقامة عادية وتحت مسميات وظيفيةٍ مختلفة؟.

وقبل الاجابة على ذاك التساؤل علينا أن نؤكد بأن تلك المهن التي يعمل بها المغتربون اليمنيون في السعودية وغيرها هي أوسمةٌ على صدورهم وصدورنا ليس فقط لأنهم يكفلون ملايين الأسر في الداخل اليمني فقط ولكن أيضاً لأنهم جنود مجهولين في ملحمة الصمود والعزة التي نعيشها في وجه هذا العدوان الإجرامي الغاشم.

لقد مثل المغتربون اليمنيون في دول العدوان وبقية دول الخليج وأمريكا والدول الأوروبية الأخرى أحد أهم روافد صمود الاقتصاد الوطني عبر تحويلات العملة الأجنبية التي حاربنا العدوان ولا يزال بها.

بالعودة للإجابة على سؤال لماذا قام نوابٌ ووزراء ومسئولين في حكومة المرتزقة بالالتفاف على اقاماتهم الدبلوماسية التي تديرها (اللجنة السعودية الخاصة) ولجأوا لاستخراج اقامات عملٍ بسيطة ما بين (سائقٍ خاص وراعي وحدّاد) ووظائف أخرى بنظام الكفالة فإن ذلك يؤكد بأنهم يدركون أكثر من غيرهم بأن دول العدوان ستتخلى عنهم في أول منعطفٍ تشعر فيه بعدم الحاجة اليهم.

يدرك هؤلاء الذين يدعون زيفاً أنهم يمثلون الشرعية اليمنية في فنادق الرياض بأنهم رخاصٌ جداً بالنسبة للغازي والمحتل وأنه سيخلعهم مثل النعال المتسخة في أول موقفٍ يتعارضون فيه مع رغبات وأطماع ومؤامرات محمد بن سلمان ومحمد بن زايد.

لذلك يستبق هؤلاء تخلي أسيادهم عنهم ويضعون لهم خطَّ رجعةٍ يسمح لهم بالبقاء تحت رحمتهم ليس بكرامتهم كما هو حال المغتربين طالبي الرزق، بل كمتسولين تم سلخهم من جسد الشرعية المزيفة في فنادق العدوان.

ويبقى التساؤل الأهم طالما وأن هؤلاء المرتزقة يشعرون بأنهم مهددون بالتخلي عنهم في أي لحظةٍ من قبل دول العدوان التي يتجرعون الذل والمهانة في عواصمها، وطالما وأنهم مدركون لرخص قيمتهم لدى من باعوا أنفسهم ووطنهم وشعبهم له، فما الذي يجبرهم على هذا الذل وهذا الهوان؟؟.

حقاً أننا نشعر بغصّةٍ عليهم لما يلاقونه في مستنقعات الذل والهوان على يد قوى العدوان وأدواتها على الرغم من كل ما لقيناه ولا نزال جراء انضمامهم لصف العدوان على حساب وطنهم وشعبهم وعزتهم وكرامتهم.

لو أن هؤلاء يعقلون لكان حضن الوطن الصامد على الرغم من كل صعوبات العيش فيه أعزُّ لهم وأكرم من العيش في فنادق الذل والهوان وتحت راية الشرعية الزائفة التي لا تملك حتى حق تقرير مصير القائمين عليها.